نحن شعب لا يتعلم من الأخطاء، وخصوصا في تعاملنا مع بيئتنا. هذه البيئة المعرضة للعطب، التي لا تخص فئة واحدة بل هي ملك للمجتمع البحريني بكل فئاته، وفوق ذلك يشاركنا في ملكيتها الأجيال القادمة إلى يوم القيامة، لذلك يجب أن نضع هذه الحقيقة في الاعتبار كلما أردنا أن نحمل حفنة تراب أو نتخلص من زبالة أو نبني عتبة، فما بالك بتغييرات بيئية تطول الآلاف من الأمتار المربعة في هذه الجزيرة الصغيرة! أين المبررات الاستراتيجية التي تقنع ممثلي المجتمع بكل فئاته بأن هذه التغييرات على البيئة في مصلحة هذا الجيل وما بعده من الأجيال؟
لم نتعلم من مشكلة تدمير خليج توبلي ولا من الردم الذي دمر سواحل البحرين، فهذا مركز هورة عالي للتنمية الزراعية الذي يعتبر بحق رئة لتنقية أجواء البحرين في خضم هذا التلوث العارم، وكذلك يعتبر محمية لكثير من الحيوانات والطيور البحرينية كدجاجة عدي والبلبل البحريني، كما أنه مشروع واعد لإنتاج العلف الجاف والأخضر الذي يعد من أساسيات الاكتفاء الذاتي مما يساهم في حفظ سيادية الدولة وتوفير مصدر زراعي استراتيجي، وخصوصا مع الارتفاع المتسارع في أسعار اللحوم.
كذلك يحتضن مركز هورة عالي للتنمية الزراعية الكثير من الدراسات والتجارب الزراعية الواعدة التي تعتبر خبرات تتطلب الحفظ والاستمرار في العمل بها كي نطور الزراعة في البحرين، وخصوصا أن المزارعين كذلك يستفيدون من هذه الخبرات التي تتنوع من زراعة الشتلات والصُوَبْ والزراعة بالتركيب وتوطين أعلاف ونباتات مفيدة للبيئة إلى الطموح إلى التمكن من الزراعة بالأنسجة.
كذلك يوجد في المركز عدد كبير من أجود أنواع النخيل البحريني الذي يتم إثراء سوق الرطب منه وإبقاؤه تحت الدراسة.
فكيف لنا أن نضحي بهذه الثروة التي لا تقدر بثمن من أجل مشروع بناء هنا أو هناك، من الممكن أن نجد له بديلا من الأراضي الصحراوية البور؟!
لا يوجد أي مبرر يبيح الاستغناء عن مشروع بيئي بهذه الأهمية، وفي هذا الموقع بأي شكل من الأشكال، وخصوصا مع وجود البدائل.
لماذا تختار إحدى الجامعات بناء حرمها على جزء من مركز هورة عالي؟ ولا تكتفي بذلك إذ تطالب بالاستحواذ على أرض كبيرة جنوبي المشروع! لماذا لا تختار موقعا لها في البر الخالي غربي سلماباد على غرار إحدى الجامعات التي تشيد حاليا؟ ولماذا لا تتوقف وزارة الإسكان والجهات الأخرى عن اقتطاع الجزء تلو الجزء من هورة عالي؟
فبالأمس كانت المرحلة الأولى من مدينة زايد، واليوم يدور الحديث عن اقتطاع جزء من غربي المركز، حتى قال قائلنا إن هورة عالي أصبحت كالذبيحة المعلقة التي يقتطع القصاب كل يوم منها قطعة!
أطالب من هذا المنبر الإعلامي، جميع فئات الشعب البحريني وممثليهم الذين يهمهم أمر هذا البلد بأن يضغطوا على الجهات المسئولة لتحويل هذا المركز البيئي الزراعي- أو ما بقي منه - إلى محمية استراتيجية وبيئية يحرم ويجرّم المساس بها بأي شكل من الأشكال.
لؤي عباس الخزاعي
العدد 1827 - الخميس 06 سبتمبر 2007م الموافق 23 شعبان 1428هـ