تسعى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى استخدام الطاقة النووية السلمية في توليد الكهرباء وتحلية المياه وفي مجالات الزراعة والطب والصناعة وغيرها لمواجهة الطلب المتنامي والمتسارع من الكهرباء والماء اللذين تتطلبهما خطط التنمية والتطوير في دول المجلس والذي يقدر بنحو 6 في المئة سنويا، مع ارتفاع معدلات السكان الذي يقدر الآن بنحو 377 مليون نسمة.
وأشارت التوقعات الى ازدياد هذه الأعداد بعد 19 عاما إلى 524 مليون نسمة الأمر الذي يفرض العمل من أجل مضاعفة طاقة توليد الكهرباء في دول المنطقة خلال السنوات المقبلة لتلبية الارتفاع الحاد في الطلب على الطاقة. و قال أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبدالرحمن العطية بشأن إعلان دول المجلس رغبتها في تنويع مصادر الطاقة المعتمدة، باعتماد تقنيات ذات جدوى فنية واقتصادية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه: «إن الخيارات البديلة للنفط والغاز على المدى البعيد هي الطاقة النووية والرياح والطاقة الشمسية خصوصا».
وأضاف العطية في تصريحاته إنه إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المتوقع ازدياد أسعار النفط والغاز والطلب وخصوصا من منطقة آسيا، فإن هذا يدعونا إلى التفكير في إيجاد بدائل والبحث عنها ومنها الطاقة النووية في إطار المعايير الدولية واتفاقات الضمان. خبراء اقتصاديون، قالوا: «إن موضوع استخدام الطاقة النووية هو لسد الفجوة في موارد المياة وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء إلا أن الفكرة المتداولة بين العامة هي ان الطاقة النووية تعني الاستخدام العسكري الا انه في الوقت نفسه فإن ازدياد الاستخدام السلمي لها جعل الفكرة تتغير وتتبدل.
عالية الكلفة
إن إنشاء المحطات النووية لإنتاج الطاقة عالي الكلفة، إذ يتطلب رأس مال عاليا مقارنة بالمحطات التقليدية التي تعمل بالغاز أو النفط.
يذكر أن كلفة بناء المحطات النووية أعلى بـ 3 إلى 4 مرات من كلفة بناء المحطات التقليدية إذ إن بعض المحطات النووية قادرة على إنتاج ألف ميغاوات، وأيضا بعضها وصل إلى 1600 ميغاوات بينما تبقى طاقة إنتاج المحطات التقليدية بحدود 300 إلى 800 ميغاوات.
وأشار الاقتصاديون إلى أن بناء مفاعل نووي واحد، يكلف ما بين 700 مليون إلى مليار دولار الا أن التفكير في استخدام الطاقة النووية الآن والمساعي الأخيرة نحو الاستفادة من هذه الطاقة يأتي في وقته نظرا إلى وجود السيولة المالية بسبب ارتفاع أسعار النفط، ولكن الإشكال ليس في الكلفة المادية فقط، بل أيضا في تكوين الكوادر الوطنية المؤهلة للعمل في مثل هذه المشروعات. وأوضح الاقتصاديون أن استخدام الطاقة النووية مصدرا رئيسيّا للتزود بالكهرباء بدأ يتزايد وخصوصا في الكثير من الدول ومنها كوريا الجنوبية التي أصبحت تعتمد على استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء بمعدل يفوق 40 في المئة والهند بنحو 3 في المئة وباكستان بنحو 6 في المئة.
أما عن استخدام الدول النامية للطاقة النووية مصدرا للكهرباء، وسبيلا لتحلية المياه، فإن ما يلفت النظر هو ذلك العدد المتصاعد من دول العالم الثالث التي اتجهت إلى المسار النووي أخيرا، وفي مقدمتها كوريا الجنوبية التي تستخدم الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء بمعدل 44 في المئة، والأرجنتين 11,4 في المئة، وجنوب إفريقيا 6,5 في المئة، والهند 2,3 في المئة، وباكستان 0,6 في المئة إلى جانب ما ترصده التقارير والبحوث عن نجاح تجارب بعض الدول الآسيوية؛ كاليابان وكازاخستان، باعتمادهما على الطاقة النووية في معالجة مياه البحار وتحويلها إلى مياه عذبة صالحة للشرب. وكانت دول مجلس التعاون الخليحي أعلنت العام الماضي 2006 في بيان صدر عنها أنها تعتزم السعي إلى الحصول على طاقة نووية لتوظيفها للأغراض السلمية، وستبحث في إمكان انشاء برنامج نووي مشترك فيما بينها، مشددة على حقها في الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية. وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي دعم الوكالة لامتلاك دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية برامج الطاقة النووية للأغراض السلمية والتعاون معها في هذا الخصوص.
وقال البرادعي إن الوكالة ستجري مسحا ميدانيا مشتركا مع دول المجلس بشأن تطوير البرنامج المدني لإنتاج الطاقة النووية للأغراض السلمية في دول الخليج.
وبيّن أن الدراسة ستتضمن جدوى بناء المنشآت النووية وطبيعة استخداماتها السلمية وطرق الالتزام بالمعايير الدولية للأمن والسلامة ومراعاة الجوانب البيئية، مشيرا إلى أهمية امتلاك دول المجلس هذه الطاقة في الوقت الراهن على رغم امتلاكها الكثير من مصادر الطاقة كالنفط والغاز.
ورأى البرادعي أهمية الاستفادة من التقنيات النووية في الأغراض الاقتصادية والاجتماعية لدول الخليج كاستخدامها في مجالات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه والطب وعلاج الأمراض والزراعة وجودة الأداء الصناعي والاستخدام الرشيد للمياه الجوفية.
العدد 1834 - الخميس 13 سبتمبر 2007م الموافق 01 رمضان 1428هـ