العدد 1845 - الإثنين 24 سبتمبر 2007م الموافق 12 رمضان 1428هـ

بعد خمس سنوات... عبدالغفار يغادر «الإعلام» نازفة

«الدبلوماسي» الذي أوقف النوادي الليلية

أن «تمسك العصا من النصف» فلا «تزعِّل» أي طرف من الأطراف، يعني أنك تتبع بجدارة أسلوب وزير الإعلام الحالي محمد عبدالغفار، الذي تواردت أنباء شبه مؤكدة عن قرب إجراء تعديل وزاري سيشمله، بعد نحو خمس سنوات قضاها على رأس تلك الوزارة «السهلة الممتنعة».

وعبدالغفار، الذي دخل وزارته «دبلوماسيا» قادما من وزارة الخارجية، تمكن من الاحتفاظ بدبلوماسيته طوال فترة إمساكه بالحقيبة الوزارية التي تشرف من بين مهماها الكثيرة جدا والمتنوعة على أحد أهم وأخطر الأدوات وهو «جهاز الإعلام».

تم تعيين عبدالغفار وزير دولة للشئون الخارجية في 17 أبريل/ نيسان العام 2001 ضمن التشكيل الوزاري في ذلك العام. وكان شغل منصب سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة الأميركية وقبلها كان مندوبا لدى الأمم المتحدة في نيويورك. ثم جاء التشكيل الوزاري السادس في العام 2002 ليضيف إلى مهمات عبدالغفار تركة الإعلام التي خلفها الوزير السابق نبيل الحمر.

أصبح عبدالغفار وزير دولة للشئون الخارجية ووزيرا للإعلام، وأثقلته كل تلك المهمتان حتى 11 ديسمبر/ كانون الأول العام 2006 عندما حمل وزارة الدولة للشئون الخارجية الوزير الجديد نزار البحارنة. ولم يكد الوزير عبدالغفار يتفرغ لمهمات عمله في وزارة الإعلام نهايات العام الماضي حتى تواردت الأنباء الحالية عن قرب التعديل الوزاري الجديد الذي سيشمله، مع توقعات بأن يشغل منصبه عضو مجلس الشورى الحالي جهاد بوكمال.

لعل من أبرز المآخذ «المفهومة» التي أخذت على عبدالغفار عند تبوئه هذا المنصب عدم تفرغه لعمل وزارة الإعلام نظرا إلى تعدد مهماته ومسئولياته وإمساكه وزارتين في وقت واحد. أمسك عبدالغفار وزارة «مهيضة» مثقلة بالجروح التي خلفها سابقه، فبدأ بسياسة جديدة أعلن عنها كثيرا هي «القضاء على الشللية وإعطاء كل ذي حق حقه». غير أن تطبيقه لهذه السياسة لم يكن موفقا تماما.

جاء عبدالغفار للوزارة ليركز على «محاربة الفساد، والفساد وحده»، فقام بتغييرات جذرية داخل الوزارة ورفع أشخاصا وخفَّض آخرين، غير أنه لم يتمكن من الوصول تماما إلى قاع الموظفين، فعلى رغم أنه نزع المناصب التي نالها أشخاص لم يكونوا يستحقونها تماما، فإنه خلق طبقة جديدة أخرى قريبة منه تدير الوزارة، نظرا إلى تفرغه لمهمات عمله الكثيرة جدا.

والمشكلة الأكبر أن عبدالغفار استطاع أن يحارب الفساد في وزارته، ولكن على حساب «التطوير» فلم يهتم تماما برفع كفاءة الموظفين والعاملين في الوزارة بشكل نوعي في وزارة يعتمد العمل فيها بشكل أساسي على «الإبداع»، وهو أحد الأسباب الكثيرة التي طالما انتقدت من خلالها وزارة الإعلام، وجهازها الأهم (تلفزيون البحرين).

حاول عبدالغفار أن ينظم «بيته الداخلي» ويعيد ترتيب إدارات وزارته، غير أن ترتيبه على رغم جودته وصوابه كان خطوة متأخرة جدا نظرا إلى التاريخ الطويل الذي عانت خلاله الوزارة من مشكلاتها القديمة المتجددة.

ولو أردنا أن نذكر بعض المواقف الإيجابية للوزير، فلا يمكننا أن نتجاوز قراره بمنع النوادي الليلية في فنادق الأربع والثلاث نجوم. كان قراره ذاك شجاعا وقويا فسره البعض بقربه من الإسلاميين، وألب عليه كثيرا من الجهات التي حاربته طويلا، وخصوصا أولئك المستفيدين من أصحاب الفنادق الذين منع عنهم بهذا القرار «منجما من الذهب».

اهتم عبدالغفار بموضوع السياحة العائلية النظيفة وحاول أن يقوم ببعض الخطوات في هذا الصدد، لكنه لم يلبث أن شهد مناكفة بين حين وآخر، وخصوصا من مجلس النواب السابق والحالي. ولعلنا نستذكر الأزمة التي حصلت بينه وبين نواب المجلس السابق عندما قال في أحد ردوده على النواب «إن بعض النواب يشربون الخمر ليلا ويحرمونه نهارا»، الأمر الذي أثار زوبعة ضارية عليه من قبل النواب لم تنتهِ إلا بتدخل الحكومة للوساطة والتهدئة.

ومن أبرز الملفات «الآنية» الكبيرة التي سيورثها عبدالغفار للاحقه «لجنة التحقيق التي شكلها النواب في تجاوزات ربيع الثقافة»، هذه اللجنة التي يصر الوزير على أنه متعاون معها تماما، وتصر هي على أنها لم تحصل بعد على المعلومات التي تحتاجها كافة.

تشكيل لجنة التحقيق في ربيع الثقافة فتح النار على الوزير عبدالغفار في جلسة نيابية ساخنة لم يحضرها، اتهمه فيها النواب بالضعف أمام وكيلته المساعدة لقطاع الثقافة والتراث الوطني الشيخة مي آل خليفة، التي أعلنت بجرأة أكثر من مرة «ضرورة انفصال القطاع التام عن وزارة الإعلام».

عبدالغفار، «التكنوقراطي»، القريب من الإسلاميين، الذي يجيد بحرفية عالية فنون العلاقات العامة والدبلوماسية، والذي أمسك بوزارة الإعلام خمس سنوات كاملة، في طريقه للرحيل من منصبه قريبا بحسب الأنباء المتواردة، مخلفا تركة «ضخمة» من مشكلات تعاني منها وزارته التي يبدو أنها تحتاج إلى «انقلاب» لتعديلها.

العدد 1845 - الإثنين 24 سبتمبر 2007م الموافق 12 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً