العدد 1871 - السبت 20 أكتوبر 2007م الموافق 08 شوال 1428هـ

الإفراج عن الطالبة الموقوفة وغلق الملف ... والمشكلة في عبارة «ليس له اعتبار»

العالي: على مَنْ يصطاد في الماء العكر الاهتمام بالقضايا الأهم

المنامة - محرر الشئون المحلية 

20 أكتوبر 2007

أخلت النيابة العامّة يوم أمس (السبت) سبيل الطالبة الموقوفة لحيازتها ورقة تشابه العملة البحرينية فئة العشرين دينارا، وأمرت النيابة العامّة بإغلاق الملف وحفظه إداريا من الأساس، لعدم وجود الأدلّة الكافية على اتهام الطالبة وحبسها، إذ استمع رئيس نيابة محافظة العاصمة (المنامة) أسامة العصفور يوم أمس إلى أقوال الطالبة الموقوفة بحضور وكيلها المحامي علي السماهيجي.

أتى ذلك في الوقت الذي ثمّن فيه نائبا الوفاق السيد عبدالله العالي وجلال فيروز حِكمة وتفهُّم النيابة العامّة لموضوع الطالبة، وفي الجانب الآخر توجيههما النصح لبعض النواب ممَنْ يريدون الاصطياد في الماء العكر واللعب بالنار بعدم إثارة الفتن والبلبلة في البلد على أتفه وأبسط الأمور، وحثِّهم على العمل من أجل تجريم المتهم الحقيقي في جرجرة طالبةٍ في عمر الزهور إلى السجن مع بقيّة المتهمات من ذوي الأسبقيات في شتّى المجالات، والعمل مع بقية النواب في القضايا الأساسية التي تهم المواطن البحريني وتلامس مصلحته، بدلا من الترجّل والتصريح والانتقاد في أمور وقضايا بسيطة وتافهة، لا تستحق ما لاقته من أهمية بالغة سواء من الجانب الإعلامي الذي وقف ضد الطالبة البريئة وحسن النية، أو من جانب الجهات الحكومية المسئولية بدءا من إدارة المدرسة وصولا بوزارة التربية والتعليم انتهاء بقسم مكافحة الجرائم الاقتصادية بإدارة التحقيقات الجنائية التي تعسفتْ كثيرا في قراراتها.

واعتبر النائب العالي «إثارة القضية من قبل أولئك النواب في هذه الصحيفة إنما هو عملية إشغال عن قضايانا الأساسية، وإذا أراد أولئك النواب الخير للبلد، فعليهم أنْ يعرفوا القضايا التي تفك وحدة البلد من طائفية وتمييز وغيرها، ويسعوا إلى إصلاحها بدلا من الكيل والاتهام لزملائهم الذين يعملون معهم في خندقٍ واحد».

وأوضح النائب العالي في ردّه على من انتقده من زملائه النواب، بأن «القضية التي هوّلت لم تمس أمن الوطن ولا اقتصاده، كما أنّ الأمر اتضح جليا في أنْ الإشكال لدى الجهات الأمنية لم يكن في موضوع التزوير أو التزييف كما أشيع وفهم الكثير، وإنما كان في سوء فهم عبارة كانت مكتوبة على الورقة التي حازتها الطالبة وهي عبارة «ليس له اعتبار» ؛أي أنه لا يمكن أن يتم تداول هذه الورقة كعملة»، مضيفا بأنه «تم تقديم العديد من الأوراق المشابهة لبقيّة العملات ومنها العملة الإيرانية، وجميعها كانت تحتوي ذات العبارة»، مشيرا إلى أنّ «ذلك هو أكبر ردٍ على أولئك النواب».

واستنكر العالي وفيروز «الإجراءات والتصرفات التي قامت بها مديرة المدرسة ووزارة التربية والتعليم، واصفيها بأنها تصرفات غير تربوية تماما، داعينَ وزارة التربية والتعليم إلى التحقّق في كفاءات موظفيها قبل تعيينهم في أماكن إدارية تحتاج إلى خبرة وحِكمة وتغليب العقل في مثل هذه القضايا».

إلى ذلك، أبدى عضو كتلة الوفاق النائب البرلماني السيد عبدالله العالي «استغرابه الشديد مما ورد يوم أمس (السبت) في إحدى الصحف المحلية من استنكار عددٍ من أعضاء مجلس النواب للتصريحات التي أدليتُ بها، ومناشدتي وزارتي الداخلية والعدل للنظر في قضية تداول ورقة تحمل صورة للعملة البحرينية، والتي لا يشك مَنْ ينظر إليها مهما يكن عمره ومستواه الثقافي بأنها ورقة غير قابلة للتداول ليست لها أي علاقة بتزوير العملة، وهي أوراق يتلاعب بها الأطفال منذ أكثر من ثلاث سنوات، من دون تدخل من وزارة الداخلية، سواء بوحدة مكافحة الجرائم الاقتصادية أو الدوائر الأمنية، وتوزع تلك الأوراق ضمن أكياس بعض المواد الغذائية من مثل (المينو) والحلويات، بصور مختلفة كما توضع نماذج منها على واجهات محلات الصرافة».

وأوضح العالي «الرائج من هذه الأوراق أنها تشابه عملات عدّة دول عربية وغير عربية، وتوضع عليها عبارات تهنئة أو عبارات دعائية خاصة، كما هو الحال في أماكن بيع السيارات وغيرها، فالقضية لا تحمل أي بعد جنائي لا من علاقة التزوير ولا الطعن في المواطنة أو الهوية الوطنية، بل الطالبة تفتخر أن تحمل هذه العملة، وهي عملة بلدها، وتتبادلها من باب التهاني والتواصل مع صديقاتها في المدرسة».

وردّ النائب العالي على عددٍ من بعض نواب الكتل البرلمانية، الذين انتقدوا تصريحاته الصحافية حيال القضية، إذ قال: «إنّ مَنْ يريد أنْ يصطاد في الماء العكر ويلعب بالنار أمثال من أدلوا بتصريحاتهم لهذه الصحيفة إنما يعلمون بأنهم يثيرون فتنة لا أوّل لها ولاآخر، بغرض إثارة البلبلة بين المواطنين، وإلا يجب عليهم أنْ يتحققوا من صحة الاتهام ويجرّموا المذنب الحقيقي في جرجرة طالبة في عمر الزهور إلى السجن بين المجرمات في عدد من القضايا من دون خوفٍ على نفسيتها، والغريب أنْ يصدر ذلك من جهة تربوية يفترض فيها أن تغرس جذور المواطنة في المنتسبين إليها سواء أكانوا طلابا أم مدرسين أم إداريين».

وتساءل العالي: فهل من التربية تزوير الحقائق وأخذ الطالبة عنوة إلى الشرطة وإيداعها في السجن؟ فأي مواطنة ينشدونها من مثل هذا التصرّف؟

فيما أشاد العالي بدور النيابة العامّة وحِكمة منتسبيها في التعامل مع القضية، وتعامل النائب العام ورئيسي النيابة العامّة وائل بوعلاي وأسامة العصفور مع القضية، إذ قال: «لنا وقفة تقدير واحترام للجهات المختصة في النيابة العامّة على تقديرها للموقف واعتبارها بأن ما حصل من الطالبة لا يعدو كونه سوء تصرف وغفلة أدّت بها إلى توزيع مثل هذه الأوراق التي توزع خارج المدرسة من دون أنْ تقصد ما ورائها»، مؤكّدا على أن «ما قامت به النيابة العامّة وما اتخذته من إجراءات هو عينُ الحِكمة والعقل المطلوبين في مثل هذه القضايا، وأنه دليلٌ على نضوج النيابة العامّة وعدم تأثرها بما يشاع ويطرح خصوصا فيما يمس الهوية الوطنية، فالحقائق جليّة وبيّنة للجميع، وأشعة الشمس لا يحجبها شيء».

ولم يغفل النائب العالي توجيه اللوم إلى مديرة المدرسة أوّلا وإلى وزارة التربية والتعليم أخيرا على الإجراءات التي اتخذوها حيال القضية، إذ عبّر عن ذلك «إننا نستغرب أمر وزارة التربية والتعليم في الاستجابة لطلب الإدارة المدرسية في مثل هذه التوافه والتغافل عن الكثير من الممارسات التي تحتاج إلى تقويم في المدارس، فعلى الوزارة أنْ تسعى للتأكّد من كفاءة موظفيها في التعامل مع مثل هذه القضايا الطارئة في عصرٍ بات فيه تداول المعلومة وتداول الأفكار في متناول الجميع».

ومن جهته، قال وكيل الطالبة المفرج عنها، المحامي علي السماهيجي: «أخلت النيابة العامّة سراح موكلتي الطالبة لعدم وجود الأدلّة الكافية، ولم تكن هناك جريمة لاستعمال عملة، وبالتالي لا جريمة و لا تزييف و لا تزوير للعملة، وعليه اتخذت النيابة العامّة قرارها في إطلاق سراحها لعدم كفاية الأدلّة وحفظ القضية».

وعن الأداء الذي قامت به مديرة المدرسة ووزارة التربية، انتقد السماهيجي تصعيد الإدارة والوزارة من الأمر، إذ قال: «لم يكن قرار مديرة المدرسة ووزارة التربية والتعليم قرارا سليما، فالوزارة اسمها وزارة تربية وتعليم، ومن المفترض أنْ يكون هناك للتربية دورٌ بارز في حل القضية بأسلوب تربوي بعيدا عن السجون والمحاكم، وهو أنْ تأخذ البنت إلى المرشدة الاجتماعية في المدرسة، ومن ثم الإطلاع على دواعي وأسباب استعمال هذه الورقة، فهل تلك الحيازة والتوزيع لدواع إجرامية أو غير إجرامية، فإذا تبيّن أنّ الحيازة والاستعمال لغير الدواعي الإجرامية، والواضح للجميع هو عدم وجود شيء يجرم عليه القانون، وبالتالي أخذها إلى النيابة العامّة والتحقيقات الجنائية ووضع الطالبة في الحبس أمرٌ في غير محله».

وأضاف «كان الأجدر و المفترض أن تُعالج هذه الأمور في المدرسة، ونتمنى مثل هذه الأمور أن تعالج بحِكمة من قبل وزارة التربية والتعليم، خصوصا أنّ الوزير له مجال طويل في الوزارة».

أمّا والد الطالبة المفرج عنها فعبّر عن فرحته بعودة ابنته إلى بيتها بعد يومين قضتهما في السجن مع بقيّة المتهمات من ذوي الأسبقيات في مجال الدعارة والمخدرات والخدم الهاربات، موجها الشكر والعرفان لجميع من تفهّم الموضوع ولم يحمِّله أكثر مما يحتمل خصوصا من منتسبي النيابة العامّة ونواب الوفاق، وفي المقابل سائلا الباري عزّ وجل هداية كل من اتهم ابنته باتهامات باطلة ليس لها أساسٌ من الصحة.

وأفصح والد الطالبة المفرج عنها عن أحوال السجن التي أودعت فيه ابنته إذ قال: «أودعت ابنتي السجن مع متهمات دعارة وحيازة مخدرات ومرضى وخدم هاربات، ولم يكن السجن صحيّا، وهو لا يتناسب مع طالبة، وابنتي لم تأكل خلال اليومين الذي أوقفت فيهما سوى تفاحة واحدة وبسكوت، حتى أنّ الماء الذي شربته لم يكن عذبا».

وفي هذا الصدد، لامَ والد الطالبة المفرج عنها مديرة المدرسة لعدم تفهمها للموضوع، وتمنى أن تعالج المديرة المشكلات المتعلقة بالطالبات في إطار المدرسة، وأنْ تتحلّى بروح المسئولية وأن تكون أما لكل طالبة.

وأضاف «من الآنَ أرى أنّ كل ولي أمر يخاف على ابنته من المديرة لسبب تصرفها المستعجل، وفي الختام أسأل الله ألا ترى المديرة مكروها في أحبتها».

أما النائب الوفاقي جلال فيروز، فأوضح بأنه والنائب السيد عبد الله العالي تابعا مع وزارة الداخلية والنيابة العامّة موضوع الطالبة، وذكرا للمسئولين أنّ الأمر لا يتطلب في أشدّه سوى أخذ تعهد من الطالبة لكون الأمر لم يبرح كونه استخدام لأوراق مصقولة تستخدم من أجل اللعب واللهو، موضحا أنه ومنذ يوم أمس الأوّل (الجمعة) تم البدء في الاتصالات مع النيابة العامّة، وشرحا للنائب العام حيثيات وظروف القضية، من أنّ البنت تمر بمرحلة امتحانات، وعرض عليه كفالتها بما ترتأيه النيابة العامّة، وبعدها توجه فيروز مع النائب عبد الله العالي للنيابة العامّة، وهناك اتضح لهما بأن الالتباس كان في جملة مكتوبة على الأوراق مفادها أنه «ليس له اعتبار»، وأنه تم فهم هذه العبارة خطئا، بأنها إهانة للعملة البحرينية، بينما تم تقديم أوراق مشابهة لها عليها العبارة نفسها، ومفاد هذه العبارة أنّ هذه الورقة لا يمكن اعتبارها عملة نقدية، وبعدها تفضَّل رئيس النيابة العامّة أسامة العصفور باتخاذ الإجراء اللازم في إطلاق سراح الطالبة. وأشاد فيروز بدور النيابة العامّة وتفهمها، وتصرفها التصرف الحكيم والمناسب وعدم تعقيد المسألة البسيطة جدا.

وفيما يتعلق بتعامل مديرة المدرسة مع القضية، قال فيروز: «إننا لا نرى أي مبرر بما قامت به مديرة المدرسة التي نحمِّلها ونحمِّل وزارة التربية والتعليم من ورائها مسئولية تعريض هذه الفتاة للتوقيف، من دون أخذ الأمور بالموضوعية التربوية والأبوية، ونتمنى أن يتم التحقيق إداريا مع المديرة؛ ليتم الكشف عن دواعي هذا التصرف غير التربوي، كما أننا نرجو من أصحاب الشأن من النواب والأقلام الصحافية ألا تهول من مسائل بسيطة ولا تخلط الأوراق وتضعها في مواضع طائفية باتهامات اللامواطنة وذلك لكي لا نؤجّج الوضع الشعبي، ونثير أي جلباتٍ طائفيةٍ هنا أوهناك».

العدد 1871 - السبت 20 أكتوبر 2007م الموافق 08 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً