كانت سترة قديما مستورة بغابات من النخيل من جميع جهاتها، فأشجار النخيل حتى نهاية الستينات تحتل ثلاثة أرباع مساحة جزيرة سترة تقريبا. أما وقد جف ماء عيونها، ماتت نخيلها، فوجدت مساحات شاسعة، استغلت أخيرا في البناء والعمران، وإقامة المصانع والمعارض التجارية. وبوجود البساتين والحقول في تلك الفترة توافرت مقومات الحياة الاقتصادية، هذا بالإضافة إلى أن معظم الأهالي كانوا يشتغلون في صيد الأسماك، ومن هنا وهناك أصبح حالهم مستورا، مادامت مقومات الحياة متوافرة، ولم تتوافر المقومات الاقتصادية لأية مدينة أو قرية في البحرين كتوافرها في جزيرة سترة. هذا بالإضافة إلى انتشار المؤسسات التعليمية والثقافية آنذاك التي منها المدارس الدينية، ومجالس العلماء، والمساجد والمآتم الحسينية التي تقوم بنشر الفقه الإسلامي وعلومه، وعلوم اللغة العربية. فتخرج من هذه المؤسسات الثقافية فطاحل من العلماء والأدباء والشعراء.
الموقع والمساحة
تقع جزيرة سترة على امتداد ساحل جزيرة البحرين الشرقي وهي تشبه معدة الإنسان، أو فاكهة المانجة شكلا، كما وصفتها إحدى المسوحات الجغرافية سنة 1825. أو تشبه الدودة كما عبر عنها M. Chapman وزملاؤه العام 1872 في رسمهم لخارطة البحرين. أو تشبه الكمثرى كما عبر عنها محمود بهجت سنان ولكنها الآن تميل إلى الشكل المخروطي من جهة الشمال، يلتصق بها ذيل متطاول باتجاه الجنوب الشرقي.
ويبلغ طولها الإجمالي من ساحل بلدة القرية الشمالية حتى رأس حالة أم البيض في الجنوب 7.6 كيلومترات، بعرض 75.2 كيلومترا في أعرض منطقة، و300 متر في أضيقها. وتتصل جزيرة سترة بجزيرة البحرين من جهة الغرب بجسر أنشأته شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو) العام 1938 بعد اكتشاف النفط بالبحرين العام 1932. كما تتصل جزيرة سترة بجزيرة البحرين من جهة الشمال بجسر تم إنشاؤه العام 1977 وتطورت مساحة جزيرة سترة، وازدادت رقعتها نتيجة دفنها عدة مناطق شمال وشرق الجزيرة بنحو 260 هكتارا خصصت كمناطق صناعية. ففي سنة 1976م كانت مساحة جزيرة سترة 9.84 كيلومترا مربعا، بينما أصبحت مساحة هذه الجزيرة 14.44 كيلومترا مربعا العام 1992م وهي في ازدياد كل عام.
السكان
ينحدر سكان جزيرة سترة من قبيلة عبدالقيس بن أقصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد. وقد دخلت هذه القبيلة قاطبة في الإسلام، ومنها رجال دخلوا الإسلام قبل الهجرة، وكانت على ما اشتهر علوية الهوى، ملتزمة العقيدة. وبحكم عوامل الاستقرار والتمدن والتداخل، انصهرت الأفخاذ التي انحدرت من قبيلة عبدالقيس، وتحولت إلى عوائل وأسر صغيرة، تحمل كنى وألقابا لا تشير من قريب أو بعيد إلى جذورها القبلية. ولم يخالط سكان جزيرة سترة أجانب حتى العام 1971.
اللهجة الستراوية
اللهجة: هي مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة جغرافية أو اجتماعية معينة، هي جزء من بيئة أشمل، تضم عدة لهجات، تجمعها عناصر لغوية مشتركة. ويتكلم أهل هذه البيئة أو البيئات الأوسع، والأشمل لغة واحدة مشتركة، وتتميز بعض اللهجات العربية بالصفات التالية:
- اختلاف في مخرج بعض الأصوات اللغوية.
- اختلاف في مقياس بعض أصوات الحركات.
- اختلاف في الأصوات اللغوية من جهر وهمس، أو شدة ورخاوة.
- اختلاف في النغمة الموسيقية.
- اختلاف في معاني بعض الكلمات.
وتتوافر تلك الصفات في اللهجة الستراوية، وغيرها من لهجات مدن وقرى البحرين. وقد أجرى عبدالعزيز مطر بحثا حول اللهجات البحرينية قارن فيها بين لهجة المحرق ولهجة سترة، وذكر أن لهجات الرفاع الشرقي، والرفاع الغربي، والحد، والزلاق، والجسرة، وعسكر، وجزء من المنامة تماثل لهجة المحرق، بينما تماثل لهجة توبلي، والمعامير، وجدحفص، والسنابس، وجزيرة النبيه صالح، وسند، وجزء من مدينة المنامة لهجة جزيرة سترة. كما ان جزيرة سترة تضم لهجات متعددة، تختلف لهجة كل قرية فيها عن الأخرى.
قرى جزيرة سترة
تشتمل جزيرة سترة على مجموعة من القرى تصل إلى ثمان قرى حاليا وهي: واديان، مركوبان، الخارجية، القرية، مهزة، سفالة، أبوالعيش (الجبل)، وحالة أم البيض. ولكن هناك بعض الكتاب من أضاف القرى الغربية المجاورة لجزيرة سترة إليها، وهي: المعامير، العكر الغربية والشرقية، والنويدرات. هذه القرى تابعة لجزيرة البحرين جغرافيا، وإن كانت تابعة لجزيرة سترة إداريا، إذ إن هذه القرى تستفيد من خدمات المؤسسات الحكومية الموجودة في جزيرة سترة كبلدية سترة، مركز سترة الصحي، مستشفى سترة للولادة، مركز سترة الاجتماعي، المدارس، المصارف، والأسواق المحلية بسترة. وقسمت قرى جزيرة سترة حاليا إلى مجمعات سكنية، أعطي كل مجمع رقما، على غرار مدن وقرى البحرين، وهي على التوالي: واديان 608، مركوبان 605، الخارجية 606، القرية 604، مهزة 602، سفالة 609، أبوالعيش 607، وحالة أم البيض 615. وكانت كل قرية منفصلة عن الأخرى، حيث كانت تحوط بكل قرية غابات من النخيل، وبذلك لا تستطيع أن ترى القرى المجاورة لكل قرية. أما اليوم وبعد أن خسرت جزيرة سترة ثروتها المائية القيمة، فنضبت مياه عيونها، وماتت نخيلها، زحفت كل قرية على الأراضي التي خلت من النخيل، وبذلك تقاربت القرى، وتلاصقت في كثير منها.