العدد 1891 - الجمعة 09 نوفمبر 2007م الموافق 28 شوال 1428هـ

الغريفي: مشروع لكتابة التراث الحسيني ولجنة رقابة لـ«الخطابة»

داعيا إلى «مأسسة» المنبر الحسيني وتأهيل الخطباء

دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي العلمائي إلى مشروع لكتابة التراث الحسيني، وتأسيس لجنة لمراقبة الخطابة، مؤكدا أهمية العمل المؤسسي وإطلاق مبادرات للنهوض بالخطابة. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها على هامش ورش عمل خطباء المنبر الحسيني التي تقام ضمن فعاليات مؤتمر عاشوراء الثاني في الليلة الثانية تحت شعار «المنبر الحسيني... المسئوليات والتحديات» أمس في مأتم السنابس الجديد.

وقال الغريفي: «إذا كان للموسم العاشورائي مجموعة مفاصل مهمّة، فلا يكون لموسم عاشوراء حضور حقيقي إلا بتكاملها جميعا، إلا أنّ المفصل الأصعب والأخطر هو مفصل المنبر الحسيني، ومن خلاله يصنع وعي عاشوراء وحركة عاشوراء، وحضور عاشوراء وجماهير عاشوراء».

وأضاف»إنّ ملتقى يحمل عنوان المنبر الحسيني ليس ملتقى استهلاكيا وترفيا، إنه ملتقى يجب أنْ يكون فاعلا وإلاّ فإنه مضيعة للوقت والجهد والمال، فبمقدار ما ينتج ويصحح تكون قيمة هذا الملتقى(...) تتمركز مسئوليات المنبر الحسيني في خمس مسئوليات، وتتمركز تحديات المنبر الحسيني في خمس تحديات، والتمركّز لا يعني الحصر والتحديد. فالمسئوليات المركزية هي: المسئولية العاطفية الوجدانية وهي المسئولية التي تتناول الجانب المأسوي لعاشوراء، وإنْ كنّا نصرّ على استخدام الوسائل الصحيحة للجانب المأسوي وإبعاد كلّ الأساليب الدخيلة على هذا الجانب. أمّا المسئولية الثانية فهي الفكرية والثقافية، والثالثة هي المسئولية الروحية والأخلاقية، والرابعة هي المسئولية الاجتماعية والسياسية، والخامسة هي المسئولية الجهادية». وانتقل الغريفي إلى الكفاءات المركزية للمنبر الحسيني مشيرا إلى أنها تنحصر في خمس كفاءات، وهي: الكفاءة الروحية والأخلاقية، والكفاءة العلمية والثقافية، والكفاءة السلوكية، و الكفاءة الرسالية، أمّا الكفاءة الخامسة فهي الكفاءة الذاتية. أمّا التحديات المركزية بحسب الغريفي فهي تحديات الإعداد والتأهيل، والمأسسة، والوعظ والطرح، و التحديات الفكرية والثقافية واللغة، وتحديات الأسلوب.

الخطيب ودوره في متابعة الحوادث

من جهته أشار الشيخ عيسى المؤمن في ورقة عن مواصفات الخطيب الناجح إلى أنّ مدخل معرفة مواصفات الخطيب الناجح يتم عبر أمرين مهمينِ، أوّلهما طبيعة ونوعية الجمهور الذي يخاطبه الخطيب، وثانيهما رسالة الخطيب وهدف المنبر الحسيني، قائلا: «من دون معرفتنا لهذينِ الأمرينِ يصعب علينا تحديد المواصفات،وفي الأوّل يجب أنْ نستوعب أنّ الخطيب يوجّه كلامه إلى مختلف الشرائح والتوجهات،والثاني: إنّ رسالة وهدف المنبر والمتلخصة في إيصال الفكر الإسلامي النظيف والأصيل الخالي من التشويه،وبث الوعي السليم بين الجماهير الحسينية المؤمنة،و إيقاظ الضمير الإنساني وتحريك الجانب العاطفي لدى الإنسان حتى ينشدّ إلى واقعة الطف ويتأثر بمأساتها الدامية فيتفاعل مع ما أفرزته من قيم نبيلة وما جسّدته من أخلاقيات ومثل كريمة».

وخلص المؤمن إلى مواصفات الخطيب الناجح التي يمكن تحديدها في جملة من النقاط،في مقدمتها المظهر اللائق والشكل الحسن أمام الجمهور،مبينا الأثر السلبي لعدم الاهتمام بالمظهر،كذلك تعرّض إلى الالتزام الدقيق بالوقت: سواء في وقت حضوره، أو في المدة التي يستغرقها لإلقاء محاضرته، فإنّ عدم التزام الخطيب بذلك يوحي للمستمع بعدم اهتمامه بالمكان وبالمستمعين مما يؤدي الى عدم اكتراث المستمع بالتواجد طيلة،كما أن عليه أن يكون بسيطا في الطرح وعميقا في الفكرة فإنّ الخطيب أمام جمهور مختلف الثقافة والوعي - كما ذكرنا - فلا بدّ له من أنْ يكون بسيطا في طرحه سهلا في أسلوبه يفهمه الجميع ويستوعبه الكل مع محافظته على القيمة العلمية للموضوع وعمق الفكرة ؛أي أنْ يكون موضوعه من صنف السهل الممتنع. وأكّد المؤمن في ورقته أهمية أنْ يكون الخطيب متابعا لما يطرح من آراء وأفكار على الساحة بشكل يومي خصوصا فيما يتعلق بالقضية الحسينية، كما أن عليه أنْ يكون ملاحقا للشبهات التي تثار ضد الإسلام وأنْ يبتعد الخطيب بالمنبر عن الخلافات الشخصية والنزاعات الفئوية ؛لأنّ الخطيب يُراد منه أنْ يكون خطيبا للجميع، و أنْ يبتعد عن طرح الأمور التي يصعب تصديقها أو نقل ما يسرع الناس إلى تكذيبه.

سبل الارتقاء بالمنبر

أمّا ورقة عمل «سبل الارتقاء بالمنبر لتحقيق المنبر النموذجي» فقد استعرض مقدّمها الشيخ صادق الدرازي ثلاث مفاصل رئيسية للمنبر ورأى أنها تمثل شخصيته وتكوينه وهي: الخطيب والمستمع وإدارة المأتم، كما أنها بمجموعها تكوّن روح المنبر وحقيقته.

وفي محور الخطيب ومقوماته وجد الدرازي أنّ التعايش الحي الفاعل مع المجتمع وتحسسه للأمور التي تثقله وتمثل الهم الأكبر له،كما أنّ قدرة الخطيب على فهم و تشخيص الحدث الاجتماعي وإرجاعه لأصوله،هم من أهم المقومات يحتاج إليها الخطيب لكي ينهض بالمنبر ويسمو به،مضيفا إلى ذلك وضوح الخطيب وبعده عن «التلغيز»والتشويش،بحيث تكون هنالك خطة واضحة للمحاضرة،يستطيع المستمع معها أنْ يتساير مع التسلسل المنطقي الذي يربط الأفكار ويشدها مع بعضها البعض.

مشكلات الخطيب

وانتقلت الورش إلى مناقشة ورقة الشيخ عيسى عيد في ورقته عن مشاكل الخطيب التي تعيقه عن أداء عمله، والتي قسّم فيها مشاكل ومعيقات الخطيب إلى ثلاثة أقسام أوّلها: المشاكل الذاتية، وتتمركز في عدم توافر الخطيب على بعض مقومات الخطابة،كمثل الصوت المقبول،و قوة الحافظة،وضعف الأسلوب الجذاب. وفي القسم الثاني: المشاكل مع المجتمع (المستمع)، والتي ذكر منها:عدم تجاوب المستمع معه،واختلاف مستويات أفراد المجتمع،وعدم رضا المجتمع عنه،وفي القسم الثالث تحدث عن مشاكل الخطيب مع أصحاب المآتم والتي مشكلة الالتزام بالوقت، قد يضطر الخطيب إلى التأخير عن موعد انعقاد المجلس، فلا بدّ من التغلب على ذلك بترتيب مجالسه بما يتناسب والأوقات المطلوبة. ولا بدّ وأن يحسب للشوارع حساباتها عند تحديد الموعد،و تطرق إلى مسألة الأجرة، فأصحاب المآتم أكثرهم لا ينصفون الخطيب فيما لو لم يحدد الأجرة.

المنبر الحسيني والخطاب المعاصر

وفي الورقة الأخيرة لليلة الثانية من المؤتمر ناقش الشيخ ناصر العصفور محور « المنبر الحسيني والخطاب المعاصر»،وتطرّق فيها إلى دور المنبر وأهميته كخطاب تفاعلي يتأثر فيه المتلقى والملقي مباشرة في موقف واحد ويجمع بين المعلومة والتأثير العاطفي،ووجد أنّ المنبر بما له من الجمع بين العاطفة والعقل ، وكونه يمثل في الواقع مركزا دينيا وثقافياٍ مفتوحا لجميع الناس على اختلاف مستوياتهم، وله أثره في صياغة ثقافة المجتمع ووعي الجمهور، مستنتجا أن من هنا تبرز الحاجة الماسة لتفعيل دوره من خلال التجديد والتطوير لكي يستطيع مواكبة الطرح الثقافي والفكري المعاصر، ويكون ملامسا لحاجات المجتمع وشئونه بصورة أكبر وأعمق، وحتى يمكن تلافي ما قد يحصل من عزوف شريحة المثقفين والجيل الجديد عن المنبر ولكي لايشعروا بغربتة عنهم ، مؤكدا أن هذه مسئولية كبيرة وخطيرة مشتركة تقع على عاتق الخطباء وكذلك العلماء والمفكرون والمثقفون بل سائر أبناء المجتمع . ويشخّص العصفورفي ورقته أنّ المنبر الحسيني لغة ولا بدّ أن نفهم من نخاطب من خلاله،فالمنبر اليوم لم يعد مقتصرا على طائفة الشيعة فحسب، بل يعم ويشمل المخاطبين كافة من مختلف الطوائف.

محاور الخطاب المنبري

واستعرض العصفور في ورقته الجوانب والمحاور الأساسية التي يضطلع بها خطاب المنبر الحسيني، ففي الجانب الفكري عليه أنْ يضطلع بالتعريف بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهاجا ، وتبيان قيم الإسلام ومبادئه النبيلة ، ونشر فكر أهل البيت عليهم السلام،وتعاليمهم وإرشاداتهم وسيرتهم وأخلاقياتهم، وأنْ يطرح القضايا والمفاهيم وعرض الأفكار بما يتلاءم ولغة العصر وثقافة الجيل بالانفتاح على قضايا العصر ومواكبة المتغيرات الاجتماعية والسياسية، واعتماد المناهج العلمية والتحليل العلمي .مع التركيز على الحوار وبث روح التسامح والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع على اختلاف مذاهبهم وقومياتهم وثقافاتهم ، والتأكيد على الحوار الإسلامي -الإسلامي بالذات والذي أصبح اليوم ضرورة ملحة نتيجة التداعيات والأحداث،بالإضافة إلى مواجهة الاتهامات والإدعاءات.

مقترح أكاديمية الخطابة

وفي نهاية الورقة يقدّم العصفور جملة من المقترحات أبرزها إنشاء مركز أو مدرسة أكاديمية لتعليم الخطابة، وعقد اجتماعات ولقآءات دورية بين الخطباء؛ لتدارس أوضاعهم والتنسيق بينهم ووضع برامج العمل والأجندة،و التواصل مع جمهور المنبر من المستمعين عن طريق المقترحات والملاحظات التي يبدونها،و إنشاء مركز للدراسات ومراكز إحصاء وهذا سوف يفيدنا كثيرا ونتمكّن بالتالي من رصد ومعرفة وتقييم الأنشطة والفعاليات المرتبطة بالقضية الحسينية وعاشوراء وغيرها من قضايا المجتمع.

العدد 1891 - الجمعة 09 نوفمبر 2007م الموافق 28 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً