العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ

النواب يوجّهون انتقادات لاذعة للحكومة ويرفضون المادة «92» من الدستور

طرحوا حجب الثقة وحضور نواب رئيس الوزراء وإقرار «من أين لك هذا؟»

القضيبية – أماني المسقطي 

14 نوفمبر 2007

شهدت الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس النواب أمس (الأربعاء) مداخلات نارية للنواب وانتقادات لاذعة وجّهوها للحكومة، بعد سماعهم ردّ الحكومة على سبب عدم إرجاع الاقتراحات بقوانين التي قدّمها النواب في الدور الأول من الفصل التشريعي الثاني.

وقبل أن يقرّر رئيس الجلسة خليفة الظهراني أن تحال المناقشات لهيئة مكتب المجلس للمناقشات لدراستها ومن ثم الاتفاق على صيغة خطاب يرفع للحكومة، طالب النواب بضرورة تعديل المادة «92» من الدستور التي تنصّ في بنديها على أنه: «لخمسة عشـر عضـوا من مجلس الشورى أو مجلس النواب حـق طلب اقتراح تعـديل الدستور، ولأي من أعضـاء المجلسين حق اقتراح القوانين، ويحـال كـل اقتـراح إلى اللجنـة المختصة في المجلس الذي قدم فيه الاقتراح لإبداء الرأي، فإذا رأى المجلـس قبول الاقتراح أحالـه إلى الحكومة لوضعـه في صيغة مشروع تعديل للدستور أو مشروع قانون وتقديمـه إلى مجلس النواب في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها. وكل اقتراح بقانون تم تقديمه وفق الفقرة السابقـة ورفضـه المجلس الذي قُدم إليه لا يجوز تقديمه ثانية في دور الانعقاد ذاته».

واستند وزير مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل في ردّ الحكومة على أسباب عدم إرجاع الاقتراحات بقوانين إلى المجلس للمهلة التي منحتها المادة المذكورة للحكومة، التي اعتبرتها الحكومة مبررا لدراسة الاقتراحات بدقة وعناية.

وأشار الفاضل إلى أن عدد الاقتراحات بقوانين التي رفعتها السلطة التشريعية للحكومة بلغت 58 اقتراحا، منها 48 اقتراحا بقانون أحيلت من السلطة التشريعية إلى الحكومة نهاية دور الانعقاد الماضي للتأكد من خلوّها من أي عيب دستوري أو قانوني، مؤكدا أن الحكومة انتهت من دراسة 19 مشروع قانون تم تقديمها إلى مجلس النواب.

الجمري: نفتقر للخبراء القانونيين

وفي هذا الصدد تطرّق النائب محمد جميل الجمري إلى مشكلة عدم وجود خبراء قانونيون أو حتى خبير اقتصادي في مجلس النواب، وإنما يعتمد كلية على دائرة الشئون القانونية الخاضعة للحكومة في صوغ الاقتراحات، مؤكدا ضرورة أن تكون للمجلس دائرة قانونية تساعد النواب في صوغ الاقتراحات بقوانين.

وقال: «دائما ما توجه الكثير من الانتقادات للمجلس، ولكن من يطلع على ما قدمناه كنواب والعوائق التي واجهتنا من قبل الحكومة فسيتفهم موقفنا»، مشددا على إعادة النظر في المادة «92» من الدستور وأكد أن دساتير الدول المتقدمة تخلو منها.

ودعا الجمري النواب إلى التوافق على تقديم اقتراح واضح لتغيير هذه المادة التي حذر من الابقاء عليها لما لها من أثر سيء على أداء المجلس، وأن أي إخفاق لن يعود بالضرر على النواب فقط وإنما على كامل المشروع الإصلاحي.

العالي: أيّ تعاون تريده الحكومة منا؟

ووجّه النائب السيد عبدالله العالي انتقادا إلى الحكومة التي لم ترجع للمجلس سوى 19 مشروع بقانون من بين الـ 58 اقتراح قانون التي تقدم بها النواب في الدور السابق، قائلا: «الشعب والصحافة يتهمان المجلس بأنه لا يعمل ولا يشرّع ولا يستخدم سلطاته التشريعية لإصدار مشروعات القوانين، فأيّ تعاون تريده الحكومة منا؟» لافتا إلى أن آخر مشروع قانون أحيل للمجلس مضى عليه أكثر من أربعة أشهر.

الوداعي: الحكومة دورها استشاري فقط

أما النائب سيد مكي الوداعي فأكد أن دور الحكومة لا يجب أن يزيد على كونه دورا استشاريا ولا يُلزم المجلس برأيه، داعيا الحكومة إلى تعبيد طرق التعاون التام والامتناع عمّا وصفه بـ «التعدي على دور الآخر».

وأشار الوداعي بذلك إلى ما اعتبره «ضياعا لجهد المجلس بشأن لائحته الداخلية في الفصل التشريعي الماضي»، مبديا تخوّفا من استمرار ضياع هذه الجهود في تعديل اللائحة الداخلية التي رفعت واعتبرها معطلا أساسيا لعمل المجلس.

... والفاضل مدافعا عن دور الحكومة

أما وزير مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل فأوضح في معرض تعليقاته على مداخلات النواب إلى أن كل الاقتراحات تم صوغها بانتظار إضافة رأي الحكومة إليها، مؤكدا أن كل هذه القوانين ستحال للمجلس في أقرب فرصة ممكنة، وأن نحو عشرة مشروعات أخرى ستحال للمجلس خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال: «هناك اتفاق بين الحكومة والمجلس على أنه مع صوغ المشروع تكون هناك مذكرة توضيحية، لأن أي مشروع سينفذ سيكون في مسئولية الحكومة»، نافيا عن الحكومة تهمة مخالفتها للدستور، معلقا «المادة 92 من الدستور واضحة وضوح الشمس، ولا يوجد تعسف في استخدام حقكم الدستوري، ولكن إذا كان هناك حق دستوري للحكومة فالمطلوب منكم احترام هذا الحق من قبلها؛ لأن عملية التعاون بين الحكومة والمجلس ستبقى هي الأساس».

خليل: خطابا لجلالة الملك عن عدم تعاون الحكومة

النائب عبدالجليل خليل انتقد تعامل الحكومة مع الاقتراحات بقوانين التي يقدمها النواب، إذ تختار ما ترغب في تمريره وتعطل ما لا ترغب فيه، الأمر الذي يسبب إعاقة للمجلس على حد تعبيره، مستدلا على ذلك باقتراح قانون الذمة المالية «من أين لك هذا؟» الذي تم تقديمه منذ الفصل التشريعي الأول، وتمت دراسته في اللجنة التشريعية والقانونية في المجلس وطلب تمديد مناقشته نحو أربع مرات، ثم تمت الموافقة عليه وأحيل للشورى.

وتساءل خليل: «اليوم أعاد النواب تقديم الاقتراح نفسه، فهل تريد الحكومة أن ينشغل النواب في دراسة القوانين ويبذلون الجهد فوق الجهد ومن ثم تختار متى تقدمه أو لا تقدمه ثم تعطله؟ هذا تضييع للوقت واستخفاف بالمجلس، وعلى الحكومة أن تعيد صوغ الاقتراح بقانون إن شاءت ثم ترجعه للمجلس».

وأشار خليل إلى أنه في حال تذرّعت الحكومة بأن الدائرة القانونية غير قادرة على مواكبة كم الاقتراحات المقدمة من مجلس النواب رغم وجود 20 خبيرا قانونيا في الدائرة، فإن من الضروري أن تمنح حق صوغ هذه الاقتراحات للمجلس الوطني، مستشهدا بتجربة البرلمان الكويتي في هذا المجال.

واقترح خليل توجيه خطاب من مجلس النواب لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يعبرون فيه عن عدم تعاون الحكومة مع المجلس في مجال التشريع.

فيروز: خطاب الحكومة طعن في «الدائرة القانونية»

من جهته اعتبر النائب جواد فيروز أن المعوق الرئيسي أمام العمل التشريعي هو هيمنة السلطة التنفيذية على التشريعية، متسائلا في الوقت نفسه عن العبارات التي جاءت في خطاب الحكومة التي نصت على أنه «حرصا من الحكومة على دقة وسلامة المشروعات بقوانين» التي اعتبرها بمثابة طعن في الدائرة القانونية، مشيرا إلى أن القانون الجديد الذي يحكم عمل الدائرة بدأ يعيق العمل بدلا من تسهيله.

وقال: «إذا كانت الحكومة تدّعي أنها لا تمرر أي مشروع قانون إلا في حال توافر الدقة والسلامة فيه، فكيف مرّرت قانون الدائرة القانونية الذي تريد مخالفته الآن، ألم يصدر هذا القانون من قبل الحكومة بعد صوغه كمشروع قانون؟ وإلا فلماذا تأتي الآن وتقول إن هذه المادة غير عملية»، معتبرا خطاب الحكومة في هذا الشأن دليل إدانة لها على أنها لا تلتزم بالدستور، وإلا لكانت طبقت مبدأ فصل السلطات.

وأضاف أن كل هذا الجدل لا يمكن أن يوصل إلى نتيجة إيجابية إلا بتعديل المادة «92» من الدستور.

وزير العدل: رأي الحكومة

يؤخر الاقتراحات لا صوغها

أما وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة فأوضح آلية تعامل الحكومة مع الاقتراح بقانون الذي يحال إلى دائرة الشئون القانونية لضوغه خلال ثلاثة أشهر، وبعدها يتم ارفاق رأي الحكومة على ما تم صوغه خلال شهر ونصف الشهر، مبينا أن صوغ الاقتراح يتم من ناحية الشكل فقط.

ولفت الوزير إلى أن المدد الزمنية التي تمنح للحكومة والدائرة لدراسة الاقتراحات هي مدد إرشادية، وحث للحكومة للعمل بما لا يخالف الدستور، قائلا: «من يدّعي أن الحكومة تأخرت في صوغ القوانين فعليه أن يأتي بنص يثبت ذلك، ويجب أن يكون التعاون بين السلطتين في إطار عدم توجيه اتهام للحكومة من دون دليل».

أما بشأن اقتراح قانون «من أين لك هذا؟» فبرّر الوزير تأخر إقراره إلى تغير الحكومة، مشيرا إلى أنه لو كانت الحكومة تتعمد تأخيره لما أحيل للمجلس الآن.

وقال: «دائرة الشئون القانونية لم تتأخر في الصوغ، والصوغ أسهل ما يكون ولكن المشكلة في رأي الحكومة، وليس هناك تعمد في تأخير أي من التشريعات».

الستري يدعو لحكومة منتخبة

أما النائب السيد حيدر الستري فاتهم الحكومة بعرقلتها للقوانين، محملا إيّاها كامل المسئولية عن تعطيل العملية التشريعية التي هي أساس التقدم والتخلف، مشيرا إلى أن «الحكومة لن تتأثر بكلام النواب؛ لأن مبدأ فصل السلطات غير حقيقي»، داعيا لأن تكون هناك حكومة منتخبة يكون بمقدورها فصل السلطات وتكريس الديمقراطية الصحيحة.

سلمان يطالب بمبرّرات التأخير

أما النائب الشيخ علي سلمان فطالب بأن تأتي الحكومة بمبرراتها عن كل قانون يتأخر عن أربعة أشهر ونصف الشهر، متسائلا عن المبرّر الذي دفع الحكومة قبل يومين من انعقاد الجلسة إلى ارسال خطاب يبرر التأخير. وقال: «نأمل ألا نضطر لعقد جلسة أخرى لملاحقة الحكومة في تقديم هذه القوانين».

العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً