طالب عدد من النواب بأن تضمن الهيئة الوطنية لحقوق الانسان التي أعلن عنها مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية الأسبوع الماضي الالتزام بـ «مبادئ باريس» في اختيار أعضاء الهيئة، ومن بينها ضم برلمانيين في عضويتها. كما أكدوا ضرورة أن يحال مشروع الهيئة كمشروع قانون يحال للسلطة التشريعية للبت فيه تجنبا لأن تكون عضوية الهيئة خاضعة للتوجهات السياسية الرسمية.
يأتي ذلك في الوقت الذي نفى عدد من الجمعيات الحقوقية تلقيها أية اتصالات من جهات رسمية تفيد بدعوتها الانضمام للهيئة، وخصوصا مع ما تردد عن توقعات بطرح أسماء معينة لعضوية الهيئة.
وفي هذا الصدد قال نائب رئيس كتلة الوفاق خليل المرزوق إن تشكيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان يعتبر خطوة جيدة غير أن المهم في الأمر هو صدقية عملها في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان. وأضاف «هذا النوع من المؤسسات له أثر كبير على تغيير الواقع المحلي، على رغم صدورها بقرار وليس بقانون، ولذلك نجد من الأهمية بمكان أن توضع عليها ضوابط للالتزام بالمعايير الدولية في المجالات التخصصية، فنحن لا نريد تشكيل هذه الهيئة شكليا كديكور يجمّل وجه الدولة من الخارج، والاقتراب من متطلبات المجتمع الدولي بإيجاد هذه الكيانات التي يمكن أن تكون فارغة من المحتوى».
وأوضح المرزوق أن كتلة الوفاق كانت تتدارس التقدم باقتراح قانون لتشكيل الهيئة، غير أن خطوات الحكومة في هذا المجال كانت أسرع، وقطعت الطريق أمام النواب للتقدم بطلب تشكيل الهيئة، مطالبا بألا تكون عضوية الهيئة خاضعة للتوجهات السياسية الرسمية ما يفرض أن يحال مشروع الهيئة كمشروع قانون للسلطة التشريعية.
وقال: «موضوع الهيئة موضوع حساس وحيوي لذلك يجب ألا يخضع للأمزجة، وأن يحدد بقانون، وخصوصا مع ما يتردد عن أن هناك التفافا من الحكومة على أساس ما يمكن أن يفضي إليه موضوع المحاسبة العلنية من قبل الأمم المتحدة في شهر أبريل/ نيسان من العام المقبل».
وأكد المرزوق أن «اتجاه الدولة لتعيين أشخاص فاقدي الصدقية في هذه الهيئة سيكون وبالا عليها، وسيعكس صورة سلبية للمملكة وخصوصا من ناحية وضعها الحقوقي».
وأضاف: «نتمنى ألا تكون هذه الهيئة مجرد محاولة لتجميل صورة المملكة للالتزام بمتطلبات المجتمع الدولي، وسندرس أية خطوة يمكن أن نتخذها في المستقبل بهذا الشأن حسب المستجدات»، معتبرا في الوقت نفسه أن «تشكيل الهيئة قد يكون خطوة جيدة، شرط ألا تبتعد الحكومة في التزامها بمبادئ باريس».
أما عضو كتلة المنبر الاسلامي محمد خالد فأكد ضرورة الالتزام في تعيين أعضاء الهيئة بمبادئ باريس، منوها إلى «ضرورة أن يتم اختيار هؤلاء الأعضاء بحيادية تامة، وأن يكونوا مطّلعين على القوانين المتعلقة بحقوق الانسان، وغير منضمين لبعض الهيئات والتنظيمات التي تكن كل الشر والحقد للبحرين، وإنما أن يكونوا مخلصين لهذا البلد ولقضية حقوق الانسان فيها».
ولم يشترط خالد أن يكون للنواب دور في اختيار أعضاء الهيئة، مشيرا إلى أن هذه المسئولية يجب أن يقوم بها مجلس الوزراء الذي من المفترض أن يحسن اختيار من سيكون عضوا في الهيئة.
وقال: «يجب أن تعطى الهيئة أكبر صلاحية ممكنة في مجال حقوق الانسان تفوق تلك التي منحت للجمعيات الأهلية». كما لم يستبعد خالد أن يكون تشكيل الهيئة تمهيدا للمحاسبة العلنية التي ستتم للبحرين في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، غير أنه اعتبر أن «البحرين لا تخشى أن تحاسب علنيا في قضايا حقوق الانسان فيها، وخصوصا مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك».
أما النائب المستقل عبدالله الدوسري فأكد أن تشكيل الهيئة مطلب للجميع، مبينا أن التصريحات الصحافية التي نشرت تؤكد أن الهيئة ستتشكل من برلمانيين وحقوقيين وسفراء ما يعني أن الهيئة ستتكون من تشكيلة جيدة من الأعضاء في حال صدقت هذه التوقعات، آملا أن يراعى في هذه التشكيلة تمثيل أكبر للناشطين في مجال حقوق الانسان الذين يرى الدوسري ضرورة أن يتم منحهم الأولوية في تشكيلة الهيئة.
كما دعا الدوسري إلى أن تضم الهيئة عددا من النواب ممن لهم العديد من الاقتراحات والمداخلات التي تتناول الشأن الحقوقي، وذلك من خلال رصد إنجازات النواب على مدى الأدوار الخمسة الماضية. وقال: «نأمل أن يتم اختيار أكبر عدد من النواب في تمثيل هذه الهيئة لأنهم يعتبرون الفئة الأقرب في تمثيل الناس في هيئة حقوق الانسان».
أما فيما يتعلق بالصلاحيات التي تمنح للهيئة، فأكد الدوسري ضرورة أن تتولى الهيئة مسئولية تحديد صلاحياتها.
من جهتها، ذكرت عضو كتلة المستقبل لطيفة القعود أن تشكيل الهيئة له دور كبير في صوغ صورة البحرين في مجال حقوق الإنسان أمام الرأي العام العالمي والمؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية، واستجابة لتوقيع مملكة البحرين العهدين الدوليين.
وأكدت أن الدور الذي ستضطلع به الهيئة يتطلب أن يكون جميع الأعضاء الذين سيتم تعيينهم من قبل مجلس الوزراء من ذوي النزاهة والصدقية ومن الشخصيات التي لها قبول كبير في المجتمع، ناهيك عن كونهم يمثلون كل الأطياف والتيارات في المجتمع البحريني، على أن تتم تزكيتهم من قبل الجمعيات التخصصية أو المهنية أو التيارات التي يمثلونها أو ينتمون إليها.
وطالبت القعود بأن تستمد الهيئة صلاحياتها من المواثيق والمعاهدات الدولية المعمول بها التي لا تتعارض مع الواقع البحريني وإنما تتناسب وخصوصية ومتطلبات المجتمع البحريني وبما يحقق إرضاء الجميع، شرط ألا تتداخل صلاحيات الهيئة مع صلاحيات جهات أخرى.
أما فيما يتعلق بالعلاقة بين خضوع البحرين للمحاسبة العلنية من قبل الأمم المتحدة وتشكيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، فقالت القعود: «إذا كانت المحاسبة ستتطلب تشكيل الهيئة، فأرى أن تشكيلها سيكون أمرا إيجابيا للبحرين، لذلك من الضرورة بمكان أن تضم هذه الهيئة كل الأطياف، وخصوصا أن الجمعيات في البحرين تختلف توجهاتها، على أن يكون هناك نوع من التنسيق في التوجهات وطريقة وأسلوب العمل، ولاسيما أن تركيز الجهود يعد أمرا مساهما في الارتقاء بأي عمل للأفضل».
فيما أكد عضو كتلة الأصالة خميس الرميحي أن هيئة حقوق الإنسان يجب أن تحال للمجلس الوطني كمشروع قانون قبل إقرارها لكي يكون بمقدور السلطة التشريعية إجراءات تعديلاتها عليه، مطالبا بتطبيق «مبادئ باريس» في اختيار أعضاء الهيئة لكي تضم في عضويتها برلمانيين إضافة إلى ذوي الاختصاص في مجال حقوق الإنسان من غير البرلمانيين وإن كان ضمهم للهيئة بصفة استشاريين.
ويرى الرميحي أن من أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في أعضاء الهيئة أن يكونوا حاصلين على إجازة في القانون، ناهيك عن مشاركاتهم في جمعيات حقوق الإنسان، لافتا إلى أن الصلاحيات التي ستمنح للأعضاء يجب أن تكون بصيغة متوازنة تمكن الهيئة من رصد أية انتهاكات لحقوق الإنسان بسهولة.
العدد 1899 - السبت 17 نوفمبر 2007م الموافق 07 ذي القعدة 1428هـ