على رغم مرور نحو أسبوعين على واقعة مقتل أحد مشجعي فريق لاتسيو وعلى رغم السعادة التي عاشتها جماهير كرة القدم الايطالية على مدار الأسبوع الماضي بعد فوز فريقها على اسكتلندا وتأهله لنهائيات كأس الأمم الأوروبية (يورو 2008) ما زالت حوادث الشغب تخيم بظلالها على كرة القدم الايطالية.
ويسود الاعتقاد حاليا بين الايطاليين بأن الشغب والمشجعين المشاغبين (هوليغانز) يسيطرون تماما على الكرة الايطالية وخصوصا بعد أن أظهرت شبكات التلفزيون الايطالية خلال الفترة الماضية صورا ولقطات لمئات من الهوليغانز يثيرون الشغب في الكثير من المدن مع تساؤلات عن إمكان استئناف الدوري الايطالي بسلام.
وفي الوقت نفسه ما زال الخبراء والمحللون ورجال السياسة في مرحلة البحث عن حل لهذه المشكلة التي تسببت في وفاة ثلاثة أشخاص هذا العام ليصل مجموع ضحايا اللعبة في إيطاليا منذ مقتل أحد المشجعين في الاستاد برصاصة طائشة العام 1963 إلى 18 شخصا.
وجاءت وفاة مشجع فريق لاتسيو جابرييلي ساندري (26 عاما) قبل نحو أسبوعين خلال توجهه إلى ميلانو لحضور مباراة في الدوري الايطالي ليكون هذا المشجع ضحية جديدة للتصرف المتسرع والأخرق من رجل الشرطة الذي أطلق الرصاص عشوائيا لتفريق المشجعين المشاغبين لفريقي لاتسيو ويوفنتوس في إحدى الاستراحات على الطريق السريع.
وفجرت هذه الحادثة يوما أسود جديدا لكرة القدم الايطالية إذ فجرت موجة جديدة من شغب الهوليغانز الذين نجحوا في إيقاف المباريات في بيرغامو وتارانتو بينما هاجم آخرون مقار الشرطة بينما أثار آخرون الرعب والاضطرابات في ميلانو وروما.
وأبلغ فرانشيسكو بالافريني (52 عاما) زعيم المتطرفين في بيرغامو رجال الشرطة بضرورة تأجيل مباراة أتلانتا مع ميلان لأن الجميع يرون الآن أن مقتل أحد رجال الشرطة على يد المشاغبين يؤدي إلى توقف المسابقة بالكامل بينما يكتفي المسئولون بتأجيل انطلاق المباريات لمدة عشر دقائق فقط في حالة مقتل أي مشجع على يد رجال الشرطة.
وأشار بالافريني بذلك إلى وفاة الشرطي فيليبو راشيتي في فبراير/ شباط الماضي اثر مصادمات بين المشجعين ورجال الشرطة خارج استاد كاتانيا إذ تأجلت مباريات الدوري الايطالي لمدة أسبوعين في حين كان القرار بعد مقتل ساندري هو تأجيل انطلاق المباريات لمدة عشر دقائق فقط قبل أن ينجح الهوليغانز في تأجيل أكثر من مباراة.
وقال وزير الداخلية الايطالي جوليانو أمتو عن المشجع لم يكن ليتوفى إذا لم يطلق الشرطي الرصاص لكنه لم يكن ليموت أيضا إذا لم يشتبك مشجعو الفريقين في إحدى الاستراحات التي يكون فيها التوقف من أجل احتساء كوب من القهوة وليس للعراك والاشتباك.
وتسعى وزارة الداخلية أيضا إلى تغليظ قوانين وإجراءات مكافحة الشغب في الملاعب في ظل ازدياد وتكرار حوادث الشغب في الآونة الأخيرة.
ويضع مسئولو مكافحة الشغب في إيطاليا في اعتبارهم نماذج من دول أخرى نجحت بشكل أفضل في مكافحة الشغب مثل ألمانيا وإنجلترا.
وعلى رغم ذلك فإن المشكلة قد تكون أكبر من نظيرتها في دول أخرى نظرا لأن جذور الشغب في الملاعب تعود إلى أمور تتجاوز كرة القدم.
ونقلت صحيفة «لا ريببليكا» الايطالية عن مصادر بالشرطة قولهم إن عدد المشجعين الذين تمت مراقبتهم أو التحقيق معهم بشأن حوادث الشغب في الملاعب الايطالية وصل إلى 80 ألف مشجع.
ويبدو أن ربع هذا العدد وإن كان في مجموعات صغيرة لا يوجه أعمال الشغب على رجال الشرطة فحسب وإنما إلى الهيئات الرياضية وشبكات التلفزيون أيضا.
ويأتي الدليل على ذلك أيضا من حوادث الشغب التي شهدتها العاصمة روما ومدينة ميلانو بعد مقتل ساندري إذ هاجم الهوليغانز مقار الشرطة ومقر اللجنة الأولمبية الايطالية واعتدوا على أحد مصوري شبكة سكاي التلفزيونية وهو ما حدث سابقا في تورينو أيضا خلال سبتمبر/ أيلول الماضي.
وإلى جانب هذه الجماعة الضخمة من المشجعين المنكبين على أعمال العنف تعتقد الشرطة أن الخطر الحقيقي يأتي من نحو 60 جماعة يمينية يبلغ عدد المشجعين فيها نحو 15 ألف مشجع بالإضافة على خمسة آلاف مشجع من الجماعات اليسارية.
ونقلت لا ريببليكا عن أحد مسئولي الشرطة الايطالية قوله: «إنهم عدد قليل يستطيع معه الايطاليون أن يقولوا إن هذه الأقليات لا يمكنها القضاء على أفضل كرة قدم في العالم. ولكنهم كثيرون من وجهة نظرنا في ظل ما يمكن أن يسببه 100 شخص منهم فقط من اضطرابات وردود فعل داخل وخارج الاستاد».
وقد يلجأ ممثلو الادعاء في إيطاليا إلى حل مؤقت لمكافحة الشغب في الملاعب من خلال توجيه تهمة ارتكاب أعمال إرهابية إلى أي مشجع يرتكب أعمال شغب وهو ما يعني فرض عقوبات مغلظة عليه انتظارا لتغليظ قوانين مكافحة الشغب.
العدد 1905 - الجمعة 23 نوفمبر 2007م الموافق 13 ذي القعدة 1428هـ