العدد 2537 - الأحد 16 أغسطس 2009م الموافق 24 شعبان 1430هـ

الأزمة اليمنية بحاجة إلى حوار وطني وحكومة شراكة وجهود عربية

الناشط السياسي عبدالنبي العكري في برنامج «فوكس»على «الوسط أون لاين» اليوم:

ثمة مؤشرات عديدة عن تصاعد في مسار الأزمة اليمنية، فصنعاء تخوض حربا مع قبائل الحوثيين المطالبين بدور أكبر، أما في الجنوب فقد خرجت مطالبات علنية عديدة بالرغبة في الانفصال، في أكبر تحد يواجه مشروع الوحدة اليمنية.

وفي المسار الآخر، تنام ملحوظ لدور الجماعات الإسلامية المتشددة، فضلا عن أوضاع اقتصادية آخذة في التراجع. إنها أوضاع تؤجج الصراع في اليمن الذي يشغل موقعا جغرافيا متميزا في هذه المنطقة.

نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج «فوكس»، نلتقي فيها الناشط السياسي عبدالنبي العكري، الذي تربطه باليمن علاقات قديمة تعود لعقود من الزمن، نستضيفه للوقوف على حقيقة الوضع في صنعاء.

* بداية؛ ماذا يجري في اليمن؟ حرب في صعدة على الحوثيين، والجنوب يطالب بالانفصال، و «القاعدة» يهدد بالمزيد من العمليات، ماذا يحدث بالضبط ؟

- هذا يعكس تدهورا في النظام السياسي، ويجب عدم تراكم المشاكل لتنفجر واحدة بعد الأخرى، ويؤكد ذلك ليس فقط أطراف المعارضة بل أطراف من داخل النظام التي بدأت تطرح بأن هناك حاجة إلى حوار وطني جدي يتصدى للمشاكل كما هي وليس للمداراة فقط

* ولكن، لماذا تثار كل هذه الأزمات الآن؟ هل من مغزى لهذا التوقيت؟

- هي لم تنتج اليوم، إذا أخذنا مشكلة الحوثيين فقد مرت عليها 3 سنوات، وبالنسبة للجنوب على الأقل منذ الحرب الأهلية في سنة 1994 فلم يكن هناك استقرار، صحيح، أحيانا ساد الصمت لفترة معينة ولكن منذ الحرب الأهلية 1994 والأوضاع ليست على ما يرام، رأينا أن الأزمة وراء الأزمة، وأن الحزب الاشتراكي الذي هو شريك أساسي في الوحدة أقصي عمليا من الحكم وهُمش بشكل كبير جدا، والجنوب شيئا فشيئا، أصبحت المسألة ليست إيديولوجية، اشتراكي أو غير اشتراكي، أصبح هناك شعور عام في الجنوب بشكل خاص بأنهم مهمشون وأنه يجري الاستيلاء على موارد الجنوب من أراضي ومن مصالح من قبل متنفذين ولا نقول من قبل شماليين لأن الاستغلال لا يعرف جهة.

هذه المسألة انفجرت الآن، هناك انحراف في الجنوب تقريبا في السنوات الثلاث الأخيرة ولكن كانت هناك مشكلة متفاقمة منذ على الأقل 1994 حتى الآن.

* ولكن بصفتك مطلعا على الشأن اليمني منذ سنوات طويلة، ما هي الجذور الحقيقية لهذه الأزمات؟

- أنا أعتقد أنه من المؤكد أن المجتمع اليمني كان يعاني أزمة حتى قبل الوحدة، والمشكلة تتمثل ربما في نظام غير قادر يجدد نفسه أو استئثار بالسلطة في الجنوب، وفي الشمال كان هناك استئثار بالسلطة وبالثروة. جاءت الوحدة كأنها مهرب أو كأنها حلّ سحري في سنة 1994 وكان يمكن أن تشكل حلا أو مدخلا للحل لكن رجعت العلل الموجودة في النظامين السابقين التي تغلبت على المشروع الجديد والذي كان مشروعا واعدا، في أن تكون هناك وحدة للشعب اليمني مرتبطة بالإصلاح والديمقراطية ولكن للأسف اقتسمت السلطة كأنها غنيمة وتسببت في صراعات دامية أدت إلى الحرب الأهلية في 1994 ورجعت الأوضاع إلى أسوأ مما كانت قبل الوحدة.

* وهل يمكن القول إن ما يحدث في اليمن حاليا هو أزمة داخلية بحتة، أم إن لها خيوطا دولية وإقليمية؟

- كلا، لا أعتقد أن لها خيوطا إقليمية، لأن كل الدول المحيطة إما أنها عاجزة عن الفعل، بمعنى أننا حينما نتكلم عن صعوبة التواصل لوجود البحر، أو أنها لا ترغب في التدخل في الشئون اليمنية، وعدم الاستقرار، لأن هذا الوضع أيضا بهدد بالمخاطر للدول المحيطة باليمن، فالحرب الآن مع الحوثيين وصلت إلى الحدود مع المملكة العربية السعودية، وهذه الحدود ليست جدارا يفصل بين الدول، فأعتقد أن الأزمة أسبابها داخلية وحلولها داخلية.

* هل تتوقع حدوث صفقة ما بين الحوثيين والنظام؟

- من الواضح أن الصفقات لا تفيد، لأنه جرت من قبل صفقات سابقة مع عدة أطراف، وأعطي مثلا غير الحوثيين وهم حزب الإصلاح وهو الحزب القريب من النظام، وجرت هذه الصفقة حينما كان الشيخ عبدالله الأحمر على قيد الحياة (رحمه الله)، ولكن هذا النوع من الحل لا يفيد. الصفقات لا تفيد، الذي يفيد هو الحلول الجذرية التي تتعاطى مع المشكلة، النظام بحاجة إلى تجديد، النظام نخبة محدودة ومحصورة في عدد قليل وتضيق قاعدته، المطلوب كما يدعو حزب اللقاء الوطني حوار جدي وفي اعتقادي على الأقل «قمة المجموعة» مقبولة من جميع الأطراف، ولتقترح القيادة الحالية، لا بد من حكومة وحدة وطنية حتى لو كانت انتقالية, هذا في اعتقادي هو الحل، أما غالبية النخبة الحاكمة الحالية لا تستطيع حلّ المشكلة القائمة.

* ولكن هناك من يقول إن هناك تعددية سياسية في اليمن وهناك حراك سياسي وحراك اجتماعي، وهناك انفتاح في الصحف اليمنية، كيف تعلّق على ذلك؟

- نحن نسميه حراكا لا يؤدي إلى تغيير، وتعددية لا تؤدي إلى تداول سلطة، وكلام صحافة ليس له انعكاس جوهري على الأوضاع، نحن نعرف بأنه عمليا بعد الحرب الأهلية في سنة 1994 فإن حزب المؤتمر هو الذي يحكم اليمن منفردا والرئاسة هي الرئاسة لم تتغيّر، ونحن نعرف أن الهامش الذي تعمل به المعارضة هامش ضيّق جيدا واللعبة محكمة لا تؤدي إلى تغيير.

* ولكن الملاحظ أن هناك صمتا من قبل المجتمع الدولي إزاء ما يجري في اليمن، كيف تفسر ذلك؟

- اليمن ليس دولة نفطية حتى تثير اهتمام الغرب، فالصومال فيها أزمة أكبر، وبجنوبها السودان. أنا في اعتقادي يجب ألا ننتظر العالم يهبّ أو يتراكض حتى يحل مشاكلنا، نحن يجب أن نحل مشاكلنا بأنفسنا، المسئولية الأولى تقع على اليمنيين وعلى من هم في السلطة، لأنه لا يفيد كل هذا العناد في اتهام الخصوم بالانفصالية أو بالعمالة أو غيرها و، هذا لا يفيد شيئا. الذي يفيد هو أن يجلس اليمنيون معا؛ سلطة ومعارضة ومن يعتبرون متمردين.

أيضا أنا لا أبرأ المسئولين العرب من المسئولية في وضع حد لتداعيات هذه الأزمة، للأسف أن العرب يتركون الآخرين يتدخلون في مشاكلهم ولا يحلونها. يجب ألا يُترَك نظام عربي ينهار، ونحن نتفرج ونتذرع بالسيادة الوطنية، هذا غير صحيح. حتى ميثاق الجامعة العربية لا يتضمن ذلك، وميثاق الدفاع العربي المشترك يقول بأنه يجب أن تتعاون الدول العربية أو تحل مشاكل بعضها البعض وخصوصا مع جيران الدولة.

لماذا جرى التدخل العربي في لبنان؟ مادام جرى التدخل في لبنان لماذا لا يجري في غيره؟ فهناك مسئولية سياسية بألا تترك دولة عربية بمفردها، إذا أوشك أحد من العرب على الانتحار يجب على العرب ألا يتركوه ينتحر.

* سمعنا تصريحا للمستشار السياسي للرئيس اليمني عبدالكريم الأرياني، أرجع فيه جميع مشاكل اليمن إلى العامل الاقتصادي المتمثل في اتساع رقعة الفقر، هل ذلك سبب واقعي برأيك؟

- أنا لا أعتقد ذلك، ثم ما الذي جعل اليمن فقيرا؟ اليمن ليس فقيرا، اليمن به ثروات، والذي أوصل الوضع الاقتصادي إلى هذا التدهور بحيث الآن نجد أن مشروع الغذاء العالمي يتنبأ بأن تكون هناك مجاعة في السنة المقبلة، والآن نصف السكان تحت خط الفقر، الذي أوصل اليمن إلى هذا الوضع هو الفساد، هو الاستئثار بالسلطة، هي الاضطرابات التي لا تشجع على العمل والتضخم والمحسوبية التي جعلت الدولة مثل البقرة الحلوب للمرتشين والفاسدين ولغير المنتجين، وجعل الكفاءات تهجر اليمن.

* ولكن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح طالما يؤكد بأن الحوار الوطني هو أمر مطروح على الطاولة شريطة ألا تكون هناك أجندة خارجية...

- الكلام عن الأجندة الخارجية لا وجود له، وإذا كان هناك حوار فيجب ألا يكون حوار الطرشان بل حوار جدي، أي ما يتوصل إليه ينفذ.

أنا في اعتقادي اليمن بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية انتقالية على الأقل لمرحلة تدير حوارا وطنيا أيضا وتؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة. هناك بلدان مرّت بهذه الأزمات، لماذا لا نأخذ موريتانيا على سبيل المثال على علاتها، فقد تجاوزت الأزمة إلى حدّ ما، وهي بلدة فقيرة أيضا، بمعنى أن هناك بلدانا شهدت حروبا أهلية، لبنان مثلا شهد حربا أهلية وخرج منها، ليس قدر اليمن ألا يخرج من هذه الأزمة، ولكن يجب أن توجد إرادة حقيقية وليس حوارا من أجل تضييع الوقت أو كسب الوقت فقط.

* ماذا تتوقع بشأن مجريات الأحداث في اليمن خلال قادم الشهور؟

- أنا أتوقع أن الأمور تتدهور في اليمن على نحو سيئ، وخصوصا أننا نعرف أن هناك وضعا أمنيا متدهورا، ووضعا اقتصاديا سيئا ويتدهور بسرعة، واحتياطات اليمن من النفط تنفد بسرعة، وأنا باعتقادي أنه خلال 10 سنوات سينفد النفط اليمني وستكون هناك مشكلة أكبر وأكبر، وإذا استمر هذا النهج فالبلد سائر إلى إمكانية أن تؤدي إلى حرب أهلية لا سمح الله، وهذا ما لا نرجوه، لأن المطلوب هو الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، وفي ذلك مصلحة لكل المنطقة.

العدد 2537 - الأحد 16 أغسطس 2009م الموافق 24 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً