لم تكن سنة 2007 عادية بالنسبة إلى بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا 1 التي شهدت حوادث غير مسبوقة ستبقى معلقة في الأذهان لفترة طويلة وترتبط دائما بتاريخ هذه الرياضة، إذ سيذكر المتابعون في كل مناسبة «سوداء» الأجواء التي عاشتها بطولة الموسم المنتهي.
ولعل ابرز هذه الحوادث الفضائح التي عصفت بالفئة الأولى بين الفرق المتنافسة، بدءا من فضيحة تجسس ماكلارين مرسيدس على منافسه فيراري الايطالي وما رافقها من ترددات انعكست بطريقة أو بأخرى على الصورة العامة للبطولة، وختاما بمحاولة الفريق البريطاني-الألماني حفظ ماء الوجه عبر رفع شكوى «فاشلة» على فريق رينو الفرنسي بتهمة مشابهة.
وأيا يكن من أمر، فان جميع العاملين والمتابعين عن كثب في فورمولا 1 اتفقوا على أن صورة هذه الرياضة تشوهت نسبيا بفعل ما حصل، وهي التي بقيت طوال تاريخها العصري بعيدة كل البعد عن الآفات المسيئة التي ضربت الرياضات المختلفة الأخرى، وعلت الضجة حول الفضائح المتصاعدة من هنا وهناك على العناوين العريضة لبروز نجوم جدد وتتويج بطل جديد.
من السباق الأول في استراليا إلى الأخير في البرازيل، يمكن استخلاص أن النقطة الايجابية الأساسية كانت حدة المنافسة على اللقب بين سائقين مختلفين بعكس الأعوام القريبة الماضية التي شهدت صراعا ثنائيا.
وما لا شك فيه أن بطل العالم 7 مرات «الأسطورة» المعتزل مايكل شوماخر كان ابرز الغائبين عن «الحرب» المريرة على لقبي السائقين والصانعين في 2007، من دون أن يغيب فيراري الذي دفع بالفنلندي كيمي رايكونن والبرازيلي فيليبي ماسا لمواجهة ثنائي ماكلارين الاسباني فرناندو ألونسو والبريطاني لويس هاميلتون.
وحسم لقب الصانعين بطريقة غير اعتيادية، إذ بعدما أدان الاتحاد الدولي لرياضة السيارات «فيا» ماكلارين بتجسسه على حظيرة «الحصان الجامح»، انزل به عقوبة قاسية بدفع مبلغ 100 مليون دولار وتجريده من النقاط التي حصدها في بطولة الصانعين، ليذهب اللقب على طبق من ذهب إلى الفريق الايطالي.
تتويج رايكونن المثير. وعموما، سقطت جميع التوقعات بأن اعتزال «شومي» سيقلص من الاهتمام بأسرع بطولة في العالم، إذ ان المنافسة الرباعية المذكورة على لقب السائقين وسط مفاجآت غير منتظرة بين سباق وآخر أضفت طابعا خاصا وأثارت حماسة لا متناهية اختتمت في السباق الأخير بتتويج رايكونن باللقب العالمي للمرة الأولى في مسيرته.
ولطالما اعتبر رايكونن السائق الأقل حظا في الفئة الأولى، إذ عاش أسوأ سيناريو في مناسبات كثيرة إذ دفعته الأخطاء التقنية في المواسم الماضية إلى الانسحاب من سباقات عدة وهو في الصدارة، ليتابع بحسرة اللقب الغالي يذهب إلى منافسيه الذين يتساوى معهم بالمهارة والسرعة في القيادة، إذ يذكر الجميع طريقة خسارته اللقب العالمي لمصلحة شوماخر وبعدها ألونسو في المرحلتين الأخيرتين من موسمي 2003 و2005.
ويمكن القول إن الأمر الأهم بالنسبة إلى فيراري كان حسن الاختيار وإيجاد الخليفة المثالي لشوماخر بعد التخوف في الأوساط الايطالية من عدم ارتقاء الحظيرة العريقة إلى المستوى المطلوب، وخصوصا ان علامات استفهام كبرى وضعت حول القدرة الحقيقية لماسا من اجل حمل لواء «الحصان الجامح»، واستغرب البعض حتى تمديد عقده عشية ختام الموسم المنتهي، إلا انه لا يمكن إغفال أن البرازيلي لعب دورا رئيسيا بالمساهمة في خطف زميله رايكونن للقب، وخصوصا في السباق الأخير على حلبة انترلاغوس.
ولم يكن اشد المتفائلين برايكونن يتوقع نجاح الأخير في إحراز اللقب بعدما دخل جائزة البرازيل الكبرى اقل المرشحين حظا، بيد أن «الرجل الجليدي» قلب الطاولة على ثنائي ماكلارين ألونسو وهاميلتون على رغم انه كان في الموقف الأضعف لأنه كان يتخلف بفارق 7 نقاط عن البريطاني و3 نقاط عن الاسباني، إلا انه خالف جميع التوقعات محرزا اللقب بفارق نقطة واحدة فقط.
النجم الجديد هاميلتون
ولا يختلف اثنان أن الإثارة المذكورة أنقذت موقف فورمولا 1 مرة جديدة في 2007، من دون إغفال أن مستقبل هذه الرياضة بدا واعدا مع تتويج رايكونن وبزوغ نجم هاميلتون الذي على رغم إهداره فرصة دخول التاريخ من بابه الواسع استقطب الأنظار والاهتمام إليه أكثر من أي سائق آخر في البطولة.
وبدأ الشاب «الأسمر» (22 عاما) في شق طريقه نحو النجومية منذ سباقه الأول، إذ حل ثالثا في السباق الافتتاحي في استراليا، وتشبث بمنصة التتويج في السباقات اللاحقة بحلوله ثانيا في ماليزيا والبحرين واسبانيا ليصبح اصغر سائق يتصدر البطولة.
إلا أن الأجواء تغيرت داخل حظيرة «السهم الفضي» منذ سباق موناكو إذ بدأت الخلافات تطل برأسها بين هاميلتون وزميله ألونسو القادم إلى الفريق بطلا للعالم مع رينو، وذلك في ظل شعور الثاني أن القيمين على ماكلارين ومنهم مدير الفريق رون دينيس يميلون إلى «ابن البلد» المبتدئ، ما يسيء إليه والى صورته وحظوظه في الحفاظ على اللقب للعام الثالث على التوالي.
وسطر هاميلتون فوزه الأول في كندا معززا صدارته بفارق 10 نقاط عن زميله، إلا أن العودة إلى أوروبا أعادت رايكونن إلى دائرة المنافسة بقوة بعد ثنائية لفيراري على حلبة «مانيي كور» الفرنسية، لكن من دون أن يتنازل الأول عن صدارته التي عززها بأربع نقاط إضافية.
وبعد فوز رايكونن في بريطانيا، انتهى مشهد صعود هاميلتون إلى المنصة مع الوصول إلى حلبة «نوربورغرينغ» الألمانية، قبل أن تتسع هوة الخلاف مع ألونسو وتخرج إلى العلن في المجر، إذ انطلق البريطاني من المركز الأول بعدما عوقب ألونسو بإعادته 5 مراكز إلى الخلف لاعتراضه غير المشروع لطريق زميله خلال التجارب التأهيلية.
واستمر مسلسل «الأصدقاء الأعداء» في المراحل المقبلة ليشكلا مادة دسمة لوسائل الإعلام، حتى اشتعلت بينهما رياضيا مع فوز ألونسو في ايطاليا مقلصا الفارق إلى 3 نقاط ونقطتين بحلوله ثانيا خلف رايكونن وأمام هاميلتون في سباق بلجيكا.
وبدأت الدراما مع الانتقال إلى قارة آسيا، إذ منح خروج ألونسو في سباق اليابان دفعة لهاميلتون نحو التحول اول «مبتدئ» يحرز اللقب العالمي بعدما تقدم بفعل فوزه بفارق 12 نقطة عن الاسباني و17 عن الفنلندي من دون أن يدخل اليأس إلى الأخير.
وتبدلت الأمور في شنغهاي إذ عاش هاميلتون مصير ألونسو السابق وانتزع رايكونن المركز الأول، وانطلق ببرودته المعتادة في السباق الأخير بالبرازيل من المركز الثالث، فتصدر مستفيدا من خطأ «مميت» لهاميلتون ليتجه بمساعدة ماسا الثاني الذي تصدى لالونسو الثالث، نحو تاج الفئة الأولى.
وبدا لافتا أن الموسم الذي لعب بين قاعات المحاكم والحلبات العالمية، لم يختتم فصوله مع نهاية تتويج الفائزين في انترلاغوس، إذ ان فصلا جديدا فتح مع رحيل ألونسو عن ماكلارين وفتحت معه أبواب سوق الانتقالات والترجيحات على مصراعيها بانتظار فصل جديد يخطه هدير المحركات في بطولة 2008.
مواعيد مراحل بطولة العالم 2008
16 مارس/ آذار: جائزة أستراليا الكبرى (ملبورن).
- 23 مارس: جائزة ماليزيا الكبرى (سيبانغ).
- 6 ابريل/ نيسان: جائزة البحرين الكبرى (الصخير).
- 27 ابريل: جائزة اسبانيا الكبرى (برشلونة).
- 11 مايو/ أيار: جائزة تركيا الكبرى (اسطنبول).
- 25 مايو: جائزة موناكو الكبرى.
- 8 يونيو/ حزيران: جائزة كندا الكبرى (مونتريال).
- 22 يونيو: جائزة فرنسا الكبرى (مانيي كور).
- 6 يوليو/ تموز: جائزة بريطانيا الكبرى (سيلفرستون).
- 20 يوليو: جائزة ألمانيا الكبرى (هوكنهايم).
- 3 أغسطس/ آب: جائزة المجر الكبرى (هونغارورينغ).
- 24 أغسطس: جائزة أوروبا الكبرى (فالنسيا).
- 7 سبتمبر/ أيلول: جائزة بلجيكا الكبرى (سبا فرانكورشان).
- 14 سبتمبر: جائزة ايطاليا الكبرى (مونزا).
- 28 سبتمبر: جائزة سنغافورة الكبرى (سباق ليلي).
- 12 أكتوبر/ تشرين الأول: جائزة اليابان الكبرى (فوجي).
- 19 أكتوبر: جائزة الصين الكبرى (شنغهاي).
- 2 نوفمبر/ تشرين الثاني:
جائزة البرازيل الكبرى (انترلاغوس-ساو باولو).
العدد 1941 - السبت 29 ديسمبر 2007م الموافق 19 ذي الحجة 1428هـ