أكد وزير الدولة للشئون الخارجية نزار البحارنة تضامن مملكة البحرين مع جهود المجتمع الدولي في مجال تشجيع واحترام حقوق الإنسان، لافتا إلى حرص البحرين على توفير كل الضمانات لهذه الحقوق في إطار من الشفافية.
جاء ذلك خلال الاحتفال الذي نظمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يوم أمس (الخميس) بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يحتفل به عالميا يوم 10 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، ويصادف في هذا العام الذكرى الستون على صدور وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك في بيت الأمم المتحدة.
وأشار البحارنة في كلمته إلى أن صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شكل الركيزة الأساسية لتطور جهود المجتمع الدولي في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وعلى أساسه صدرت العديد من المواثيق والصكوك الدولية لحقوق الإنسان بدءا من الإعلانات الدولية وانتهاء بالاتفاقيات الدولية المتخصصة في مجال حقوق الإنسان، وفي إطاره تعاظمت أنشطة وفعاليات المجتمعات الوطنية والعالمية لتأكيد احترام حقوق الإنسان، وخصوصا الحريات الأساسية باعتبار أن احترام هذه الحقوق هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. وقال: «من هنا تأتي أهمية الاحتفال بذكرى إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهي مناسبة تأتي لتأكيد الدول المجتمعة على السواء التزامها واحترامها لما تضمنه الإعلان، وهي في الوقت نفسه تمثل وقفة لتقييم جهودنا جميعا من أجل تحقيق ما استهدفه الإعلان، كما أنها مناسبة لاستشراف آفاق المستقبل من أجل تحقيق عالم يسوده الأمن والتنمية والسلام والعدل وفي إطار من سيادة القانون».
وأضاف: «في البحرين وبفضل الإصلاحات السياسية والاقتصادية من قبل القيادة السياسية، ننطلق بخطى ثابتة لتأكيد مسيرة احترام حقوق الإنسان قولا وعملا، ويحكم خطانا هذه التزام دستوري وتشريعي وإرادة سياسية واضحة تمثلت في التصديق والانضمام إلى العديد من الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان، وفي مقدمتها العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقيات القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، وحقوق الطفل، والقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وغيرها».
وأشار البحارنة إلى اعتبار البحرين مسألة حقوق الإنسان قضية لا تتجزأ، وتؤكد مجددا التزامها باحترام وحماية حقوق الإنسان على أراضيها، بتعزيز حقوق الإنسان على مستوى العالم، لافتا إلى ترحيب مملكة البحرين في العام 2006 بإنشاء مجلس حقوق الإنسان لكونه آلية فعالة وأضافت صدقية للحوار والتعاون الدوليين في مجال حقوق الإنسان، وليكون بمثابة الآلية لتقديم المساعدة للدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال الحوار وبناء القدرات وتقديم المساعدة التقنية.
واعتبر البحارنة حصول مملكة البحرين على 142 صوتا من أصل 190 صوت في إعادة انتخابها لعضوية مجلس حقوق الإنسان في مايو/ أيار الماضي، يعد انجازا تفتخر به البحرين وتنظر إليه نظرة الجد والمسئولية لما تتطلبه العضوية في هذا المجلس من التزام بأعلى معايير لحقوق الإنسان على المستويين الوطني والعالمي.
كما أكد البحارنة على أن حقوق الإنسان تشغل ركيزة محورية ومسئولية مشتركة لكل الدول، باعتبارها الحقوق الأساسية التي تكفل للمواطنين في دولهم التي ينتمون إليها حق الإنسان الفرد، والحرية في تعزيز قدراته وتوسيع اختياراته المشروعة في جوانبها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ليعيش حياة كريمة، وذلك في إطار مجتمع ينعم بالقدرة على تحقيق التنمية المستدامة.
وأكد نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي حبيب الهبر أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يكرس الحقوق الأساسية التي ينبغي احترامها من قبل جميع الأديان الأخرى، وهي الحقوق المتمثلة في المأوى والغذاء والسلامة والأمن، إضافة إلى عدد من القضايا التي يعمل عليها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، مثل توافر المياه النظيفة والآمنة والمرافق الصحية، والإسكان، وتنقية الهواء للتنفس.
كما تطرق الهبر إلى «مبادئ ريو» التي أعلن عنها خلال مؤتمر «قمة الأرض في ريو»، والمتمثلة في الإعتراف بأن الكائنات البشرية تقع في صميم اهتمامات التنمية المستدامة، وأن من حقهم أن يعيشوا حياة صحية ومنتجة في وئام مع الطبيعة، إضافة إلى الحق السيادي في استغلال موارد الدولة الخاصة وفقا لسياساتها البيئية والإنمائية، ومسئولية ضمان أن الأنشطة التي تدخل في اختصاص الدولة لا تسبب ضررا لبيئة الدول الأخرى أو المناطق الواقعة خارج حدود سلطتها.
وأكد الهبر أن القضية البيئية الرئيسية التي تشكل مصدر قلق كبير في الوقت الراهن في الساحة الدولية هي تغير المناخ. وقال: «قد يبدو من الوهلة الأولى أن تغير المناخ وحقوق الإنسان ليس بينهما صلة مشتركة، ولكن ما يعزز ذلك هو حجم آثار تغير المناخ، التي يمكن أن تحرم الشعب من حقوقه الأساسية لسبل كسب العيش في بعض الأماكن».
وتابع: «لذلك فإن الوعي العام والحصول على المعلومات هي من الحقوق الأساسية للجمهور، لمعرفة ما قد يؤدي إليه تغير المناخ، وكيفية ممارسة حياتهم في ظل ما يسببه التغير المناخي».
وشدد الهبر على دور الدولة في اتباع سياسات تقليل الحد الأدنى لتغير المناخ والحد من المخاطر التي يتعرض لها المواطنون، باعتبار أن ذلك جزءا من المسئولية الأخلاقية للمجتمع الدولي باتجاه إيجاد الحلول للتحديات التي يشكلها تغير المناخ.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقال في رسالته بمناسبة يوم حقوق الإنسان: «لقد صيغ الإعلان العالمي في غمرة الدمار الشامل والفقر المدقع في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فكان مرآة لما يخامر البشرية من تطلعات إلى تحقيق مستقبل يعمه الرخاء والكرامة والتعايش السلمي. وشكل الإعلان العالمي معلما بارزا، واليوم يظل الإعلان جزءا أساسيا من الهوية الخالصة للأمم المتحدة».
وأضاف: «نواجه اليوم تحديات على القدر نفسه من الجسامة الذي كانت عليه التحديات التي جابها صائغو الإعلان، فنحن نواجه حالة طوارئ غذائية وأزمة مالية عالمية، وتتواصل في هذه الأثناء اعتداءات الإنسان على البيئة الطبيعية، وهناك عدد مفرط من البلدان التي تمارس القمع السياسي، ولا يزال أشد الناس ضعفا في خطوط المواجهة الأمامية، يقاسون الشدائد والإعتداءات».
وأكد كي مون على أنه من غير الممكن أن يتم غض الطرف، ولا سيما من قبل الذين لم يكابدوا أشد آثار الكارثة أو الفقر أو عدم الاستقرار، وأنه من شأن الآثار المتراكمة للاعتداء والتجاهل أن تجتاح الكوكب كله في نهاية المطاف.
وأشار إلى أنه لا سبيل إلى بلورة الرؤية الشامخة التي تنصح بها وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلا بالانفاذ التام لما تجسده من مبادئ في أرجاء العالم كافة ولما فيه منفعة الجميع
العدد 2282 - الخميس 04 ديسمبر 2008م الموافق 05 ذي الحجة 1429هـ