تعيش الجماهير الأهلاوية على ذكريات مؤلمة وهي تشاهد فريقها الأول لكرة القدم بعيدا عن البطولات المحلية وحصادها وخصوصا بطولة الدوري العام إذ مضى زمن بعيد عن آخر بطولة دوري حصل عليها وتحديدا موسم 95/1996 أيام المدرب النمسوي جوزيف هيكرسبيرجر.
وفي كل موسم جديد تمني الجماهير الأهلاوية نفسها بتحقيق هذه الأمنية وهي حمل درع بطولة الدوري الذي أصبح بمثابة «لبن العصفور» والذي يأتي ويتحقق كل 20 عاما، ونحن إذ نقلب الأوراق في صفوف النسور نحاول استخلاص ما يحويه ريشها لعلنا نصل إلى ما تخبئه القلعة الصفراء في جدرانها.
بداية النسور في بطولة الدوري شابها بعض الغموض وخصوصا مع ما رافق رحلة الإعداد والتقلبات التي حدثت في صفوف الجهاز الفني والجميع يعرف تلك التقلبات حتى استقر الرأي على المدرب البرتغالي زوران لقيادة النسور إلى التحليق هذا الموسم، بالإضافة إلى نجاح إدارة النادي في ترميم صفوف الفريق وعززت صفوفه بأكثر من لاعب يعدون مكسب له وخصوصا هداف الفريق سيدحسن عيسى والحارس المتألق عباس أحمد.
ونجح الفريق في تقديم أداء مغاير هذا الموسم وظهر بثوب جديد وخصوصا بعد الموسم الباهت والمهزوز الذي قدمه الفريق في الموسم الماضي وقدم فيه أسوأ مواسمه على الإطلاق خلال العشر سنوات الماضية.
وتحتل النسور الصفراء الوصافة حتى الآن في قائمة ترتيب الفرق وبرصيد 19 نقطة بعد 10 جولات وهو يقف على بعد 9 نقاط كاملة عن المتصدر المحرق.
مستوى الفريق في الجولات العشر الماضية كان يتأرجح بين الجيد والمتوسط، وهذا التفاوت في المستويات أثر عليه كثيرا وخصوصا في نتائجه المسجلة في المباريات العشر حتى أن هزائمه الثلاث جاءت من فرق أقل منه مستوى وأفضلية وترتيبا في القائمة، ويمكننا أن نرجع هذا التفاوت لأمور مختلفة منها ما هو فني وتكتيكي ومنها ما هو راجع للاعبين أنفسهم، بغياب الحلول الفردية ما أدى لسوء أدائهم في بعض المباريات.
هل بإمكان الأهلاوية أن ينعون الحظ أو البكاء على اللبن المسكوب؟ وهل يقفون عند هذا الطموح؟ الكثير من الأسئلة التي تطرح نفسها على الفرقة الصفراء وترسم علامات الاستفهام بشأن مصير الفريق ومقدرته في الدخول إلى المنافسة الحقيقية مع منافسه التاريخي المحرق.
وإذا كان الأهلي وصل للمركز الثاني فهو ليس منتهى الطموح والذي يرضي عشاقه ومحبيه، الأهلاوي كفريق وناد قادر على الوقوف على منصات التتويج متوجا كبطل لا أن يكتفي بالمراكز الشرفية لا سيما مع الإمكانات المادية والبشرية التي يمتلكها، ولكن ما نشاهده من ابتعاده عن تحقيق البطولات أمر يعتبره الكثيرون لغزا محيرا، وعلى رغم أن الإدارة تمكنت من تصحيح خط ومسار الفريق من خلال تلبية جميع احتياجاته فإن المردود الذي قدمه على صعيد النتائج لم يلبي رغبة الإدارة والجماهير الأهلاوية، وهناك أكثر من نقطة يمكننا أن نتناولها في الملف الأصفر خلال الجولات العشر الماضية من دوري كأس خليفة بن سلمان.
غياب المحترفين
واعتاد العش الأصفر أن يحوي كل من هو موهوب ثم يطلق جناحيه ليحلق في سماء الإبداع ويكسب معه الإعجاب ويلقى كل كلمات الإطراء والمدح، وهذا هو حال الأهلاوية وواقعهم سابقا وهي حكاية متكررة مع اللاعبين المحترفين، إلا أن الحكاية تغيرت وتبدلت في الموسمين الماضيين وخصوصا أن جملة التعاقدات مع اللاعبين المحترفين لم تؤت ثمارها ومع احترامنا للاعبين الموجودين إلا أنهم لم يتمكنوا من إضافة الكثير للفريق الأهلاوي على مستوى الأداء، وتأثر الفريق كثيرا بسلبية المردود الذي يقدمونه في الملعب إذ لم يتركوا البصمة المؤثرة وظهروا وكأنهم غائبين تماما عن مسرح الحوادث في المباريات وخصوصا اللاعب النيجيري فيكتور والذي يبدو أنه في الطريق لمغادرة القلعة الصفراء في الفترة الثانية من الانتقالات بمعية البرازيلي فلافيو، أما المدافعان المغربي يوسف المقبول والعراقي علي نعمان فوجودهما أمر متفق عليه ويجب عليهما أن يضاعفا مجهودهما بشكل أكبر لمساعدة الفريق.
غياب لاعبي الارتكاز
أيضا من الأمور التي شهدها الفريق هي غياب لاعبي الارتكاز أو الجنود المجهولين في الفريق وجاء ابتعاد المايسترو مرتضى عبدالوهاب ليحل بتوازن الفريق وخصوصا لما يمثله هذا المركز من ثقل حقيقي في طريقة ولعب أي فريق، إذ يقوم لاعب هذا المركز بأدوار لا يشعر بها الجمهور بالإضافة إلى الأداء المفصلي وأيضا يلعب دور الترمومتر الذي على مستوى أدائه يقاس أداء الفريق عموما، بالإضافة إلى وجوب إجادة قطع الكرات والمراقبة الجيدة والانضباط التكتيكي وتكوين حائط صد قوي أمام هجمات الفرق المنافسة وفي الوقت نفسه التحول للجانب الهجومي وبفاعلية كبيرة إذا لزم الأمر ذلك فهو يلعب دورا مهما وحيويا لا يشعر به بشكل حقيقي سوى المدرب وزملائهم.
ولا يعني ذلك أن نغفل الدور الذي لعبه كل من لعب في هذا المركز ولكن القدرات التي يتمتع بها هؤلاء اللاعبون لم تمكنهم من القيام بالوظائف المطلوبة، لتبقى هذه النقطة تمثل نقطة ضعف واضحة في صفوف الفريق.
غياب هجومي
النقطة الثانية التي كشفت عنها مباريات الأصفر هي الضعف الواضح في قدرات خطي الدفاع والهجوم، ولو دققنا في نتائج الفريق لتأكد لنا أنه لا يملك الفاعلية الهجومية ولا القوة الدفاعية المتماسكة، فعلى صعيد الجانب الهجومي لم يتمكن الفريق من اجتياز حاجز الهدفين في المباراة الواحدة بل ان غالبية انتصاراته تحققت بالفوز بهدف وحيد، ويمكننا أن نلقي باللائمة في ضعف الشق الهجومي للفريق على نقطتين الأولى تتعلق بعدم وجود عناصر هجومية فاعلة وقادرة على إزعاج الخصوم وهو أمر يتمثل ونتأكد منه بقائمة هدافي الفريق إذ تمكن حسن السيدعيسى من تسجيل 8 أهداف لوحده من مجموع 14 هدفا هي كل حصيلة الفريق، ويقف خلفه الشاب عبدالله حميدان بهدفين، وتقاسم 4 لاعبين بقية الأهداف بواقع هدف واحد لكل منهم، وهذه الأرقام تؤكد ضعف المردود التهديفي والهجومي للفريق.
والنقطة الثانية التي ربما أثرت على السجل التهديفي للفريق تتمثل في طريقة وأداء وأسلوب لعب الفريق والتي تعتمد على اللعب عن طريق الجناحين من دون وجود مهاجم صريح في مناطق الخطورة وهو ما أدى إلى غياب القناص القادر على ترجمة الكرات التي تصل لمنطقة جزاء الخصوم، وربما لا يمكننا أن نحدد المسئول عن ذلك، هل هو مدرب الفريق زوران أم اللاعبين، فالأكيد أن زوران أعطى تعليماته للاعبين بضرورة الوجود في هذه المنطقة ولكن إمكانات اللاعبين وأسلوب لعبهم لم يمكنهم من أداء المطلوب منهم.
ضعف دفاعي واضح
آخر النقاط التي كشف عنها الفريق الأهلاوي هي تتعلق بالضعف الواضح لخط الدفاع والثغرات الكبيرة والكثيرة في صفوفه وهذا لا يقلل من إمكانات اللاعبين الموجودين ولكن هي حقيقة واضحة للجميع ودخول 10 أهداف في مرمى الفريق أمر يعتبر كبيرا لفريق منافس، ولولا وجود الحارس المتألق دائما عباس أحمد لقبلت الشباك الصفراء عددا مضاعفا لما تلقته.
وهنا لا يمكننا أن نلقي باللوم على المدافعين وحدهم، فغياب لاعبي الارتكاز المؤثرين ربما أثر من بعيد أو قريب على تماسك خط الدفاع وخصوصا أننا قلنا أن لاعب الارتكاز يمثل ساترا دفاعيا يقلل من نفاذ الكرات وتسللها نحو المرمى.
مكاسب الفريق
يمكننا أن نوجز المكاسب التي حققها الفريق حتى الآن في أمرين، أولها كسب وجوه أثبتت وجودها في قائمة الفريق الأساسية وعلى رأسهم «العنكبوت» عباس أحمد والذي أثبت أنه حارس يتميز بمواصفات أوروبية لا توجد لدى أي حارس بحريني آخر، كما يأتي اللاعب عبدالله حميدان من الوجوه الشابة والتي تمتلك قدرات تهديفية وإمكانات فنية ستكبر مع اكتساب الخبرة في المواسم المقبلة، ولا ننسى «الحمامة» التي هجنت وأصبحت نسرا اللاعب السيدحسن عيسى الذي تطور مستواه وأداؤه كثيرا عن المواسم الماضية.
الأمر الثاني الذي كسبه الفريق هو عودته للعب دور المنافس بعد ابتعاده في الموسم الماضي وظن الكثيرون أنه غير قادر على العودة مع الفرق الكبيرة، وهذا يحسب لإدارة النادي والجهاز الإداري للفريق.
العدد 1961 - الجمعة 18 يناير 2008م الموافق 09 محرم 1429هـ