إذا كان كبار رجال الأعمال والمحللون الماليون قد ارتدوا قناع الشجاعة عند وصولهم إلى مدينة «دافوس» السويسرية وسط الفوضي التي تضرب الأسواق فإنه بحلول نهاية الأسبوع كان الجو العام أكثر قتامة.
وما من أحد حتى الآن يمكن أن يتيقن من مدى عمق الأزمة أو إلى أي حد ستنتشر.
وبينما تحرك مجلس الاحتياط الاتحادى ( البنك المركزي الأميركي) يوم الثلثاء الماضي وقام بخفض سعر الفائدة الرئيسية بواقع ثلاثة أرباع نقطة مئوية وتمكنت الأسواق العالمية في نهاية المطاف من جمع أشتاتها من جديد وقال وزير الخزانة الأميركي للشئون الدولية ديفيد ماكورميك إن الولايات المتحدة لا تزال « الغوريللا التي تزن 800 رطل» على الساحة. ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس اقتصاد بلادها بأنه مرن وقادر على التعافي من جديد وإن هيكله «سليم».
ولا يزال الهبوط المفاجئ للأسواق العالمية يرسل بموجات صادمة فيما يحتشد 2500 من السياسيين وكبار رجال الأعمال ورؤساء منظمات دولية لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي.
لكن أجواء التفاؤل تسود مجتمع الأعمال الذي يصر على أن ما حدث مجرد تباطؤ قصير الأمد. وقال رئيس مؤسسة شيفرون والرئيس التنفيذي ديفيد أوريللي: «الاقتصاد الأميركي سيصحح نفسه وربما أسرع مما يدرك الناس».
ونقل عن رئيس مجلس الاحتياط الاتحادى الأميركي السابق ألآن غرينسبان يوم الخميس الماضي قوله إن فرص حدوث ركود تبلغ نحو 50 في المئة « لكننا لم نصل إلى هناك بعد».
وفي دافوس يسود شعور بأن الولايات المتحدة غير مهتمة وأن عليها أن تدفع الثمن .
وصرح رئيس بنك باركليز كابيتال يونيتد كنغدوم، جيري ديل ميسير بقوله «إن التباطو ربما كان مفيدا لتحاشي تراكم تجاوزات كان يمكن أن تؤدي إلى أزمة اسوأ. إن المرور بفترة تصحيح في ظل وجود نمو أمر يمكن أن يكون مفيدا».
من ناحية أخرى أعرب وزير المالية الهندي بالانيبان شيدامبارام عن توقعاته بأن الولايات المتحدة ستستعيد عافيتها الاقتصادية وإن كان يمكن أن يحدث تباطؤ خلال الشهور الستة أو التسعة المقبلة، فيما ستحقق نموا منخفضا يتراوح بين واحد إلى 2 في المئة.
وقال شيدامبرام إن الهند لم تمس حتى الآن. لكنه اعترف بأنه ليس متأكدا من مدى تأثير حدوث كساد أميركي كامل.
وفي الوقت نفسه تعرض مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي للانتقاد لتحركه ببطء مبالغ فيه ثم بسرعة مبالغ فيها.
وقد تم إضافة شريان جديد للحياة يوم الخميس الماضي في شكل حزمة من إجراءات خفض الضرائب بقيمة 150 مليار دولار لدعم مؤشر ثقة المستهلكين لكن بدا أن هذا لم يؤد إلا إلى زيادة المخاوف بأن الأزمة التي يعانيها أكبر اقتصاد في العالم هي بالفعل خطيرة وربما تمتد من الإسكان إلى أسواق الائتمان.
وكلما استمرت الأزمة كلما زادت على الأرجح احتمالات تسربها إلى الاقتصاد الحقيقي واضعة مزيدا من الضغط ليس فقط على سداد أقساط قروض الإسكان بل أيضا بطاقات الائتمان والسيارات .
العدد 1970 - الأحد 27 يناير 2008م الموافق 18 محرم 1429هـ