حلمنا المونديالي بدأه منتخبنا الوطني لكرة القدم بهدف وفوز وثلاث نقاط كانت غالية ومهمة حققها على منافس وخصم ليس سهلا هو المنتخب العماني والذي لعب متسلحا بعاملي الأرض والجمهور والتي فاق الـ»40» ألف متفرج، جاء ذلك في بداية مشوار منتخبنا في المرحلة الثالثة لتصفيات آسيا المؤهلة لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010، هذا الفوز الثمين وضع منتخبنا جنبا إلى جنب المنتخب الياباني في صدارة المجموعة الثانية، وبعث الأحمر بهذا الفوز رسالة اطمئنان وأمان لجماهيرنا الغالية والوفية من خلال أداء قوي ورجولي أمام منتخب ليس سهلا، وهو ما يؤكد قوة الأحمر وتفوقه الواضح في المباراة.
الأحمر... والذي توشح باللون الأبيض خلال مباراته مع المنتخب العماني كان في الموعد وعلى الوعد والعهد الذي كنا ننتظره في مهمة البحث والطريق إلى المونديال العالمي، نعم... لاعبو منتخبنا كانوا عند الوعد، وعلى رغم رهبة البداية والقلق والخوف الذي سيطر على الأجواء والتي سبقت البداية، إلا أن عزيمة لاعبينا كانت السلاح الذي منحنا النصر في مباراة صعبة ومهمة في بداية المشوار وخصوصا ان عمان المنتخب المرشح معنا لنيل البطاقة الثانية بعد المنتخب الياباني المرشح الاقوى للبطاقة الاولى.
ربما القلق والخوف الذي اعترى جماهير الأحمر قبل المباراة لم يكن نابعا من قوة الخصم وعناده بل جاء نابعا من منتخبنا، وهي حقيقة ربما تكون واضحة لمتتبعي الأحمر، ولكن ظهوره بوجهه الحقيقي بدد جميع تلك المخاوف ليعلنها بداية مشجعة وواثقة نحو المرحلة الرابعة من التصفيات العالمية.
وعلى رغم الضغوطات النفسية الكبيرة كانت كبيرة على لاعبي منتخبنا قبل المباراة إلا أنهم نجحوا في الخروج منها بعد أداء متوازن وجيد جعلنا نبدو كأبرز المرشحين لخطف إحدى بطاقتي التأهل للمرحلة الرابعة، وهو ما يحمّل اللاعبين مسئولية كبرى، فالوصول إلى القمة ربما يكون أحيانا سهلا، لكن الحفاظ عليها هو الصعب، ولا نشك أبدا في قدرة لاعبينا بالاستمرار على هذا المستوى الرائع من القوة وترابط الخطوط في اللقاءات المقبلة، والتي ستكون أهم محطاتها أمام اليابان في الجولة المقبلة، والفوز بها يضع لمنتخبنا قدما في المرحلة المقبلة من التصفيات بلا شك.
الفوز والنقاط الثلاث التي تحققت أمام سحرة عمان كانت البداية التي ننشهدها ونريدها، وهدف علاء حبيل يساوي وزنه ذهبا وكان كافيا لانتزاع الفوز من الخصم وكان كافيا لوضع الأحمر على السكة الصحيحة في قطار المونديال.
مكاسبنا من مباراة عمان لم تقف عند حد النقاط الثلاث فقط بل تعدت المكاسب لتشمل عودة الثقة بهذا المنتخب وباللاعبين وبقدرتهم على العطاء، ليتأكد لنا عودة الأحمر بالشكل التدريجي وخصوصا أنه يملك شخصية قوية قادرة على فرض أسلوبه على أقوى وأعتى المنتخبات والخصوم، وإذا كانت البداية بتلك الصورة، فإن المقبل سيكون أجمل بإذن الله.
إعدادنا لـ«لساموراي»... بدني وفني ونفسي ومعنوي وجماهيري
مما لا شك فيه أن فوز منتخبنا الأول أمام عمان في بداية المشوار خلف وراءه فرحة معلنة بالشارع الرياضي البحريني والذي حرص على متابعة المباراة في الجولة الأولى نحو النهائيات لمونديال 2010.
والفوز الذي تحقق يجب ألا يجعلنا نفرح كثيرا وننسى المقبل من المباريات، فالمقبل أصعب بكثير من الذي مضى ويجب علينا الاستعدادا من الآن لما هو آت، وربما يمكننا القول ان مباراتنا المقبلة مع المنتخب الياباني أصعب بكثير من مباراة عمان وعلى رغم إقامتها هنا في البحرين.
نعم كسبنا جولة ولم نكسب التأهل حتى الآن ومباراة اليابان إن قدر لنا الفوز بنقاطها فذلك يعني أنها ستفتح لنا المجال للتفكير في حسم الأمور في الجولة الثالثة أمام تايلند، وقبل التفكير في ذلك علينا الإعداد الجاد والقوي لمباراة اليابان، ونقصد بالإعداد الجاد ليس بدنيا فقط بل من جميع النواحي، بدنيا وفنيا ومعنويا ونفسيا، فالجانب البدني يجب أن يتوافر من خلال توفير أقصى درجات الراحة للاعبي منتخبنا وذلك سيأتي عن طريق عدم الضغط عليهم مع أنديتهم في المسابقات المحلية، ومما هو معروف أنهم سيدخلون في سباق محمود يتمثل في مسابقة كأس الملك، وبعدها يجب أن يتوافر لهم إعداد خاص مع منتخبنا والذي ربما يصطدم بعقبة مسابقة الدوري، فهل ينجح الاتحاد بتوفير هذا الجانب؟.
وفنيا يجب على ماتشالا أن يعي جيدا أن المنتخب الياباني ليس هو المنتخب العماني ويجب عليه قراءة أوراق المقابلة كما فعلها مع عمان ويجب ألا يحجم من نقاط قوتنا على حساب نقاط قوة المنتخب الياباني، وهنا أقصد ألا يركن ماتشالا للدفاع على حساب الهجوم، فاليابان ليس ذلك البعبع المخيف الذي لا نستطيع التفوق عليه، وتذكيرا فقط مباراتنا معهم في أمم أسيا 2004 التي سجلنا فيها ثلاثة اهداف وكنا قريبين من الفوز لولا نقص الخبرة التي لعبت دورا كبيرا في تغيير مسار المباراة آنذاك لصالح اليابانيين.
أما كيف يمكننا أن نوفر الجانب النفسي والمعنوي للاعبي منتخبنا فذلك يعود الى مسئولي الاتحاد لكرة القدم من خلال مواصلة العمل الذي بدأوه في مباراة عمان بالإضافة إلى جلب جماهيرنا لملعب المباراة ليكون اللاعب رقم «1» وليس «12» من خلال فتح الأبواب لهم وعدم تقييدهم، مع الوضع في الاعتبار أن الجمهور لن يكون بحاجة لدعوة للوقوف خلف منتخبنا فهو واجب عليهم.
البطاقات الصفراء وإضاعة الفرص... سلبيتان يجب معالجتهما
مباراة منتخبنا مع عمان أوضحت وأخرجت لنا الكثير من المعاني التي شهدتها فترات المباراة، ومنها استمرار الثقة التي يتمتع بها لاعبو منتخبنا بقدراتهم الفنية والمهارية، وربما أعادت الثقة التي كانت غائبة بين لاعبينا وجماهيرنا، بالإضافة إلى أنها أعادت لنا بعض التوهج في مستويات اللاعبين فمحمد سالمين ومحمود جلال وعلاء حبيل وحسين بابا ومحمد حسن وسلمان عيسى أثبتوا أنهم أصحاب خبرة ويستطيعون العطاء لفترة مقبلة وخصوصا أنهم توشحوا برداء الروح والإصرار.
وإلى جانب هؤلاء أثبت القادمون للنجومية عبدالله عمر وسيد محمد جعفر وسيد محمد عدنان وإسماعيل عبداللطيف وفتاي وغيرهم من اللاعبين سواء في أرض الملعب أو على مقاعد البدلاء أنهم قادرون على مواصلة رحلة التألق مع الأحمر في الفترة المقبلة.
المباراة أيضا كشفت عن سلبيتين يجب ألا تمرا مرور الكرام على القائمين والمسئولين عن شئون المنتخب، السلبية الأولى تتمثل في حصول أربعة من لاعبينا على بطاقات صفراء في المباراة وهم محمود جلال ومحمد سالمين وفتاي وسيد محمد عدنان وأعتقد أن العدد كبير في المباراة على رغم أهميتها والظروف التي مرت بها، ويجب الاهتمام أكثر في هذه الناحية حتى لا يأتي لنا يوم نندم فيه على هذه البطاقات مثلما حدث قبل 4 أعوام في مباراة الحسم مع ترينيداد وتوباغو.
السلبية الثانية كانت تتمثل في إضاعة الفرص التي تحصلنا عليها وخصوصا الأخيرتين عن طريق علاء حبيل وعبدالله الدخيل، ويجب على لاعبينا أن يعرفوا أن في المباريات المقبلة ربما لا نحصل على انصاف الفرص وليس الفرصة ويجب عليهم استغلال أية فرصة تلوح لهم أمام مرمى الخصوم، كما يجب على الجهاز الفني أن يشعروا اللاعبين بأخطائهم ويضعوا الحلول اللازمة لتجنبها في المباريات المقبلة.
العجوز ماتشالا باغت خصمه ريباس ...بنى جدار «برلين» وهجومنا لم تكشفه الرادارات العُمانية
نجح العجوز ميلان ماتشالا في مباغتة خصمه مدرب المنتخب العُماني الأورجواني ريباس بعد أن لعب بطريقة وأسلوب مغايرعن ذلك الذي لعب به جميع مبارياته الودية الأربع التي لعبها منتخبنا قبل المباراة، ماتشالا نجح في مباغتة العُمانيين وقدم لهم أكثر من مفاجأة، الأمر الذي جعلهم غير قادرين على رد تلك المفاجآت وظلوا تائهينَ في الملعب غالبية فترات المباراة.
ماتشالا كان أدرى بجميع خبايا وأوراق المنتخب العُماني من مدربهم ريباس الذي لم يستلمه إلاّ قبل المباراة بحوالي أسبوعين فقط، وماتشالا كان يعي جيّدا أين هي مميزاته وكيفية الأسلوب الذي سيلجأ اليه وهو يلعب في مسقط، وهنا يجب الاعتراف أنّ ماتشالا في مباراة أمس الأوّل نجح في التخطيط إليها جيّدا ورسم الأسلوب والطريقة التي لعب بها الأحمر وخصوصا في الشق الهجومي والذي باغتنا به سحرة عُمان، ويجب علينا الإشادة بما فعله العجوز في المباراة.
جدار برلين
ماتشالا كان يناور في المباريات التجريبية وتمكن من مخادعة العُمانيين، حتى حان موعد المباراة؛ ليدفع بتشكيلة متوازنة وضحت فيها نوايا ماتشالا لمباغتة الخصوم، فماتشالا وزع الأدوار جيّدا بين اللاعبين بداية من خط الدفاع المتراص والقوي والذي لم يترك شاردة وواردة إلاّ قضى عليها، والملفت للنظر جيّدا أن خط دفاعنا سد جميع المنافذ المؤدية لمرمى سيد محمد جعفر سواء على الأطراف عن طريق عبدالله عمر وسلمان عيسى أو في العمق عن طريق الثلاثي بابا وسيد محمد عدنان ومحمد حسين، وفي خط الوسط بنى ماتشالا جدارا عازلا ومتينا كجدار «برلين» يمنع أي تسلل من العُمانيين لخطوطنا الخلفية وهذا الجدار مكون من ثنائي يتمتع بخبرة ميدانية على أعلى المستويات هما: جلال وسالمين ينضم إليهما فتاي وأحد المهاجمين علاء أو إسماعيل، وربما لم نرصد أخطاء تكتيكية واضحة في دفاعاتنا إلا خطأين فردين الأوّل من محمد سيد جعفر في الشوط الأوّل، والخطأ الثاني كان من سيد محمد عدنان في الشوط الثاني.
غزوات هجومية
ماتشالا لم يقف تكتيكه عند هذا الحد بل تعداه ليشمل الجانب والشق الهجومي وهو فاجأ الجميع عندما أطلق العنان للاعبينا للتحوّل الهجومي ومن دون وجود تحفظ أو قيود على تحركاتهم ونجح في إدارة المباراة بعد أن اعتمد على طلعات هجومية غير قابلة لكشف الرادارات العُمانية وخصوصا أنها كانت غير مفهومة ومتنوعة.
فأطلق ماتشالا العنان إلى ظهيري الجنب عبدالله عُمر وسلمان عيسى للمساندة الهجومية والقيام بالطلعات المكوكية لغزو الدفاعات العمانية، كما أطلق ماتشالا العنان لفتاي للقيام بأدوار هجومية مزدوجة بالإضافة إلى التوجيهات لثنائي العمق والارتكاز جلال وسالمين بالمساندة الهجومية، كل ذلك بالإضافة إلى وجود ثنائي هجومي مشاغب ومزعج لا يكل ولا يمل في التشكيلة جعل القيادة والمبادرة الهجومية لصالح منتخبنا.
عموما يمكن أن نقسم لاعبي منتخبنا في مباراة عُمان إلى قسمين، الأوّل أصحاب الأداء التكتيكي وهذا كان في الخطوط الدفاعية للمنتخب بدءا من لاعبي الارتكاز بخط الوسط محمود جلال ومحمد سالمين، فيما اختار ماتشالا أصحاب المهارة في الشق الهجومي كفتاي وإسماعيل وعلاء حبيل وسلمان عيسى بهدف خلق أكثر من حل هجومي انطلاقا من المهارات الفردية العالية للاعبينا.
العدد 1982 - الجمعة 08 فبراير 2008م الموافق 30 محرم 1429هـ