العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ

العنف الفكري الدنماركي

أمر معيب ومخز للغاية ما قامت به 17 صحيفة دنماركية بإعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد (ص) وخصوصا بعد أن عرفت الدنمارك ردة فعل العالم الإسلامي الرسمية منها والشعبية، فقضية نشر الرسوم لتأكيد حرية التعبير إنما هي لعبة من رؤساء تحرير الصحف لاستفزاز وإثارة غضب المسلمين، ليبينوا للقراء الدنمارك وللعالم بأن المسلمين والعرب ناس همج في رد فعلهم... طبعا هذا كله من وراء الصهيونية العالمية التي تسيطر على وسائل الإعلام سيطرة تامة، تريد صنع صدام ما بين الغرب والإسلام، وهذا ليس بالأمر الجديد.

وفي بالي سؤال حيرني منذ مدة: لماذا تطبق حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين والعرب؟ ولماذا لا تطبق حرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالمحرقة الصهيونية؟! فغالبيتنا تعرف قصة المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفنغ الذي تكلم عن المحرقة فقامت الدنيا ولم تقعد إلى أن حكم عليه بالحبس، فأين هي إذا حرية الرأي؟! هذا هو العنف الفكري المتطرف الذي اقصده.

ما قامت به الصحف الدنماركية يعد اختراقا واضحا للاتفاقيات الدولية، وتحديدا إعلان «اليونسكو» الذي صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للعلم والثقافة في دورته العشرين العام 1998 الذي تتضمن مادته رقم 19 و 20 إدانة كل من يحرض على الحرب وإثارة البغضاء الوطنية أو العنصرية أو الدينية أو أي شكل من أشكال التمييز أو العداء أو العنف، وهذا ميثاق خاص بالحقوق المدنية والسياسية ويندرج ضمنه دور الصحافة والإعلام في المجتمعات، والدنمارك إحدى الدول الموقعة عليه لكن يبدو أنها تتعارض مع قانون حرية التعبير في قضية الرسوم!

علاوة على ذلك، هناك موانع كثيرة في القانون الدنماركي، ففي المادة رقم 145 من قانون العقوبات الدنماركي تعتبر القضايا الدينية والمشاعر الدينية ضمن منطقة محظورة غير قابلة للنقاش ويعاقب كل من يسيء أو يهين علنا لديانة معترفا بها في البلاد، فلماذا لم يأخذ القانون مجراه الطبيعي؟ بعد كل ما أشرت إليه إن دل ذلك على شيء دل على مدى التلاعب بحرمة الإسلام تحت مظلة الدفاع عن حرية التعبير التي هي بالأساس ليس بالأمر المطلق «فلو خليت لخربت».

أنهي مقالي بثلاث رسائل أتمنى أن تصل إلى أصحابها، الرسالة الأولى أرسلها إلى حكام الدول الإسلامية: هناك عدة دول في أوروبا لها قوانين تعاقب بها كل من يمس المحرقة الصهيونية من دون تهاون، فهل سنرى قوانين مفعلة تعاقب كل من يمس شخصية النبي (ص)؟ الرسالة الثانية أرسلها إلى التجار: توقفوا عن استيراد السلع الدنماركية قبل أن «تخيس» بمستودعاتكم، فالعالم الإسلامي استيقظ مرة أخرى ولبوا نداء المقاطعة الاقتصادية مرة أخرى. والرسالة الأخيرة أرسلها إلى الشعوب الإسلامية الغيورة على دينها أحث فيها على مقاطعة السلع الدنماركية، مبتعدين فيها عن رد الفعل العنيف من تخريب وحرق واتلاف للممتلكات، إذ استخدم رسول الله (ص) أساليب كثيرة متنوعة مع من عاداه، ومن ذلك استخدم السلاح الاقتصادي في قوله «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم»، ومن المال الذي أمر النبي محمد (ص) بعدم استخدامه فيما ينفع العدو وينمي اقتصاده ومن ثم يقويه.

علي محمد الجودر

العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً