العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ

صمت رسمي مطبق منذ ديسمبر2006 تشعله شرارة تصريح « حمادة»

أطبق صمت رسمي منذ شهر ديسمبر/ كانون الأوّل العام 2006، عندما «فجّر» محافظ المحرق سلمان بن هندي قراره المثير للجدل بمنع تداول الأراضي في المحرق في إحدى الصحف المحلية تحت عنوان «لن نسمح لغير المحرّقيين ببيع وشراء البيوت والأراضي في نطاق المحافظة»، وكان ذلك تحديدا يوم 26 من الشهر، ومن حينها اشتعلت الشرارة التي تحوّلت من «مستصغر الشرر» إلى نار تحرق القوانين ولا تكترث!

وفي ظل هذا الصمت المريب من قبل الجهات الرسمية، ظل ذلك القرار ساريا من دون غطاء قانوني يبرره، فهو يتعارض - بحسب حقوقيين - مع الدستور ومع المواثيق والعهود التي وقعتها البحرين والمتعلّقة بحقوق الإنسان إلى أنْ أشعل نائب رئيس مجلس بلدي المحرق محمد حمادة شرارة ليفتح باب ظن الكثيرين أنه أغلق بتصريح له خلال زيارة وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب يوم أمس ( الأحد) لمحافظة المحرق، أعلن فيه رفع حظر تداول عقارات 15 مجمعا من الحالة وحتى شمال المحرّق، في الوقت الذي لفت فيه الوزير بن رجب إلى أنّ محافظة المحرّق على حد وصفه « بعيدة عن داء الطائفية».

وبالعودة إلى ذاكرة هذا الموضوع والذي بدأ بإعلان المحافظ لذلك القرار وأثار الكثير من الأسئلة، التي توالت عليها الإجابات وكان أوضحها: « هل يمنح القانون الحق للمحافظ أنْ يصدر مثل هذا القرار في بلد يتولى التشريع فيه مجلس وطني من غرفتين؟» ولماذا تداخلت اختصاصات المحافظ باختصاص وزير شئون البلديات والزراعة، بدور وزارة العدل والشئون الإسلامية؟

سلسلة التبريرات بدأت في الـ 29 ديسمبر 2006، إذ قال بن هندي « إنه بالرجوع إلى قانون المحافظات وكوني رئيس لجنة التجديد الحضري فأنا المسئول، والقرار الذي صدر عن صاحب السمو ولي العهد فيه مواد أنا مسئول فيها وأنّ هناك مشكلة و من بكرة أنا حاضر لإلغاء القرار إذا انتهت الأسباب، ولكن هل ترضون بالتسيّب داخل الديرة؟ «

لم يتوقف الجدل، حتى أنّ بن هندي صرّح لـ «الوسط» بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني 2007 بأنّ القرار الذي اتخذه بحظر بيع وتداول البيوت والأراضي في المحرق لغير المحرقيين، هو لفترة ومنطقة محددة من المحافظة، وكان التصريح في حد ذاته لافتا وخصوصا عندما قال: «يجب على الإخوة أنْ يبتعدوا عن سلمان بن هندي، فأنا مواطنٌ من البحرين وآخر شيء يجب أن يفكّر فيه هؤلاء أني أفكّر من جانب طائفي أو سياسي». وبدأت وتيرة القضية تتصاعد، فبتاريخ 19 يناير 2007، أكّد مستشار قانوني في إحدى المحافظات (فضّل عدم ذكر اسمه في تصريح نشر في «الوسط»)، أنّ قرار محافظ المحرق سلمان بن هندي بشأن حظر التداول العقاري باطل دستوريا، وغير قانوني في ظل وجود قانون خاص ينظم عملية تداول العقارات في المملكة وجهاز يعمل على ذلك، ويمكن الطعن في قانونيته بسهولة. يأتي ذلك بعد أن أكّد عقاريون أنّ قرار بن هندي المتعلّق بحظر بيع العقارات في المحرّق لايزال ساري المفعول وأنّ كل معاملات البيع والشراء لاتزال معطلة، في الوقت الذي أصدر جهاز التسجيل العقاري بيانا أوضح فيه ما أثير في الصحف المحلية بشأن موضوع وقف التسجيل في محافظة المحرق ومنطقتي الحورة والقضيبية بمحافظة العاصمة، وما تمت إثارته عن عدم تسجيل أيّ عقار في هذه المنطقة إلاّ بموافقة المحافظ، مؤكدا أن تسجيل أيّ عقار في جهاز المساحة والتسجيل العقاري إنما يتم وفقا لقانون التسجيل العقاري رقم 15 لسنة 1979 والذي يحكم جميع التصرفات العقارية المراد تسجيلها. وفي تاريخ 24 يناير 2007، حاول المحافظ بن هندي مجددا في تصريح لـ «الوسط» بأنْ يجد مبررا لقراره بعدم السماح لغير المحرقيين ببيع وشراء البيوت والأراضي في نطاق المحافظة، بأنّ ذلك يخص منطقة محددة هي المحرق القديمة وحالة بوماهر؛ لأنهما تتضمنان مناطق تراثية يجب الحفاظ عليها، مبينا أنّ قرارا صدر عن إدارة المساحة والتسجيل العقاري بعدم تداول العقارات في تلك المنطقتين، وأنه بصفته محافظا لاحظ وجود بعض الحالات الإنسانية الضرورية، وعليه رأى السماح بالبيع لتلك الحالات على أن تكون من أهل المنطقة حفاظا على النسيج الاجتماعي.

وفيما يتعلق بردات الفعل خارج محافظة المحرق بشأن تبرير المحافظ الأخير، أعرب عدد من أهالي سار عن استغرابهم مما وصفوه «بالتفريق بين مدن وقرى البحرين»، وقالوا «إذا كان السبب من عدم تداول العقارات في المحرق هو الحفاظ على الهوية التاريخية لهذه الجزيرة والتي هي عزيزة على الكل, فلماذا يفتح الباب على مصراعيه في منطقة سار، التي أصبح أكثر من 90 في المئة من أراضيها تحت التداول العقاري، أم أنّ سار لا تستحق الحفاظ على هويتها؟».

وبتاريخ 26 من الشهر ذاته، أرسل جهاز المساحة والتسجيل العقاري بيانا صحافيا نفى فيه أن يكون قد أصدر أي قرار يحظر تداول الأراضي في المحرق.

وكان يوم 29 يناير 2007 مشهودا، فقد أخفقت جمعية «وعد» في رفع قضية إلى المحكمة ضد محافظ المحرق تتعلّق بحظر تداول عقارات المحرق، إذ إنّ رفع القضية يتطلب أنْ تكون الجمعية طرفا في عملية شراء الأراضي. ومن جانبه،مجلس بلدي المحرق وفي خطوة قصد من ورائها تدارك الزلة التي وقع فيها محافظ المحرق، أصدر قرارا بتوجيه التعمير في منطقتي المحرّق القديمة وحالة بوماهر بحسب توصيات لجنة التجديد الحضري لمحافظة المحرق، وأعطى تفويضا لوزير الأشغال والإسكان فهمي الجودر لإيقاف تداول العقارات لإعادة تخطيط المنطقتين المشار إليهما، مستندا في ذلك إلى المادة (19) من الفصل الثاني لقانون البلديات رقم (35) لسنة 2001، والتي تتحدث عن صلاحيات المجالس البلدية، وكذلك المادة (12) من الفصل الثالث من اللائحة التنفيذية في القانون نفسه والمتعلقة باختصاصات المجالس البلدية ونظام سير العمل بها، بيد أنّ أعضاء بلديين أكدوا أنّ قانون البلديات لم يبين لا بالنص ولا بالمضمون حق المجالس البلدية في منع تداول العقارات في أية منطقة من المناطق، منوهين إلى ضرورة أنْ يكون وقف التعمير لإعادة التخطيط يجب أنْ يرتبط بمدة زمنية محددة ومنطقة محددة المعالم. ذاكرة هذه القضية، سجّلت آخر تطوراتها يوم أمس الأوّل ( السبت) إذ أسهمت مداخلة رئيس الهيئة الاستشارية لجمعية الإخاء الوطني موسى الأنصاري في مجلس شويطر خلال زيارة بن رجب لمحافظة المحرق، والذي لفت فيها إلى حظر بيع وشراء عقارات 15 مجمعا في المحرق حتى الآنَ، ليعلن رئيس مجلس بلدي المحرق محمد حمادة رفع الحظرعن تداول العقارات في المنطقة الواقعة من الحالة وحتى شمال المحرق، ويؤكّد الوزير بن رجب خلال الزيارة أن مسألة حظر بيع الأراضي تم حلّها أخيرا بشكل ودّي بين أهالي المنطقة ولم تعد المسألة حكرا على جماعة من دون أخرى ليفتح الباب مجددا لتداول تلك القضية المثيرة للجدل...

العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً