حينما طقطقت كعوب راقصي الفلامينكو على خشبة المسرح، اختلجت القلوب بهجة وسرورا بهذا الإبداع الفني الممزوج بروعة الموسيقى التي كانت أنامل عازف القيثار العالمي «باكو بينيا» تعزفها على ستة أوتار، وكأنما الخفة والرشاقة هما السمة لكل من كان فوق المسرح، من العزف وحتى الرقص.
بكل خفة وبساطة، اعتلت المجموعة الخشبة، وملأوا أركان المدرج بحيوية موسيقاهم ورقصاتهم، إذ أدى راقصان وراقصة عرض فلامينكو بإيقاع ونسق منتظمين، كانا حصيلة الخبرة العريقة التي تكونت لباكو خلال مسيرته الحافلة في مجال إحياء التراث الشعبي للثقافات العربية والغجرية والإسبانية، الذين احتوتهم عروض «آكومباس» أو «على الإيقاع» الذين قدمهم في لندن، كوالالمبور، أستراليا، الصين، كندا والولايات المتحدة.
وحقق هذا العرض نجاحات كبيرة، وحاز شهرة جماهيرية عريضة في كل أنحاء العالم، استحق معها أن تغص كل مقاعد مدرج قلعة عراد بالجماهير التي جاهدت لكي تحظى بفرصة حضور عرضه، الذي يتبع فيه جميع العازفين والمطربين والراقصين الأصول العريقة لموسيقى ورقص الفلامنكو التي ورثوها جيلا بعد جيل، ما نتج عن ذلك خليط من الثقافات التي تمازجت مع بعضها بعضا لتبدعَ في النهاية سهرة مبتكرة على وقع أنغام ساحرة.
ولعب باكو دورا مشهودا في تعريف الجماهير من أرجاء العالم بإيقاعات موطنه، في الوقت الذي ينفخ فيه روحا جديدة في النمط الفني الذي اختاره لنفسه. وقد بات اسم «باكو بينيا» بارزا وذاع صيته حول العالم، خصوصا وأنه ألـّف مرجعا عن قواعد فن الفلامنكو وعن العروض الرائعة لفرقته.
وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، استطاعت فرقة باكو التغلب على مختلف المفاهيم التي تشكل تحديا بالنسبة لها، مثل المفهوم المتعلق بالتركيز على الدلالات الجوهرية لأغنية الفلامنكو.
وكان لعرض «آكومباس» أو «على الإيقاع» القدرة على نقل مجموعة من إيقاعات الفلامنكو للجمهور، والتي تتراوح ما بين الإيقاعات القبائلية تقريبا، مرورا بالإيقاعات الرومنسية العاطفية، وصولا إلى الإيقاعات الحادة والصاخبة.
العدد 2022 - الأربعاء 19 مارس 2008م الموافق 11 ربيع الاول 1429هـ