قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن اقتصاد الولايات المتحدة آخذ في التدهور بسرعة أكبر مما كان متوقعا قبل أسابيع؛ ما يشير إلى أن الركود سيكون أعمق وأطول مما كان يخشى. وحثت صحيفة «كريستيان ساينس» الأميركية على إنقاذ السوق العقارية بوصفها المفتاح الأهم في إنعاش الاقتصاد.
وأضافت «وول ستريت» أن الأسر والمؤسسات التجارية تواجه معاناة وضغوطا هي الأعظم على مدار عقود.
وتشير المعلومات الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) إلى انخفاض نسبة الديون الأسرية للمرة الأولى منذ 1952 وذلك يشير إلى ارتفاع نسبة المدخرات الشخصية؛ لكن ارتفاع نسبة المدخرات الشخصية في المقابل يعتبر مؤشرا على انخفاض نسبة الإنفاق الشخصي الذي بدوره يؤثر سلبا على وضع الاقتصاد الأميركي، إذا علمنا أن الإنفاق يشكل 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، حسب الصحفية.
وقالت غرفة التجارة إن نسبة الصادرات انخفضت 2,2 في المئة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عنها في الشهر الذي سبقه، إثر استمرار انخفاض الطلب على البضائع والسلع والمنتجات الأميركية.
عجز تجاري وبطالة
كما ارتفع العجز التجاري المحلي إلى 57,2 مليار دولار في أكتوبر بالمقارنة مع 56,6 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول على رغم الانخفاض الكبير في أسعار النفط.
وتوقع خبراء اقتصاديون استمرار الانكماش الاقتصادي إلى منتصف العام 2009 ما يجعله الأطول منذ الكساد الكبير (في ثلاثينيات القرن الماضي).
وأشار تقرير حكومي إلى ارتفاع في نسبة طالبي إعانة بدل البطالة في البلاد، كما خفض خبراء اقتصاديون تقديراتهم للناتج المحلي الإجمالي في الربع الجاري بواقع نقطة مئوية كاملة الخميس الماضي.
انخفاض الناتج المحلي
وقدر الخبراء نسبة انخفاض الناتج المحلي في الربع الجاري بنسبة 6,6 في المئة؛ لكن آخرين توقعوا أن تكون أقل سوءا فقدروها بنسبة 5 في المئة كما قدروا أن تكون النسبة 4 في المئة في الربع الأول من السنة المقبلة، وفق «وول ستريت».
واختتمت الصحيفة بأن قيمة صادرات السلع والخدمات انخفضت إلى 151,7 مليار دولار في أكتوبر من 155,1 مليارا في الشهر الذي سبقه.
كما انخفضت قيمة الواردات عموما إلى 208,9 مليارات دولار من 211,6 مليارا، في ظل انخفاض أسعار النفط على الغالب.
وذكرت الصحيفة أن الناتج المحلي الذي بدأ في الانخفاض في تموز قد يستمر خلال الربعين الأولين من العام المقبل.
وربما تعطي الأخبار الاقتصادية القاتمة المتزايدة الرئيس المنتخب باراك أوباما دافعا لخطط إنفاق حكومي ضخم لتحفيز الاقتصاد.
أزمة الرهن العقاري
من جانبها قالت «كريستيان ساينس مونيتور» إن الجهود منصبة على إنقاذ الشركات الكبرى، لكنها تساءلت عن خطط الإنقاذ المفترضة المتواضعة لأزمة الرهن العقاري. وذكرت الصحيفة أن الإجراءات والتدابير التي اتخذت العام الماضي بشأن أزمة الرهن العقاري فشلت في القضاء على موجة عدم سداد القروض؛ ما أسهم بدور كبير في الانكماش الاقتصادي الحالي.
وذكرت جمعية المصرفيين للرهن العقاري أن واحدا من كل عشرة من المقترضين إما واقع في الأزمة ومحجوز على منزله وإما أنه متأخر عن الدفع لشهر على الأقل، وفق الصحيفة. وعلى رغم تشاؤم بعض الخبراء الاقتصاديين بشأن تعافي الاقتصاد، فإن كثيرين آخرين يرون أن إنعاش الاقتصاد لا يعتمد فقط على ضخ الأموال للبنوك أو إنقاذ قطاع صناعة السيارات. وتعافي الاقتصاد لا يعتمد على حزمة تحفيز جديدة من واشنطن، لكنه يعتمد أيضا على السياسات الهادفة لتعزيز وضع أصحاب المنازل أو الذين ينوون شراءها، وفق الصحيفة.
استطلاع
وأظهر استطلاع آخر أجرته محطة «سي بي إس» بداية أكتوبر أن 54 في المئة من الأميركيين قالوا إن على الحكومة مساعدة أصحاب المنازل المتعثرين بالرهن العقاري. ومضت الصحيفة بالقول إن كثير من المستثمرين والمؤسسات المالية المعنية بالرهن العقاري على استعداد لتعديل القروض ذلك لأنهم يواجهون خسائر كبيرة عندما يحبسون الرهن في سوق ضعيفة.
مقترحات
واختتمت الصحيفة بمقترحات لصانعي القرار تشتمل على: تغيير قانون الإفلاس بحيث يتمكن القضاة أو القانونيون من كتابة عقود قروض جديدة. وكذلك تصميم برامج جديدة لتشجيع تعديل القروض ضمن معادلة يدخل فيها أصحاب المنازل والمقرضون ودافعو الضرائب بحيث يتحمل الجميع بعض التكاليف ويتقاسمون بعض الربح إذا ارتفعت قيم العقار وباعه صاحبه أخيرا.
وقد يتأتى ذلك عن طريق تخفيض نسبة الفائدة أو بإيجاد حوافز ضريبية ما يشجع المشترين لدخول السوق العقاري، وفق الصحيفة.
إفلاس صناعة السيارات أفضل للأميركيين من إنقاذها
ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في افتتاحيتها أنه ربما يمكن تفهم حرص الديمقراطيين في الكونغرس وإدارة الرئيس المنتحب باراك أوباما على إنقاذ شركات صناعة السيارات في ديترويت. وأوضحت أن الديمقراطيين يسعون إلى حماية أصدقائهم في القطاع المتعثر، وأنهم يريدون من الثلاث الكبرى (جنرال موتورز وفورد وكرايسلر) التوقف عن صناعة السيارات الكبيرة العاملة بالبنزين، والتحول إلى صناعة تراعي المعايير الجديدة في استخدام الوقود، في سبييل إنقاذها.
وقالت الصحيفة إن مشكلة الثلاث الكبرى بدأت قبل الأزمة المالية الراهنة، فتلك الشركات كانت تعاني نقصا في السيولة وأعباء مالية أخرى عندما كان الاقتصاد الأميركي يحقق أرباحا ثابتة.
نقص السيولة
ولا يشكل إنقاذ صناعة السيارات تعافيا للاقتصاد في البلاد؛ إذ لا يمكن للأسواق أن تزدهر من دون توافر السيولة النقدية لدى الأفراد، وذلك ما هو ملاحظ في سعي الملايين من الأميركيين للحصول على قروض.
وربما كانت عمليات ضخ الأموال للبنوك بهدف توفير الخدمات المالية للأعمال الصغيرة والأفراد ضرورية، على رغم الانتقادات التي واجهتها، لأنها جاءت إثر مخاوف من حصول انهيار مالي عالمي كبير.
ومضت الصحيفة تقول صحيح إن إعلان أي من الثلاث الكبرى الإفلاس يزيد من تفاقم الانكماش الاقتصادي ومن آلام العمال المسرحين من العمل وعائلاتهم؛ لكنه لا يشكل أي مخاطر مستمرة لاقتصاد البلاد. وإن إعلانها الإفلاس سيوفر لها حماية قانونية تمكنها من تعديل الوظائف وعقود العمل أو بيع ما لديها بطرق اقتصادية معقولة، وهو إجراء ينبغي اتخاذه الآن بدلا من تأجيله لبضع سنوات أخرى مقبلة على حساب أعباء مالية عالية على عاتق دافعي الضرائب.
وبلغت نسبة الأميركيين الذين عارضوا خطة إنقاذ ديترويت 61 في المئة في مقابل 36 في المئة أيدوها، وفق استطلاع أجرته «سي إن إن» الأسبوع الماضي. واختتمت الصحيفة بأن خطة إنقاذ ديترويت ستلحق الأذى بالمستهلكين وبصناعة السيارات كلها وبدافعي الضرائب إلى أجل غير مسمى، فضلا عن فقدان الثقة بالسوق الأميركي.
وتساءلت عن السر وراء موافقة بوش على تلك الخطة، وخصوصا أنه كان في ما مضى عارض أي خطة لدعم ديترويت يتكلفها دافعو الضرائب.
وإذا كانت تلك هي الكيفية التي يريد أن يبدأ فيها أوباما رئاسته، فليكن، لكن الخطة الراهنة لإنقاذ صناعة السيارات لن تعزز من ميراث بوش بموافقته عليها ولا من الميراث الجمهوري عموما، وفق الصحيفة.
شروط إنقاذ «القطاع» يجب أن تكون حازمة
نتائج قمة الاتحاد الأوروبي وإخفاق مجلس الشيوخ الأمريكي في التوصل إلى اتفاق بشأن خطة إنقاذ قطاع صناعة السيارات في أمريكا من أبرز الموضوعات التي اهتمت بها الصحف الألمانية الصادرة يوم أمس الأول (السبت). فقد اختتمت قمة الاتحاد الأوروبي أعمالها الجمعة في بروكسل بالاتفاق على برنامج ضخم لحماية المناخ قالت عنه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إنه سيجعل أوروبا تقوم بدورها الريادي في حماية المناخ. وعن إخفاق مجلس الشيوخ الأميركي في التوصل إلى اتفاق بشأن الموافقة على خطة إنقاذ قطاع صناعة السيارات في البلاد، كتبت صحيفة هايلبرونر شتيمي الصادرة في مدينة هايلبرون تقول: «يعلق قطاع صناعة السيارات آماله الآن على الرئيس جورج بوش الذي يعتزم أن يقتطع من برنامج إنقاذ البنوك لحماية الشركات الكبرى المترنحة من الانهيار. بيد أن الشروط لذلك ينبغي أن تكون صارمة بدرجة تضمن التغيير الضروري بشكل ملح في النهج الذي تتبعه كل من (جنرال موتورز)، و(فورد)، و(كرايسلر)»
العدد 2292 - الأحد 14 ديسمبر 2008م الموافق 15 ذي الحجة 1429هـ