حذر عقاريون من خروج شريحة واسعة من المتعاملين في السوق بسبب الارتفاع «المفرط» لأسعار العقارات التي بلغت 280 دينارا للقدم في بعض المناطق في البحرين التي تشهد مشروعات عملاقة تقدر بنحو 30 مليار دولار بعضها تحت التخطيط وبعضها تحت التنفيذ.
وقال صاحب وكالة السيد شرف السيد جعفر، العقاري سيد شرف جعفر: «إن الأسعار وصلت إلى مستويات تدفع شريحة واسعة من المستثمرين إلى الخروج من السوق لعدم قدرتهم على مجارات هذه الأسعار المفرطة».
وأضاف «الأسعار في العقارات ومواد البناء أصبحت مفرطة تأكل هوامش الربح... فالاستثمار في بناء برج سكني لا يمكن تغطية كلفته»، مؤكدا أن مجموع إيجارات 30 سنة لا يغطي كلفة البناء والأرض.
وبيَّن أن سعر القدم في منطقة السيف بلغ ذروته عند 280 دينارا، ومنطقة الجفير 150 دينارا للقدم المربع الواحد، وذلك بالنسبة إلى الأراضي الكبيرة، مشيرا إلى أن المستثمر عندما يريد إقامة مشروع برج سكني على مساحة نحو 20 ألف قدم، فإنه سيعاني من الكلفة الباهظة للأرض التي قد يصل سعرها إلى 6 ملايين دينار، بحسب قوله.
وقال: «إن استمرار مسلسل ارتفاع أسعار مواد البناء زاد الطين بلة... فسعر شحنة الرمال ارتفع من 17 إلى 170 دينارا، وطن الحديد من 120 إلى 430 دينارا، ناهيك عن تضاعف أسعار الطابوق والخرسانة والأدوات الرئيسية للمباني كالأسلاك الكهربائية والألمنيوم وأنابيب المياه وغيرها... هذا شيء مخيف».
وأضاف «الحركة أصبحت بطيئة في مكتب التوثيق التابع إلى وزارة العدل، الجهة المسئولة عن إبرام العقود بين المتعاملين في العقارات... العام الماضي كان المكتب يعج بالمتعاملين». مؤكدا خروج شريحة كبيرة من المستثمرين بسبب الغلاء الذي وصفه بـ «الفاحش».
وأكد أن السوق العقارية أصبحت ساحة للاعبين الكبار الذين يمتلكون المرونة المالية في تداول الأسعار المرتفعة التي انعكست سلبا على المستثمرين الصغار والمتوسطين وعدم قدرتهم على مجارات السوق.
وأوضح أن تضخم الأسعار أدى إلى حدوث فجوة بين القدرة الشرائية للمواطنين وأسعار العقارات السكنية في مملكة البحرين، وحذر من اتساعها وتراجع المواطنين عن فكرة شراء المنتجات العقارية التي يقدمها المستثمرون.
وقال: «إن تركز القوة الشرائية لتداول العقارات لدى فئة من المجتمع التي تمتلك الأموال الكبيرة، يحرم متدني الأجور والرواتب من الحصول على العقار وخصوصا مع بروز مخاوف لدى المؤسسات التمويلية من تمويل الرهن العقاري الأمر الذي ساعد على حرمان فئة كبيرة من المجتمع من شراء العقارات».
وأضاف «أن الأسعار في بعض المناطق غير حقيقية وإنما فرضت بحكم المضاربة، وليس ازديادا حقيقيّا في السعر»، مؤكدا أن المصلحة العامة للمجتمع تتطلب كبح جماح الأسعار التي أوجدتها المضاربة وجعلت المواطن غير قادر على شراء الأرض، والمستثمر الصغير غير قادر على شراء الأرض وتطويرها، لأن مستوى سعر الطلب منخفض بسبب انخفاض القدرة الشرائية في المجتمع.
وتراجعت الأنشطة العقارية والإيجار والمشروعات التجارية وتراخيص البناء والإنشاءات في مملكة البحرين خلال تسعة الشهور الأولى من العام 2007، بحسب آخر تقرير أصدره مصرف البحرين المركزي عن المؤشرات الاقتصادية.
وقال متعاملون في سوق البحرين العقارية إن مشروعات عقارية وتجارية توقفت وبعضها تأجل بسبب ارتفاع كلفة الإنشاءات الناتجة عن عدم توافر المواد الأولية في البناء ونمو أسعارها.
وأكد التقرير الذي أصدره مصرف البحرين المركزي عن المؤشرات الاقتصادية تراجع الأنشطة العقارية والإيجار والمشروعات التجارية بنسبة 5,6 في المئة خلال تسعة الشهور الأولى من 2007، إذ بلغت سجلات الأنشطة 814 سجلاّ تجاريّا مقارنة بنحو 862 سجلاّ تجاريّا للفترة نفسها من العام 2006.
وأشار التقرير إلى تراجع أنشطة قطاع الإنشاءات وفق السجلات الصادرة بنسبة 49,7 في المئة خلال تسعة الشهور الأولى من العام الماضي التي بلغت فيها سجلات أنشطة الإنشاءات الصادرة 678 سجلا مقارنة بنحو 1347 سجلا.
وذكر تقرير مصرف البحرين المركزي أن تراخيص البناء في البحرين تراجعت بنسبة 7,7 في المئة خلال تسعة الشهور الأولى من العام 2007 التي بلغ فيها عدد التراخيص 7732 ترخيصا مقارنة مع 8377 ترخيص بناء للفترة نفسها من العام 2006.
يبدو أن أسعار مواد البناء التي تزيد بمستوى جنوني وغير معتدل، والآثار السلبية لمنح القروض من دون ضمانات مُؤكَدَة، هروبا من المؤسسات المالية عن تحمل أدنى مستوى من المخاطرة وتصديرها للمستثمر ليتحملها وحده، بدأت تضغط في الاتجاه السلبي لسوق العقارات في السوق البحرينية، ومن المتوقع أن يبرز ذلك جليّا في النصف الثاني من العام الجاري, وفقا للمستشار العقاري جعفر سبت.
إذ بين أن الشركات العقارية التي تواجه عوائق لكي تلعب دورا رئيسيّا في قطاع المساكن نتيجة محدودية المخططات وكلفة مواد البناء وعلى رأسها الرمال والحديد والخرسانة، وسلسلة ارتفاع معدلات الفائدة، ناهيك عن قرب تطبيق نظام سوق العمل وما سيسببه من زيادة في كلفة الأيدي العاملة، قد تسبب في أن تتخذ بعض الشركات قرارات بإلغاء الكثير من مشاريعها، إذ تمخضت دراسات السوق عن أن الكثير من أفراد فئة متوسطي الدخل قرروا تأجيل شراء مساكن جديدة.
وقال سبت: «إذا استمر الأمر على هذا المنوال ولم تتدخل الجهات الرسمية المعنية للمساعدة في توفير المواد اللازمة لعملية البناء والتشييد وكذلك سرعة إنجاز تخطيط الأراضي وتقسيمها وتعجيل وتسهيل وتجويد إجراءات استخراج رخص البناء والتعمير وخفض شروطها عن فئة متوسطي ومتدني الدخل، وتسهيل حصول التمويلات اللازمة أو الرفع المالي المعمول به في كثيرٍ من الدول المتطورة، وإيجاد حلول إدارية وتنظيمية إلى الإضرابات العمالية التي طالت 14 شركة ولعددٍ يزيد على 1200 عامل أجنبي، فإن أثر ذلك سينعكس بصورة مؤثرة على قطاع العقارات وخصوصا السكنية. وقد يضطر بعضُ المطورين إلى بيع وحداتهم بمعدلات منخفضة، وسيتعرضون لخسائر كبيرة، وأن سوق البحرين ستخسر من جراء ذلك قدرتها التنافسية في مجال الخدمات واستقطاب المستثمرين، وتدفق الأموال الأجنبية لشراء الأراضي والمخططات والأبراج أو المباني أو المجمعات السكنية الخاصة وأن حمى الرهن العقاري التي أصابت السوق الأميركية وانتقلت عدواها إلى أوروبا أصبحت قريبة من أسواقنا الخليجية».
العدد 2032 - السبت 29 مارس 2008م الموافق 21 ربيع الاول 1429هـ