شهدت الفترة الماضية بزوغ الكثير من الأصوات الغنائية البحرينية التي شكّلت منعطفا مهما في تاريخ الأغنية الخليجية، بل شكّلت تيارا فنيا رائدا كان أحد أسباب تخطي الأغنية الخليجية حدودها الجغرافية ووصولها إلى الجمهور العربي في كل مكان، تحت شعار «الطرب الأصيل لن يزول».
في البحرين نملك أصواتا من ذهب كان لها القدرة والطموح لنقل الأغنية إلى عصر جديد بوعيها وموهبتها وكفاحها الطويل مع الحفاظ على أصالتها. ومن تلك الأصوات التي نفخر بانتمائها لنا في البحرين الفنانة صاحبة الصوت القوي نجمة عبدالله. اليوم في «ألوان الوسط» أحببنا أن نسلط الضوء على هذه العملاقة التي أوصلها طموحها وولعها بالطرب الأصيل إلى أن تكون خليفة لـ «كوكب الشرق (أم كلثوم) للعام 2007».
نجمة عبدالله اسم على مسمى... إذ لمع نجمها في يناير/ كانون الثاني 2007 بعد إعلان فوزها بالمركز الأول في الموسم الثاني من برنامج «زي النجوم»، الذي عرض على قناة دبي الفضائية وقدمته المذيعة مريم أمين.
ومن هنا كانت نقطة التحول... في البداية ترددت وعز عليها أن تعود إلى الاختبار، وخصوصا أنها كانت عضوا فاعلا ومؤسسا في فرقة البحرين للموسيقى، ولكن تشجيع أولادها المستمر وزوجها جعلها تحزم حقائبها قاصدة لبنان، حيث مقر مسابقة «زي النجوم»، وفعلا بفضل إرادتها وتشجيع من حولها ودعمهم استطاعت أن تثبت أن الطرب الأصيل لن يزول وفازت بالمسابقة والتصق اسمها باسم أم كلثوم. تلك كانت بداية لمعان «نجمة»، إلا أنها لم تحظَ - من بعد هذا الفوز، وبتوافر الصوت القوي والمتميز - بالدعم الكافي لتبرز ما لديها من قدرات.
قدمت الفنانة البحرينية نجمة عبدالله ليلة غنائية في 23 فبراير/ شباط 2007 تحت عنوان «كلثوميات» بمناسبة ذكرى وفاة سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم، برعاية وزير الإعلام السابق محمد عبدالغفار في قاعة الرفاع بفندق الريجنسي في المنامة.
وشملت «كلثوميات» نجمة عبدالله في هذه الليلة باقة غنائية من أغنيات أم كلثوم، منها «أنت عمري»، «يا مسهرني»، «سيرة حب»، «حيرت قلبي»، «دارت الأيام»، «أنا في انتظارك»، «غني لي شوي شوي»، «فات الميعاد» قدمتها نجمة برفقة فرقة البحرين للموسيقى وقيادة المايسترو خليفة زيمان.
وتعد نجمة من بين الفنانات البحرينيات القلائل اللاتي يحققن نجاحات في مجال الغناء العربي ويحصلن على الكثير من الألقاب الفنية منها «كوكب الشرق الخليجية» التي تعد جمهورها بأن تحافظ عليه بمستوى النجاح نفسه الذي حققته، وتأتي مسيرتها الفنية منذ 1985 مع صدور أول ألبوم غنائي لها باسم «من أين يا صبيه؟» سلّما يتحرك في سرعة مذهلة، لتحقق في كل تجربة نجاحا منفردا.
ومن أعمالها، في العام 1990 قدمت فوازير غنائية لتلفزيون دبي من 30 حلقة، وفي العام 1997 انتسبت إلى فرقة البحرين للموسيقى وانضمت بذلك إلى الكورال بقيادة المايسترو أحمد عبداللطيف الذي يرجع له الفضل الأكبر في تدريبها على الغناء للسيدة أم كلثوم.
ولم يتوقف عطاؤها الفني، فمع العام 1997 أصدرت ثاني ألبوم غنائي بعنوان «حكم ضميرك» ليشكل مصدرا آخر من سلّم النجاحات التي حققتها الفنانة نجمة لتتصدر بعده في العام 2001 ومن على مسرح دار الأوبرا بالقاهرة وتغني أغنية كوكب الشرق «للصبر حدود» التي حازت فيها رضا الجمهور.
الأبعد من هذا، فكرت نجمة في مواصلة ما حققته من نجاح في دار الأوبرا فواصلت مشاركاتها في العام 2002 مع فرقة البحرين للموسيقى في عدة مهرجانات وحفلات، لتصدر في العام 2003 ألبوم «كلثوميات» لتتلقى بذلك دعوة في العام 2005 للمشاركة في دار الأوبرا بأغنية «حيرت قلبي» التي قدمتها للمرة الأولى وفي حفلة كاملة بقيادة المايسترو خليفة زيمان في ست أغنيات لكوكب الشرق والتي تمثل أولى بدايات النجاح والشهرة على المستوى العربي من خلال مواصلتها الغناء لكوكب الشرق وسيدة الغناء العربي الذي تجيده بجدارة.
ومثّل العام 2006 وبدء العام 2007 بداية للنجاح الأوسع شهرة وتقديرا بحسب تعبيرها، إذ حازت أكبر جائزة مادية في حياتها ومثّل لها الفوز حافزا ماديا ومعنويا في طريقها الفني، وبدأت مع حصولها على جائزة «زي النجوم» في برنامج المسابقة الغنائية لتلفزيون دبي بدورته الثانية، حتى عدت الفنانة نجمة الفوز إنجازا تفخر به بعد أن عرّفها إلى جمهور الوطن العربي، وحققت من خلاله لقب كوكب الشرق الخليجية، لتتحول من دور زي النجوم إلى امتلاك دور سيدة الغناء العربي أم كلثوم بالصدارة، وخصوصا أنها صرحت للصحافة بأنها على استعداد لتمثيل دور أم كلثوم في أي عمل فني أو تلفزيوني.
فعلا استطاعت نجمة أن تستحوذ على حب الجماهير، فاقنعت الجميع بمعتقدها أن فن أم كلثوم خصوصا وفن العمالقة عموما لا يمكن أن يموت وهو باقٍ للأبد وهم الإرث الحقيقي للفن الأصيل في كل زمان ومكان. نجحت نجمة ليس لكونها صوتا «فلته» وجديدا، وإنما لأنها حملت في حناياها روح أم كلثوم وفنها، هذا الفن الباقي والمستفحل في قلوب عشاق صوت كوكب الشرق.
نجمة حملت في صوتها عمق الحب الحقيقي وتدربت جيدا على أداء الفن الحقيقي في أعمال السيدة الراحلة، حتى في إعلان فوزها لم تكن كبقية المتسابقين الحاصلين على اللقب ومن يتقافزون على خشبة المسرح بما يشكل نوعا من الدعاية للفرح، بل كانت متزنة متماسكة كما هي عادة الكبار.
في أحد اللقاءات الصحافية كشفت نجمة عن أنها كانت تتوقع دعوتها للمشاركة في مهرجان الدوحة الغنائي الأخير، الذي أقيم في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وخصوصا أن «المهرجان كان احتفاء بالفن المصري الأصيل». وأشارت نجمة إلى مطالبة بعضهم بدعوتها لإحياء ليلة المطربة أم كلثوم، ولكن ذلك لم يحدث. وعلقت «العلاقات مهمة في الوسط الفني... لولا الدعم فسيرجع إليّ صدى غنائي».
لو كانت نجمة عاتبة على مهرجان الدوحة، فنحن بصفتنا جمهورا بحرينيا محبا للفن الأصيل نعتب على القائمين على «مهرجان ربيع الثقافة»، الذي لم يدعها لإحياء فن أصيل نحن العرب نعتز به. فما أجملها فرصة أن يتعرف أهل الطرب إلى صوت بحريني مميز وأصيل، شرّف البحرين في مناسبة عربية مهمة نال في ضوئها قصب السبق في الأغنية العربية الأصيلة التي مثلتها سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم. فلماذا يحرم فنانونا شرف هذه المشاركة؟ لماذا يدفعون إلى حالات اليأس والإحباط عنوة وإلى الحد الذي يجعلهم يفكرون جديا في هجر فنهم الذي أحبوه وعشقوه وتوقعوا أن يجدوا من يلتفت إليه ويوليه اهتماما حقيقيا؟ لماذا نجمة تحلم بالممكن كما لو أنه مستحيل؟ نجمة بفنها الراقي انضمت إلى قائمة «الفنانات المظلومات».
ومن جهة أخرى، تستعد الفنانة البحرينية ذات الصوت القوي المتميز نجمة لإحياء حفل غنائي في فندق كراون بلازا في البحرين، يعود ريعه إلى مركز الأمل للتخلف العقلي، في 14 مايو/ أيار المقبل، وستقدم فيه كعادتها عددا من أغنيات «كوكب الشرق» الفنانة أم كلثوم.
من هذا الحفل المنتظر، هل ستبقى نجمة «مظلومة» إعلاميا وفنيا، أم سنشهد منحنى آخرَ في مشوار هذه النجمة البحرينية؟
العدد 2045 - الجمعة 11 أبريل 2008م الموافق 04 ربيع الثاني 1429هـ