أوصت الندوة الإقليمية بشأن «جرائم الملكية الفكرية» التي اختتمت أعمالها في البحرين أمس بضرورة العمل على تفعيل دور النيابة العامة في حماية حقوق الملكية الفكرية وذلك من خلال التدريب على كيفية التحقيق في هذه الجرائم وضرورة التعاون بين الأجهزة المعنية بالحماية سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي.
وكانت الندوة الإقليمية عن «جرائم الملكية الفكرية» عقدت في قاعة المؤتمرات في فندق الخليج لمدة يومين في إطار المرحلة التنفيذية لبرنامج تعزيز حكم القانون في الدول العربية - مشروع تحديث النيابات العامة، وذلك بالتعاون بين النيابة العامة في مملكة البحرين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي - برنامج إدارة الحكم في الدول العربية.
وحضر هذا المؤتمر نحو150 مشاركا، بينهم أعضاء في النيابة العامة من مملكة البحرين، المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة المغربية، جمهورية مصر العربية، الجمهورية اللبنانية، الجمهورية اليمنية، جمهورية العراق، المملكة العربية السعودية، دولة قطر، دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان بالإضافة إلى القضاة وأساتذة القانون وخبراء دوليين.
كما شارك في الندوة خبراء دوليون من إيطاليا، بلجيكا، مصر، المملكة المتحدة، لبنان، الأردن، اليمن والمغرب. بالإضافة إلى مشاركة ممثلي المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالإضافة إلى ممثلي الدول المانحة.
وجرى أثناء الندوة تقديم 18 مداخلة، تم من خلالها عرض لموضوع الندوة وأهدافها، بالإضافة إلى عرض لسبل تعزيز المعرفة لدى أعضاء النيابة العامة بشأن أهم جرائم الملكية الفكرية وكيفية تحقيقها وآليات مكافحتها والمعايير الدولية والإقليمية المنظمة لذلك، بالإضافة إلى أهمية التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة مثل هذه الجرائم. وذلك عبر حوار علمي وعملي.
وفي النهاية تمت الإشادة بالالتزام الجدي الذي أبدته كل المراجع المعنية في المشروع لاسيما النيابات العامة في الدول المعنية بالمشروع والنيابة العامة في مملكة البحرين لإنجاح أنشطة المشروع وتوفير البيئة والشروط الملائمة لتحقيق أهداف التطوير والتحديث، مع التوصية بأهمية زيادة الوعي والمعرفة بين أعضاء النيابة العامة فيما يتعلق بصور وأشكال جرائم الملكية الفكرية ومدى خطورتها على المجتمع ولاسيما في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بالإضافة إلى ضرورة العمل على تفعيل دور النيابة العامة في حماية حقوق الملكية الفكرية وذلك من خلال التدريب على كيفية التحقيق في هذه الجرائم وضرورة التعاون بين الأجهزة المعنية بالحماية سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي.
وضرورة نشر المعرفة بين أعضاء النيابة العامة جميعا من خلال عقد ندوات وحلقات نقاشية في الدول الأخرى الأعضاء بالمشروع للعمل على زيادة المعرفة بين الأعضاء الذين لم تتح لهم فرصة المشاركة في مثل هذه الندوات. إلى جانب أهمية العمل على وضع التشريعات الداخلية التي تضمن احترام حقوق الملكية الفكرية وتحد من وسائل الاعتداء عليها. وأهمية العمل على إنشاء ودعم المؤسسات الوطنية في الدول العربية لتفعيل دورها في مجال حماية الملكية الفكرية بما يتوافق مع الاتفاقات الدولية في هذا المجال، مع التأكيد على أهمية التصديق على الاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الملكية الفكرية، وإنشاء علاقة تعاون بين النيابة العامة في مختلف الدول الأعضاء بالمشروع للاستفادة من التجارب المختلفة في مجال مكافحة جرائم الملكية الفكرية. وأهمية الاستمرار في التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والتنسيق مع أية جهات معنية بموضوع الندوة لتوفير المساعدة على بناء القدرات في مجال حماية الملكية الفكرية.
البوعينين: لم يحرك أي طرف دعوى جنائية للملكية الفكرية
أكد النائب العام علي بن فضل البوعينين أنه لم يتم تحريك أي دعوى جنائية من أي طرف في البحرين حتى الآن في قضية ترتبط بالملكية الفكرية، مشيرا إلى وجود حاجة لتوعية الناس بالحقوق القانونية للملكية الفكرية، وإمكانية تحصيل هذه الحقوق عبر القانون. وأوضح البوعينين في لقاء له مع الصحافة المحلية في ختام مؤتمر «جرائم الملكية الفكرية» أمس أن أهم ما قامت به الندوة هو تسليط الضوء على كل هذه المعلومات للجهات التي تعنى بشكل مباشر بالتعامل مع قضايا جرائم الملكية الفكرية.
وأكد البوعينين أثناء النقاشات التي دارت في الندوة أن القانون أجاز للنائب أن ينتدب خبيرا في الجرائم المتعلقة بالمجال الإلكتروني، غير أنه أصر على التأكيد بضرورة أن يكون النائب العام ملما بهذا المجال الجديد في الجرائم وتفصيلاته. وذكر أن المتهم وخصوصا في هذا النوع من الجرائم كثيرا ما يقوم المراوغة أثناء التحقيق وذلك بسبب إلمامه بموضوع الجريمة أكثر من المحقق نفسه ما يخلق قصورا حقيقيا. وعن القضايا التي تم عرضها في البحرين والعقوبات التي تم الحكم بها أوضح البوعينين أن غالبية قضايا حقوق الملكية الفكرية في البحرين تندرج في إطار توزيع الأفلام المنسوخة، وأن أقصى عقوبة تم الحكم بها هي الحبس ستة أشهر. مشيرا إلى أن التحقيق مع المتهمين في النيابة العامة بشأن هذا النوع من القضايا يتم بحضور تقنيين على علم بموضوعات التكنولوجيا الحديثة.
في ورقة عمل قدمها نيابة عن بوعلاي... السيد:
دعم القضاء والنيابة العامة للتصدي لجرائم «الملكية» ضرورة
دعا المحامي العام الأول عبدالرحمن السيِّد في ورقة العمل التي قدمها بالنيابة عن رئيس النيابة في البحرين وائل بوعلاي إلى ضرورة دعم القضاء والنيابة العامة والأجهزة المعنية الأخرى فيما يتعلق بالتصدي لجرائم الملكية الفكرية.
وأوضح السيد أن التصدي للظاهرة الإجرامية تشريعيا لا يتصور بتوثيق نتيجتها وحصر أدلتها والأضرار التي نشأت عنها، ولكن أيضا بتوفير الوسائل القانونية الوقائية. مؤكدا أن دور القضاء مهم في عملية الحماية، لذلك لا سبيل لإنفاذ الحماية الفعالة لحقوق الملكية الفكرية إلى جانب تحديث القوانين بعملية تطبيق هذه القوانين إلا عن طريق دعم القضاء والنيابة العامة والأجهزة المعنية الأخرى.
وأضاف «الملاحظ أن غالبية التشريعات الوطنية قد أكملت الأوامر باتخاذ الإجراءات التحفظية وأوكلت ذلك إلى قضاء الفصل، بينما خلت من تقرير تلك السلطة للنيابة العامة حين تلقيها وتحقيقها في البلاغات بوقوع جرائم الاعتداء على الملكية الفكرية، ولعل ذلك يرجع إلى ما للنيابة العامة من سلطة في الضبط والتفتيش والتحفظ. وقد لا تكون هناك أهمية خاصة فيما يتعلق بالمصنفات المطبوعة أو المسجلة وما يتعلق بها، ولكن بالنسبة للتعدي على المصنفات المتداولة على شبكة المعلومات فيجب أن تعطى النيابة العامة - في نصوص واضحة وتفصيلية - سلطة اتخاذ إجراءات فورية عاجلة أثناء التحقيق لتتناسب مع سرعة هذه الوسيلة في ارتكاب الجريمة، كمراقبة الولوج إلى الواقع أو استقبال وتوزيع الإشارات الحاملة للبرامج وتتبع مصدرها والأمر بالتدخل لمنع التعدي، ذلك أنها من صنف الجرائم اللحظية، أي التي تأتي أفعالها المادية بصورة مفاجئة ودون أن تسبقها في الغالب براهين أو حتى إمارات تدل أنها على وشك الوقوع، كما أن مرتكبها يظل خفيا إلى إتمامها وقد لا تكتشف شخصيته إلا بعد زمن من وقوعها وقد لا تُكتشف على الإطلاق». وأوضح السيد أن عمل القائمين على مكافحة الجريمة يأتي لاحقا على وقوعها بعد أن برزت آثارها، لهذا فالأمر يحتاج إلى مواجهة جادة ودقيقة للإحاطة بهذه الوسائل في ارتكاب من الجريمة بحسب قوله.
ودعا السيد إلى ضرورة العمل على تنمية قدرات القضاة وأعضاء النيابة العامة والأجهزة الأمنية العاملة على إنقاذ القانون، وذلك من خلال التوعية بالنواحي الفنية لوسائل وأدوات الجريمة التكنولوجية والإلمام بالمصطلحات والمفردات التعريفية، لما لذلك من أثر في تحصيل الدليل وتقييمه، ومن ثم في تطبيق أحكام القانون على نحو سديد وكافٍ لتحقيق أغراضه.
جمعية الصحفيين: أسماء إعلاميّة تورّطت في سرقات أدبيّة
ذكر رئيس العلاقات العامة والإعلام بجمعية الصحفيين البحرينية مهند سليمان في ورقة العمل التي ألقاها في مؤتمر جرائم الملكية الفكرية أن الصحافة البحرينية تعاني كبقية القطاعات الأخرى من جرائم انتهاكات الملكية الفكرية لصحافييها وكتابها، وقد ساهمت الثورة الالكترونية وتحول الكون بفضل الانترنت إلى قرية كونية مما أدى إلى زيادة تلك الانتهاكات التي تورطت فيها أسماء إعلامية لا حاجة لها إلى السرقة كون مخزونها الثقافي والإعلامي يغنيها عن ذلك.
وأشار سليمان إلى بروز ظاهرة إنشاء مواقع الكترونية غير رسمية في الآونة الأخيرة ترصد الانتهاكات التي قام بها كتاب وصحافيون ورسامو كاريكاتير عرب وبحرينيون، موضّحا أن التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة الصحافية في البحرين بخصوص ملف السرقات الأدبية والصحافية دعت الجمعية لإعداد تقرير شامل عن هذه الانتهاكات لتسليمها للجهات المعنية. وطالب سليمان باسم جمعية الصحافيين بضرورة تحديث أجهزة الحماية الفكرية المختصة بالملكية الفكرية ووضع الاستراتيجيات الشاملة لها، مؤكدا أن تعزيز التعاون بين الجهات المختصة يتطلب إقامة حلقة وصل بينها من خلال إنشاء موقع الكتروني. واقترحت الجمعية تشكيل لجنة وطنية تضم الجهات الرسمية وفي عضويتها الجهات المعنية من الجمعيات الأهلية لتقييم الوضع الحالي لنشاطات الملكية الفكرية ووضع استراتيجيات لحماية الملكية. فيما دعا سليمان لزيادة حصة البرامج والدورات التدريبية التي تعرف بهذا المجال لتقليص الفجوة وزيادة التعاون بين الجهات المعنية، مؤكدا أهمية ربط المؤسسات البحثية مع الأجهزة المختصة لمكافحة جرائم الملكية الفكرية، من أجل كشف أي انتهاكات للملكية الفكرية عبر إنشاء أنظمة تقنية وبرامج حديثة تساهم في الحد والكشف عن تلك الجرائم.
خبرات دوليّة في مجال مكافحة جرائم الملكيّة الفكريّة
تطرّقت ندوة جرائم الملكية الفكرية في يومها الثاني إلى محورين أساسيين، أولهما بشأن مكافحة جرائم الملكية الفكرية والوقاية منها، وتحدثت فيه كل من مندوبة هيئة النيابة العامة للتاج البريطاني استر جورج عن تقنيات التحقيق المتطورة وسبل جمع المعلومات ووسائل الملاحقة والادعاء في هذا النوع من الجرائم، فيما تطرق مدير مكتب حماية الملكية الفكرية في هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا في مصر محمد حجازي في ورقة العمل التي قدمها إلى دور مكاتب حماية الملكية الفكرية في مكافحة جرائم الملكية الفكرية والتبليغ عنها، مشيرا إلى أهمية نشر التوعية عن آثار وخطورة هذه الجرائم، وضرورة تعزيز التوعية لدى المستهلك ولدى الأجهزة المختصة. وتطرّقت الندوة في جلستها الثانية إلى محور تعزيز التعاون والتنسيق في مجال مكافحة جرائم الملكية الفكرية إذ تحدثت الموظفة القانونية في قسم الإنفاذ في المنظمة العالمية للملكية الفكرية هايكي وولغاست عن تعزيز التعاون والتنسيق على الصعيد الوطني بين مختلف الأجهزة المختصة، وعلاقة كل من مكاتب حماية الملكية الفكرية بالقضاء والجمارك وهيئات المجتمع المدني. فيما أكد رئيس قسم إنفاذ القانون في الجريمة المنظمة وتبييض الأموال في مكتب الأمم المتحدة المعني بشئون الجريمة والمخدرات إيان مونرو أهمية التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة جرائم الملكية الفكرية ووضع الاتفاقيات الدولية والإقليمية لتجريم انتهاكات حقوق الملكية، وضرورة تعزيز آليات التعاون في مسائل الملاحقة والتحقيق وتبادل المساعدات التقنية.
العدد 2048 - الإثنين 14 أبريل 2008م الموافق 07 ربيع الثاني 1429هـ