العدد 2048 - الإثنين 14 أبريل 2008م الموافق 07 ربيع الثاني 1429هـ

مسئول يشكِّل «لوبي» ضد الكفاءات الطبية

نحن الآن في بدايات القرن الواحد والعشرين... عصر التكنولوجيا والتحديث لجميع المجالات، ومن المفترض أن تكون مهنة الطب من المهن السامية والإنسانية والبعيدة عن الأحقاد والأوغاد والكراهية، لأنها مهنة إنسانية بالدرجة الأولى ومنذ قديم الزمان، وبالتالي فإن منتسبي هذه المهنة لابد أن يرتقوا إلى المستوى الحضاري والإنساني والمهني الذي تتطلبه منهم مهنة الطب، فنحن العاملون في هذا المجال يجب أن تكون مهمتنا الأولى الاهتمام بكل ما فيه خير وصلاح لصحة المواطنين والمقيمين من الناحيتين الجسدية والنفسية، واضعين في الاعتبار الرقي بالمصلحة العامة للبحرين، ولذلك فإن العاملين في هذه المهنة، القياديون منهم خصوصا، لابد لهم أن يتعلموا أسسها الصحيحة كالتضحية والعطاء والتفاني وإنكار الذات.

ولكن حين يتحول بعض هؤلاء الأطباء إلى وحوش كاسرة ومفترسة، فيفترسون كل من يقف أمامهم كحجر عثرة في طريق المساس بنفوذهم التوسعية وتعطشهم الدائم للسلطة المطلقة والوجاه ، بعد أن كانوا كفقاعات الصابون الهشة فيبدأون طريقهم بالقضاء على كل ما هو محيط بهم مهما كانت الخسائر البشرية والمادية ومهما كان حجم الخراب والدمار... فتكون هي الكارثة الحقيقية.

تعوّد بعض الأطباء أن يكونوا مسئولين وإداريين على بعض المراكز الصحية، وبعضهم لم يمسهم التغيير منذ سنين طويلة قد تصل إلى 15 أو 20 عاما، بينما زملاؤهم من الأطباء الأكفاء في المراكز الأخرى طالهم التدوير في الفترة الأخيرة على رغم قدمهم في هذه الوظيفة، إلا هذه الإدارة في هذا المركز، فهي لدى كبار المسئولين عن الرعاية الأولية من المعصومين ولا يمكن أن يطولهم أو يمسهم التدوير أو التغيير لأسباب غير معروفة! فيتحول هذا الطبيب المسئول إلى إمبراطور ويكون لنفسه عرشا كعروش الطاووس ولا يستطيع أحد الاقتراب منه أو مجادلته فينال الأمرين والويلات لأنه تعوّد أن يعظمه الجميع ويهابه الكل من أطباء وموظفين، وتعوّد أن يمسح له الجوخ وتوضع له المكياج والأصباغ فيصبح في قرارة نفسه ونظره الأمثل والمعصوم من الخطأ، ويخال له أنه الطاووس الذي يمشي مختالا على الأرض!

وعندما يدخل أحد الأكفاء الذين ينشدون التغيير من اجل التطوير، على الخط وسط هذا العرش الإمبراطوري الزائف والقائم على النفاق والتملق والتوحد في اتخاذ القرارات، يصبح هذا الشخص الشريف كأنه الجسم الغريب الذي يسبب الحساسية المفرطة، وبذلك يحاول هذا الكيان الورقي - أي عرش الطاووس - تشويه السمعة ونشر الأكاذيب سواء في المركز الصحي أو في إدارة المراكز الصحية، وهو بذلك يريد أن يتخلص من ذلك الجسم الغريب... فتارة يقول إن علاقتي بموظفي المركز الصحي غير مرضية، وتارة أخرى يقول إن بعض الكتبة والفنيين في المركز الصحي لا يريدونك، حتى القوانين قلبت رأسا على عقب وحتى مسمار جحا الصدئ قد استخدم، فالقانون يقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته إلا أن هذه الإدارة من قمتها إلى أخمس قدميها استخدمت سوء فهم بسيط جدا مع احد الزملاء، من أجل تجميدي وظيفيا وإداريا ومعنويا، وبذلك قرروا إدانتي من غير أن تثبت لجنة التحكيم الواقعة، وهم الآن يستخدمون مسمار جحا الذي نخره الصدئ ضدي... فيا للغوث والإنقاذ من براثن هؤلاء الإداريين! ليس هذا فحسب، بل أنهم يدونون ذلك كله في محاضر اجتماعات مجلس إدارة المركز الصحي ويبعث بها إلى إدارة المراكز الصحية فيشتريه صديقهم الحميم هناك بأبخس الأثمان، وللعلم فإن مجلس إدارة المركز الصحي هو عبارة عن بعض الكتبة والفنيين ومساعديهم وليس من اختصاصهم تحديد معايير صلاحية أي طبيب استشاري للعمل الإداري.

ولكن هذا الطبيب المسئول قد كوّن «لوبي خاص» به مع بعض الموظفين والفنيين، وذلك لكونه مسئولا عن أحد المراكز الصحية لمدة تفوق 15 عاما، وشكل «مافيا» خاصة به لتمارس الترهيب لكل من تسول له نفسه تحدي الأب الروحي للمافيا الإدارية التي تتخذ أسلوب الإقصاء لكل معارضيها، أو بالأحرى التصفية الإدارية في هذه الحال، أي محاولة التخلص مني ونقلي إلى مركز صحي آخر، لأنه وبحسب إدعاءات الطبيب المسئول فإنني لا أصلح للأمور الإدارية، وأن المركز الصحي قد أجمع برمته على أنني غير مرغوب في للبقاء بينهم! فلماذا تصر الإدارة الطبية على نقلي إلى مركز آخر وتعييني في منصب قيادي وأحرم من العمل في المركز الذي أنا فيه الآن؟

إذا كان هذا هو واقع الحال في بعض المراكز الصحية فتلك هي المصيبة، ولكن إذا وصل هذا الحال إلى إدارة المراكز الصحية فتلك هي المصيبة والطامة الكبرى.

ومن المهازل الطريفة أو مما يضحك الثكلى ويجهض الحبلى، أن احد المسئولين عرض علي منصبا إداريا ولكن في مركز صحي آخر، أي بمعنى أن الإدارة معترفة ضمنيا بأهليتي للعمل الطبي والإداري ولكن ليس في هذا المكان (المخصوص) أي في عرش الطاووس! وحين حاولت الاستفسار منه عن السبب ولماذا لا أكون إداريا هنا في عملي الحالي، تلعثم وربط لسانه إلا انه في الأخير تفوه وهو يقول لأن... لأن... لأن... أخيرا نطقها على مضض قائلا: لأن الطبيب المسئول لا يريدك هناك! ليكمل مسلسل الاضطهاد والترهيب والإقصاء الذي يمارسه صديقه الحميم ضد الأطباء.

ألهذا الحد انتشر الفساد وأصبح كالورم السرطاني الخبيث الذي ينتشر في أنحاء الجسم السقيم لينال من كل ما هو حواليه ويتحول المسئولون والقياديون خصوصا إلى آكلي لحوم البشر؟!

إن اللوبي الذي يشكله بعض رؤساء المجالس في المراكز الصحية لهو ظاهرة خطيرة قد تؤدي إلى الإضرار بمسيرة التحديث والتطوير، وبالتالي فإنها تؤثر سلبا على جودة ونوعية الخدمات الصحية، واشتراك إدارة أطباء المراكز الصحية في هذا الهيكل الهدام والمتهاوي لظاهرة خطيرة ولابد للمسئولين من النظر إليها بجدية، بل والقضاء عليها من خلال اجتثاث رؤوس الأفاعي السامة التي تبث سمومها في أحد أكبر الوزارات الخدمية.

ولا يخفى عليكم أن كل ما أشرت إليه أعلاه قد جاء في تقرير جمعية الأطباء البحرينية عن نواحي القصور في وزارة الصحة الذي طلبته اللجنة البرلمانية المختصة بشئون الصحة، وعلى إثر ذلك قامت وزارة الصحة بخطوات جريئة بتدوير جميع المناصب الإدارية، ولكن للأسف مازالت هناك بعض جيوب وأوكار الفساد المتبقية التي ينبغي القضاء عليها وخصوصا إذا كانت إدارة أطباء المراكز الصحية مشتركة فيها، ونحن مازلنا نتذكر مآثر الإدارات السابقة التي توالت على قيادة الرعاية الأولية إلا أن هذه الإدارة وللأسف الشديد مصابة بالأنيميا الحادة في كيفية التعامل مع الأطباء، وخصوصا القدامى منهم أصحاب الخبرة الطويلة، وإني ومن هذا المنبر أستطيع أن أقول إذا استمرت الأمور على ما هي عليه فسيأتي اليوم الذي لا نجد فيه طبيبا بحرينيا وأجنبيا يعمل تحت ظل هذا النوع من الإدارات المتذبذبة.

لكن، وبحسب توجيهات المسئولين بضرورة مكافحة الفساد بكل أشكاله، التي من شأنها أن تعوق مسيرة التحديث والتطوير للنهوض بحضارة ومستقبل مملكتنا الحبيبة والرقي بالخدمات الصحية إلى المستوى المنشود، وذلك بالشروع بمشروع وطني مهمته اجتثاث الفساد من جذوره، تلك الظاهرة التي إذا تفشت في وزارة حيوية كوزارة الصحة من شأنها إرجاعنا إلى الوراء... إلى القرون الماضية، وإلى عصور وأزمنة في التاريخ، لنرجع إلى عصر المماليك بدلا من أن نعيش في عصر الحرية والديمقراطية والشفافية وتحقيق العدل والمساواة بين جميع المواطنين، كما ورد في ميثاق العمل الوطني الذي اعتمده جلالة الملك حفظه الله ورعاه.

(الاسم والعنوان لدى المحرر)

العدد 2048 - الإثنين 14 أبريل 2008م الموافق 07 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً