العدد 2050 - الأربعاء 16 أبريل 2008م الموافق 09 ربيع الثاني 1429هـ

من يمنح الديمقراطية يمنعها... و«العقلية القبلية» مقتلنا

ولأن الديمقراطيات في الخليج هي ديمقراطيات عطية/ منحة/ مكرمة فهي ببساطة تنساق للقاعدة المؤسسة «من يملك حق المنح، يملك حق المنع»، وعليه، تعتقد الأكاديمية الإماراتية ابتسام الكتبي أن ما جرى من مشروعات دمقرطة في الخليج، هي لا تزيد عن كونها عمليات شكلية لم تمس أيا من البنى الاجتماعية التي لا تزال رهينة العقلية القبلية، وأنها - العقلية القبلية - لم تتطور في الخليج لنماذج دول المواطنة التي تساوي بين المواطنين وتحقق العدالة في توزيع الثروة.

تقر الكتبي التي تشغل اليوم منصب أستاذ مساعد بقسم العلوم السياسية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية - جامعة الإمارات. والتي تحفظ في جعبتها المشغولة بقراءة المشهد الثقافي والسياسي في الخليج، بدكتوراه في الفلسفة في العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة بأن ثمة صورة من صور التحديث في الخليج، إلا أن هذا التحديث لم يكن في الدولة بالقدر الذي كان في القبيلة، فالقبيلة انتقلت إلى البيوت العصرية لكنها ما زالت المؤطر الحقيقي لعلاقة السلط السياسية بالمجتمعات الخليجية.

السلطات السياسية في الخليج استجابت لما تطلق عليه الكتبي «مجمل الضغوط الدولية التي عقبت حوادث 11 سبتمبر/ أيلول»، لكنها أيضا كانت استجابة «مبنية في بدء الديمقراطيات لا بوصفها حقوقا بل بوصفها سلسلة من الهبات والمكرمات والعطايا وهذه الإلتقاطات هي بالتأكيد جزء من العقلية القبلية التي ما زالت تحكم، وحين تكون الديمقراطية هبة فيحق لمن وهبها أن يمنعها في أي لحظة يشاء».

تقول الكتبي «إن خطاب الإصلاح والديمقراطية وثقافة التسامح في الخليج لم يكن خطابا مخلصا للديمقراطية، بل ارتبط بمصالح الدول الغربية وكان تجاوب الدول الخليجية من باب سد الذرائع، لكن الانتخابات التي حدثت في أكثر من دولة خليجية لم تكن تغييرا جوهريا بين علاقة الحاكم والمحكوم، ويمكننا أن نعمم هذه النتيجة لتشكل الدول العربية كافة، الانتخابات في الدول العربية لا تنتج الديمقراطية فأدوات التزوير واللعب السياسي دائما ما تغير المعادلات».

تحاول الكتبي أن تقيم ميزانا لاختبار الديمقراطيات الخليجية الناشئة، فتقول: «أصبحت هناك دساتير وانتخابات، لكن سنسأل هل الإطار العام للحريات منفتح؟، بعض الدول فتحت حرية التعبير اللفظي تحديدا، لكن ذلك لم يحدث تغيير في البنى السياسية الفاعلة، والسبب في ذلك أن الإصلاح السياسي أتى من الأعلى إلى الأسفل وفق مفهوم وقانون (العطية)، ومن يملك حق المنح يملك حق المنع».

سألنا الكتبي عن إطلاقة ثقافية سياسية، مفادها أن الخليجي بفكره وثقافته وطبعه، كائن لا ديمقراطي؟، فصدقت على الإطلاق، لكنها استدركت بتساؤل تقول فيه: «لقد طرح مثل هذا التحليل أو الإطلاق في معرض استقصاء ومناقشة الديمقراطية في الدول العربية، أتفق مع هذا الكلام ولكن، هل الناس في وسط افريقيا وأدغالها أفضل وأكثر استعدادا للديمقراطية منا في الخليج؟، نحتاج إلى ايجاد الثقافة الديمقراطية بصدق، على أن هذه الثقافة لا تعطى بالمعلقة، بل عبر الأسرة والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام، لكن العنصرين الأخيرين هما بيد السلط الحاكمة والتي غالبا ما تستخدم هذه المؤسسات سعيا نحو تأليه الحكام، فمن أين سيأتي تحرير هذه الثقافة؟ ومن أين ستعاد صياغة مضامينها؟. لكن ذلك كله لا يعني ان نغلق الأبواب فالديمقراطية لن تأتي عبر إدخال الناس في فصول ديمقراطية بل عبر الممارسة وهو ما نحتاج أن نتعلمه بشكل مباشر».

لا تبدو الكتبي متفائلة بمستقبل الدول العربية والخليجية في المطلق، خصوصا فيما يتعلق بالدول المتعددة العرقيات والإثنيات، تقول: «الدول التي تتكون من إثنيات متعددة، عليها أن تفعل من خيار الدولة المدنية لأنها عبر ذلك ستنتصر للدولة وتقوي الدولة، أما الخيار الآخر فهو ما سيعطي الإثنيات المساحة الكافية للاشتغال والتفاعل وأيضاَ الحق في اللجوء إلى الإستمالات الخارجية، وهو خيار طبيعي للمواطن حين يشعر بفقدان مواطنته».

وتضيف «إذا استمرت بنا الحال في هذا النمو العقاري، ولا أقول الاقتصادي، فإننا سنصل إلى خلل رهيب في المنظومة السكانية وستنقلب الأوضاع رأسا على عقب، وستنشأ لدينا سياسات معادية للدول الخليجية إذا ما استمرت سياسات التمييز وعدم العدالة في توزيع الثروات تحديدا، سنصل بالتأكيد لنفق مظلم ويعزز ذلك استفحال الاحتقانات السياسية والاقتصادية والثقافية في الدول المجاورة للخليج».

لعل أهم الملاحظات التي تستطيع أن تخلص لها بعد نقاشك ضد هذه المرأة، هي أنها ليست صناعة ورقية، خصوصا وأن النظم السياسية في الخليج قد استعذبت صناعة السيدات الكارتونيان فيما تسميه الكتبي شخصيا «تأنيث الاستبداد»، تجيد هذه المرأة التقاط الأفكار وسردها، وعلى رغم أنها تبدو متشائمة نسبيا إلا أن ذلك لم يمنعها البتة، في أن تسترق الأمل من هنا وهناك في شجاعة، خصوصا وأن مهمتها المؤجلة باسم الديمقراطية هي في إحدى تشكلاتها، صراع بين سيدة وقبيلة.

ابتسام الكتبي

الاسم: ابتسام محمد سهيل بن هويدن الكتبي

الوظيفة: أستاذ مساعد بقسم العلوم السياسية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية - جامعة الإمارات.

المؤهلات:

- دكتوراة الفلسفة في العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.

- منحة فولبرايت للبحث العلمي، واشنطن 2001 .

عضوية الجمعيات والهيئات:

- عضو فى العديد من الهيئات ومنظمات المجتمع المدني أهمها:

- عضو اللجنة التنفيذية بالجمعية العربية للعلوم السياسية.

- عضو مجلس الأمناء بالمنظمة العربية للشفافية ومكافحة الفساد.

- عضو مجلس الأمناء بالرابطة العربية للديمقراطية.

- عضو مجلس الأمناء بمركز شركاء فى التنمية بالقاهرة.

- عضو اللجنة التنفيذية بمنتدى التنمية الخليجي.

الخبرات:

- عضو الهيئة الاستشارية بمركز الامارت للدراسات الاستراتيجية 1998-2002.

- عضو لجنة التركيبة السكانية بالمجلس الوطني الاتحادي 2002.

- عضو لجنة إعداد وثيقة منهج التربية الوطنية بوزارة التربية والتعليم 2004.

- رئيس لجنة تأليف كتاب الثقافة الوطنية للصف التاسع بوزارة التربية والتعليم 2005.

- المراجع العلمي لكتاب الثقافة الوطنية للصف الحادي عشر بوزارة التربية والتعليم 2006.

- رئيس لجنة إعداد وثيقة منهج حقوق الانسان بوزارة التربية والتعليم 2007.

- محرر بتقرير التنمية الانسانية العربية عن « نحو نهوض المرأة العربية» للعام 2005.

- عضو هيئة التحرير التنفيذية بمجلة شئون اجتماعية بالامارات.

- عضو هيئة التحرير التنفيذية بمجلة شئون أدبية بالامارات.

- شاركت في الكثير من المؤتمرات المحلية والاقليمية والدولية وينصب مجال اهتمامها البحثي عن قضايا الاصلاح والتنمية والأمن في منطقة الخليج. من أبرز مؤلفاتها:

- التحولات الديمقراطية بدول مجلس التعاون، في كتاب الديمقراطية والتنمية الديمقراطية في الوطن العربي، تحرير على الكواري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت: 2004.

- الأبعاد العسكرية والأمنية للعلاقات الأمريكية الخليجية، فى كتاب العلاقات الأمريكية الخليجية، تحرير شفيق الغبرا، منتدى التنمية الخليجي، الكويت:2005.

العدد 2050 - الأربعاء 16 أبريل 2008م الموافق 09 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً