شكك عدد من المختصين والنواب في جدية السلطات البحرينية في المضي قدما في قضية الفساد في شركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، وقالوا «إن ما يؤخذ على الحكومة أنها تهتم بقضايا الفساد الصغيرة وتتغاضى عن القضايا الكبرى وأن لدى الحكومة الآن فرصة تاريخية لتثبت العكس في معالجة هذه القضية». وتساءلوا لماذا تقتصر خطوات الحكومة بتقديم شكوى مدنية في الولايات المتحدة ولا تقوم بتقديم المرتشي الى النيابة العامة على رغم وجود إثباتات تدين المتنفذ بتقاضي رشا تصل الى ملياري دولار».
وأوضحوا «إن عمليات الفساد في (ألبا) تنقسم الى ثلاثة طرق، أولاها تتعلق باستيراد المواد الأولية، عن طريق زيادة أسعار المواد المستوردة عموما وخصوصا مادة الألمنيوم في حين تأتي عمليات تنفيذ المشروعات في المرتبة الثانية، إذ غالبا ما تتم عمليات الفساد عن طريق إنشاء شركة وهمية تقوم بإسناد المهمة الفعلية لشركات حقيقية عن طريق المقاولات الفرعية وتختفي هذه الشركة الوهمية حال الانتهاء من المشروع، أما الطريقة الثالثة التي تتم من خلالها عمليات السرقة فهي عملية بيع الألمنيوم».
وأضافوا خلال الندوة التي نظمتها «الوسط» بشأن قضية الفساد في شركة ألبا «إن ما تم تقديره من خسائر للشركة بأكثر من 8 مليارات دولار خلال 17 عاما الماضية يعد رقما واقعيا إذا ما تم احتساب كلفة المشاريع المبالغ فيها».
وأكدوا ان ابسط ما يمكن أن تقوم به الشركة لمعالجة المشكلة هي وقف النزيف المالي. وقالوا:» نحن لا نرى توجها جديا من الشركة لوقف هذا النزيف لا من خلال عمليات التعيين في مجلس الإدارة ولا في الإدارة المالية للشركة، فحتى الآن لا يعرف أحد ما هي الكلفة الحقيقية للإنتاج غير الإدارة العليا للشركة والوزارة».
وقالوا: «على رغم أن شركة ألبا استهلكت ثلثي ما تملكه البحرين من غاز طبيعي وبأسعار مدعومة لا تتعدى 95 سنتا، فإنها لم تسهم بشكل فعلي في دعم الاقتصاد الوطني».
وذكروا أن الشركة التي لم تدخل فلسا واحدا في موازنة الدولة على مدى ثلاثين سنة ماضية إلا بعد أن تم طرح هذه المسألة في المجلس النيابي السابق إذ تم إيقاف تمرير الموازنة بسبب «ألبا» التي من المفترض أن تكون محورا أساسيا في موازنة الدولة.
وفيما يلي نص الندوة:
* بداية علي البنعلي، ما خلفيات قضية الفساد الأخيرة في الشركة والمتهم فيها احد المتنفذين وهل هناك ارتباط بينها وبين قضية اتهام اثنين من كبار المسئولين في الشركة واللذان لا يزالان في التوقيف لحد الآن؟
- علي البنعلي: عمليات الفساد في «ألبا» تنقسم الى ثلاثة طرق، أولاها تتعلق باستيراد المواد الأولية، عن طريق زيادة أسعار المواد المستوردة عموما وخصوصا مادة الألمنيوم وفي وقت لاحق أضيفت مادة الفحم السائل وهذه العملية تم الاستيلاء من خلالها على 200 الى 300 مليون دولار، وتشكل مادة الألمنيوم الخام ما نسبته 30 الى 35 في المئة من سعر كلفة الألمنيوم المصنع إذ تبلغ كلفة إنتاج الطن الواحد من الألمنيوم 1760 دولارا فإن 35 في المئة من هذا المبلغ يكون كلفة المواد الأولية ولذلك فإن أهم ما يمكن التركيز عليه لأي شخص يريد أن يستفيد هي المواد الأولية، وتأتي المشروعات في المرتبة الثانية، ودائما ما يكون تنفيذ المشروعات الجديدة لحظة ممتعة لأي متنفذ بسبب أن بعض المشروعات تكون فيها الموازنات مفتوحة وغير خاضعة بشكل تام لنظام المناقصات ومثال على ذلك مشروع «التكليس» الذي لم يطرح من قبل مجلس المناقصات وإنما نفذ عن طريق وزارة المالية وجميع المناقصات تمت عن طريق رئيس مجلس الإدارة السابق وحتى اختيار الشركة المنفذة للمشروع لم تتم عن طريق المناقصات، بالنسبة إلى تنفيذ المشروعات دائما ما تتم عن طريق إنشاء شركة وهمية تقوم بإسناد المهمة الفعلية لشركات حقيقية عن طريق المقاولات الفرعية وتختفي هذه الشركة الوهمية حال الانتهاء من المشروع ولذلك فان المشروع الذي قد تكون كلفته الحقيقية بـ 100 مليون دولار ينفذ بأكثر من 400 مليون دولار، فمثلا مشروع الخط الخامس قامت شركة «دوبال» الإماراتية بتنفيذ مشروع مشابه له تماما بما يقارب 1.2 مليار دولار في حين نفذ في «ألبا» ب 1.7 مليار دولار أي بفارق 500 مليون دولار على رغم أن مشروع «دوبال» نفذ بعد مشروع الخط الخامس بما يقارب العام.
الطريقة الثالثة التي تتم من خلالها عمليات السرقة هي عملية بيع الألمنيوم. يذكر أن المتنفذ قام في الوقت الأخير من وجوده كرئيس مجلس الإدارة أي في العام 2004 ببيع منتجات الشركة حتى العام 2015 بأسعار تساوي أسعار السوق في تلك الفترة، كما أن الشركة قامت بالاقتراض من عدد من المصارف على أساس سعر الألمنيوم في السوق في ذلك الوقت إذ كانت تعتقد أن أسعار الألمنيوم سوف تنخفض في حين ارتفعت أسعار الألمنيوم بصورة كبيرة فالقرض الذي أخذته الشركة بمبلغ 700 مليون دولار أصبح يساوي الآن 1.4 مليار دولار.
البيع في السوق المستقبلية
- عبدالمنعم الشيراوي: إن الطريقة المعمول بها في السوق العالمية هي أن أي ارتفاع في السعر يجب أن يسدد حالا، فإذا قامت الشركة بشكل مسبق ببيع الطن من الألمنيوم ب 1600 دولار وارتفع السعر الى 3000 دولار فالفرق في هذا السعر يجب على الشركة أن تسدده، وبسبب أن الشركة لم تغطي هذه العملية فإنها اضطرت الى دفع 3 مليارات دولار اقترضتها وزارة المالية من ثلاثة مصارف, ويمكن أن نحسب فقط فوائد هذا المبلغ التي يجب أن تدفع للمصارف بغض النظر عن خسارة الشركة في فرق سعر الطن الواحد، في العادة عندما تبيع في السوق المستقبلية فإنك تعطي حق شراء للزبون بسعر معين، وفي هذه الحالة يمكن للأسعار أن تتغير ففي السوق المستقبلية فإن الأسعار لا تتحكم فيها آلية العرض والطلب فقط وإنما تتحكم فيها أيضا حجم رؤوس الأموال التي تضخ للاستثمار في محافظ مختلفة وبالتالي في حالة ارتفاع الأسعار فإنه يجب على الشركة أن تقوم بشراء الكمية نفسها طبقا لأسعار السوق فإذا قامت الشركة ببيع طن الألمنيوم بـ 1600 دولار وارتفعت الأسعار الى 1650 دولارا فيجب على الشركة أن تقوم بدفع فارق السعر ولكن في حالة انخفاض الأسعار فإن الشركة ستكسب الفرق وذلك جزء من عملية المخاطر.
* في تصريحات سابقة لعلي البنعلي قدر خسائر شركة «ألبا» خلال الـ 17 سنة الماضية بـ 8 مليارات دولار، هل ترى أن هذا المبلغ واقعي؟
- الشيراوي: أرى أن ذلك رقم واقعي إذا احتسبنا كلفة المشروعات المبالغ فيها، ابسط ما يمكن أن تقوم به الشركة لمعالجة المشكلة هي وقف النزيف المالي، ونحن لا نرى توجها جديا من الشركة لوقف هذا النزيف لا من خلال عمليات التعيين في مجلس الإدارة ولا في الإدارة المالية للشركة، فحتى الآن لا يعرف أحد ما هي التكلفة الحقيقية للإنتاج غير الإدارة العليا للشركة والوزارة، عندما تم طرح فكرة دمج شركتي «ألبا» و»ألما» في العام 1993 وتم الموافقة على ذلك لاحقا كان القصد أن تكون الشركة الجديدة كشركة «دوبال» التي يعرف فيها حجم الربح والخسارة وكلفة الإنتاج ولكن ما حصل كان كالسابق فكل ما يحصل أن تجتمع إدارة «ألما» مع إدارة «ألبا» كل 6 أشهر لتحديد سعر التحويل ولا يذكرون سعر الكلفة هذه مشكلة فكيف تعرف «ألما» سعر التكلفة وان كان هناك تسربا، وخصوصا أن هناك مشكلة سواء في البيع أو المشتريات أو المشروعات. كان مشروع «تكليس الفحم» مثلا بسيطا إذ في الوقت الذي كانت «دبي انفستمنت» تفكر في إنشاء مثل هذا المشروع كانت «ألبا» تعمل فيه بكلفة 450 مليون دولار وبعدها زادت الكلفة بنسبة 14 في المئة غير ما حذف من المشروع في الوقت الذي كانت فيه الكلفة الإجمالية لمشروع «دبي انفستمنت» 160 مليون دولار وذلك ما نشرته مجلة « مييد» في العام 1997 عندما طلبت «ألبا» من «دبي انفستمنت» مشاركتها في المشروع والتي رفضت ذلك بسبب أن المشروع بالكامل يكلفها 160 مليون دولار فلماذا تقوم بدفع 225 مليون دولار لنصف المشروع.
القضية المرفوعة في أميركا
* هل ترون أن عدم ممانعة شركة «ألبا» بتحويل القضية الى المحكمة المدنية «حسب تصريح محامي الشركة» في صالح القضية من حيث إمكان التوصل الى مصالحة خارج المحكمة أم أن ذلك يأتي بهدف عدم المضي قدما في فضح المتنفذين وتقديمهم للقضاء؟
- الشيراوي: عموما إذا شكت المحاكم الأميركية إن هناك أمورا جنائية كقضايا رشا فإن وزارة العدل تتخذ قرارا بتحويل القضية الى قضية جنائية، ولكن السؤال هنا في مدى جدية السلطات لدينا في معالجة المشكلة، فلماذا تتقدم الشركة بشكوى مدنية في الولايات المتحدة على رغم وجود إثباتات لديها تدين المتنفذ بتقاضي رشا تصل الى ملياري دولار فلماذا لا تحيل الشركة القضية للنيابة لدينا، لقد قامت الشركة بإحالة مسئولين لديها اتهمتهم بالتلاعب والحصول على مليوني دولار من خلال التلاعب في بيع كمية من الألمنيوم الى شركة يابانية فلماذا لا تقوم الشركة بنفس ذلك للمتنفذ.
* صرحت كتلة المنبر الإسلامي بأنها ستتقدم بطلب تشكيل لجنة تحقيق في تجاوزات ألبا. الى أين وصلت مشاوراتكم مع الكتل الأخرى ولماذا فضلتم تشكيل هذه اللجنة خلال دور الانعقاد المقبل وليس خلال هذه الدورة؟
- سامي قمبر: نحن نسعى كمجلس نيابي أن تكون هناك لجنة تحقيق لإظهار الحقائق، فكما ذكر الاخوان أن شركة «ألبا» تعاني من قضيا كبرى وبها نزيف مالي كبير جدا ما زال مستمرا حتى الآن، الفكرة من تشكيل لجنة ال تحقيق هي إيقاف هذا النزيف المالي من خلال الضغط على الحكومة، كما انه من المفترض أن تكون هناك شفافية، فإن كانت الحكومة جادة فعلا في وقف هذا النزيف وان تجعل من الشركة مصدرا قويا لدعم الاقتصاد الوطني فإنه يجب عليها أن تتعاون مع البرلمان في ذلك، إن لجان التحقيق هي إحدى الأدوات الموجودة في المجلس والتي نحاول تفعيلها، الكل يدرك أن لجان التحقيق لا يكون لها تأثير قوي ولكن على الأقل سنحاول من خلالها إيقاف النزيف الحاصل والحصول على المعلومات المطلوبة من الحكومة والمطالبة بشفافية أكثر.
* ولكن لماذا أجلتم تشكيل هذه اللجنة الى الدورة المقبلة؟
- قمبر: نحن لم نقل ذلك ولم نؤجل تشكيل اللجنة الى الدورة المقبلة، ولكن ما حصل أن التصريح الصحافي الذي نشر لم يكن دقيقا، لقد طرحنا قضية لجنة التحقيق وقدرنا أن يكون هناك توافق من قبل جميع الكتل البرلمانية رغم انه لم يتم الاجتماع مع باقي الكتل للتحاور في هذه القضية إلا أن الجميع يدرك أهمية تشكيل هذه اللجنة لمعرفة ما يدور في الشركة وإمكانية استرجاع هذه المبالغ التي أخذت من حقوق المواطنين، المسألة هي مسألة وقت لا غير فمتى ما توافقت الكتل على تشكيل هذه اللجنة سنبت فيها؟
* ولماذا اكتفيتم بلجنة تحقيق ولم تطرحوا استجواب الوزير المعني؟
- الشيراوي: يمكن أن يكون ذلك بسبب أن الوزير السابق لم يعد مسئولا عن الشركة، لقد كتبت عن مشكلات شركة «ألبا» في الصحافة المحلية منذ العام 2002 كما قمت بتسليم تقريرا مفصل لمكتب سمو ولي العهد، وأظن أن النائب السابق عبدالنبي سلمان يذكر أنني قمت بالاتصال به لتحديد موعدا لمناقشة هذا الموضوع بهدف طرحه في البرلمان السابق.
تعطيل طرح القضية في البرلمان
* هل ترى إمكان لمناقشة قضية «ألبا» في البرلمان خصوصا أن القضية تنظر الآن في المحاكم الأميركية، ألا يمكن أن تدفع الحكومة بذلك لتعطيل تشكيل لجنة التحقيق.
- عبدالنبي سلمان: أولا اعتقد أن ما طرحه الاخوان سابقا يتضمن الكثير من الأمور التي لابد الحديث عنها بإسهاب أكثر، اتفق مع ما طرحه الأخ سامي قمبر من انه يجب أن يكون هدف لجنة التحقيق البحث عن الأرقام والحقائق واستجواب المسئولين عن هذه العملية، كما أن ما طرحه الأخ عبدالمنعم الذي كان يتواصل باستمرار مع أعضاء المجلس السابق عن قضية «ألبا» وكان اتصاله مباشرا معي ومع النائب السابق فريد غازي وكان السؤال المطروح من قبلنا هو لماذا لا يتم تشكيل لجنة تحقيق للبدء في فتح ملف «ألبا» وكان في ذلك الوقت قضية «ألما» هي الأبرز، بالإضافة الى ما طرحه في وقت لا حق تقرير ديوان الرقابة المالية من تفاصيل، وكان بالإمكان اتخاذ أي من الموضوعات المطروحة في التقرير عن شركة «ألبا» أن يتم من خلالها تشكيل لجنة تحقيق.
لم تكن هناك رغبة من قبل عدد من الإخوان في بعض الكتل في المجلس السابق في فتح هذا الملف وقد ذكرت ذلك للأخ عبدالمنعم سابقا، كنا نطرح للأعضاء أن هناك قضية كبرى يجب مناقشتها ولدينا المعلومات والأرقام الكافية حولها وقد قمنا بترتيب اجتماعات مع عدد من النواب في هذه الكتل واستشعرنا وجود إحجام كبير منهم لفتح هذا الملف. شخصيا يئست من فتح هذا الملف ورأيت أمورا لا يمكن السكوت عنها، كان هناك من يريد المساومة على قضية واضحة وضوح الشمس.
ما طرحته في سؤالك أمر مشروع، لماذا لا نذهب مباشرة لاستجواب الوزير أو تتم مساءلة الحكومة بشكل اوضح مما هو حاصل الآن، لقد اتضحت الكثير من الأمور الآن، كما أن الجهة الرسمية هي من ترفع القضية الى المحاكم في الولايات المتحدة، اعتقد أن هناك تسويفا وان هناك صراعا داخليا بين أجنحة السلطة أكثر من أن يكون هناك توجه حقيقي لإصلاح الوضع في «ألبا»، كما اعتقد بان محاكم البحرين لا تمانع بان تفتح ملفا بهذا الحجم، هناك متهمون بقضايا سرقات صغيرة وكبيرة في «ألبا» وغيرها موقوفون الآن على ذمة التحقيق، فلماذا لا يتم تقديم الكبار الى المحاكم إذا كانت هناك فعلا جدية في الإصلاح أو على الأقل يتم كشف الحقائق في المحاكم البحرينية فحتى الآن فإن ملف القضية لدى المحاكم في بنسلفانيا، إن كانت الحكومة حريصة فعلا على هذا الملف وعلى الشركة ا لتي لم تدخل فلسا واحدا الى موازنة الدولة على مدى ثلاثين سنة ماضية إلا بعد أن طرحنا هذه المسألة في المجلس السابق وأوقفنا تمرير الموازنة بسبب «ألبا» التي من المفترض أن تكون محورا أساسيا في موازنة الدولة فتفتح القضية في المحاكم البحرينية حتى بعيدا عن مجلس النواب.
ما يخص سعر الكلفة فإن ذلك لا يقتصر على «ألبا» فقط وإنما الحكومة تتعمد إخفاء عائدات النفط فالحكومة تلاعبت في سعر الكلفة في «ألبا» وفي أسعار النفط ووزراء المالية السابقين كانوا يعرفون هذه الحقائق التي كشفناها في اللجنة المالية، وعلى خلفية ذلك تمت استعادة أموال كثيرة تعد بالمليارات بسبب الفرق في أسعار النفط وذلك بعد ان رفض ذلك من الحكومة السابقة أو الوزير السابق وكان من الممكن أن يكون مثل ذلك بالنسبة لـ «ألبا» ولكن للأسف لم نجد الموقف الحقيقي الذي يمكنا من الدخول في ملف «ألبا»، كانت هناك أمامنا أمور واضحة ومكشوفة ولكن البعض كان يريد أن يساوم على هذه القضية ويدخلها في متاهات مثل انه لا توجد حقائق أو ملفات أو أرقام، صحيح أنني لم أكن امتلك الأرقام ولكن كانت هناك أطراف خارج المجلس مستعدة لتقديم هذه الأرقام.
- الشيراوي: لو نظرنا الى مبيعات الشركة من العام 1982 وحتى الآن سنجد ولأول مرة في التاريخ أن شركة ألمنيوم أعطت «البروكر» أي الذين يقومون بالشراء والبيع ولمجموعة معينة منهم متفق معها 17.5 دولار تخفيضا وسمي ذلك «ماركتنج فيز» فالتجار عادة ما يتمنون أن يحصلوا على الألمنيوم من الشركات وهذا شيء غريب جدا لم يحدث أبدا في أي شركة من شركات الألمنيوم في العالم.
قضايا الفساد الكبرى
* لماذا غابت كتلة الوفاق عن قضية الفساد الكبرى في «ألبا» فحتى الآن لم نسمع من أعضاء الكتلة أي تصريح أو أي تحرك في اتجاه إثارة هذا الموضوع في البرلمان؟
- جاسم حسين: أعتقد أن القضية ليست قضية كتلة معينة، إن ما يؤخذ على الحكومة أنها تهتم بقضايا الفساد الصغيرة وتتغاضى عن القضايا الكبرى وأعتقد أن لدى الحكومة الآن فرصة تاريخية لتثبت العكس، أعتقد أن ما يحدث الآن هو تحول ايجابي، ومن الواضح أن الأمور قد تغيرت منذ تسلم شركة «ممتلكات» إدارة أملاك الدولة ومن بينها شركة «ألبا» وبالتالي فإن ممتلكات أصبحت تكتشف المزيد من حجم المأساة ومن الواضح أن سمو ولي العهد لديه رغبة شخصية في مكافحة الفساد في هذه الشركة.
أظن أن رفع القضية في محكمة أميركية مسألة صحيحة إذ ان الشركة المتهمة هي شركة أميركية كما أن المحاكم الأميركية أكثر كفاءة واستقلالية من محاكمنا.
ان «ألبا» تعد ثاني اكبر مصدر للمنتجات البحرينية بعد الصادرات النفطية وهي تسيطر على 50 في المئة من المنتجات غير النفطية ومن هنا تكمن أهميتها، الموضوع اكبر من أن يحد في كتلة معينة فالقضية هي قضية المجتمع البحريني بأسره، كنا نعمل من وراء الستار من خلال الاجتماع مع ممتلكات لتوضيح الأمر لهم بان القضية اكبر مما هو متصور وان القضية ليست مليونا أو مليونين وإنما هي بالمليارات وهذا الرقم ضخم بالنسبة للاقتصاد البحريني أي أن مليوني دولار تعني 770 مليون دينار.
* ولكن هناك تساؤلا عن عدم تقديم المتنفذ للنيابة العامة وهل المقصود من ذلك هو معرفة الى أين ستصل المحكمة الأميركية للاستفادة من حكمها لدعم القضية هنا في البحرين أم غير ذلك؟
- حسين: إن ما يهمنا هنا هو التوجه الجديد بشأن محاربة ثقافة الفساد ولا تهمني الشخوص. إن ما نريده هو القضاء على جذور الفساد في البحرين.
- الشيراوي: ولكن السؤال هل هناك رغبة حقيقية في محاربة الفساد ام ان القضية هي حرب أجنحة معينة في السلطة؟
- حسين: اعتقد أن هناك رغبة حقيقية لمحاربة الفساد، فالمجتمع البحريني يعاني الآن الأمرين من سوء توزيع الثروة والفساد المستشري والفقر ولذلك أرى أن ليس لدى الحكومة أي خيار سوى محاربة الفساد.
- قمبر: خلال الفصل التشريعي السابق توجه النائب سعدي بعدد من الأسئلة عن قضايا الفساد في شركة «ألبا» ولكن كما ذكر الأخ عبدالنبي فإنه لم يجد تعاونا من بقية الكتل بحيث يعالج هذا الموضوع معالجة حقيقية.
توافق الكتل
* أرى أن هناك اتهامات متبادلة فكل كتلة ترمي مسئولية ذلك على الكتل الأخرى؟
- قمبر: المسألة ليست كذلك، فكما ذكرت أن سعدي طرح هذا الموضوع في الفصل التشريعي السابق ولكن للأسف فإن الحكومة لم تستجب بشكل جدي وقد تعذرت الحكومة بأنه لا يوجد وزير مختص يوجه له السؤال عن «ألبا» كما انه لم يكن هناك تعاون من باقي الكتل ولذلك فإن الموضوع لم يؤخذ بشكل جدي وبشكل يكشف الخفايا ومنذ تلك الفترة كان معروفا من الذي كان في قمة الفساد في الشركة وكان من المفترض أن يستجوب وان يوجه له الاتهام لكي يقدم للمحاكمة في تلك الفترة.
- سلمان: فعلا تقدم سعدي بسؤال في الدور التشريعي الأخير من الفصل السابق وكانت نواياه جيدة في هذا المجال كما كان لديه الإصرار لفتح هذا الملف كما تقدم الشيخ عادل المعاودة بسؤال يتعلق بـ «ألبا» وكما قلت بان بعض الأشخاص في داخل الكتل كانوا جادين ولكن عندما نتحدث على مستوى الكتل وما تطرحه فسنجد أن القضايا تأخذ طابعا شخصيا بدل أن تأخذ شكل التعاون بين الكتل لا نريد إجهاض حق الآخرين ولكن ما حصل بالفعل انه لم تكن هناك نوايا حقيقية على مستوى الكتل لفتح هذا الملف،وذلك ما دفعنا في نهاية المطاف إذ اننا عجزنا عن طرح الموضوع بالشكل الذي نريده الى طرح مقترح آخر تم الأخذ به وهو مقترح بقانون لتشكيل شركة قابضة وكان واضحا جدا في المذكرة التفسيرية التي قمت بتقديمها الى المجلس ان هذا المقترح يهدف الى الحفاظ على ممتلكات الدولة في الشركات الكبرى وذلك للخروج من مسألة أن الحكومة لا تريد فتح الملف أو أن بعض الكتل لا تريد ذلك ولهذا فإن شركتي «ألبا» وطيران الخليج تتعرضان الى المساءلة بسبب إنهما ضمن صلاحيات شركة ممتلكات وهي الشركة القابضة التي نادينا بها.
- الشيراوي: الغريب في الميزانيات السابقة للدولة انه لم يذكر أي من استثمارات الدولة غير النفطية فلا يوجد ما يفيد عن إيرادات «ألبا» أو شركة الخليج للبتر وكيماويات أو غيرها.
اتفق مع ما طرحه جاسم حسين في أننا في حالة ايجابية متقدمة عن ما كان سابقا.
- سلمان: مازلت مصرا على أن لدى الحكومة الان الفرصة لكي تثبت عكس ما يقال بان ما يحدث الآن هو ليس صراع بين الأجنحة وإنما هي نوايا حقيقية لمحاربة الفساد وخصوصا وأن الإصلاح الاقتصادي هو موضوع أساسي في عملية الإصلاح السياسي.
- البنعلي: اتفق مع ما طرحه جاسم حسين من أن الموضوع ليس موضوع كتل بعينها ولكنه موضوع المجتمع بأسره ولنأخذ مثلا موضوع الغاز المسال الذي يقدم بسعر مدعوم للشركة فلم يبق من مخزون للغاز لدى البحرين إلا لسنتين مقبلتين فقط وهو الآن يباع بسعر تفضيلي للشركة بسعر 75 سنتا في حين أن سعره عالميا يصل الى 9 دولارات وفي حين أن البحرين بحاجة لهذا الغاز فإن ثلثي مخزون البحرين من الغاز قد ذهب الى «ألبا».
فيما يخص القضية المرفوعة الآن في أميركا فإن البحرين تتمنى أن تبقى هذه القضية مدنية كما انه تم الضغط على البحرين من قبل شركة سابك السعودية وهي الشريك الثاني في «ألبا» من اجل رفع هذه القضية فالسعوديون مستاءون جدا مما حصل من تلاعب بسبب أن أي أرباح تحققها شركة «ألبا» تدخل ضمن أرباح سابك بحسب حصتهم في الشركة كما أنهم يتضررون من الخسائر الكبيرة التي تتكبدها.
- حسين: أتمنى بعد الانتهاء من قضية الشركة الأميركية (الكوا) أن يتم التحقيق في مشروع الخط الخامس الذي نفذته شركة «باكتل» والطريقة الغريبة التي حصلت من خلالها على هذا العقد والزيادة الكبيرة في تكلفة الإنشاء رغم أن شركة «هونداي» الكورية قد تقدمت بسعر اقل من ذلك كثيرا.
الغاز المدعوم
* تشير التقارير الى أن الدعم الحكومي لشركة ألبا خلال العام الماضي 2007 بلغ أكثر من 100 مليون دينار ما يوازي 260 مليون دولار من خلال دعم أسعار الغاز إذ تبيع الحكومة الغاز على ألبا بسعر دولار ونصف لكل مليون وحدة حرارية في حين يبلغ سعر ذلك في الأسواق العالمية نحو 9 دولارات مع العلم أن البحرين لا تمتلك الى 77 في المئة من أسهم الشركة ما يعني توجيه الدعم لشركاء آخرين، « الحكومة تسلمت أرباحا قدرها 269 مليون دولار أرباحا عن العام الماضي ما يعني أن الأرباح الحقيقية لا تتعدى 9 ملايين دولار»؟
- جليل النعيمي: بغض النظر عن الأرقام، يبقى السؤال الأهم لماذا اختيرت البحرين كموقع لإقامة مصنع للألمنيوم بهذا الحجم فالخيارات لموقع إقامة مثل هذه المصانع بغض النظر عن صغر حجمه في البداية إلا أن الشيء المعروف في عالم تدويل الإنتاج بان المكان المناسب هو الموقع الذي يقع قريبا من المواد الخام ومناطق الاستهلاك كما يحدد مكان إقامة المصانع ليس الموقع الجغرافي فقط وإنما رخص الطاقة أولا والتي تشكل ما نسبته 33 في المئة من كلفة الإنتاج ورخص الأرض فالدولة التي يمكن أن تقدم أوسع المساحات بأقل الأثمان لها أفضلية والشرط الثالث هو رخص الأيدي العاملة وقد توافرت هذه الشروط لدى شركة «كالتكس» التي هي احد المنسقين لاختيار الموقع الذي سيقام عليه المصنع بان البحرين هي الموقع الأمثل لذلك ولذلك فإن مسألة الغاز تستمد قوتها منذ ذلك الوقت وستبقى ذلك على رغم انه لم يبقى غاز لدى البحرين.
في الحقيقة لقد وقعنا في شبكة عالمية واسعة من الفساد ليس لأن هذه الفضيحة سجلت داخليا وتم الانتقال بها الى المحاكم في خارج البحرين ولكن لأن الطرف الآخر من القضية هو اخطبوط كبير يمثل رأس الفساد في الولايات المتحدة الأميركية ليس من اليوم أو الأمس ولكن منذ العام 1935عندما رفعت قضية ضد شركة «الكوا» لانتهاكها لقانون الاحتكار، إذ كانت مسيطرة على 90 في المئة من سوق الألمنيوم وكانت هناك كل المقومات لمحاكمتها بهذه التهمة وقد ظلت هذه الشركة متنفذة في الاقتصاد الأميركي والسياسة الأميركية بسبب أن هذه الشركة هي إحدى الجهات الداعمة جدا للحزب الجمهوري وفي عهد الرئيس بوش الأب جيء برئيس مجلس إدارة شركة «الكوا» لان يصبح وزيرا للمالية وقد أمضى سنتين فقط في الوزارة وبعدها تمت إقالته من هذا المنصب بسبب تهمة الفساد وقد أجبرت الحكومة الأميركية للتخلي عنه بسبب أن الفضيحة قد انتشرت بصورة كبيرة جدا، بالإضافة الى ذلك فإن شركة «الكوا» بجانب «سيتي جروب» أعلنتا كأكبر مؤسستين ضالعتين في الفساد في الولايات المتحدة وكانتا هاتان المؤسستان بالذات هما المسئولتان عن الترويج لاتفاق التجارة الحرة بين البحرين وأميركا قبل توقيعها.
السؤال الآن، في ظل هذا الوضع الذي فيه شركة «الكوا» متمكنة في الاقتصاد والسياسة الأميركية، هل من ضمانة بان تنجح القضية؟ يمكننا الرجوع لقضية العام 1935 عندما كسبت الشركة قضية الاحتكار المرفوعة ضدها، وفي حالة خسارتنا للقضية المرفوعة, وهو احتمال وارد، فقد تقوم «الكوا» بمطالبتنا بتعويضات, فمن الذي سيكون مسئولا عن ذلك؟
الكوهجي رئيسا لمجلس لإدارة «ألبا»
اعلنت شركة «ممتلكات» الاربعاء الماضي (16 ابريل / نيسان 2008) تعيين محمود الكوهجي رئيسا لمجلس إدارة شركة ألمنيوم البحرين (أالبا)، وستكون واحدة من أهم الملفات التي ستعامل معها موضوع الفساد في الشركة الذي انتقل الى محكمة أميركية في ولاية بينسلفانيا الأميركية منذ فبراير / شباط الماضي.
كما أن وزارة العدل الاميركية فتحت تحقيقا جنائيا وطلبت من المحكمة المدنية تأجيل النظر في القضية إلى حين اكتمال التحقيقات الجنائية.
وفي استراليا، فتحت الجهات الرسمية هناك أيضا تحقيقا في الموضوع الذي طرقته ألبا، وهو قيام شركة ألكوا الاميركية يتزييد سعر الالومينا على مدى 15 عاما مقابل ان تدفع رشوة الى احد مسئولي الحكومة البحرينية بهدف ضمان الفوز بمناقصة تزويد الالومينا، وان ذلك كلف ألبا أكثر من ملياري دولار.
العدد 2054 - الأحد 20 أبريل 2008م الموافق 13 ربيع الثاني 1429هـ