تتكدس قرابة 200 ألف طن من الرز في مخازن في دكار، لكن السنغاليين الذين تقلصت قوتهم الشرائية بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، لم تعد لديهم الوسائل لشراء ما يكفيهم من هذه المادة الأساسية لتلبية حاجات غذائهم.
وقالت ربة عائلة بعد مشاجرة صاخبة مع صاحب متجر في حي شمال دكار «يقولون عبر الإذاعة أن سعر الكيلو 280 فرنكا إفريقيا (0,42 يورو)، والتجار يبيعوننا إياه بـ 300 فرنك إفريقي (0,46 يورو). (..) انه ثمن مرتفع جدا، لا يمكننا تحمله».
أما البائع فدافع عن نفسه قائلا «الرز موجود، لكن يجب أن يدفع ثمنه. وهو مرتفع الثمن بالنسبة إلينا نحن أيضا».
وأمام ارتفاع أسعار الرز على المستوى العالمي، علقت الحكومة أولا الرسوم الجمركية ثم أعلنت في 12 ابريل/ نيسان دعمها للرز المستورد - كله من آسيا - الذي يهيمن على السوق السنغالية بحيث يدفع المستورد 2000 فرنك إفريقي للطن الواحد نحو (3 يورو) في حين يدفع تاجر الجملة 5 آلاف فرنك إفريقي للطن نحو (7,62 يوروات) ويدفع بائع التجزئة 15 فرنكا إفريقيا للكيلوغرام الواحد نحو (0,02 يورو).
لكن ومنذ ان قلصت كبريات الدول الآسيوية المصدرة للرز (الهند وفيتنام ...) مبيعاتها إلى الخارج أو علقتها لتلبية حاجات سكانها المحليين، يتواصل ارتفاع الأسعار.
ومع ذلك، فإن السنغال تملك مخزونات من الرز تكفي لتغطية الطلب المحلي لنحو «أربعة أشهر»، بحسب ما قال مصطفى تال، أحد المستوردين الذي يقول إنه يسيطر على 25 في المئة من السوق المحلية للرز.
وقال تال الذي يشتري الرز المعطر من تايلند ويخزنه في مستودعين كبيرين في الهواء الطلق في مباو نحو (10 كيلومترات من دكار) «اليوم هناك مخزون من 200 ألف طن من الرز» لدى كل المستوردين، أي ثلث الاستهلاك الوطني البالغ 600 ألف طن في السنة».
إلا أن هذه المخزونات الكبيرة تبقى ماليا بعيدة عن متناول قسم كبير من السكان الذين تبددت قوتهم الشرائية بفعل زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية.
وشهدت البلاد أخيرا تظاهرات ضد زيادات الأسعار في حين تعيش غالبية السكان بأقل من يورو في اليوم.
وأعرب سائق سيارة الأجرة المدعو بويا عن غضبه وهو يستمع إلى مناقشة إذاعية بشأن الموضوع وقال «إذا استمر هذا الأمر، فسنأكل جميعا الرمل».
وتقول الوكالة الوطنية للإحصاء والديموغرافيا (رسمية) «إن زيادة أسعار السلع الاستهلاكية في العام 2007 (كانت) أعلى في أعقاب مرحلة من التباطؤ غداة» خفض سعر صرف الفرنك الإفريقي بنسبة 50 في المئة في 1994. وقفز معدل التضخم هو الآخر إلى 5,9 في المئة في العام 2007 مقابل 2,7 في المئة في العام 2006.
من جهته، قال المسئول في البنك الدولي في (دكار) مدني تال في حديث مع مجلة فصلية تصدرها هذه المؤسسة الدولية ونشرت الجمعة «إن أسعار المواد الغذائية في السنغال أعلى 24 في المئة عن المعدل الإفريقي، وهي الأعلى» في المنطقة باستثناء الرأس الأخضر ونيجيريا.
من جهة أخرى، فإن الإجراءات المتخذة لدعم «السعر الاجتماعي» للرز لا يمكن أن تتحملها موازنة الحكومة على المدى الطويل، بحسب اقتصاديين.
وحذر المستورد مصطفى تال «أن المشكلة هي في إمكان الصمود حتى الموسم المقبل. (...) فالحكومة ستراجع سياستها الزراعية» لإنتاج المزيد من الرز وذات نوعية جيدة، وكذلك إيجاد الظروف لسوق مناسبة.
وأعلن الرئيس السنغالي عبد الله واد أخيرا أن الهند وافقت على تزويد بلاده بـ 600 ألف طن من الرز الضرورية لتغطية استهلاك سنة واحدة وعلى مدى ستة أعوام، وهو الوقت الكافي للسنغال «للقيام بثورتها الزراعية» وبلوغ الاكتفاء الذاتي على الصعيد الغذائي.
العدد 2061 - الأحد 27 أبريل 2008م الموافق 20 ربيع الثاني 1429هـ