***
لماذا تلح عليّ «صُدْفة»؟ ... ما زالت أخاديد جسدي التي حفرَتها بأظافرها الأليفة شاخصة كلما نشج مزمار الوحشة ... كلما لفظتني الأقاليم ... كلما اقمت في الأماسيّ الخاوية من اللذة وطهر الأصدقاء ... لماذا تلح عليّ «صُدْفة» ؟ كلما تذكرت «نادرة»... عضو لجنة «الهجرة» ... بوجهها المشطور وهيئتها الملطخة بتاريخ القرابين وفرائس ما بعد الفجر!.
ما زلت أتذكر دم «صُدْفة» وهو يسيح من جدران خربة في شارع « ابن عبّاد»... كنت يومها أنهيت زيارة صديقي «الراوي» ... المقيم الطاعن في الدار الطاعنة ... كنت شارد الذهن والملامح ... لم أتكلم يومها كثيرا ... كنت مطرقا طوال الوقت ... وهذا ما دفعه لاستئناف قراءته لكتاب حول «الملاريا في غابات الأمازون» .... ما زلت أتذكر انحناءتها الشامخة أمام مئذنة توشحت قمتها بأسراب حمام أبيض ... وبعد مئات من الأمتار لم تتردد في الإنحناء ثانية أمام برج كنيسة!.
- ما الذي تنشده من هذا العالم أيها الذاهب للدسائس في عرينها ... هادئا كلما غشت العالم جحافل من البراكين ... كلما انتحرت النيازك على هذا التراب الأبدي؟.
- أريدك أنت ... يا شهاب الروح ... أنا تربتك الأبدية!
ذات مساء أخذت مخفورا الى «اللجنة» ذاتها ... وحين ولجت الباب المؤدي اليها فوجئت بخمسة من الشواذ وسيدة - كما يبدو - تضج بالفحولة ... الغرفة خالية من الأثاث الا من كرسي يتوسطها وبقوائم ثلاث ... بصاق وبقع دم متناثر .. عُهد إلى رجلين في زاوية الغرفة بطرحي أرضا ليستريح الكرسي وقوائمه الثلاث على جسدي ... راحت السيدة - كما يبدو - تدور بخطوات وئيدة حول جسدي وكلتا يديها متشابكتين وراء ظهرها ... حملقتُ في حذائها الرخيص ... كانت هي الأخرى تحملق فيّ وكأنها ألِفتْ ملامحي ... جسدي المنذور للطعنات ... جسدي الذي اصبح مختبرا لكل ذي عاهة أو عقدة ... لكل الكائنات التي رُوّضتْ بعد طوافها على جسدي.
في هذا المكان... حين ترتكب الصمود وتكابر في إعلان ألمك وصراخك ... يكون ذلك بمثابة دعوة مفتوحة للإمعان في الممارسة ... يكون مدعاة لفيض من المحاولة لن تتمكن من تخيلها لأنك ستكون مشغولا بالمساحات التي ستنطفئ رويدا رويدا في جسدك.
أحد الشواذ الخمسة كان يتلمظ كأنه أمام وجبة فاخرة بعد زمن من الفاقة ... كان لا يتردد في دلع لسانه بشكل بطئ ... في الوقت الذي ترمقني فيه عيناه ذهابا في امتداد الجسد المنذور للحفلات الداعرة ... دون أن يكون له حق ارتيادها أو الخروج منها كما ينبغي!.
يضغط الحذاء / السيدة ... على موضعٍ أنجبت عبره طفلين قبل عشرين عاما لم أرهما بعد !.
لماذا تلح عليّ «صُدْفة» ... كلما تذكرت الحلم الغابر في أن أذهب إلى الجامع دون ان يكون الرصيف المؤدي اليه ملغما بالقاذورات وما ينقض الوضوء ... ؟ كلما تذكرت عروجي عليها بعد الصلوات الوجلة!.
- بماذا تحلم ؟
- أحلم بأن تكوني أكثر صدقا في عنفك وقسوتك عليّ!
- وهل كذبت في ذلك؟
- لا ... لا أبدا ... بل هذا ما أحلم به أيضا ... أن تكذبي ليتعلم الصدق منك ما يحميه من ليل الزور!.
مذعورة الخطو
لهفي على نفسي...
لهفي على يومٍ مضى
لم اقترفْ أخطاءه
لهفي على أمسي...
(2)
يا أنتِ يا أنتِ...
كم مرَّة لابد أن أنسى
لكي أذكر شيئا
من ندى الوقتِ...
يا أنتِ ياوقتي...
يا أنتِ يا كل «الصدى»
المبثوث في أيامنا
يا حكمة «الصمتِ»...
(3)
كوني كما أنتِ...
كوني مدى حرَّا
لكي أعرف منْ أنتِ...
يا أنتِ يا أنتِ...
مذ أنْ عرفتُ الحبَ لم أعرفْ سوى وجهكِ
في مرآة هذا الكون
إذْ أنتِ كما أنتِ...
(4)
يا وصْلَ ايامي...
يا «صوت» هذا الوهم
إنْ شئتِ
ويا صورةَ أحلامي...
(5)
مذعورة الخطْوِ
مذعورةٌ ... مذعورةٌ
في النومِ والصحْوِ...
(6)
مرَّرْت آياتي...
مرَّرْتها ... مرَّرْتها
لم أنتبهْ
لم أنتبهْ للنص في حزنيَ
لم أحسن لآهاتي...
(7)
يا ترفة النهْدِ...
يا حرَّة في القرْب والبعد...
(8)
أسماء ... أسماءُ
بحر كأنَّ الروحَ فيكِ تشدُّني
أمٌّ وآباءُ...
(9)
يا ليت يا قلبُ...
يا ليتَ أنسى غصتي
يا ليتني يا ليتني النهْب...
(10)
الضدُّ في الضدِّ ...
قلب مضى في تيهه
ينشد «وصلا» في عمى «الصدِّ» ...
العدد 2064 - الأربعاء 30 أبريل 2008م الموافق 23 ربيع الثاني 1429هـ