العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم

في أحد مجالس العزاء ، المقام على روح أحد الأقرباء، أوصى التبن الأكبر للفقيد، فضيلة الشيخ بأن يجري الأمور الاعتيادية بعد نهاية القراءة، ومنها أن ينبه الحاضرين إلى أن من كان له ثمة دين في رقبة الفقيد فعليه أن يراجع أبناء الفقيد...

وفي اليوم الأول من مجلس العزاء كنت حاضرا، واستمعت إلى هذه الملاحظة وكذلك في اليوم الثاني، لكن ما أثار انتباهي وأجج دهشتي هو التباين في طريقة طرح هذه الملاحظة، ففي اليوم الأول كانت اعتيادية، أما في اليوم الثاني كان الشيخ متشددا فيها، إلى حد أن طالب المدعي بإثبات المديونية بأدلةٍ وشهود، وقد كررها أكثر من مرة... هذا التباين وهذه الشدة ولّدا لدي بعض الفضول، فأيقنت أنه لابد من خافية وراء ذلك، وحينما استقصيت الأمر من أحد أبناء الفقيد، أخبرني أن رجلا أتى إليه مدعيا أن له دينا في رقبة الفقيد ولم يقم بإرجاعه إليه، فسأله الابن عن المبلغ والفترة لهذا الدين، فقال إنه (60) دينارا ومن ستة أشهر... هذه الإجابة كانت كفيلة بأن تشعل الشك في ذهن الابن، فإلى جانب أن والده لم يعتد الاستلاف والتدين من أحد، كان أيضا مريضا ومقعدا لأكثر من ثمانية أشهر على السرير الأبيض، مما دفعه هذا الشك إلى أن يستفسر من بعض أصحابه عن حقيقة هذا الرجل، فتفاجأ بعد أن أخبروه بأن هذا الرجل كذاب ودجال، وهذه أحد ألاعيبه الرخيصة التي يتاجر بها دوما في مثل هذه المجالس.

رحت بعد ذلك أتأمل وأتساءل في نفسي هل حقا وصل البعض إلى هذا الحد من الدناءة والخسة والتعري من لبس أثواب الكرامة واحترام الأموات وعوائلهم؟ وهل في مثل هذه الألاعيب فطنة وذكاء أم انحطاط؟ وكيف هو موقف أمثال هؤلاء غدا أمام رب العالمين وحينها لا ينفع الندم ولاتحين مندم؟ «وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا».

محمد المعاميري

العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً