العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ

جعفر و «كيمياء الروح» على أرض هذا الوطن

الخلق العظيم والاحسان كان صاحبه سيد الخلق، ذاك الذي (ص) تعظم شخصه بالتواضع والعرفان، ليكسو به ثوبا للاسلام، فزمجر الاسلام الأديان والثقافات برمتها بنزعة روحية تسخر عالم المادة لعالم الروح. ولكن توالت اعقاب من الزمان على الاسلام وتلك النزعة أحيانا في ازدهار وخمود ثم ترك ثم احياء لتتباين قوتها من زمان الى زمان ومن مكان الى مكان.

لنصل الى مرفأ هذا الوطن، الذي اشتهر أهله بالعرفان والمحبة وكانوا ومازالوا من أتباع هذا المسلك المقدس. وكان منهم رجال عظام تركوا بصمتهم في تاريخ البحرين بتواضع شخصهم وزهدهم في الحياة، لتصبح ملهما قويا في غرس روح الجماعة في تلك البقعة والتخلص من التفكك والهموم النفسية.

هذا المقال يكشف النقاب عن حياة وكرامات رجل من أحد هؤلاء الرجال العظام... السيد جعفر عبدالله عابدين. إن هذا الرجل البسيط قد ترقى بشخصه بعناصر أخرى غير بديهية، فأصبحت تلك العناصر غذاء للروح لإيصالها الى مرتبة عالية الشأن تكمن فيها معاني الإسلام كلها.

قد ينظر البعض الى تلك المرتبة والشأن العالي في الاسلام، كأن للوصول اليها منصات وسلالم وهي التمسك بالدين والالتزام بالأحكام الشرعية وممارسة عبادات نهارية وليلية فهي لا تخص الا علماء الدين.

وإني لا أنكر منزلة العلماء من الوقار والشأن، ولا أنفي أن الالتزام بالدين كفيل برفع الشأن والمقام، ولكن هناك ما يرقى بشأن الانسان من درجات الايمان وينقي روحه ويلقبه بلقب المؤمن الحقيقي.

السيد جعفر عبدالله عابدين، ذلك الصيدلي البسيط، قد تفوق في ثقافته وعلمه وخبرته وحكمته لدرجة أن وهلات بسيطة من الزمن في مجالسة هذا الرجل أصبحت أمنية كل من يعرفه لأنه يضفيك علما غير عادي، وعلى رغم بساطة شخصه، فإنه قد تميز بتمسكه بالاخلاص الشديد في العمل وتطهير النفس وتواضع الشخص وتذليل وقته وجهده من أجل خدمة الناس من دون النظر الى اللون والجنس واللسان والدين.

العطاء هو رمز شخص جعفر الذي لطالما جاهد من أجل مد جسور التواصل في بنية الحياة الاجتماعية على أرض وطنه، فقد كابد من أجل حل المشكلات الاجتماعية للناس، وضحى بوقته هو وزوجته التي كانت تسانده في المشوار نفسه ليتحررا من خناقات عالم المادة ويكونا ارهاصا في طريق اصلاح المجتمع وراحة الناس. وقد يشهد كل من يقرأ هذا المقال ويعرف شخص جعفر ان صاحب هذا القلب الكبير خير معلم لمعاني التسامح والعطاء والاخلاص علاوة على تفوقه وكفاءته في فن العلاج والصيدلة مما ساهم كثيرا في خدمة الناس والوطن.

هذا الرجل عمل في خدمة الوطن باعتباره صيدليا لمدة 50 عاما من الزمن، وكان يضيف البسمة على شفاه كل مريض يلقاه بروح من المواساة أو المرح، وبالتواصل معهم في غير أوقات دوامه من أجل علاجهم وخدمتهم هو وزوجته البسيطة التي كانت جزءا لا يتجزأ من روحه النقية.

ناهيكم عن الجوانب الأخرى من سيرة حياته، إذ يعجز القلم ولا تسع كتب لذكرها، وقد يذهل العقل من وجود مثل هؤلاء الناس في حياتنا العادية ليضفي على هذا الوطن مجدا من الخير والبركة الإلهية.

أيها العظيم السمح! اعذرني واعذر قلمي. أعلم أنك تمقت بزهدك أن يمدحك مادح أو يدون سيرتك، ولكنني أردت فقط أن يعلم الناس في وطننا هذا، أن صيدليا بسيطا مثلك، حقق مجدا كبيرا للوطن وأكبر نجاحا وهو ابتكار علاج جديد ألا وهو «كيمياء الروح».

ابنة الوطن

فاطمة مراد

العدد 2070 - الثلثاء 06 مايو 2008م الموافق 29 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً