على مسافة أقل من ساعة بالسيارة من وسط لوس أنجليس تعمل آلة بحجم شاحنة صغيرة بلا هوادة في دك أطنان من بقايا الطعام والمناشف الورقية وغيرها من مخلفات البيوت على جانب تل يصل ارتفاعه الى 300 قدم.
وبالنسبة إلى شركة ويست مانجمنت (إدارة المخلفات) التي تدير الموقع فإن هذا التل أكثر من مجرد جبل من القمامة. إذ تمتد شبكة من الأنابيب تحت هذا التل لاستخلاص الغاز من القمامة المتعفنة وتحوله إلى محطة لتوليد الكهرباء.
وباستثناء الآلة ذات العجلات الضخمة التي تدك سطح التل فإنه يبدو للناظر مثل تل عادي. بل إنه يخلو من الروائح الكريهة. لكنه يولد كهرباء تكفي لاحتياجات 2500 منزل في جنوب كاليفورنيا.
قد تختلف المسميات من قمامة ونفاية وزبالة لكن النظرة للمخلفات التي ينتجها الإنسان وتبلغ 1,6 مليار طن في مختلف أنحاء العالم كل عام بدأت تتحول الى اعتبارها مصدرا لطاقة نظيفة.
ومع تصاعد المخاوف بشأن التغيرات المناخية وأسعار الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي بدأ عدد متزايد من الشركات الاستثمار في سبل لاستغلال غاز الميثان في توليد الكهرباء للمنازل والسيارات. وفي مختلف بقاع الأرض فإن مقالب النفايات التي تديرها السلطات البلدية لجمع النفايات ودفنها تعد من أكبر مصادر غاز الميثان الذي يزيد تأثيره على حرارة كوكب الأرض 21 مرة على تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويقول مؤيدون لفكرة استغلال غاز الميثان إن جمعه وحرقه لتوليد الكهرباء سيؤدي إلى أضرار أقل للبيئة لأن غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن حرقه سيكون أقل ضررا للبيئة من غاز الميثان نفسه.
وفي الولايات المتحدة، فإن شركات القمامة مثل ويست مانجمنت والايد ويست اندس تريز تتوسع بسرعة في مشروعات استغلال مقالب النفايات لتوليد الكهرباء وفي الوقت نفسه، فإن شركات جديدة تعمل على تطوير أحدث الأساليب التكنولوجية لتحويل القمامة الى إيثانول وغاز وكهرباء. ويقول مدير تطوير الطاقة المتجددة بشركة الايد ويست، تيد نيورا ومقرها فينكس: «نحن قادرون على تحويل هذا المورد الى قيمة مالية بالنسبة إلينا... وهذا يفيد في تحسين دخلنا».
وتولد شركته الطاقة في 54 موقعا من مقالب النفايات التابعة إليها وعددها 169 في الولايات المتحدة كما أنها بصدد تطوير 16 مشروعا اضافيا. وقال نيورا إن الفوائد البيئية ميزة اضافية.
لكن دعاة حماية البيئة ليسوا بالقدر نفسه من الحماس لهذه المشروعات، إذ يقول مدير سياسات الطاقة المتجددة بمجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية ناثانيل غرين إن محاولة الاستفادة من مواقع النفايات أقرب الى «تجميل خنزير بأحمر الشفاه». ويضيف أن على الانسان أن يبذل جهدا لتقليل القمامة. وتولد أوروبا أكبر نسبة من الغاز الحيوي أو الميثان المستخلص من النفايات أو مخلفات الحيوانات وغيرها من المواد العضوية إذ تمثل ألمانيا وحدها 70 في المئة من السوق العالمية. وفي بريطانيا فإن الغاز المستخرج من مواقع النفايات يمثل ربع الطاقة المتجددة المنتجة بالبلاد ويولد كهرباء تكفي نحو 900 ألف منزل.
وبدأت مشروعات تحويل النفايات الى طاقة تنتشر في العالم النامي إذ أدى النمو السريع إلى زيادة حجم نفايات المدن لكن جهود الاستفادة من غاز الميثان المستخلص منها كانت أبطأ وتيرة
العدد 2085 - الأربعاء 21 مايو 2008م الموافق 15 جمادى الأولى 1429هـ