العدد 2088 - السبت 24 مايو 2008م الموافق 18 جمادى الأولى 1429هـ

«لجنة المدرسين»: إدارة التربية الرياضـية بحاجة إلى تطوير شامل لتنتج المواهب الرياضية للبحرين

ناشدوا سمو ولي العهد التدخل لإصلاح الوضع العبثي القائم...

صرحت «لجنة المدرسين» من أساتذة التربية الرياضية ان الرياضة المدرسية في 30 عاما لم تشهد أي تطور على مدار 30 عاما، بل شهدت تراجعا وانتكاسات تتحمل جزءا كبيرا منها إدارة التربية الرياضية في وزارة التربية والتعليم التي تحتاج إلى إصلاح جذري بحسب وصفهم، مناشدين في الوقت نفسه صاحب السمو ولي العهد الأمين بالتدخل من أجل إصلاح واقع التربية الرياضية في مدارس البحرين.

وقال المدرسون: «باعتبار أن صاحب السمو ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية يتبنى مشروع إصلاح التعليم في مملكة البحرين من خلال مجلس التنمية الاقتصادية فإننا نتمنى أن يشمل هذا الإصلاح أيضا التربية الرياضية ومناهجها لتكون فعلا قادرة على إنتاج الرياضيين المميزين لمملكة البحرين ولتكون البداية الصحيحة للتنمية الرياضية في البلاد».

وعبّر مدرسو التربية الرياضية عن أملهم في أن يشمل التطوير إدارة التربية الرياضية، معتبرين أن هذه الإدارة لا تقوم بالواجبات المطلوبة منها، ومقدمين مجموعة من الاقتراحات التطويرية التي تشمل مختلف المجالات من أجل النهوض بمستوى الرياضة المدرسية.

وبيّن المدرسون أنهم يتكلمون عن الأداء الرياضي، وعن الأداء الإداري والأداء التنظيمي على مدار أكثر من 30 سنة.

جاء ذلك في اللقاء الشامل الذي استضافه «الوسط الرياضي» لمدرسي التربية الرياضية وغابت عنه إدارة التربية الرياضية في وزارة التربية والتعليم على رغم توجيه الدعوة لها من قبل «الوسط الرياضي» منذ مدة طويلة.

وحضر اللقاء 4 من المدرسين الأوائل للتربية الرياضية يمثلون مجموعة تهدف إلى تطوير الرياضة المدرسية، وهم كل من: معلم أول تربية رياضية إبراهيم خميس والحاصل على الماجستير في الإدارة بعنوان «الكفايات القيادية اللازمة لمعلمي التربية الرياضية لمرحلة التعليم الأساسي لمدارس مملكة البحرين الحكومية»، وهو حكم دولي في كرة الماء.

ومعلم أول تربية رياضية صالح حسن الحاصل على شهادة الماجستير في علم التدريب بعنوان «معوقات معلمي التربية الرياضية للعمل في مجال التدريب الرياضي في مملكة البحرين»، وهو لاعب دولي سابق في رياضة تنس الطاولة وحاصل على فضية أبطال العرب العام 1993 وبطل البحرين من العام 1994 إلى 2003.

ومعلم أول تربية رياضية يحيى زكريا وهو بطل دولي سابق في رياضة رفع الاثقال وحاصل على ذهبية بطولة العرب عامي 86/87، وسادس الدورة الآسيوية وصاحب الرقم العربي العام 1988 لفئة الناشئين وبطل البحرين من العام 1982 إلى 1993. وهو حاصل على دبلوم عال في التدريب من جمهورية ألمانيا العام 1998، وعضو سابق في مجلس إدارة الاتحاد البحريني لرفع الأثقال والتربية البدنية.

ومعلم أول تربية رياضية عبدالجليل أحمد اللاعب السابق في الفريق الأول لكرة القدم بنادي رأس الرمان.

وبينوا أن لهم دورهم في التربية الرياضية من خلال عملهم على مدى السنوات الماضية والخبرة الكبيرة التي امتلكوها في هذا المجال، لذلك فإن ما يطرحونه نابع من خبرتهم ومن الواقع الذي يعيشون فيه.

وقالوا: «نحن عاصرنا مرحلتين وإدارتين للتربية الرياضية في الوزارة إلا أن شيئا لم يتغير على أرض الواقع».

وبينوا أن اختيارهم لهذا التاريخ تحديدا في طرح الموضوع من خلال الصحافة المحلية بسبب وجود مشروع إصلاحي كبير من سمو ولي العهد متمثل في مجلس التنمية الاقتصادية وأن من واجبنا المهني والوظيفي أن نشارك في هذا الاصلاح، ونرى من واجبنا كمدرسين أن هناك الكثير من الجوانب يوجد فيها خلل وعلينا أن نعمل على اصلاحه بصورة أفضل مما هو عليه الآن.

وأكدوا أن هذا الطرح هو تقييم لعمل، وليس تقييما شخصيا، إذ تربطنا علاقات وثيقة مع الجميع في وزارة التربية والتعليم وفي إدارة التربية الرياضية خصوصا.

وتناوب معلمو التربية الرياضية على الحديث في مختلف المحاور الموجودة على بساط البحث.

وأوضح مدرس التربية الرياضية الأول عبدالجليل أحمد، أن لجنة المدرسين أرسلت رسائل إلى وزير التربية والتعليم وإلى مديرة إدارة التربية الرياضية من أجل إصلاح مادة التربية الرياضية في المدارس.

وقال: «نحن استبشرنا خيرا بعد تصريح مديرة إدارة التربية الرياضية بخصوص عقد اجتماع تنسيقي بهذا الشأن مع المدرسين إلا أن هذا الاجتماع لم يسفر عن أي شيء».

وأضاف «هذا الاجتماع لم يخرج بنتيجة، والواقع مازال كما هو عليه منذ أكثر من 20 عاما».

وتابع «منذ السبعينات تم تغيير المناهج وتطويرها واستمر هذا في الثمانينات والتسعينات إلا أن هذا التغيير لم يضف الكثير على مختلف المستويات، وعلى مستوى المسابقات عمل روتيني متكرر ولا جديد فيه».

وأكد الحاضرون أن التربية الرياضية هي المادة الوحيدة التي تمتلك إدارة خاصة بها في وزارة التربية والتعليم على عكس جميع المواد الأخرى التي لا تمتلك هذه الإدارة، وهنا نتساءل عما أضافته هذه الإدارة للواقع الرياضي المحلي.

وقال: «مخرجات جميع المواد التدريسية مرتبطة ببعضها بعضا في حين أن المخرج لمادة التربية الرياضية لا يتعلق بالمواد الأخرى، فأساس الرياضة البحرينية هي الرياضة المدرسية التي تخدم 129 ألف طالب وبالإمكان استثمارها بشكل صحيح لتطوير الرياضة المحلية».

وأضاف «رسم المناهج يجب أن يتم وفق سياسة ورؤية معينة بدليل أن التركيز على ألعاب معينة على خلاف ألعاب أخرى، وهذا يتم بطريقة ارتجالية ومن دون سياسة واضحة».

عمل عبثي

وأكد مدرسو التربية الرياضية أن كل ما يعمل به في مادة التربية الرياضية ومن قبل إدارة التربية الرياضية هو عمل عبثي لمدة 30 سنة.

وقالوا: «الدليل على كلامنا أن وفد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لما قدم إلى البحرين لإعداد تقرير لتطوير كرة القدم البحرينية أوضح في تقريره أن هناك مدرسة واحدة فقط تصلح لممارسة كرة القدم على مستوى البحرين على رغم أنها الرياضة الأولى في البلاد والتي تحظى بأكبر اهتمام».

وتابعوا «التركيز في الرياضة المدرسية يتم على ألعاب معينة ليست مرتبطة بالواقع الرياضي للبلاد، إذ يتم التركيز على ألعاب القوى وعلى الجمباز مثلا على عكس الألعاب الأخرى ونحن لا نفهم لماذا يتم التركيز على هذه الألعاب، ونحن ندعو إلى منهج علمي في اختيار الألعاب الموجودة للتدريس في حصة التربية الرياضية، إذ على أي أساس يتم اختيار هذه الألعاب في الوقت الحالي».

القصور في عمل الوحدات

من جانبه، تطرق صالح حسن إلى محور القصور في عمل الوحدات التابعة لإدارة التربية الرياضة الأربع وهي: وحدة اللياقة البدنية والعروض الرياضية، وحدة التدريب، وحدة المسابقات، والموازنة وتوزيعها على المدارس.

وقال حسن: «هناك غياب للرؤية الواضحة للوحدات التابعة لإدارة التربية الرياضية، وهناك الكثير من نقاط القصور في هذه الوحدات الأربع من أهمها عدم وجود هيكل وظيفي واحد للإدارة ما يضطرهم إلى القيام بعملية انتدابات عبثية وعشوائية للإدارة من دون أي معايير واضحة لهذه الانتدابات، إذ إن هذه المعايير غير واضحة وغير مفهومة، ما يتسبب في عدم القدرة على توظيف الطاقات والإمكانات بالشكل الصحيح».

وأضاف «إلى جانب ذلك نتساءل أيضا عن المعايير التي يتم من خلالها توزيع المدرسين والمدرسات على المدارس وهل هي مرتبطة بالعلاقات مع الاختصاصيين؟!».

وتابع «بعض المدارس فيها إمكانات وبعضها الآخر لا يوجد فيها أي إمكانات، في تناقض كبير بين المدارس».

وأوضح حسن كذلك أن إدارة التربية الرياضية كانت تضم في الأساس 5 وحدات قبل أن تسحب منها وحدة المناهج، متطرقا إلى عرض تفصيلي عن كل وحدة وما تعانيه من قصور.

وقال: «وحدة اللياقة البدنية والعروض الرياضية تقوم باختبارات لياقة بدنية لجميع الطلبة كل عام إلا أنها لا تقدم أية معالجة للبيانات أو أي تقارير فنية عن الوضع اللياقي وطرق التصحيح ما يجعل الهدف بحد ذاته هو إقامة هذه الاختبارات، في حين أن الهدف يجب أن يكون كيفية الخروج بنتائج عملية من هذه الاختبارات ولكننا لا نجد أي شيء منها».

وأضاف «هناك تخبط واضح في الوحدة وحتى إدارة التربية الرياضية باعتقادي لا تعلم ما هو دور الوحدة والعمل الذي تقوم به ما يجعل الوحدة تقوم بحشي مجموعة من الامور من دون أية فائدة».

وأكد حسن أن ما يتعلق بالعروض الرياضية التي تختص بها هذه الوحدة فإنه لم يسمع عنها أي شيء واقتصر الأمر على ما كان يعمل به في الثمانينات في حين أننا في العام 2008 وكل الظروف قد اختلفت، وأقل ما يقال عن هذا النموذج أنه متخلف تماما!

أما بالنسبة إلى وحدة التدريب فقد تساءل حسن عن دور هذه الوحدة الحقيقي وهل هو تدريب المعلمين أو المنتخبات المدرسية أم ماذا؟ وقال: «في الوقت الحالي لا نرى أي دور لهذه الوحدة باستثناء تنظيم دورة بين الحين والآخر، إذ إن الرؤية غير واضحة لدى الجميع بشأن الوحدة».

وأضاف «في السباحة مثلا يتم اختيار مدرب المنتخبات لتدريب منتخب المدارس كون هذه المادة لا تدرس في المدارس ومع ذلك لديها منتخب في الوقت الذي تجهل فيه الوحدة والإدارة تماما الكفاءات الموجودة في مجال السباحة بين المدرسين التربويين».

وتابع «أين هي الفرق المدرسية وهل هناك خطط مشاركة مبرمجة في المسابقات الدولية أم هي بحسب الأهواء وبحسب توفر الفرق من الطلبة الجاهزين».

وتطرق حسن كذلك إلى وحدة المسابقات التي وصفها بأنها صورة إدارة التربية الرياضية من خلال الشهرة الواسعة لهذه الوحدة، وقال: «مع هذه الصورة الباهرة إلا أن القصور في هذه الوحدة أكبر من بقية الوحدات؛ لأنه لا يوجد لها أي هيكل إداري واضح ويوجد فيها اختصاصيان اثنان فقط منتدبان من المدارس».

وأضاف «هل طريقة المسابقات التي تقام بين المدارس سنويا هي صحيحة؟ وما نتائجها الملموسة من انتقاء لاعبين جدد وحوافز للمدرسين وغيرها؟!».

وتابع «معظم اللعبات التي تنظم مسابقاتها تقام من دون تطبيق صحيح لنظام المسابقات الدولي، وهناك مسابقات للابتدائي والاعدادي على رغم أنها لا تدرس إلا في الثانوي كمادة اختيارية!».

وتساءل حسن عن انتاجية المدرسين في ظل أن المسابقات يفوز بها المدارس التي تمتلك لاعبين مميزين في أي من اللعبات، فمدارس الجفير مثلا قوية في كرة الطائرة وذلك بحسب المنطقة الجغرافية بمعنى أن المدرسين لن يكون لهم عمل حقيقي في الانتاج في ظل الوضع الحالي.

وقال: «كما أن توقيت إقامة المسابقات هو سيئ للغاية فمن غير المعقول أن تقام المباريات في الساعة الثانية والنصف ظهرا والجميع مرهق وهل هذا الأمر صحي بالنسبة إلى الطلبة؟».

وأضاف «كم هائل من المسابقات تنظم في فترة قصيرة لكن من دون رياضة حقيقة ومن دون إنتاج حقيقي فالهدف هو الكم لدى وحدة المسابقات وليس الكيف، وتقام هذه المسابقات من دون اساس علمي ودراسة حقيقية».

وواصل «من المفترض ألا يتم الاعتماد على لاعبين جاهزين وإنما على المدرس أن ينتج اللاعبين».

وأكد حسن أن إقامة المسابقات في بعض الألعاب غير مجدية تماما فمعظم المدارس لا تمتلك أجهزة جمباز مثلا ولا تمتلك صالة لإقامة هذه المسابقات، فألعاب القوى مثلا تدرس في كل المراحل على رغم عدم امتلاك المعدات اللازمة من أجلها ومن غير المجدي وضعها في المنهج.

أما عن الوحدة الرابعة فهي وحدة الموازنة التي تختص بتوزيع الموازنات على المدارس فقد وصفوها بإنها متفلسفة في توزيع الموازنة، وقالوا: «أين هي أوجه الصرف المحددة وأين مخصص دينار لكل طالب الضئيل أصلا والذي تمسك المدرسة بنصفه تقريبا في حين يقرر من خلال هذه الموازنة شراء آلات رياضية بمعنى في حال تم شراء طاولة تنس بقيمة 120 دينارا فإنك تصرف مخصص 120 طالبا، وهو ما يدفع المدرس إلى مباحثات ومناقصات للحصول على السعر الأقل بما يضيع وقته في أمور يجب ألا ينشغل بها وإنما يتفرغ للإنتاج والتطوير!».

خطط الإدارة للتمهين

بعد ذلك تطرق المدرسون إلى خطط إدارة التربية الرياضية في مجال تمهين وتطوير المدرسين مبينين غياب رؤية الإدارة الكاملة في هذا المجال، وقالوا: «نحن نتساءل عن تصريح لأحد المسئولين في الإدارة يقول فيه أن مرافقة الفرق المدرسية في البطولات الخارجية هو أحد ملامح التمهين! فمثل هذا التصريح يدل على قصور كامل في الرؤية وهو يخالف التمهين تماما؛ لأن التمهين قائم على رفع كفاءة المعلم وفق رؤية واضحة».

وأضافوا «هناك أمور تدعو للاحباط تماما في ظل الواقع الموجود، إذ لم تطرح أية دورات تدريبية للمدرسين الأوائل على رغم أنها شرط للترقي في السلم الوظيفي ولا نعلم أي شيء عنها فالأمور غير واضحة أبدا».

وأكد المدرسون أن اختيار الاختصاصيين في الإدارة لا يخضع لأي من معايير التمهين ولا يوجد أي تدقيق على عملية الاختيار، إذ إن هناك تجاوزا للتمهين وللطموح الوظيفي.

وقالوا: «اختيار المدرس الأول يستلزم وضع اختبارات دقيقة وكأنها لوظيفة طيار، في حين يتم اختيار الاختصاصيين المشرفين على هؤلاء المدرسين من دون أي اهتمام وبعبثية ومن دون اختصاص وبطريقة الانتداب».

الإدارة لا علاقة لها بالميدان

وبين المدرسون أن إدارة التربية الرياضية ليس لها علاقة بالميدان، إذ إنها لا تهتم بأي مقترح يرفع إليها من قبل المدرسين ولم تقم بمناقشة أي مقترح بأسلوب علمي.

وقالوا: «ما يتم تطبيقه مختلف تماما عن النظريات الموجودة في إدارة المناهج كما أن الإدارة لا تعترف بأي قصور وهذه هي المشكلة».

وضع البيئة بين الماضي والحاضر

كما تطرق المدرسون إلى وضع الصالات والمنشآت الرياضية في المدارس بين الماضي والحاضر، مبينين وجوب أن تبنى هذه الصالات وفق أسس علمية وبموافقة إدارة التربية الرياضية التي يجب أن يكون لها تدخل مباشر في الموضوع، فالصالات الموجودة غير قانونية في معظمها وغير آمنة أيضا حتى أنه لا توجد أية صالة في المدارس تطبق فيها القوانين.

وأضافوا «الملاعب الخارجية كذلك غير صالحة في معظمها وغير قانونية، كما أن المباني بدأت تحاصر الملاعب من مختلف الاتجاهات وتقضم من مساحتها والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بين في تقريره أن 206 مدارس في البحرين لا يوجد فيها ملعب كرة قدم صالح!».

وتابعوا «في الثمانينات كانت صالاتنا هي الأرقى على المستوى الخليجي في حين أن الوضع الحالي متخلف تماما، والمشكلة أن المدارس الجديدة التي تبنى أيضا تنشأ فيها الصالات بالمشكلات نفسها السابقة ونحن محتارون كيف ان إدارة التربية الرياضية بهذا الوضع».

تباين النظرية والتطبيق

وقدم المدرسون شرحا عن مبررات عدم وجود ربط استراتيجي لخلق رياضة وطنية وفق أهداف واضحة المعالم من خلال غياب الربط الاستراتيجي والمنظومة المتكاملة فهناك تباين كامل بين النظرية والواقع، إذ من المفترض أن يكون المنهج الدراسي متطابقا مع الخطط الوطنية للرياضة.

وقالوا: «هناك مثلا تركيز كبير على رياضة الجمباز في المدارس ومنذ الثمانينات أو قبل ذلك في الوقت الذي لا يوجد فيه اتحاد وطني للجمباز الذي لم يتأسس إلا في العام 2004!».

وأضافوا «لا توجد رياضة إنجاز في المدارس كما لا توجد أية رؤية لتدريس المواد الرياضية».

غياب الكوادر المميزة

وتساءل المدرسون عن الكوادر الموجودة في إدارة التربية الرياضية وعن سبب غياب الكوادر المميزة عن هذه الإدارة، وقالوا: «الإدارة تقف ضد التطوير وضد الترقي، بل الأكثر من ذلك نتفاجأ بأنها تمنع حتى التطوير الذاتي من خلال العتب الذي يلحق بمن يسافر إلى دورات خارجية!».

وأضافوا «أين تسير إدارة التربية الرياضية مع المدرسين الأكفاء وما هو المستقبل في ظل هذه السياسات؟!».

رؤية من أجل التطوير

وقدم المدرسون رؤيتهم لأجل تطوير التربية الرياضية من خلال إصلاح الإدارة العاملة عليها، فإدارة التربية الرياضية تحمل على عاتقها مسئولية كبيرة ومعالجة لأوضاع فئة عمرية من سن 6 حتى 18 سنة بإجمالي عدد يبلغ 129373 طالبا وطالبة موزعين على 206 مدارس مختلفة، وينضوي تحت إشراف هذه الإدارة 700 معلم ومعلمة تقريبا، وحين نتكلم عن التربية الرياضية بالمفهوم الحديث نرى مدى اتساع الفجوة بين ما نراه مطبقا لدينا وبين ما يتبع، هذا إذا ما قارنا الأسلوب المحلي المتبع من جهة والمنهجية في دول أكثر تقدما في مجال التعليم من جهة أخرى لنقاط ستوضح عدم وجود رؤية واضحة يتم من خلالها رسم استراتيجية لرياضة مدرسية يمكن من خلالها الوصول لهدف يمكن قياسه على أرض الواقع، فإدارة التربية الرياضة التي وصل عمرها أكثر من 30 عاما ومناهجها التي وصل عمرها 20 سنة تقريبا ومسابقاتها التي تنظم على مدار كل هذه السنين تبقى حبيسة نمطية وأسلوب تقليدي لا يرتقي للأهداف التي تعلنها الإدارة نفسها لمعلميها من خلق عادات وسلوكيات بدنية وصحية وتعميم ذلك على طلبة المدارس بأسلوب بدني شائق من خلال حصص التربية الرياضية وجعل المدارس منطلقا لأبطال المستقبل الرياضيين ضمن فئة الموهوبين، فالسؤال الذي يطرح نفسه ماذا قدمت الإدارة طوال تلك السنين لتحقيق هذا الكلام؟!

ومن هذه المنطلق نقدم مجالات التطبيق الميداني والتي تحتاج لمعالجة جذرية من أجل العمل على تطوير الرياضة المدرسية وذلك على النحو الآتي:

1- استراتيجية المنهج المتبع: تبقى عملية رصد المنهج وعلاقته بالخطة العامة للبلد غير مفهومة وغير واضحة، ولكن الواضح جدا غياب ما يسمى بالعلاقة التنسيقية التكاملية لدور الرياضة المدرسية مع الخطة العامة للانجاز الوطني، فليس هناك أساس موضوعي ومنطقي للرياضات التي يتم تبنيها في المناهج المدرسية ولا يوجد أساس لاختيار رياضات معينة عن غيرها في مناهجنا ولا توجد أية رؤية أو أي معيار موضوعي، فرياضة كالجمباز يتم الإصرار على تدريسها من المرحلة الابتدائية ويفرد لها مقرر في الثانوية من غير فهم الغرض من تدريسها، ففي معظم البلدان ذات الرؤية الاستراتيجية الرياضية يكون تنمية عنصر التوافق جانب مهم للفئات السنية الصغيرة كجانب حركي، ولكن في مدارسنا الأمر يتعدى ذلك بتوفير أجهزة الجمباز الغالية الثمن مثل حصان القفز والمتوازي والمتوافرة في معظم مدارس البحرين إلا ما ندر، والمفارقة العجيبة أنه ليس هناك صالة واحدة في مدارس البحرين متخصصة لرياضة الجمباز أو لأية رياضة أخرى ولا أريد أن يساء فهم ما ننادي به من تعديل فليس المطلوب هنا الإعداد لرياضة انجاز على مستوى المنهج ولكن إيجاد الأرضية المناسبة لخلق قاعدة للممارسة تحاكي البيئة والاستعداد لتغذية هؤلاء الناشئة بمفاهيم ووعي فكري يستوعب ما يمكن أن يفيده حياتيا من غير فصل وعزل البرنامج العام والذي يحاكي قدرات الطلبة العاديين حركيا وفئة الموهوبين حركيا فكلاهما يكمل الآخر، فكيف لك أن تبني مجتمعا رياضيا واعيا إلا من خلال زيادة قاعدة المشاركة والتي تبدأ من المدارس!

فما نخطط له من إنتاج أبطال المستقبل من خلال برنامج ومنهج عام لفئة جميع الطلاب هو مرحلة يجب أن تستكمل ببرنامج آخر خاص من خلال تبني المؤسسة نفسها الطلبة الموهبين، وتصميم برنامج دراسي ويوم مختلف عن باقي الفئات، فلا يمكن لمنهج كالذي نتبع أن يصل لشيء، وهذا مجرد مثل لسوء الرياضة المدرسية والذي يستلزم التعديل وإعادة التقييم على مستوى التخطيط الاستراتيجي.

ومن الشواهد الصارخة الأخرى لعدم وجود رؤية مدرسية صحيحة، عدم وجود مضمار جري في أي من مدارس البحرين! فكيف للطالب أو المعلم حل هذه المشكلة والتي هي في صميم العمل، فإن قلنا بعدم وجود إمكانات لتعليم رياضات المضمار فهناك خلل، وان قلنا بعدم وجود خطة لتضمين المدارس السابقة مضمارا، فما بال المدارس التي تبنى اليوم كسابقاتها! وإن قلنا إن المعلم يستطيع ان يتعامل مع المساحات الموجودة في المدرسة ويستخدمها لتدريس الحصة أقول يمكنه فعل ذلك ولكن النتيجة عدم وجود وعي وثقافة اللعبة وانتشار اللعبة سيكون مستحيلا، فالمعلمون يجيدون التعامل مع الظروف الصعبة وهذا حالهم دائما ولكن النتيجة الملموسة أن لا نتيجة.

2- حصص التربية الرياضية: والمعروفة سابقا قبل نحو 20 سنة هي اللعب الخالي من إشراف المعلم المباشر إلا ما ندر، أما الآن وفي هذه الفترة فإذا ما أراد المعلم تعليم مهارة معينة فإنه يستخدم أسلوب الحصة الذي تنادي به الإدارة من حيث التركيب الفني بعد تخريج دفعات من المعلمين الحاصلين على التربية في نهاية الثمانينات تقريبا، فحصل تغير في فهم حصة التربية الرياضية ولم يحصل تغير في التطبيق، وحتى بعد استحداث معلمين أوائل لهذا التخصص تطورت المفاهيم النظرية كثيرا ولكن بقيت المشكلة الأساسية في الواقع الميداني الفقير والذي لا يستطيع تطبيق ما يطرح من نظريات، لذلك فنتاج كل ما يمكن أن يدعي من عمل يتلخص في رأي المجتمع الذي لم يتغير لهذا التخصص بأنه لعب كرة فقط وبكل بساطة، ومعلمو المواد الأخرى ايضا يرون دائما أن تخصص التربية الرياضية هو الأسهل؛ نظرا إلى ما يلمسونه من حال يخلو في كثير من الأحيان من العمل الذي يمكن أن يقارنه بعمله، وأنا لست في صدد الدفاع عما يراه البعض في مدارس معينة لفئات معينة قد يعطي انطباعا جيدا أو العكس، ولكن ما أطرحه هو أن النظرة العامة هي التي ذكرتها سواء شئنا أم أبينا، والزيارات تعكس واقعا غير حقيقي، والمطلوب خلاف الصورة السابقة إذا ما أردنا صدقية للعمل ونتاجا بمستوى الأهداف.

3 - الكوادر الموجودة في الإدارة:

لا ندعي عدم وجود كفاءات في الإدارة ولكنها نادرة، وما يؤخذ على هذه الإدارة على رغم من كل السلبيات التي ذكرت على مستويات كثيرة عدم الدقة في الاختيار لمعالجة الوضع بل الإصرار على العشوائية في الأداء وان لم تكن العشوائية فهي الأسوأ من دون شك، فلا مبرر مقنعا ولا قانون منصفا يسمح باختيار معلمين لم يتجاوز بعض ممن تم انتدابه 10 سنوات خبرة بينما هناك العشرات من المعلمين أصحاب المؤهلات والمبادرات الفكرية والتاريخ الطويل على مستوى الانجاز العالمي وهم خارج دائرة اهتمام الإدارة الارتجالية في إصدار القرارات.

4 - عدم وجود إرادة إدارية للعمل:

كثيرا ما نسمع حين نناقش القائمين على الإدارة عن سبب تدني المستوى في الإمكانات نرى إجابات تدل على سلب المسئولين الأعلى في الهيكل الوظيفي صلاحيات هي من صميم العمل الفني والذي يعد التفريط فيه تنازل عن كل الثوابت التعليمية فتطبيق كلام أي مسئول أعلى مهما كان خطأ ومهما كان ضارا بالعملية التعليمية يعد مجاملة ذات عواقب سيئة جدا، فلنا أن نتخيل مجموع هذه المجاملات من الرضى بموازنة خلاف ما تنادي به الإدارة وفق رؤيتها وصولا ببناء الصالات بمعايير تختلف عما تنادي به الإدارة انتهاء بفرض اخصائيين من قبل الوكلاء المساعدين الأعلى سلطة، وهذه شواهد قليلة وبينها الكثير من الأمثلة مما يدل على عدم وجود إرادة لتحقيق أهداف تم الإيمان بها بأنها فعلا صحيحة وهي من أهم مرتكزات العمل وتطويره.

5 - عدم وجود هيكل وظيفي يحاكي الطموح المعلن فضلا عن برنامج أكثر تعقيدا في المستقبل: هذه النقطة ترتبط مباشرة بسابقتها فعدم وجود هيكل وظيفي لإدارة عريقة كالتي نتكلم وعمود من أعمدة الرياضة في البلد خلاف المنطق الصحيح والتركيز على معالجة هذه الوضع بالانتداب أمر غير صحيح وعدم رفع مشكلات تؤثر على العمل للمسئولين أصحاب القرار لتغيير وضع لا يمكن الاستمرار عليه واجب وظيفي ووطني، فبالأمس وحدة المناهج كانت تتبع إدارة المناهج واليوم صارت تتبع الإدارة، والآن رجعت كما كانت لإدارة المناهج.

6 - تطوير المعلمين مهنيا:

لعل عدم وجود أي من الأمور التي تحدثنا عنها لا يتيح الكثير من الفرص لبرامج تطويرية وان تمت فهي من باب القيام بما هو مألوف ومطلوب ليس إلا، فهناك الكثير من الدورات والبرامج التي تطرح من قبل الكثير من الجهات الدولية بحسب اتفاقات مبرمة بين المملكة ودول أخرى والتي يمكن أن تستغل وتوظف لتحقيق أهداف واضحة المعالم.

7- اعتماد الإدارة على برامج لا تحمل مضمونا:

فالكثير من الأفكار والتي هي في الواقع برامج تم تطبيقها في أماكن أخرى يتم استيرادها لكل المدارس وهي ظاهرة سلبية جدا وخصوصا أن كل هذه البرامج التي تم التسويق لتطبيقها لم يرصد لأي منها أية موازنة، ما يعني بواقعية عدم التطبيق أو التطبيق بمستوى لا يرضي الطموح.

المعالجة التي يجب أن تبدأ لوضع حلول ادارية جادة لمشكلة الرياضة بصورة عامة والرياضة المدرسية بصورة خاصة كونها المرحلة التأسيسية للرياضة البحرينية هي تشكيل لجان تنسيقية مع الجهات التالية:

- المؤسسة العامة للشباب والرياضة: والتي من خلالها ينبغي وضع أهداف لنوعية الرياضات التي تهدف الدولة خلق أبطال لها من خلال معايير أكاديمية وليست مزاجية كما هو متبع وان يتم تبني المنهج الموضوع من قبل الجهتين لا أن يتم كما هو حاصل الآن من أن ما يتم طرحه في الدورات التدريبية التي تنظمها المؤسسة يختلف كليا مع مناهج الوزارة، فالتنسيق يخلق قاعدة عريضة جدا من الممارسين بمنهجية الأندية وبأسلوب تعليمي تربوي.

- جامعة البحرين: تخريج معلمين يحملون تخصصا تم التخطيط له من قبل القائمين على التخطيط الاستراتيجي الرياضي للبلد يختلف تماما عن ما يتم من مخرجات تفتقد الرؤية، فما حصل طوال تلك السنين أن الجامعة لها منهجية منعزلة تماما عن الساحة وهذا نابع من ضعف التنسيق والدوران في فلك استيراد المناهج وليس دراسة لاحتياجات البلد والمجال الذي ينبغي التركيز عليه، فتخصصات كثيرة يتم التعاطي معها بسطحية والمفروض تخريج معلم ملم بنوع أو أكثر من التخصص بمستوى محترف.

- وزارة البلديات: إذ إن تبني رياضة وطنية يحتاج لتعميم فكر وثقافة الرياضة، فنرى مثلا انتشارا لرياضة كرة السلة في أميركا وتنس الطاولة في الصين في المنتزهات العامة لتكون هذه الخطوة تأسيسية ضمن منهجية تنبع من إدارة التربية الرياضية.

التطوير الذي تسعى له الإدارة يبقى في دائرة العشوائية والعمل الارتجالي من دون وجود مقدمات موضوعية له، فالتحديث يجب أن يرتكز على خلفية من دراسة الوضع الحالي لا أن يكون التطوير مجرد استحداث برامج جديدة وأنشطة وفعاليات ونسف لما سبق ليس إلا، وهنا أمثلة عدة تدل على عدم جدوى ما يتبع حاليا كأسلوب ومنهجية للرياضة المدرسية، والغريب فعلا عدم مبادرة الإدارة بوضع حلول أكاديمية وعملية وفق رؤية مستفيضة، فنحن نرى أسلوب تعاطي حصة التربية الرياضية والتي هي مشكلة بحد ذاتها، إذ إن تركيب الحصة غير متبع وما تعتقده الإدارة يبقى اعتقادا وما يطبق فعليا بعيد عما هو مرسوم نظريا، وقد دأبنا العام الماضي على تقديم فكرة تعالج الوضع الذي لم يقد إلا إلى ما نحن عليه الآن، وبدل أن تطور الفكرة ويتم تبنيها فوجئنا بانتداب اخصائيين لم يتعد عمر مزاولة أكثرهم 10 سنوات وكأن الرسالة الموجهة ألا صوت يعلو فوق صوت الإدارة ولا مشروع ناجحا إلا ما يتم مباركته من قبلها، وكأن عقول المعلمين قد تجمدت ولم يبق لها من هامش إبداعي إلا التفكير بكيفية دعم الإدارة في كل ما تطرحه، وهنا مكمن الخطورة في العمل تحت قالب الرتابة لتطوير موقع حساس كهذا، وما نراه هو إصرار على تحميل معلم التربية الرياضية نتائج تدني مستوى الطلبة حركيا، وهذا ما لا اتفق عليه مع الإدارة إذ إن تحميل المعلم عبء النتائج المتدنية في المستوى العام هو خلاف الحقيقة والواقع، وإن صح فهل نستطيع أن نتهم جميع معلمي التربية الرياضية طوال أكثر من 30 سنة بالتقصير، الواقع هو أن المعلم يقوم بما يستطيع ضمن خطة ومنهج الإدارة، والتساؤل الذي يطرح نفسه لماذا لم تنجح المناهج وطريقة التدريس هي ذاتها وما يتم تطبيقه في جميع مدارس البحرين هو المنهج نفسه، فلماذا لا نرى الممارسة للعبة شعبية في منطقة قد انتشرت وصارت ظاهرة نتيجة الممارسة في المدرسة؟

مناشدة سمو ولي العهد

وقدم المدرسون هذه الرؤية إلى صاحب السمو ولي العهد الأمين على اعتبار أنه من يتبنى إصلاح التعليم في البحرين، وذلك لأجل إصلاح الرياضة المدرسية، مؤكدين أن هذه الرؤية هي انسجام مع مخطط إصلاح التعليم.

وناشدوا صاحب السمو ولي العهد التدخل لاصلاح التربية الرياضية في مدارس المملكة لأجل الارتقاء بمستوى الرياضة في مملكة البحرين.

العدد 2088 - السبت 24 مايو 2008م الموافق 18 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً