العدد 2092 - الأربعاء 28 مايو 2008م الموافق 22 جمادى الأولى 1429هـ

واشنطن تعطي الضوء الأخضر لفك ارتباط عملات الخليج بالدولار

قالت مؤسسة ميريل لنش المصرفية إن التقرير الذي تقدمه الخزانة الأميركية إلى الكونغرس عن موضوع الاقتصاد العالمي وسياسات أسعار الصرف (المعروف بتقرير تغيير وتبديل العملات الأجنبية) قد بدأ يتوسع. فبالإضافة إلى التركيز التقليدي على الصين، يظهر التقرير الأخير التصلب في عملات دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصا المملكة العربية السعودية. وهذا يشكل تعديلا طفيفا في التفكير. لكننا نعتقد أن هناك إشارة مهمة باتجاه عملات دول مجلس التعاون الخليجي.

التقرير الذي صدر في مايو/ أيار 2008 يذكُر في ملخصه عملات دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصا المملكة العربية السعودية للمرة الأولى في التاريخ الحديث، ثم يتوسع في الموضوع بصلب النص ليستكشف تأثير القوى الداعمة لزيادة قيمة العملات المرتبطة بالدولار في المنطقة.

لم يقم التقرير إلا بإبراز الاختلالات التي نشأت وتطورت في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لسنوات عديدة. كانت السوق في السابق قلقة بشأن أن تكون الولايات المتحدة مترددة في دفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى تغيير سياساتها النقدية خوفا من تأثيرات سلبية محتملة على الدولار الأميركي. وربما تكون أسواق القطع قد خشيت التخلي عن تثبيت سعر صرف الدولار في المنطقة خوفا من ألا يعود بالإمكان الإبقاء على الدولار الأميركي عملة احتياطية (مع ألا رابط بين قرار تثبيت سعر صرف عملة ما وتركيب الاحتياطيات) ويكون هذا الأمر ذا أهمية خاصة في الفترات التي يزداد فيها خطر مرور الدولار الأميركي بأزمة كما حصل حين كان مسعرا بأعلى من قيمته الفعلية و/ أو حين راح ينخفض باستمرار كما حصل في السنوات الأخيرة.

بمجرد أن الخزانة الأميركية لم تعد تخشى ذكر التغيير في المواقف حيال عملات دول مجلس التعاون الخليجي نفهم من ذلك أنها أصبحت أكثر ثقة في مستقبل الدولار الأميركي. ونحن نوافقها الرأي ونعتبر أن مخاطر وقوع الدولار الأميركي في أزمة قد انحسرت فعليا.

لقد أصبح شائعا في السوق أن هناك ضغوطا تمارَس على عملات دول مجلس التعاون الخليجي لحثها على اعتماد أنظمة أكثر مرونة في أسواق القطع، ما يوحي بالتالي بأن الخطر على الدولار الأميركي قد تضاءل. لقد استوعبت السوق هذه المعلومة وأشارت إلى أن القرار بشأنها يعود إلى الدول المعنية وليس إلى الولايات المتحدة.

من شأن هذا أن يخفف الأثر السلبي للدولار الأميركي على أي تغيير للنظام في دول مجلس التعاون الخليجي. ونعتقد أن التضمين يعطي فعليا دول مجلس التعاون الخليجي الضوء الأخضر للتغيير.

تصحيح واقعي لأسعار العملات من خلال ارتفاع التضخم

تُُعتبر سرعة ازدياد التضخم المصدر الرئيس للضغوط باتجاه رفع أسعار العملات. وكما أكد تقرير الخزانة فإن نوعا من التصحيح باتجاه اعتماد السعر الحقيقي للعملات في المنطقة - وخصوصا في الإمارات المتحدة وقطر - يتم من خلال ارتفاع الأسعار.

تتعدد الأسباب الأساسية الكامنة وراء التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي ومن بينها ارتفاع أسعار السلع الغذائية، ضغوط الطلب القوية، وفيض السيولة الداخلية.

تركز الخزانة الأميركية خصوصا على المملكة العربية السعودية وتؤكد أن الضغوط التضخمية قد شهدت ازديادا بالغ الأهمية خلال العامين الماضيين. لكن التقرير يشير أيضا إلى أن سعر الصرف الحقيقي والفعلي لايزال ضعيفا نسبيا في المملكة على رغم ازدياد التضخم، ما يدل على أن الخزانة تظن أن الضغوطات التضخمية مرشحة للاستمرار في المملكة العربية السعودية في غياب تصحيح سعر الصرف.

إن المعلومات بشأن التضخم في المنطقة تبقى ناقصة نسبيا.

فعلى سبيل المثال، لم تنشر الإمارات المتحدة أي معطيات رسمية منذ أواخر العام 2006. منذ شهر فبراير/ شباط 2008، يسجل التضخم في السعودية 8،7 في المئة (تجاوز 9 في المئة) ما يشكل ازديادا مهما عن العام السابق. كذلك ارتفعت أرقام التضخم في عُمان إلى 11،1 في المئة وفي الكويت إلى 9،5 في المئة. عموما، نعتقد أن الارتفاع لنسب التضخم وتأثيره السيء على الأوضاع الاجتماعية والسياسية سيحثان السلطات على مراجعة سياساتها الخاصة بأسعار الصرف. في هذه المرحلة، نعتقد ألا مصلحة للسلطات بمواصلة تخفيض القيمة الفعلية للعملات بمواجهة التكاليف المتزايدة لنظام سعر الصرف المرتبط بالدولار.

العدد 2092 - الأربعاء 28 مايو 2008م الموافق 22 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً