مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات لم يشهدها العالم من قبل تسعى الصين بكل طاقتها إلى تنفيذ مشروع لتحويل احتياطيات الفحم الهائلة إلى براميل من النفط على رغم ما أثاره من لغط.
وهذه العملية المعروفة باسم تحويل الفحم إلى وقود سائل قوبلت بهجوم شديد من المدافعين عن البيئة الذين يقولون إنها تتسبب في إطلاق كميات كبيرة من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
ومع ذلك، فإن إمكان الحصول على النفط من الفحم وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الوقود مغر للدول الغنية بالفحم التي تسعى إلى ضمان إمداداتها من الطاقة في عصر زاد فيه الجدل بشأن عمر احتياطيات النفط ومدى تلبيته للطلب.
والولايات المتحدة واستراليا والهند من هذه الدول التي تبحث استخدام هذه التكنولوجيا لكن مخاوف دعاة حماية البيئة تقيدها بسبب الغازات الكربونية ولاستخدامها كميات ضخمة من المياه.
لكن الصين التي لا تعرف جماعات الضغط المدافعة عن البيئة تبني مجمعا كبيرا في منغوليا الداخلية. ويقول كبير مستشاري الطاقة بشركة «ميتسوبيشي للأبحاث» في طوكيو يويشيرو شيمورا: «الدول التي تتمتع باحتياطيات كبيرة من الفحم مثل جنوب أفريقيا أو الصين أو الولايات المتحدة شديدة الاهتمام بتكنولوجيا تحويل الفحم إلى وقود سائل لأنها تسهم في ضمان أمن الطاقة». ويضيف «لكن المشكلة أنها تنتج الكثير من ثاني أكسيد الكربون. كما أنك تحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة لعملية التسييل وهو ما يعني أنك تهدر قدرا كبيرا من الطاقة».
وفي اردوس بمنغوليا الداخلية يعمل نحو 10 آلاف عامل في وضع اللمسات الأخيرة بمصنع لتحويل الفحم إلى وقود سائل ستديره مجموعة «شينهوا» أكبر شركات تعدين الفحم في الصين.
وسيكون هذا المصنع هو الأكبر من نوعه خارج جنوب إفريقيا التي بدأت العمل بهذه التكنولوجيا بسبب العقوبات الدولية عليها إبان سنوات الفصل العنصري. وقال نائب المدير العام بشركة «شينهوا لتسييل الفحم» جانغ جيمنغ لـ «رويترز»: «لا يمكن أن نفشل. وإذا سارت الأمور بسلاسة فسنبدأ التوسع العام المقبل».
وسيبدأ المصنع العمل هذا العام ومن المتوقع أن يحول 3,5 ملايين طن من الفحم سنويا إلى مليون طن من المنتجات النفطية مثل وقود الديزل للسيارات.
ويعادل حجم الإنتاج 20 ألف برميل يوميّا وهي نسبة بسيطة في احتياجات الصين من النفط التي تبلغ نحو 7,2 ملايين برميل في اليوم.
وإذا سارت الأمور على مايرام، فستشرع منغوليا الداخلية في خطة طموح لتحويل نصف إنتاجها من الفحم إلى وقود سائل أو كيماويات بحلول العام 2010. ويبلغ نصف إنتاجها نحو 135 مليون طن أي نحو 40 في المئة من إنتاج استراليا السنوي من الفحم.
وتأمل المنطقة التي تعادل مساحتها مساحة فرنسا وألمانيا وانجلترا مجتمعة أن يعمل تحويل الفحم إلى وقود سائل على دفع التنمية ويعزز خطط الصين لرفع قدراتها في إنتاج الوقود السائل من الفحم إلى 50 مليون طن بحلول العام 2020.
ويعادل ذلك نحو 286 ألف برميل في اليوم أي 4 في المئة تقريبا من احتياجات الصين بناء على الاستهلاك الحالي.
الهند ترفع أسعار الوقود %10
قررت الهند أمس (الأربعاء) زيادة أسعار البنزين ووقود الديزل نحو 10 في المئة للحد من خسائر المصافي الحكومية.
لكن الزيادة التي جاءت أكبر من المتوقع تهدد بزيادة التضخم وتجازف بإثارة رد فعل سياسي عنيف. وبعد 10 أيام من المناقشات بشأن زيادة الأسعار وافقت الحكومة أيضا على خفض رسوم الاستيراد على النفط الخام لدعم شركات التكرير والتجزئة مثل مؤسسة البترول الهندية ومؤسسة بترول بهارات ومؤسسة بترول هندوستان.
وقال وزير البترول مورلي ديورا للصحافيين إن سعر البنزين الذي يبلغ حاليّا 45,53 روبية للتر في دلهي سيزيد 5 روبيات في حين سيزيد سعر وقود الديزل 3 روبيات فوق سعره الحالي في مبيعات التجزئة وهو 31,48 روبية.
وبهذه الزيادات تنضم الهند إلى دول آسيوية أخرى مثل اندونيسيا وماليزيا في رفع أسعار الوقود المحلي بينما تجد نفسها عاجزة عن حماية مستهلكيها من التأثير الكامل للأسعار العالمية القياسية.
سعر برميل النفط لن يقل عن 100 دولار
قال الرئيس المشارك لبنك الاستثمار وليد شمعة «مورغان ستانلي» لصحيفة «فيدوموستي» الروسية إن ارتفاع الطلب في الأسواق الناشئة على النفط سيعمل على إبقاء الأسعار أعلى من 100 دولار للبرميل في المستقبل المنظور.
وقال شمعة للصحيفة في مقابلة نشرت أمس (الأربعاء): «سنصل إلى 200 دولار أو 150 دولارا. متى؟ لا أعلم. لكن من الواضح في الوضع الحالي أن السعر لن يكون 100 دولار».
وأضاف «نحن نشهد دورة نمو طويلة الأجل قائمة في الأغلب على زيادة في الطلب وليس نقص العرض. والطلب من الصين والهند ودول نامية أخرى أصبحت تلعب دورا أكثر أهمية في الاقتصاد العالمي».
وساهم إقبال المستثمرين على المضاربة في النفط في رفع أسعاره إلى 135 دولارا للبرميل.
وقال شمعة : «إن النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة سيدعم أيضا أسعار المعادن والسلع الغذائية التي ارتفعت في السنوات الأخيرة لضعف المحاصيل وارتفاع الطلب وزيادة إنتاج الوقود الحيوي من الحاصلات الزراعية».
العدد 2099 - الأربعاء 04 يونيو 2008م الموافق 29 جمادى الأولى 1429هـ