كشف وكيل شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو) المحامي عبدالله الشملاوي لـ «الوسط» عن أن الشركة قدمت ثلاثة طعون في قرار هيئة التحكيم العمالية التي حكمت في 15 أبريل/ نيسان الماضي لصالح النقابة ورفض برنامج التدوير الذي قامت به الشركة وألزمت بقرار نهائي الشركة التخلي عن فصل الموظفين والعودة إلى اتفاق 2003 الذي ينص على برنامج تقاعد مبكر اختياري وليس إلزاميا.
وأكد الشملاوي أن الشركة رفعت إلى القضاء ثلاثة طعون الأول استئناف في المحكمة المدنية الكبرى، والثاني طعن بطلان في المحكمة العمالية، والثالث طلب إعادة نظر في قرار هيئة التحكيم للهيئة نفسها، مشيرا إلى أنه وشركة «بتلكو» لم يتسلموا بعد أي أخطار من هيئة التحكيم بشأن الدعوى التي قالت عنها وزارة العمل إنها «نزاع جماعي رفعتها الوزارة بعد طلب النقابة والمنهيّة خدماتهم إلى هيئة التحكيم).
وردا على سؤال «الوسط» عن اتهام الحركة العمالية والمجتمع المدني شركة «بتلكو» بالتعالي على السلطة القضائية وقراراتها، نفى الشملاوي ذلك الاتهام، مؤكدا أن «هناك قواعد وطرقا للطعن فيها رسمها القانون، إذا سلكت الطريق الذي رسمه القانون للاحتجاج على الحكم فلا يعتبر تعاليا على القضاء، بالعكس مارست حقي الذي رسمه القانون، وإذا فشلت أذهب إلى التمييز وإذا فشلت فلا يوجد أمامي سوى الانصياع لما يأمرني به القانون».
وقال الشملاوي: «القانون نظم طرق التقاضي، وذلك عن طريق رسمه وسائل الطعن على الأحكام، فإذا خسر أي فرد الدعوى أمام درجة قضائية ما فله الحق في الطعن على الحكم أمام الدرجة الأعلى، وذلك ضمن السبيل الذي رسمه القانون»، مشيرا إلى أن ذلك لا يمكن أن يوصف بالتعالي على القانون أو السلطة القضائية بل إنه السير تحت مظلته وعلى هديه، فإذا انتهت طرق الطعن في الأحكام وأصبح الحكم نهائيا وواجب النفاذ فإنه أصبح واجب التنفيذ ولا يملك من صدر ضده الحكم النهائي إلا أن ينصاع لما يأمره به ذلك الحكم النهائي».
وأكد الشملاوي أن «(بتلكو) سارت وفق الطريق الذي حدده القانون لها كما أنها ستلتزم كل القرارات النهائية للسلطة القضائية في حال صدر حكم نهائي من أعلى درجة قضائية يلزمها وبأي أمر كان حتى إرجاع المنهيّة خدماتهم إلى أعمالهم».
وبيّن الشملاوي أن الشركة ستسلك كل السبل القضائية عن كل فرع من فروع القضاء المتاحة لها، وستنفذ كل الطرق في كل حالة من الحالات الثلاث التي تقدمت بها من إجراءات قضائية، حتى نهاية الطريق بشأنه، وهو حق لها رسمه القانون.
أما بخصوص الموظفين المنهيّة خدماتهم الذين فصلوا أثناء فترة التقاضي، فأكد الشملاوي أن هؤلاء الموظفين أنهيت خدماتهم على أساس أنهم جالسون في منازلهم دون أي عمل، وبالتالي إن الشركة أنهت خدماتهم لعدم وجود وظائف لهم، وعلى أساس أنهم يشكلون عبئا ماليا عليها.
وأشار الشملاوي إلى أن الأجر يصرف لمن يعمل وليس لمن يجلس في منزله، وصحيح أن الشركة هي من طلبت من الموظفين الجلوس في المنزل وذلك بعد تعذر عملية التسوية معهم بشأن خروجهم وتعويضهم، إلا أن الشركة عرضت تسوية على العمال وتعويضهم وفق اتفاق معين أو إنهاء خدماتهم نتيجة تحملها أعباء عمالية إضافة، مشيرا إلى أن الشركة ستلتزم قرار القضاء، إلا أن هؤلاء الموظفين أصبحوا فائضا على حاجتها.
ويأتي طعن «بتلكو» في ثلاث جهات ليكمل تشابك قضية الـ43 مفصولا، وذلك بعد إصرار الشركة على أن قرارها عدم إرجاع المفصولين من دون عودة فيه إلا بقرار من المحكمة، وهو الأمر الذي جعل وزارة العمل تتخلى عن مواصلة مشوارها في التفاوض مع الشركة ووقفها بصراحة، وإحالة القضية إلى هيئة التحكيم العمالية من جديد، وهي المحكمة التي حكمت في 15 أبريل الماضي لصالح النقابة ورفض برنامج التدوير الذي قامت به الشركة وألزمت بقرار نهائي الشركة التخلي عن فصل الموظفين والعودة إلى اتفاق 2003 الذي ينص على برنامج تقاعد مبكر اختياري وليس إلزاميا.
وهذه الخطوة التي قامت بها وزارة العمل أمس جاءت على عكس ما كانت الشركة تتوقعه وهو إحالة القضية إلى محكمة عمالية عادية التي من شأنها أن تحكم في فصل تعسفي لعمال ووقف قانون العمل الذي سيلزم الشركة التعويض وليس عودة المفصولين.
وهذا الإجراء سيكون من صالح النقابة والموظفين المفصولين إذ إن الشركة قد رفضت قرار هيئة التحكيم السابق وطعنت فيه، إلا أن إرجاع القرار إلى هيئة التحكيم التي يكون في عضويتها ممثلون عن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ووزارة العمل وثلاثة قضاة وممثل عن وزارة الصناعة والتجارة وممثل عن غرفة تجارة وصناعة البحرين. وبالتالي إن القضية تشوبها الكثير من التعقيدات، وخصوصا أن الشركة أكدت أنها طعنت في قرار هيئة التحكيم التي رفضت برنامج التدوير وتسريح الموظفين بعد أن ثبت لها أن الشركة تربح ولا تخسر، وإعادة وزارة العمل القضية من جديد لهيئة التحكيم بعد قضية النزاع الجماعي الذي رفعه العمال على الشركة لمخالفتها قرار الهيئة سيعيد الكرة من جديد لصالح العمال على أكثر التقديرات.
زد على كل ذلك أن إصرار شركة «بتلكو» على اللجوء إلى القضاء في كل القضايا العمالية ورفضها الحوار والتفاوض الذي تقوم به وزارة العمل، جعل وكيل وزارة العمل يعبر عن استيائه الشديد لعدم تعاون الشركة، وإعلانه بشكل واضح وصريح بأن الوزارة ستقف مع العمال الذين فصلوا ظلما وتعسفا من قبل الشركة.
يذكر أن شركة بتلكو خسرت كل قضاياها العمالية التي رفعت إلى القضاء، إذ خسرت الشركة في ثلاث قضايا عمالية تعد من أشهر القضايا على مدى تاريخ الحركة العمالية في البحرين، أولها كانت في العام 2003 عندما رفض القضاء خطوات الشركة في تسريح عدد كبير من العمال ونجاح النقابة في وقفه، بل وقعت «بتلكو» اتفاقا مع النقابة بحضور وزارة العمل يقضي بعدم تسريحها أي موظف إلا عبر برنامج تقاعد مبكر طوعي لا قسري. القضية الثانية هي فصل النقابيَّين فيصل غزوان وماجد سهراب اللذين رفضت الشركة إرجاعهما إلا بأمر قضائي لينتصر القضاء مرة ثانية للنقابة ويجبر الشركة على إرجاعهما وتعويضهما بعشرة آلاف دينار، أما القضية الثالثة وهي مثار الخلاف الحاصل الآن الذي جاء أيضا لصالح النقابة عن طريق قرار هيئة التحكيم التي رفضت برنامج التدوير الإلزامي الذي تقوم به الشركة.
العدد 2104 - الإثنين 09 يونيو 2008م الموافق 04 جمادى الآخرة 1429هـ