العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ

المرأة الإيرانية منحها الخميني حق الولاية ورفضها المجتمع

على رغم أن الحديث عن قضية مشاركة المرأة في النشاط السياسي في العالم الإسلامي يحسم عادة وخصوصا من وجهة نظر الفقهاء السنة، بالاستناد إلى مبررات دينية وشرعية، لتنتهي المرأة سلبية في الممارسة السياسية، يبدو النموذج الإيراني فريدا من نوعه، ذلك أنه وبحسب ما تذهب إليه عزة جلال هاشم في كتابها «المشاركة السياسية للمرأة الإيرانية»، اجتمع «الفكر والفقه للحركة السياسية المساندة لإسهام المرأة ومشاركتها». فاختلاف مفهوم المشاركة في الحياة العامة بين الفقه الشيعي الذي يكرّسه من خلال الشعائر الدينية الممتدة على طول السنة والتي سمحت بوجود المرأة خارج البيت قصد المشاركة في إحياء ذكرى موقعة كربلاء والفقه السني الذي يحدد إقامة المرأة في البيت، هذا الاختلاف رسّخ في المجتمع الإيراني مظهر مشاركة المرأة في الشأن العام ومن ثمة أتت «دعوات تحرير المرأة مع إرهاصات القرن العشرين لتلقى قبولا لدى النساء الإيرانيات، وانسجاما مع طبيعة التاريخ الذي لم يفصل بين المرأة والعمل العام، ولو كان ذلك في حدوده الدنيا أو في إطار من أداء الشعائر».

لكن وعلى رغم اتفاق المرجعيات الشيعية حول ضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة فإنهم اختلفوا حول ولاية المرأة، على اعتبار أن مناصب رئاسة الدولة والقضاء حكر على الأئمة المعصومين.

وتقر الكاتبة في هذا الخصوص بأن التجربة السياسية للنساء الإيرانيات تعد فريدة من نوعها، بل وإحدى الظواهر غير المتكررة في العالم الإسلامي.

يطرح الكتاب الذي أصدره السنة الماضية مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في خمسة فصول، من خلال البحث في قضية مشاركة المرأة الإيرانية في المجال السياسي، مجموعة من المسائل المتفرعة عن هذا المحور الرئيسي ومنها خصوصا مدى ارتباط البعد العقائدي للدولة الإيرانية بتطور الخطاب السياسي الرسمي الذي خلصت من خلاله الباحثة إلى استكشاف الواقع الفعلي للمشاركة النسائية في الحياة السياسية والتهديدات التي من شأنها أن تعوق تطور هذه المشاركة.

يحتوي الكتاب على 159 صفحة من الحجم المتوسط، طرحت فيه عزة جلال هاشم خمسة محاور كبرى هي على التوالي: مفهوم المشاركة السياسية والنسوية الإسلامية، المرأة الإيرانية بين الخطابين الثوري والإصلاحي، السياق المجتمعي لمشاركة المرأة بعد الثورة، مشاركة المرأة في المؤسسات الرسمية بعد الثورة وأخيرا مشاركة المرأة في المجتمع المدني بعد الثورة.

وتلتزم الباحثة في دراستها لهذه القضية بفترة زمنية تمتد ما بين سنة 1979وهي السنة التي قامت فيها الثورة الإيرانية معللة اختيارها بأنه «العام الذي شهد ذروة مشاركة المرأة الإيرانية في الأحداث السياسية»، وسنة 2005 وهي فترة انتهاء مدة ولاية الرئيس محمد خاتمي.

وتعتبر هاشم أن الحرب العراقية الإيرانية كانت فرصة للنساء الإيرانيات فعّلت مشاركتهن بكثافة في الحياة العامة، ذلك أنه إبان هذه الحرب انخرطت المرأة في العمل الجمعياتي والمؤسساتي ومن ثمة العناية بالنشاط السياسي. على أن تطور انخراط المرأة في السياسة لم ينتهِ بانتهاء الحرب وإنما تواصل فترة ما بعد الحرب وخصوصا مع بداية عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني.

ولا تنكر الكاتبة أن آية الله روح الله الخميني منح المرأة الإيرانية فرصة المشاركة في الحياة السياسية من خلال فتحه باب حق الانتخاب والترشح للانتخابات، ما يعني أنه «أقر لها بالولاية العامة، ولم يتحدث عن مسألة الولاية العظمى سواء قبل الثورة أو بعدها». ومع وصول محمد خاتمي إلى سدة الحكم، بدأ الخطاب الإصلاحي الداعي إلى مزيد تفعيل الحريات المسندة للمرأة فتضاعف نتيجة لذلك عدد الجمعيات النسوية الناشطة وبدأت آمال المرأة الإيرانية في اعتلاء كرسي الحكم تكبر وخصوصا بعد تعيين الرئيس خاتمي امرأة نائبة له لشئون المرأة. وتجسمت هذه الطموحات في ترشيح «السيدة أعظم طالقاني نفسها في انتخابات رئاسة الجمهورية العام 1997، إلا أن مجلس صيانة الدستور حذفها من قائمة المرشحين، كما حذف أسماء تسع أخريات، رشحن أنفسهن وقتها، وكان هذا هو حال ترشيحها للرئاسة في العام 2005 أيضا». وذلك استنادا إلى المادة 115 في الدستور الإيراني التي تنص على ضرورة أن يكون المرشح للرئاسة من «رجال الدين والسياسة».

وترى الكاتبة أنه لا الخطاب الرسمي الداعم للمرأة منذ عهد رفسنجاني ولا الخطاب الإصلاحي لخاتمي أفلحا في إزالة المعوقات التي تواجهها المرأة الإيرانية، وهو واقع يتوضّح من خلال النتيجة الهزيلة للناجحات في الانتخابات المحلية ومجلس الشورى.

العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً