يبدأ مسرح الريف بمد يديه في محاولة لإعادة تشكيل صلصال المسرح البحريني، من خلال عجنه برؤى ثلاثة مخرجين من أعضائه، يسهرون على إخراج عمل مسرحي، بثلاثة أزواج من الأعين، يرى كل زوجين النص من زاويته، ويخرجه أمام العلن في تحد لقدراته على التكيف مع نص ومسرح مشترك.
تحدي المخرج، هو المسمى المشاع وديا في أوساط تلك المجموعة، ويمثل نصا مسرحيا واحدا، وديكورا واحدا يستغله ثلاثة مخرجين ليخرج كلٌّ منهم بعمل مختلف عن منافسه، إذ تنظم إدارة المسرح هذا البرنامج في سبيل إيجاد مساحة للتنافس وإبراز الإبداع الخاص لكل مخرج من المشاركين في هذه المنافسة، ومدى القدرة على التكيف ضمن المساحة الضيقة المعطاة له، كي يخرج بعمل مسرحي يلقى من الجمهور الإشادة، ومن لجنة التحكيم التفضيل على العملين اللذين ينافسانه.
النص للكاتب السوري عبدالفتاح قلعجي، وهو بعنوان «اللحاد»، وقد تمت بحرنة هذا النص ليتحول إلى «الحفار»، ويعمل على تقديمه المخرجون، عهود سبت، جاسم أحمد طلاق، وجاسم محمد منصور، إذ تحدث الأخير ذو التجربة الحديثة في هذا المجال عن البرنامج أنه «تحد للخروج بالمخرجين وتأهيلهم لتحمل مسئولية أعمال أكبر في المستقبل، وقد نظمت إدارة المسرح ورشة عمل للطاقم المشارك في التحدي بأكمله، إلى جانب ندوات مقدمة من لجنة التدريب والتطوير في مسرح الريف، برئاسة مهدي سلمان».
النص يدور في مقبرة، والمهمة هي في كيفية التعامل مع النص كما ذكر منصور، الذي يعتمد بشكل كبير على طاقمه من الممثلين المشاركين معه في العمل، إذ إنهم «يشكلون إضافة للعمل، وبعضهم من مؤسسي مسرح الريف وهم أساتذة، وهي فرصة لتعويض نقص الخبرة من خلال المشاركة في استيضاح الصورة الكاملة للعمل».
ومن بين أحاديث الحضور، ذكر أن ما يقام هو تجربة يخوضها الجميع، وهي الأولى من نوعها في البحرين بتقديم نص بثلاث رؤى لتحقيق الفائدة للجميع، وسيتشارك في الفائدة حتى الممثلون والطاقم الفني للأعمال الثلاثة.
تداخل مع الحوار الفنان محمد شهاب، الذي كان أول من وصف النص بأنه «نص فنتازي، يتجه نحو مسرح الموت، ويعالج القضايا من خلال منظور الموت»، ليضيف كونه من أقدم العاملين في هذا المجال أن «الصعوبة التي واجهناها هي أن أكثر الممثلين هواة، وهم منشغلون في حياتهم، ولكن الورشة أثرت بشكل كبير في تحميس الشباب على المشاركة».
واختتم منصور حديثه أن العمل لديه «كفريق واحد، تتداخل فيه الرؤى، نطرح الأشياء في بعض المشاهد، ويساهم الممثل في الإضافة من خلال فهمه للدور وتعايشه معه».
أما المخرج جاسم أحمد طلاق فقد كان حديثه مبتدئا من جانب نقدي، إذ وجد أن «ما لم تتكلم عنه الورشة من البداية هو تجهيز المخرج فنيا وإعطائه بعض المعلومات التي تفيده في نوعية الإخراج» إذ يجد أن الورشة قد أغفلت تقديم الخبرات والمعلومات الكافية لإعداد المخرج.
وذكر أن إدارة الورشة قد طلبت تقديم أعمال بالاعتماد على نص واحد، إذ يقول طلاق أن «ما أفادني هو قراءتي للنص قبل 4 سنوات من الآن، وهو الآن قد تمت بحرنته، ولكنني فضلت مواصلته وفق القصة الأصلية، وحاولت أن استخدم أدوات المخرج العادي، وما أنتظره هو الحكم من الجمهور على ما سأقدمه».
ووجد طلاق أن التحدي في المحدودية، إذ يقول «محدودية الديكور هي أمر مشترك بالنسبة للجميع، كما هي الإضاءة ومكان العرض، إذ لم نعط أي شيء يساعد على الإبداع، وأنا أرى أننا قد سلمنا الأدوات، ولم يتم إعدادنا كليا، وهذا العيب نشأ من خلال تزامن التدريب والإدارة مع العمل، إذ لا يمكن مزامنة ورشة بعمل في آن واحد».
وحول ما أنجزه حتى الآن، طلاق أكد أن «إعداد النص إخراجيا قد تم، وذلك من خلال الرؤية ورسم الحركة والديكور، إلا أن الإضاءة لم تتم حتى الآن»
أما فيما يتعلق بتداخل دور الممثلين المشتركين في الورشة مع دور المخرج، أكد طلاق أن الممثلين يناقشونه في أدوارهم، لكنهم ملتزمون بالخطوات، إلا أن الأداء وطريقة التمثيل هما اللذان يخضعان للتغيير بعد أن يعرضان على المخرج.
العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ