العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ

«سينمات الجنوب» يكرّم المخرج الإيراني محسن مخملباف في دورته الثانية

صرّح المخرج الإيراني محسن مخملباف بأن ّ»الطفرة الرقمية التي يشهدها الفن السابع، جعلت السينما العالمية الآن أكثر ديمقراطية.. ولكن بدون دماغ».

جاءت تصريحات مخملباف خلال تكريمه في الدورة الثانية لمهرجان «سينمات الجنوب» التي عقد في الفترة من 30 مايو/أيار وحتى السابع من يونيو/حزيران في مدينة غرناطة والذي تشهد عرض 11 عملا له.

وقال مخملباف لوكالة الأنباء الأسبانية (إفي) بمناسبة هذا التكريم: «ليس كلّ من خط بالقلم أديبا.. وكذلك ليس كل من أمسك بالكاميرا أصبح مخرجا.. أو بمقدوره صناعة سينما مقبولة».

وأضاف: «لو كان لديك مطعما، فلن تركز اهتمامك فقط على أن يكون الطعام شهيا أو مقبولا بالنسبة لأسرتك، أو حتى لعدد قليل من الأشخاص، وكذلك الحال بالنسبة إلى السينما»، مشيرا إلى أنه «لا يمكن أنْ نحكم على حجم إنتاج وصناعة الأفلام وجودتها من حجم مبيعات الكاميرات الرقمية في الأسواق العالمية».

وأعرب مخملباف عن أسفه لما يشهده إنتاج السينما اليوم قائلا: «أسمع جعجعة ولا أرى ثمرة»، موضحا «في الوقت الذي يجب أن نعترف فيه بكل تواضع أنه لا صوت يعلو على صوت الفكر والعقل والصورة.. لا يصل إلى الجمهور سوى الضجيج والصخب».

وقد حاول المخرج الإيراني الشهير طوال مشواره الفني أنْ يبحث عن الفكرة ليبلورها ويقدمها لجمهوره في كل أفلامه مستلهما في كل وقت «خبرته الإنسانية كمعين لا ينضب للإبداع».

ويقول مخملباف: «أسعى لتقديم طريقة معايشتي للأشياء، في الواقع أقوم بعمل تجريبي أحاول من خلاله التخلّص من جميع التأثيرات سواء الأشخاص أو الأشياء»، مضيفا «يبدو أنّ عدم تمكني من مشاهدة الكثير من الأعمال السينمائية في شبابي جعلني أصنع أفلامي بصيغة ذاتية شخصية».

وعن موقف السينما والواقع السياسي في بلاده، التي اضطر أنْ يهجرها منذ عدّة سنوات، أكد مخملباف أنّ «إيران تمر منذ عدة سنوات بمرحلة عزلة ظلامية سوداء.. ومن ثم فإنّ الأفلام التي تنتقد المجتمع ويمكنها أنْ تحرك الناس؛ ليفكروا لا تستطيع الوصول للناس».

وأضاف: «المشكلة الرئيسية هي الرقابة التي يتعيّن مواجهتها على كلّ مَنْ يريد أنْ يجعل من أعماله مرآة يرى فيها الناس أنفسهم؛ ليتغيروا ويغيّروا الواقع.. علاوة على نقص الدعم المالي اللازم لصناعة أفلام جادة في الوقت الذي يدعم (النظام) أفلاما تروج له ولسياسته» بحسب تعبيره.

وعبّر مخملباف عن تشاؤمه متسائلا: «كيف يمكن صنع تغيير اجتماعي إذا لم يتمكّن الناس من مشاهدة نوعية أخرى من الأفلام النقدية؟». وقارن المخرج الإيراني الوضع الذي تعيشه السينما الإيرانية حاليا بالوضع الذي عاشته السينما الإسبانية خلال الحقبة الديكتاتورية الفرنكوية» مؤكدا «بالرغم من أنّ الشعب الإيراني يعيش الآنَ تحت القمع،إلا أنه يتوق للتغيير والحرية».

مهرجان غرناطة لسينمات الجنوب كرم محسن مخملباف، بعرض 11 عملا له، لتميّزه والتزامه الفني والإنساني، كما خصص المهرجان إحدى مطبوعاته هذا العام للترويج لنشاطه الفني وأعماله.

ومن الجدير ذكره أنّ مخملباف يعتبر «مخرج جمال الصورة»، وتقع أعماله في منزلة وسط بين الفني والتسجيلي وينتمي إلى الجيل الثاني من المخرجين الذين كرّسوا الواقعية الجديدة كسمة من سمات السينما الإيرانية واستطاعوا الوصول بها إلى العالمية.

قرر مخملباف، العام 1979، إثر خروجه من السجن، بعد القبض عليه بتهمة الانتماء إلى إحدى الجماعات المتطرفة، وطعن رجل شرطة (في قضية دفاع عن النفس)، أنْ يتفرغ للفن بكتابة المسرحيات. وقد كان أحد أفلامه الأولى»المقاطعة» في العام 1985 وهو يروي بعض تجاربه في الحياة.

والطريف أنّ الذي قام بالدور الأساسي الذي يمثله شخصيا هو مجيد مجيدي، الذي أصبح اسما مهما بعد ذلك في عالم الإخراج. وأعقب هذا بفيلم «سائق الدراجة» العام 1987 ، ثم «زواج المنعمين» عام 1989 ، الذي يروي مأساة جرحى الحرب العراقية -الإيرانية. وخلال هذه الفترة، كانت أفلام محسن مخملباف، محملة بنقد اجتماعي واضح.

بعدها، بدأ مخملباف بثلاثية السينما التي تروي حبّه للأفلام والسينما وهي كان ياما كان، سينما» في العام 1989 ، ثم «الممثل» في العام 1993 ، وأخيرا «سينما السلام» في العام 1995.

أعقب هذه الأفلام، فيلم يعد ـ برأي النقاد ـ أفضل أفلام مخملباف، فقد تخلى فيه عن النقد الاجتماعي، وأفسح المكان لنظرة تأملية بعيده عن الانفعالية. وربما كان هو أحد الأسباب التي جعلت أفلامه في هذه المرحلة أكثر انتشارا في الخارج. هذا الفيلم بعنوان «غابة» (وهي كلمة فارسية تعني السجادة الجميلة)، في 1995.

وقد فاز الفيلم بجوائز عديدة في مهرجانات عالمية، وأعقبه بفيلمين هما «لحظة البراءة» في العام 1996 ، و»الصمت» في العام 1998. لكن الفيلم الذي جعله يفوز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان، هو فيلم «قندهار» في العام 2000.

ويرى كثير من النقاد، أن توقيت إنتاج الفيلم كان عاملا حاسما في فوزه، فقد خرج الفيلم إلى العالم بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، ليعرض للعالم من هم الأفغان، ومم يُعاني الشعب الأفغاني، وما هي الظروف القاهرة التي تعيش في ظلها المرأة الأفغانية؟

يذكر أن خوسيه سانشيث مدير المهرجان الذي يُقام بالتعاون مع الحكومة المحلية لمدينة غرناطة الأندلسية صرّح بمناسبة إطلاق المهرجان في عامه الثاني أنّ هذه الدورة تسعى لتقريب المنطقة الجنوبية في أوروبا من الإنتاج السينمائي الأكثر إثارة للاهتمام في منطقة الجنوب الجغرافية السياسية (آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية).

وأضاف سانشيث أنّ الدورة الثـانيـة للمهرجان ضمت عدة أقسام ونـشاطات من أبرزها: القسم الرسمي ويشمل 14 فيلما ويقدم، للمرة الأولى في إسبانيا، أفلاما روائية طويلة منتجة في عدد من البلدان مثل تركيا وإيران وإندونيسيا والمغرب والفلبين وكازاخستان وماليزيا والصين والبرازيل والهند.

وأشار إلى أن القسم الإعلامي كان ذا طابع متجوّل يتألف من 19 شريطا من بلدان الجنوب، عرضت مسارا لرحلة عبر الواقع السينمائي الراهن في تلك المناطق، «ضمن صيغة كفيلة بمنح مشهد يوسع عروض القسم الرسمي ويكملها».

ومن البرامج المكملة للمهرجان قسم «حلم أوروبا» المؤلّف من 15 فيلما. كما أن الجديد في هذه الدورة القسم المخصص لسينما المتوسط. كما قدم المهرجان معرضا تصويريا وعرضا لفيلم وثائقي لتكريم الصحفي والكاتب البولندي الراحل رايزارد كابوشنكي. وقدم نشاطات ثقافية موازية في ساحة باب الرملة تنظمها جمعيات المهاجرين في غرناطة والمنظمات غير الحكومية التي تساعد هذه الجمعيات.

العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً