العدد 2108 - الجمعة 13 يونيو 2008م الموافق 08 جمادى الآخرة 1429هـ

«كباريه» كوميديا تطرح ازدواجية الشخصية المصرية

يصوّر فيلم «كباريه» لسامح عبدالعزيز الذي بدأ عرضه قبل يومين حالة كوميدية لازدواجية الشخصية المصرية بين الدنيوي والديني، وان اعتبر النقاد أنّ استناده إلى أفكار تقليدية أفقده فرصة أن يكون أحد الأفلام الإبداعية الكبيرة.

يصور الفيلم «الكباريه» كبطل مطلق تظهر بين جدرانه شخصيات العمل الفني إذ يؤدي عدد كبير من نجوم الصف الثاني في السينما المصرية بطولة جماعية. وهذه ايجابية تحسب لمصلحة الفيلم إذ إن السيناريو الذي الفه أحمد عبدالله خضع للفكرة وليس لسطوة النجم.

يجمع الشخصيات التي يأتي معظمها من اماكن شعبية فقيرة العمل في الكباريه الذي يحكمه صاحبه الفنان صلاح عبدالله بيد من حديد ولا يراعي أحدا سوى مصلحته الخاصة وتحقيق أكبر قدر من الأرباح.

وهذه الشخصية المطلقة تمثل الشكل الأكثر تضخما في خلق التعارض بين الديني والدنيوي. ففي الوقت الذي تسكب فيها كلّ أنواع الخمور في كؤوس زبائنه وتدور حولهم النساء العاريات، يستمع هو في مكتبه لاغان صوفية ويشرب العصير ولا يُقارب الخمر أو امرأة ويقوم بأداء العمرة سنويا إلى جانب التزامه أداء الصلاة وغيرها من الشعائر الدينية.

من جانبها، تقوم المرأة الأكثر فسقا بين العاملات في الكباريه الفنانة السورية جُمانة مراد بجمع الأموال كي تمكن والدتها من أداء فريضة الحج فيما يقوم المشرف على العمّال بالتوقف عن العمل ساعة الفجر لأداء الصلاة.

ويقابل هذه الحالة وجود تنظيم إرهابي يسعى إلى تفجير الكباريه كونه بؤرة فسق وفجور، فيرشح أحد أعضائه للقيام بعملية انتحارية.

واعتبر الناقد السينمائي طارق الشناوي أن «هذا الفيلم أفضل ما قام كاتب السيناريو أحمد عبدالله بتقديمه للسينما المصرية»، متمنيا « لو خرج من الطريقة التقليدية في تقديم أفكاره وفرض حلول ساذجة عن مفهوم العلاقة بين الإنسان وربه».

وقال «الفيلم كان فرصة لتقديم شيء له قيمة ولكن الأفكار التقليدية عن التعارض بين الدين بالدنيا أفقدته الكثير. وكان يُمكن أن يصل إلى ذروة إبداعية لو لم يدع الدين والله في مواجهة الدنيا وحياتها المليئة بمختلف الإيقاعات بما في ذلك اللذة».

وأشار الشناوي إلى أن «فكرة التعارض هذه تشكّل خطورة فكرية في الفيلم؛ لأنه يقدّم رؤية ساذجة إن غضب ربنا يحل على الإنسان الذي يسكر ولو لجأ للايمان لنجا من غضبه».

ورأى الناقد السينمائي نادر عدلي أن الفيلم «جيّد جدا وأثار مسألة شائكة لها علاقة بازدواجية الإنسان المصري في علاقته بالدين. فمعظم الشعب المصري من المتدينين وفي الوقت نفسه يعيشون الحياة كما هي، بحيث تناقض الكثير من مسلكياتهم تدينهم. فجاء هذا الفيلم؛ ليقدم بطريقة كوميدية هذا التناقض وهذه الازدواجية».

لكنه لاحظ أنّ المخرج «لم يذهب الى عمق الحالة التي يصورها، خصوصا ظاهرة الإرهاب المسئولة عن تدمير الكباريه وقتل أكثر من 120 إنسانا».

وعلى رغم فشل الانتحاري في تفجير نفسه نتيجة عطل في جهاز التفجير، فإنه يعمل خلال فترة انتظاره على إقناع العامل في الكباريه أحمد بدير بترك العمل في هذه البؤرة الفاسدة بطريقة ساذجة.

أو كما يقول عنها الناقد عادل عبّاس «طريقة هروبية من جانب المؤلّف لعدم الغوص في العمق، والاكتفاء بانّ مَنْ يرضى بواقعه يمكنه أن ينجو من خلال مناقشة قضية الحلال والحرام من دون النظر إلى الواقع البائس، وخصوصا الواقع الذي تعيشه الطبقات الفقيرة في المجتمع والذي يدفعها إلى أيّ عمل للاستمرار في الحياة».

وانتقد عبّاس تطويل فقرة الغناء في الكباريه «لإظهار المنافسة بين الفنان خالد الصاوي المطرب المشهور والمطرب الناشىء ادورد، وتصوير الثرية العربية وهي تقف وراء شهرة الصاوي ووقوفها في نهاية الفيلم قبل تفجير المكان إلى جانب ادورد».

إلا أنّ الجميع يتفقون على أن الفيلم حقق إنجازين مهمين، أولهما كما يقول الشناوي انه «سيحقق أرباحا كبيرة؛ لأنه مصنوع بطريقة تجارية جيّدة إلى جانب تحقيقه بطولة جماعية، اذ قام كلّ ممثل بدوره باحتراف جيد».

والانجاز الثاني على قول الجميع أن «الفيلم سيثير حوارا بشأن ازدواجية الشخصية الدينية والدنيوية وقد يثير بعض الإسلاميين عليه» كما يؤكّد عدلي.

العدد 2108 - الجمعة 13 يونيو 2008م الموافق 08 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً