مهنة عرض الأزياء من المهن غير المألوفة لدينا في المجتمع البحريني، لذلك فمن الغريب أن تجد شابا بحرينيا يتجه للعمل في هذا المجال، على اعتبار أن ذلك قد يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا في المجتمع البحريني، ولكن الشاب البحريني أحمد عبدالنبي أحمد استطاع أن يقدم نفسه كأول عارض أزياء بحريني يصل إلى شركات الأزياء العالمية، وينال لقب ملك جمال البحرين، على رغم كل ما واجهته من انتقادات.
أقل ما يمكنك قوله عندما تلتقيه وتتعرف عليه وتسمع لرأيه وحكاياته أنه جريء ومتحدٍ، فبطموحه ومساندة ودعم عائلته استطاع أحمد عبدالنبي أن يصل للعالمية.
للوقوف عند هذه التجربة الوليدة والفريدة في البحرين، أحبت «ألوان الوسط» أن تكون أول من يضع البصمة في حياة ملك جمال البحرين وعارض الأزياء الأول أحمد عبدالنبي أحمد، فكان هذا اللقاء:
بداية، أحمد حدثنا عن نفسك؟
- اسمي أحمد عبدالنبي أحمد وشهرتي أحمد أحمد، عمري 25 عاما... عازب، ولدي أخ و3 أخوات. درست التسويق والإعلان والتصميم الغرافيكي في أحد المعاهد الخاصة في البحرين، وأخطط حاليا أيضا لدراسة التسويق في إحدى الجامعات الخاصة في المملكة... وأعمل في مجال العلاقات العامة بإحدى الشركات داخل البحرين (رافضا الكشف عن اسمها).
وكيف دخلت إلى عالم الأزياء؟!
- منذ صغري كنت أهتم بأناقتي واختيار ملابسي، كما كانت لي بعض اللمسات الفنية، فأنا أحب عمل «المجسمات»، والأشغال اليدوية... درست التصميم والغرافيك والتسويق لأصقل هذه الموهبة... وبدخولي هذا المجال عبر دراستي أحببت الظهور أمام الكاميرا، وفي العام 2006 قررت دخول مجال عرض الأزياء لأن لدي مؤهلات للخوض في هذه التجربة، بتعاقدي مع وكالات عالمية.
هل عرض الأزياء مجال عمل جميل؟!
- نعم، فهو مجال مفتوح وواسع، فهناك التصوير الفوتوغرافي، والعرض على المسرح «الستيج»، والتلفزيوني، وعليك أنت أن تختار المناسب بشرط ألا يتخالف ذلك مع مؤهلاتك وشكلك.
شركات عالمية
وكيف تعاقدت مع هذه الوكالات العالمية؟
- تعاقدت معهم عن طريق الإنترنت، وبعض الأصدقاء في الخارج، بعد أن عرفوا أنه لا توجد في البحرين شركات عروض أزياء متخصصة، وقد وفقت للتعاقد مع أكثر من شركة عالمية توفر لي عروض الأزياء والإعلانات وتصوير الأفلام الدعائية.
وقد خسرت عقدا مع إحدى الشركات الكبرى لكوني رفضت أكثر من عمل عرضته عليَّ، ولكنني وجدت أنه لا يناسبني، وسأوقع عقدا آخر هذا الشهر مع إحدى الوكالات العالمية.
وما هي طبيعة هذا العقد؟!
- العقد الذي سأوقعه سيكون مع شركة «بيرفس»، وسيكون ذلك في مجال عرض الأزياء والإنتاج التلفزيوني.
هل يتحدى التقاليد؟
أحمد، أنت خرجت من رحم قرية، فهل يستهويك اختراق العادات والتقاليد والمضي في مجال عرض الأزياء؟!
- للأسف... مازال البعض ينظر إلى هذه العروض من منظار ضيق غير منفتح، ولا يتقبل فكرة وجودها، على رغم أنه ليس كل من يدخلها سيتخلى عن عاداته وتقاليده... وأنا أعي جيدا وأراعي عاداتنا وتقاليدنا في كل الأعمال التي أقوم بها، المهم عندي أني محافظ على صلواتي وصومي. كما أنني أنحدر من عائلة متدينة ومحافظة. إلى جانب هذا كله فقد استعنت بعالم دين واستفسرت منه عن هذه المهنة قبل أن أزاولها، حيث قال لي: لا توجد أية مشكلة في كونك عارضا للأزياء إذا لم تكن هذه المهنة بهدف التعري وغيرها من الأمور التي يحرمها الإسلام.
لماذا إذا باعتقادك يرفض الناس هذه المهنة؟!
- النظرة الضيقة هي الأساس... فالناس ترى وتعرف كل شيء عن حياة عارضي الأزياء في الدول العربية الأخرى وحتى الأجنبية، لذلك فهم يعتقدون أن كل من يدخل هذا المجال سيسير على نهجهم وينسى عاداته وتقاليده... شخصيا من المستحيل أن أقوم بأي عمل يتنافى مع معتقداتنا وتقاليدنا. كم من ممثلة أو مغنية تعرضت للانتقادات في بداية عملها، ولكنها عندما قدمت الأعمال المحترمة بدأ الجميع يقدم لها الاحترام، فما بالك بعمل كأول عارض أزياء بحريني؟!
الملابس الداخلية خط أحمر
معنى هذا أن لديك خطوطا حمراء، فما هي؟
- أرفض كل عمل أشعر بأنني من خلاله سأتعدى على العادات والتقاليد... فأنا على سبيل المثال أرفض عرض الملابس الداخلية، وقد سبق ورفضت عروضا كثيرة تتعارض مع عاداتنا.
بالعودة إلى النظرة الضيقة، هل واجهت معارضة لدخولك هذا المجال؟
- طبعا، لازم في معارضة، فالناس إن لم يفهموك ويفهموا طبيعة هذا المجال الذي تعمل به فهذه مشكلة، وأنا في طور تغيير هذه النظرة... الحمد لله عائلتي أمي وأبي وأخي وأخواتي يدعمونني ويساندون خطواتي، ولكني وجدت بعض المعارضة من أهلي المقربين.
ما هو أسوأ انتقاد أثر على نفسيتك؟
- الانتقاد كان من أعز عمة (أخت والدي) عندما كلمتها في قرار دخول مجال عرض الأزياء، إذ لم تتقبل ذلك مطلقا، حتى يومنا هذا.
ما أقسى الاتهامات التي تعرضت لها لتحديك الانتقادات وظهورك كأول عارض أزياء؟!
- أقساها كان اتهامي بأن لدي ميولا جنسية، وأني من «الجنس الثالث»، ولكنني والحمد لله أستطيع أن أتخطى ذلك لثقتي في نفسي وثقة أهلي فيما أقوم به من عمل.
ماذا عن أصدقائك، كيف تلقوا خبر دخولك عالم الأزياء؟
- «ربعي وايد وقفوا ويايي»، وبعضهم دعمني دعما حقيقيا، ولكن بظهوري في وسائل الإعلام بدأوا يشعرون بالغيرة.
مشروع خيري... وأعمال جديدة
ما هي أعمالك المقبلة في مجال عرض الأزياء؟
- حاليا تم التقاط أكثر من صورة لي وأنا أعرض مجموعة من الأزياء، وسيتم نشرها في مجلة بحرينية خاصة بالأزياء تصدر باللغة الإنجليزية خلال يوليو/ تموز المقبل.
هذا بالإضافة إلى أنني بصدد تقديم عرض أزياء للمجموعة الخاصة بي «كمصمم أزياء»، إذ سيقام العرض الأول في البحرين في العام 2009 وسيكون عرضا للملابس الرجالية فقط، بينما سأقدم في لندن في مايو/ أيار 2009 عرضا لمجموعتي، ولكن سيكون لملابس نسائية رجالية.
أما خارج مجال عرض الأزياء، فلدي مشروع يهدف لضرورة تمثيل ملك وملكة الجمال في الأعمال الخيرية، فقد عملت خلال الأشهر العشرة الماضية على عمل دراسة لمشروع خيري حصلت من خلاله على دعم من الأمم المتحدة. وهذا المشروع يدعم الأيتام وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى الايدز والسرطان... وبعد موافقة الأمم المتحدة عليه قدمته لوزارة التنمية الاجتماعية حتى أحصل على تصريح وحافز للمواصلة في هذا المشروع... في البداية شجعوني، ولكن بعد شهر أو شهرين أخبروني بأنهم لا يستطيعون دعمي لكوني لا أمثل جهة أهلية.
وعلى رغم هذا الرفض، فإنني لم أيأس وسينطلق المشروع في دولة أخرى غير البحرين «لا أستطيع حاليا ذكر اسمها».
كيف ترى المدخول المادي في مجال عرض الأزياء؟!
- بشكل عام المدخول المالي في هذا المجال كبير جدا، ولكنه في الخليج ضعيف... فقد عرض علي تصوير إعلانات في فرنسا مقابل 10 آلاف دينار.
ملك جمال العالم
ما قصة لقب ملك جمال البحرين الذي حملته، وخصوصا أنه لم تقم مسابقة في البحرين تعنى بذلك؟!
- حصلت على هذا اللقب عن طريق منظمة جمال عالمية اختارتني من خلال عملي مع عدد من شركات عروض الأزياء العالمية التي أنتمي إليها، حيث كنت الخليجي الوحيد المتعاقد معهم في هذا الإطار... وبما أنني كنت الوحيد والمسابقة التي أقيمت في الصين في العام 2007 لاختيار ملك جمال العالم كان ينقصها شخص خليجي، فقد تم اختياري.
وما حكاية مسابقة ملك جمال العالم التي كنت تنوي المشاركة فيها؟
- هذه المسابقة كما أخبرتك أقيمت في الصين في أواخر شهر مارس/ آذار 2007، وقد تم اختياري للمشاركة فيها، ولكنني وقبل السفر بيوم تعرضت لعارض صحي منعني من المشاركة، ولكنني سأشارك إذا سمحت لي الفرصة في المرة القادمة... وحتى لا يفسر البعض طبيعة هذه المسابقة بشكل خاطئ، أحب أن أوضح أنها كانت مسابقة دولية خصص جزء كبير من فعالياتها للرياضة والفكر وتسلق الجبال وزيارة سور الصين العظيم، وليس بها عرض للملابس الداخلية أو أي عرض آخر.
يمثل في فيلم بريطاني هندي
عارض الأزياء عادة ما يعرض عليه العمل «موديل» في الفيديو كليب، فهل عرض عليك ذلك؟!
- عرض علي العمل «موديل» مع أحد الفنانين القطريين الجدد، ولكنني اعتذرت عن ذلك بسبب انشغالي ببعض الأعمال... وإن حدث وعرض علي مجددا، فأتمنى العمل مع نوال الكويتية، نجوى كرم، راغب علامة ووائل كفوري. علما بأنني أقبل بتصوير فيديو كليب إذا كان الدور الذي أجسده تمثيليا وليس رقصا.
ماذا عن التمثيل، ألا تفكر في امتهانه أيضا؟!
- نعم أفكر في امتهان التمثيل، وقد عرض علي التمثيل في فيلم بريطاني هندي، ولكنني رفضته لكونه لا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا.
مَن مِن ممثلي الخليج تتمنى العمل معه؟!
- الفنانة الكبيرة حياة الفهد.
كيف يهتم أحمد عبدالنبي بشكله؟!
- لدي مصفف شعر خاص أتعامل معه وهو محترف واسمه موون، كما أن لدي شخصا يهتم بلحيتي «ذقني» وهو آرون التركي.
الإعلام البحريني ظلمني
أحمد، على رغم شهرتك خارج البحرين، فإننا لم نسمع عنك في وسائل الإعلام؟
- في بداية ظهوري احتضنتني الصحافة الإماراتية، وقد اهتموا بي بدرجة غير طبيعية، حتى أنني ظهرت أخيرا على قناة «العربية» وهي قناة إخبارية. أما في البحرين فقد ذهبت بنفسي للتلفزيون للتعريف بنفسي كأول عارض أزياء، إلا أنني لم ألق من يسمعني أو يدعمني. وفي الصحافة كنتِ أول من أجرى معي لقاء لتعريف الناس بي.
... وأخيرا، ما الذي يتمنى أحمد أحمد تحقيقه؟!
- أتمنى أن يوضع اسمي في قائمة أهم مصممي الأزياء العالميين، كما أتمنى أن ألبس من تصاميم أشهر الناس، وأن أواصل في مجال عرض الأزياء.
العدد 2115 - الجمعة 20 يونيو 2008م الموافق 15 جمادى الآخرة 1429هـ