العدد 2561 - الأربعاء 09 سبتمبر 2009م الموافق 19 رمضان 1430هـ

( رسائل القراء ) : ماذا لو اعتمدت الصناديق الخيرية معايير المذهبية والطائفية؟

في العام 1993 أشهر صندوق مدينة عيسى الخيري رسميا وبدأ عمله منذ تلك السنة لتحقيق الأهداف الإنسانية الخيرية التي لا تستثني أحدا من القاطنين في منطقة مدينة عيسى، في وقت لم يوجد صندوق خير أو أية مؤسسة خيرية تعمل في منطقة مدينة عيسى.

فهو أول صندوق يؤسس لتقديم المساعدات للأسر المتعففة في المنطقة، وكان المؤسسون يحرصون أن تصل مساعدات الصندوق إلى جميع الأسر المتعففة في منطقتهم، فكان التركيز في مساعداتهم على المعايير الإنسانية وليس على جوانب أخرى كالمذهبية والعرقية وما شابه ذلك من مفاهيم مذمومة وغير مرضية عند الله سبحانه وتعالى ولا عند رسوله المصطفى (ص) ولا عند العقلاء من الناس ولا عند الحريصين الحفاظ على المشاعر الإنسانية في وطننا العزيز.

وكانوا ولا يزالوا في صندوق مدينة عيسى الخيري يعتبرون جميع الأسر المتعففة يقفون على خط واحد، ودراسة الحالات يتم بمعايير إنسانية دقيقة، وتكون هي الفيصل الذي تبين الأسر المستحقة للمساعد وغيرها، وكان تصنيف الأسر لا يتم عشوائيا، وإنما يتم على أساس المستندات المرفقة بالطلب المقدم ونتائج دراسة الحالة والزيارات الميدانية، لهذا المتابع لعمل الصندوق وللمتردد عليه، يجد أن تعامله مع جميع الأسر بمعايير إنسانية واحدة لأنهم ينظرون إليهم بمنظار الأسرة الواحدة، لا العرق يستطيع أن يمنع عنهم المساعدة ولا المذهب يكون سببا في عدم إعطائهم حقهم من المساعدات، سواء كانت شهرية أو موسمية.

جميل أن ترى صندوق مدينة عيسى يجسد روح الأخوة الإنسانية والوطنية بين مختلف شرائح المجتمع بهذه الصورة الرائعة والجميلة، وهذا ما رأيناه عند توزيعه للمساعدات الرمضانية على الأسر المتعففة في منطقة مدينة عيسى، ليس في قاموس الصندوق فرز الأسر على أساس طائفي أو عرقي أو مذهبي، لأنه يعتقد أنه بمجرد التفكير في هذا الاتجاه غير الإنساني يكون قد ارتكب جرما كبيرا بكل المقاييس الإنسانية والوطنية، وكيف إذا قام بتطبيقه على الواقع العملي؟

من الطبيعي يعتبر ذلك العمل مشينا وغير لائق إنسانيا، ويقولون عن الصندوق الذي يتجه في مساعداته باتجاه طائفي أو باتجاه أي عنوان آخر يتعارض مع جوهر الإنسانية، يكون خصمه يوم القيامة الفقير الذي منع عنه العطاء بالمبررات غير الإنسانية التي ذكرناها آنفا، غير هذا وذاك يخسر الأجر والثواب من رب العباد، ويصبح العمل الذي قام به قبيحا ومذموما عند الله جلت قدرته وعند العقلاء من الناس.

ليس من أخلاقيات وأدبيات العمل الخيري أن تسأل الأسر المتعففة عن طائفتها أو مذهبها أو العرق الذي تنتمي إليه، فهذا عيب إنساني كبير يسجل على الصندوق الذي يقوم بهذا العمل غير اللائق إنسانيا، هذا النفس الخير الذي نراه جليا في عمل صندوق مدينة عيسى الخيري يستحق من كل فرد من أبناء بحريننا الغالية الإشادة به ومن حقنا أن نطلب من جميع الصناديق الخيرية التي تخالف أخلاقيات وأدبيات العمل الخيري والإنساني عند توزيعها للمساعدات على الأسر المتعففة، أن تجعل ممارسة صندوق مدينة عيسى الخيرية نبراسا تهتدي به في هذه المسألة الحساسة، لأن العمل الخيري لا يقدم إلا لله الواحد القهار، وليس لأحد غيره، وإذا ما قدم عمله الخيري لغير الله ليس له أن يطلب جزاء ما فعله من الله سبحانه وتعالى، وعليه أن يتحمل تبعات عمله غير الإنساني يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

بطبيعة الحال لا يمكننا القول للصندوق الذي يقدم مساعدته للأسر المتعففة على أساس طائفي أو عرقي أن عملك في الاتجاه الصحيح، لأن ذلك يجانب حقيقة العمل الخيري في مفاصله الإنسانية الأساسية، لكننا نقول للصندوق المخالف للأسس الإنسانية، انتبه جيدا وحاول أن تعيد حساباتك جيدا حتى لا يذهب عملك الذي بذلت من أجله الجهود الكبيرة وأعطيته من وقتك ساعات أدراج الرياح، هذا إذا لم يتحول عملك إلى نقمة عليك في يوم الحساب.

من واجبنا الأخلاقي نقول بارك الله في الجهود التي يقدمها صندوق مدينة عيسى الخيري والصناديق الخيرية التي تلتزم عند توزيعها للمساعدات على الأسر المتعففة بالأخلاقيات الإنسانية، وأن يجعل ما يقومون به في ميزان حسنات القائمين عليها وفي ميزان حسنات المحسنين من الأفراد والجماعات والمؤسسات التجارية والمصارف، يسيء النفس الإنسانية السليمة أن يكون العطاء والبذل والمساعدات العينية أو المادية على أساس غير إنساني بغيض.

السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي يجعل الناس يشيدون بعمل المؤسسة الملكية الخيرية ؟ التي تتعامل مع الجميع بنفس إنسانية، أليس هذا العمل الذي تقوم به المؤسسة الملكية الخيرية يستحق منا جميعا الإشادة به وندعو لها بالتوفيق والرقي والتطور والنماء في اتجاهاتها الخيرية والإنسانية؟ فنحن في وطننا الغالي أمام نماذج خيرية وإنسانية راقية في تعاملها مع الحالات التي تعرض عليها، نرى من واجبنا الأخلاقي والإنساني الإشارة بعملها وتبيان إيجابياته، ومن حقنا الإنساني والأخلاقي والأدبي أيضا أن نشير إلى الصناديق والمؤسسات الخيرية التي تتعامل مع الأسر المتعففة بمعايير غير الإنسانية، ومن حقنا الإنساني ذم عمل وتعامل تلك الصناديق والمؤسسات الخيرية أن وجدت التي تعتمد في حال تقديم مساعداتها للأسر المتعففة على المعايير الطائفية أو المذهبية أو العرقية.

سلمان سالم

العدد 2561 - الأربعاء 09 سبتمبر 2009م الموافق 19 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:54 ص

      العدل أولا

      القران هو دستور المسلمين يقول : ان الله يأمر بالعدل والاحسان 000تقديم العدل على الاحسان يعني ان العدل عنصر اساسي ومركزي في الحياة الاجتماعية والاحسان والجود والكرم تطوع وتنازل عن حق للمحسن وليس له قانون اجرائي تنفيذي

    • زائر 2 | 5:44 ص

      العدل و الجود

      سئل علي : ايهما افضل العدل ام الجود ؟فقال : العدل يضع الأمور مواضعها والجود يخرجها من جهتها العدل سائس عام والجود عارض خاص فلو كان العدل هو المطبق والمنفد في البلاد والعباد لكان الجود زيادة خير نحن لا نريد مكرمات نريد العدل الاجتماعي

    • زائر 1 | 1:40 ص

      الصناديق الخيالية

      ماذا لو ؟؟ الا صار وخلصنا وصار فعل ماضي حتى الصناديق الخيرية تجاري موضة الشللية والواسطات والاحزاب وصلوا لمرحلة ان المساعدات تقدم فقط لاسر اعضاء الصندوق

اقرأ ايضاً