لا ريب في ان فرجة السنة الثانية في مدرسة هوغوارتس للسحر أفضل من السنة الأولى. ولكن مثل كل «الرزنامات» المدرسية المحشوة بالمواد المدرسية، يبدأ فيلم «Harry Potter and the Chamber of Secrets» يجرر ذيله في منتصفه.
فبعد ساعة ونصف الساعة من الاكشن الجيد عامة والتأثيرات الخاصة المحسنة جيدا والجرعة الكبيرة من التنكيت البريطاني البارد، تحس أنه آن الأوان للمخرج كريس كولومبوس لأن يصل بفيلمه إلى الختام المبكر.
ولكن ما إن تصل الى منتصف الفيلم حتى تبدأ الساعة ونصف الساعة الباقية من السحر والتهميش ضغطها الثقيل الذي سينوء تحته أعتى عتاة محبي أفلام «هاري بوتر». إن ما يحدث في هذه القصص ليس مشوقا كفاية ليستحق ان يستغرق عرضه قرابة ثلاث ساعات.
(أما بعد، الزم مكانك حتى ترى النسب النهائية إذا كنت قد بقيت كل هذه المدة. فسماع قفشات عضو الطاقم الجديد كينيث براناغ الطريفة تستحق ذلك).
اصحاب امتياز أفلام الصبي الساحر قرروا منذ وقت طويل ان تتضمن افلام هاري بوتر أكبر قدر ممكن من تفاصيل وحوادث القصص، وذلك في خطوة تبدو معقولة لإرضاء هواة الروايات المراهقين والأحداث الذين يصرون على نقل كل شيء حرفيا من صفحات الكتب إلى الشاشة.
ولكن هؤلاء الاطفال تذمروا على كل حال قبل سنة من غياب فقرات استثنيت من «Harry Potter and the Sorcererصs Stone» ولعلهم سيتذمرون مجددا من الفيلم الجديد على رغم ان عرضه يستغرق ساعتين و41 دقيقة، اي اطول من الفيلم السابق بتسع دقائق.
وعليه، لماذا لم تقطع الحشوات الظريفة - ولكن غير الضرورية من«Chamber of secrets» (هاري بوتر وغرفة الاسرار) لجعل عرضه لا يدوم اكثر من ساعتين؟
من ذلك، ينبغي القول انصافا ان غرفة السرار ممتع تماما على رغم طوله. فالفيلم يتضمن طرائف اكثر حيوية ونسخة اكثر ظلاما من الفيلم الاول، وأداء هاري (دانيال رادكليف) وصديقيه ويزلي وهرميون غراينجر (روبرت غرينت وايما واطسون) أكثر متانة وثقة من الاداء في الفيلم الاول.
وفي حين ان «حجر الساحر» (الفيلم الاول) كان في جوهره نسخة سينمائية للرواية، فالمخرج كولومبوس ينجح هنا في «غرفة الاسرار» في اضفاء بعض الاختلاف مع تمسكه الحرفي بالسرد الروائي لقصص المؤلفة ج.ك رولينغ.
ويساعد التوفق في اختيار ممثلين للشخصيات الجديدة وتوسيع أدوار بعض افراد الطاقم العائدين من الفيلم الاول والبلاتوهات والتأثيرات المبهرة والمخلوقات الخسيسة والحوار المسلي والطرائف الموضعية على اضفاء الوهج الذي كان غائبا عن الفيلم الأول على رغم نجاحه عند شبابيك التذاكر.
سنة هاري الثانية في مدرسة هوغوارتس للسحر هي توطئة بطيئة لعودته إلى مواجهة المشعوذ الشرير (فولد يمورت)، الوغد الذي قتل والديه وترك الندوب المتعرجة على جبينه، والذي هزمه هاري في الفيلم الاول.
ويتطرق الفيلم إلى موضوعات العنصرية الحساسة في عالم الساحر وعندما تراود عناصر محافظة رغبة في اجراء تطهير عرقي وتخليص عالمهم السحرى من ذوي «الدم الموحل» الذين أنجبهم آباء من جماعة الـ «ماغل» غير السحرة.
ويحتوي الفيلم على كل الحوادث الرئيسية الموجودة في الكتاب: ظهور الظبي الأليف «دوبي» (اضافة موفقة للاطفال الصغار)، والذهاب الى المدرسة بسيارة طائرة تدمرها «ومبينغ ويلو»، واستهداف هاري بكرة مفتونة خلال مباراة «كيديتش» للمكانس الطائرة. وهذا حدث معزز كثيرا عن مباراة السنة الماضية (أي الفيلم الاول) بفضل التأثيرات الخاصة لجورج لوكاس، و«تحجر» التلاميذ ورسائل الفناء المكتوبة بالدم على الجدران، والمفكرة اليومية التي تسافر عبر الزمن والتي تقع في يدي هاري، وعش العناكب العملاقة ومعركة هاري مع حية هائلة.
ووفاة المممثل جورج هاريس أخيرا تجعل أداءه الراقي في دور مدير مدرسة هوغوارتس، «دمبلدور» محسوسا جدا. ويبرز ايضا كل من ماغي سميث في دور الأستاذة الصارمة واللطيفة «ماكوناغال»، وروبي كولتران في دور العملاق «هارغريدا» في خانة مختلفة عن بقية افراد الطاقم.
ويوفر براناغ لمسات كوميدية عظيمة في دور المتأنق ، استاذ الدفاع ضد الفنون القاتمة في مدرسة هوغوارتس غيلدروي لوكهارت. كذلك جولي والترز التي ظهرت على الشاشة لثوان قليلة في الفيلم السابق، وهي حادة الصوت هذه المرة في دور السيدة ويزلي (مع ان جون كليز في دور الشبح «هيرلي هيدلس نيك» جاء مغمورا هذه المرة.
ويضيف جيسن ايزاكس، الجزار البريطاني في فيلم «The Patriot» إلى مؤهلته عنصرا جديدا في دور لوشيوس، الساحر المتزمت ووالد دراكو، منافس هاري في المدرسة (يلعب الدور بحقارة متزايدة توم فيلتون).
وتأتي شيرلي هندرسون اضافة مزاجية في دور «مونتينع ميرتل» التي تعرض ان تأوي هاري في المرحاض الذي تسكنه في حال تعرضه للقتل.
وينوي كولومبوس ان يظل منتجا للفيلم الثالث في هذه السلسلة «Harry potter and the Prisoner of Azbakan» الذي يتوقع عرضه في صيف 2004. وسيخرج الفيلم الفونسو كوارون الذي صنع فيلم «الأميرة الصغيرة» في العام 1995.
«هاري بوتر وغرفة الاسرار» من توزيع وورنر براذرز وفيه مشاهد مفزعة وبعض العنف.
خدمة (أ. ب
العدد 268 - السبت 31 مايو 2003م الموافق 29 ربيع الاول 1424هـ