توقع وزير النفط الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ان تشهد أسواق النفط عموما استقرارا في المستقبل وان ينعكس هذا الاستقرار على تحسن وثبات أسعار النفط بعد تلاشي بؤر التوتر في المنطقة وكذلك على مشروعات التطوير التي ينتظر ان تشهدها دول المنطقة بعرض زيادة وتحسين انتاجها ومن ثم ايراداتها من النفط والغاز.
وقال وزير النفط إن هذا الاستقرار سينعكس ايضا على تنفيذ مشروعات التطوير النفطية في البحرين والمتمثلة في تحديث المصفاة والذي بدأ فعلا ويتكلف أكثر من 800 مليون دولار وكذلك تطوير الحقول المنتجة حاليا وزيادة طاقتها وكفاءتها الانتاجية علاوة على مجالات التنقيب عن مصادر جديدة من النفط والغاز في البر والبحر والتي يؤمل ان تتكلل بالنجاح وبما يعود على اقتصاد البحرين بالنفع الكثير.
وقال في تصريح له بمناسبة افتتاح سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط للنفط ان مؤتمر هذا العام ميوس 2003 تميز عن المعارض والمؤتمرات الأخرى التي اقيمت على مدى السنوات الماضية ومنذ انطلاقته في العام 1979م بتركيز معروضاته وأوراق العمل التي قدمت فيه والتي زادت على 150 ورقة على المنافسة في تقديم الحلول التقنية لقطاع النفط والغاز، في وقت تعود فيه منطقتنا إلى الاستقرار، ومن ثم إلى استقطاب اهتمام المستثمرين في هذا القطاع والشركات النفطية المهتمة بتطوير صناعة النفط وتحسين وزيادة الانتاج في دولها.
وأضاف الشيخ عيسى بن علي آل خليفة انه بمقارنة سريعة فإن ميوس 1999 قد شهد مشاركة 138 شركة من 19 دولة وحوالي 800 خبير ومشارك وقدمت في مؤتمره حوالي 90 ورقة عمل، في حين ان ميوس 2001 استقطب 151 شركة من 20 دولة وحوالي 860 خبيرا ومشاركا وقدمت فيه 100 ورقة عمل، اما ميوس هذا العام فقد شاركت فيه 161 شركة من 23 دولة وزاد عدد المشاركين من الخبراء والأفراد على 900 مشارك وقفز عدد الأوراق التي قدمت فيه إلى 150 ورقة، وحدث هذا التقدم على رغم الظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة، والتي على رغم صعوبتها فإنها لم تؤثر على المشاركة فيه.
وعزا وزير النفط هذا النجاح المستمر الذي يحققه ميوس إلى اهتمام صناعة النفط العالمية بهذه المنطقة الحيوية، والى تبوؤ البحرين مركزا من المراكز الدولية في عرض ومناقشة أحدث وسائل ومعدات وسبل تطوير هذه الصناعة، وهو ما نتطلع ان يكتسب أهمية كبيرة في المستقبل وان يصبح ميوس علامة بارزة وثابتة في مسيرة تطور صناعة النفط العالمية.
واختتم وزير النفط تصريحه قائلا: واننا إذ نعلن ارتياحنا من النتائج التي توصل اليها ميوس 2003، والتي ستنعكس ايجابيا على صناعة النفط في المنطقة، فاننا نتطلع إلى ان يواصل ميوس 2005 دوره الرائد في تقديم الحلول التقنية لصناعة النفط العالمية، وفي المساهمة بارتقاء مكانة النفط باعتباره واحدا من أهم مصادر الطاقة ومنطقة الخليج باعتبارها أهم مناطق انتاج وتصدير النفط في العالم.
ومن جانب آخر قال منظمو المعرض انه جذب الكثير من كبار الشخصيات المختصة في شئون النفط والغاز في العالم، وترك انطباعا طيبا لدى جميع العارضين والمشاركين في المؤتمر وزوار المعرض، إذ لقي معرض هذا العام اقبالا جماهيريا كبيرا فاق التوقعات من داخل مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي ومن مختلف دول العالم مقارنة بالمعارض والمؤتمرات السابقة.
واضافوا بأن معرض ومؤتمر هذا العام قد تميز بكثافة المشاركة الفعلية من قبل كبريات الشركات العالمية المتخصصة التي عرضت أحدث التقنيات في مجال النفط والغاز والاستكشافات النفطية والعلوم الجيولوجية والمراحل المتعددة التي تمر بها هذه الصناعة الحيوية كالتنقيب والاستخراج والتكرير مثل شركات شلومبرغر وشل وشيفرون وتكساكو واكسون موبيل وغيرها من الشركات العالمية المتخصصة في مجال النفط والغاز، هذا بالاضافة إلى ان مؤتمر هذا العام اتسم بالحضور الكبير والمشاركة المتميزة من قبل المشاركين من داخل المملكة وخارجها، إذ بلغ عدد المشاركين فيه حوالي ألف مشارك، وتم طرح أكثر من 180 ورقة عمل وبحث تناولت الموضوع الرئيسي للمؤتمر وهو «الحلول التقنية لصناعة النفط والغاز» وذلك من خلال 15 جلسة فنية، إذ تناولت أوراق وبحوث العمل الجوانب المتعلقة بالحفر والاستكشاف وهندسة الانتاج وإدارة المكامن والتقنيات الحديثة ذات العلاقة بموضوع المؤتمر. كما ان المشاركين في جلسات عمل المؤتمر تطرقوا من خلال النقاش وتبادل الحوار بصورة علمية إلى كثير من الجوانب المتعلقة بقطاع النفط والغاز والقضايا المتعلقة بهذا القطاع مثل أسعار النفط والاستثمارات المستقبلية في هذا المجال ومشروعات النفط والغاز في المنطقة، بالاضافة إلى موضوع العراق وموقفه من منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك».
وقد كان للكلمة التي ألقاها النائب الأول للرئيس وعضو مجلس إدارة شركة اكسون موبيل هاري جيه لونغويل في اليوم الأول للمؤتمر صدى طيب لدى الحضور والمشاركين، إذ ركز السيد لونغويل في كلمته على أهمية منطقة الشرق الأوسط وما تتمتع به من مزايا وبنية تحتية ممتازة، ما يجعلها عامل جذب لزيادة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز والارتقاء بمستوى الانتاج في المستقبل، وأشار في كلمته إلى ان الشركات النفطية لديها فرصة جيدة للاستثمار في هذه المنطقة التي يمكن ان تستقطب مليارات الدولارات خلال السنوات المقبلة، منوها إلى ان التوقعات تشير إلى ان 20 في المئة من المشروعات الكبيرة الحجم على مستوى العالم ستتركز في هذه المنطقة، وان حجم الانفاق على هذه المشروعات تتنامى في المنطقة، لذلك فإن منطقة الشرق الأوسط ستلعب دورا مهما في الاستثمارات المستقبلية المتعلقة بقطاع النفط والغاز. وتطرق السيد لونغويل في كلمته إلى ان منطقة الشرق الأوسط تعتبر من أهم المناطق في العالم من حيث الاستثمار في قطاع النفط والغاز، لذلك يجب على الشركات العالمية في هذا القطاع اعطاء هذه المنطقة أهمية كبرى من الناحية الاستثمارية، مشيرا إلى ان الاستثمارات الخارجية لشركة اكسون موبيل في الوقت الحاضر تتركز في المملكة العربية السعودية ودولة قطر، إذ تمثل استثمارات الشركة الخارجية في هذين البلدين في حدود 20 في المئة ما تنفقه في منطقة الشرق الأوسط، وستنمو هذه الاستثمارات مستقبلا بفضل تزايد الطلب العالمي على النفط والغاز.
من جهة أخرى توقع بعض الخبراء خلال جلسات الحوار في المؤتمر إلى ارتفاع وتيرة الاستثمارات في مشروعات الطاقة في المنطقة العربية عموما ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، إذ توقع احد الخبراء ان يبلغ حجم هذه الاستثمارات للسنوات العشر المقبلة قرابة 150 مليار دولار، منوها ايضا إلى ارتفاع هذه المعدلات مع توجهات بعض دول المنطقة لفتح ابوابها امام شركات النفط العالمية وخصوصا في مشروعات التنقيب عن النفط ومشروعات الغاز العملاقة، كما تمت الاشارة خلال مداولات المؤتمر إلى دور القطاع الخاص في عملية الاستثمار في قطاع الطاقة وتوجهات الخصخصة في القطاع النفطي في المنطقة العربية، علما بأن الدول العربية النفطية لديها رصيد احتياطي مؤكد يبلغ حوالي 645 مليار برميل من النفط ويتركز معظمه في منطقة حوض الخليج العربي والعراق، إذ يمثل ذلك قرابة 60 في المئة الاحتياطي العالمي، كما ان حجم الاحتياطي المؤكد من الغاز في المنطقة العربية يبلغ 33,6 تريليون مترا مكعبا وهو يمثل 22 في المئة تقريبا من الاحتياطي العالمي.
وما يؤكد أهمية نجاح معرض ومؤتمر الشرق الأوسط الثالث عشر للنفط «ميوس 2003» لهذا العام كذلك، زيادة المساحة المعروضة لمعرض العام 2003م مقارنة بمساحة العرض لمعرض العام 2001م، إذ تم حجز كامل مساحة العرض المخصصة لمعرض هذا العام والتي بلغت 4300 متر مربع، لتصبح بذلك المساحة المحجوزة لمعرض هذا العام أكبر المساحات في تاريخ معارض الشرق الأوسط للنفط منذ اقامتها لأول مرة العام 1979م، وهو دليل على ما حظي به معرض هذا العام من اقبال كبير من قبل الشركات العالمية العارضة وما وصلت إليه سلسلة مؤتمرات ومعارض ميوس من نجاحات متواصلة، لتصبح بذلك علامة بارزة وحدثا مميزا ضمن سلسلة مؤتمرات النفط العالمية، الأمر الذي يؤكد القفزة النوعية في توجهات مملكة البحرين نحو جعل البلاد مركزا للمؤتمرات والمعارض العالمية المتخصصة، الأمر الذي يسهم في خلق مناخ اقتصادي يبين أهمية مملكة البحرين في تبوئها للمكانة الاقتصادية اللائقة بين أمم العالم.
وقد كان هناك اجماع من قبل المشاركين في معرض ومؤتمر الشرق الأوسط الثالث عشر للنفط «ميوس 2003» على نجاح هذه الفعالية الاقتصادية التي تعتبر من أهم الفعاليات في منطقة الشرق الأوسط، إذ أشار الحضور من خلال حوارهم ومناقشاتهم إلى ان ما تتمتع به مملكة البحرين من موقع جغرافي مهم وكذلك سياستها في الانفتاح للاستثمارات الأجنبية الذي هو ليس بجديد على المملكة، ذلك انها أول دول خليجية يتم فيها اكتشاف النفط قبل حوالي 70 عاما وذلك عن طريق الاستثمارات الأجنبية، كما ان الدعوة التي وجهها جلالة الملك عاهل البلاد المفدى للشركات النفطية العالمية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية، اضافة إلى اتخاذ الكثير من الشركات العالمية البحرين مركزا اقليميا لعملياتها، دليل على ما تتمتع به مملكة البحرين من سياسة انفتاحية مميزة في مجال الاستثمارات في قطاع النفط والغاز والذي سيبقى لفترة من الزمن يستحوذ على ما يعادل 60 في المئة من مصادر الطاقة، اضافة إلى كونه عنصرا عاما في النمو الاقتصادي.
ولاشك في أن أهمية هذا المعرض والمؤتمر تعود إلى استمراريته وعدم توقفه منذ انطلاقته قبل 24 عاما، ليكون بذلك وسيلة اتصال فعالة بين مزودي وطالبي التكنولوجيا، خصوصا وانه يجمع ويشهد مشاركة جميع شركات النفط الوطنية والاقليمية والدولية، ما يعطي المشاركين مجالا أوسع للحوار والمناقشة الجادة عن المسائل المستحدثة على صعيد السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بتطوير هذه الصناعة التي تعتمد عليها الكثير من دول العالم، إذ لايزال النفط يلعب الدور الرئيسي المطلق في عملية تكييف الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية من حيث الانتاج والامدادات والأسعار، كما انه سيستمر ويبقى احد اهم المصادر الرئيسية للطاقة في العالم اذا ما اخذنا في الاعتبار تقدير وكالة الطاقة الدولية بزيادة الطلب على النفط لأكثر من 17 مليون برميل يوميا بحلول العام 2010م. وهذا ما يعني بأن منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي - بثرواتها الواسعة للمصادر الطبيعية والتي تتمتع باحتياطيات ضخمة من النفط والغاز على المستوى العالمي - ستبقى احد اهم مناطق انتاج الطاقة في العالم والذي سيستمر الاعتماد عليها لمواجهة الزيادة في الطلب على النفط والغاز.
ويذكر أن أعمال معرض ومؤتمر الشرق الأوسط الثالث عشر للنفط «ميوس 2003» سيستمر حتى ظهر اليوم الخميس الموافق 12 يونيو/حزيران الجاري، وسيقام المعرض والمؤتمر المقبل الرابع عشر العام 2005م
العدد 279 - الأربعاء 11 يونيو 2003م الموافق 10 ربيع الثاني 1424هـ