العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ

المدرسة... الأسرة... المعلم... أسباب في انعدام دافعية الطلاب

نتائج الامتحانات هل ستكشف تراخيا متزايدا في التحصيل الدراسي

الوسط - محرر الشئون المحلية 

12 يونيو 2003

في المواقف التي تثير الدهشة والغرابة تصبح الكلمات هي التعبير الأقرب عن كل المشاعر. وعندما تزداد الأمور إثارة فإن وقائعها ومشاهدها وسلوكياتها لابد وان تتحول بدورها إلى مواقف ساخنة تشير إلى موضع الخلل وترشد إلى مكمن الخطر ليصبح الطريق أمام الجميع واضحا والدرب سالكا. ومن هنا لن تتوقف عن متابعة كل الجوانب والأمور في شتى مجالات الحياة. ومع كل هذه المواقف ستكون الصورة أيضا ناطقة ومعبرة وشريكا دائما في ترجمة الحرف والإفصاح عن أبعاد الكلمة. دافعية الطلاب في تحصيل العلم هي حديث التربويين الذي لا ينقطع في مجالسهم الخاصة منها أو العامة بعد أن أصبح المستوى العلمي لغالبية الطلاب موضع نقاش وجدال بين أطراف العملية التعليمية كافة: إدارة ومعلمين وأولياء أمور.

ويتفق الجميع على إن الأجواء والأوضاع السائدة في مدراسنا هي السبب الرئيسي في انعدام دافعية الطلاب للتعلم.

ولأن الموضوع قد اتخذ - حديثا - منحى أصبح معه الأمر ظاهرة فإننا نبادر بطرحه هنا عبر مناقشة الأسباب التي أدت إلى تزايد معدلات انخفاض الدافعية لدى أبنائنا الذين نضع عليهم آمالنا في مستقبل أفضل.

وتبدو أهمية الطرح في القضية بشكل خاص عندما نجد إن بعض التربويين الذين استطلعنا آراءهم يشيرون في حديثهم إلى ان نسبة الطلاب الذين انخفضت لديهم القابلية للتعلم تكاد تصل إلى رقم كبير من مجموع الطلاب خصوصا في المرحلتين الإعدادية والثانوية.

كما ان الآراء التي طرحها التربويون الذين شاركوا في هذا الاستطلاع قد تعددت وجهات نظرهم في الموضوع فبعضهم حمل البيت المسئولية، وهناك من أصر على تحميل البيئة المدرسية وبدءا من المبنى المدرسي نفسه جزءا من المسئولية، علاوة على توجيه أصابع الاتهام إلى النظام الدراسي بما يضمه من جدول حصص، وكثرة تقويمات، وتتابع امتحانات وتقادم أساليب، وانعدام هامش الحرية المتاح أمام طلابنا في ممارسة الأنشطة أو إبداء الرأي في هذا النظام وأساليبه بالإضافة إلى رتابة الجو المدرسي، ما يجعلها جميعا من ابرز أسباب تدني الدافعية لدى الطلاب في التحصيل الدراسي.

الطالب، المدرسة، الأسرة، المدرس، المجتمع

يفتتح عميد كلية التربية خالد بوقحوص الحديث قائلا: «إن قضية ضعف الدافعية لدى الطلبة قضية ملموسة وليست على مستوى المملكة فقط وإنما هي على مستوى دول الخليج والدول العربية وبعض الدول العالمية ويمكن أن نرجع أسبابها إلى الطالب نفسه وعدم ميوله وغياب النظرة البعيدة والتعود على أخذ الأمور بشكل مريح وبلا جهد». مؤكدا ان الطلبة في هذا الوقت أصبحت أهدافهم غير مرسومة ونظرتهم للمستقبل غير محددة ما يؤدي إلى انعدام الدافعية للتعلم وقبول المدرسة.

كما أشار بوقحوص إلى دور الأسرة وما تقدمه من ترف يومي لأبنائها من خلال ما يحصلون عليه دون إحساسهم بقيمة الشيء وصعوبة الحصول عليه وهذا أيضا ينعكس على الأداء والتوجه نحو قضية الدافعية، معتبرا الانفتاح الموجود والذي يعيشه الطلبة من تقدم تكنولوجي والإنترنت والفضائيات والألعاب الإلكترونية وغيرها أثر بشكل كبير خصوصا مع وجوده في البيئة المنزلية وغياب هذه التكنولوجيا عن مجتمع المدرسة، كما ان غياب دافعية الإباء والاهتمام بالتعليم ينعكس بالأثر السلبي على دافعية الطلبة.

وتطرق بعد ذلك إلى المدرسة متسائلا «هل مدارسنا بيئة مريحة وجذابة للطلبة» مشيرا إلى انه ليس كل المدارس تحمل هذه المسئولية وهذا التوجه وكذلك المدرسين هل يملكون هذا التوجه وهل يمتلك الإعداد الجيد في تقديم المادة العلمية والتربوية.

كما يرى بوقحوص ان للمجتمع دورا كبيرا في قضية دافعية الطالب نحو التعليم، فغياب اهتمام المجتمع بالتعليم والمتعلمين ينعكس على نفسية الطالب اتجاه تحصيل العلم وكذلك اهتمام وسائل الإعلام بمثل هذه القضايا وطرح البدائل والوسائل الناجحة لحل من مثل هذه القضايا، وطرحها على المتجمع شيء ضروري لتجاوزها.

المدرسة بحاجة إلى سبل جديدة

ويرى آخر من المدرسين (فضل عدم ذكر اسمه) ان المجتمع المدرسي بحاجة ماسة إلى إيجاد السبل لتشجيع الطلاب على الدراسة وقد يتم ذلك من خلال عدة أمور منها ترسيخ حب العلم والنظام والأخلاق في نفوس أبنائنا ويتم ذلك عن طريق تفعيل دور الإذاعة المدرسية والمحاضرات والندوات التي تعقد بشكل دوري وبتخطيط مدروس لتحديد ما تقدمه، وكذلك تفعيل دور الأنشطة المدرسية مثل الألعاب الرياضية وتطوير الصالات الرياضية في المدرسة وتزويدها بالأجهزة الحديثة والمتطورة، وتفعيل دور المكتبة وتحديد بعض الحصص المكتبية والتي من شأنها إثراء المعلومات عند الطالب، وتوسيع المقاصف المدرسية بحيث ينال الطلبة الراحة أثناء تناول الوجبات والمشروبات خلال الفسحة ويجب إلغاء هذه المقاصف الضيقة والفقيرة، وزيادة أوقات الفسح بحيث يستريح الطالب من عناء الحصص المتتابعة، كما ان زيادة دور الحاسب الآلي في العملية التعليمية تجدد أساليب التعليم وتجذب الدارسين، وفي الوقت نفسه ندعو إلى عدم إغلاق أبواب المدرسة في وجوه الطلاب مع الاهتمام وفي حزم بالغياب وإنذار الطلاب المخالفين واتخاذ العقوبات الصارمة بحقهم.

ويستعرض آخر أسباب الظاهرة فيقول: إن الطالب عندما لا يحب المدرسة فإن ذلك يكون بداية انعدام الدافعية التي تبدأ مؤشراتها من شعور الطالب بعدم ملاءمة الكرسي الذي يجلس عليه مرورا بكثرة المواد الدراسية وتتابع الحصص وتوالي الاختبارات، وهذا يعني إجمالا رتابة الجو العام داخل وحداتنا التعليمية التي تشكل السبب الرئيسي في قلة الدافعية.

ويتابع قائلا: من الضروري تفعيل برامج الأنشطة المدرسية، ففي المجال الرياضي مثلا يمكن العمل بنظام الجو المدرسي الرياضي الذي يمارس فيه الطالب نشاطه المحبب في ظل توجيه تربوي لا يبحث عن إحراز الفوز في المنافسات، حتى قضي على بعض الأسباب التي تقلل الدافعية وهي كثيرة ومنها تكثيف الامتحانات وتحديد مواعيد لها، والجدول الدراسي وكثافة فوائده وتتابعها.

وقال محمد حسن (طالب جامعي): يجب التركيز على السبب الرئيسي وهو عدم اهتمام الطالب بالتعليم أساسا وهناك أسباب كثيرة أولها ان بعض هؤلاء الطلاب لا يفكرون إلا في شهادة تؤهلهم لوظيفة ما يحصلون منها على راتب مناسب تمنحهم الفرصة لشراء سيارة دون أن يدركوا أهمية استمرارهم في التعليم والحصول على شهادات أعلى تمنحهم راتبا أعلى وحياة أفضل.

تنوع المواد وتوظيف الإعلام

وتحدث أحد مدرسي اللغة الإنجليزية فقال: أسباب قلة الدافعية كثيرة ولكن بداية لابد أن نؤكد على ان كل مرحلة دراسية لها ظروفها الخاصة وتختلف فيها نسبة الدافعية عن المرحلة الأخرى وكذلك تختلف الأسباب، ولكن أول هذه الأسباب عموما هو عدم التنوع في تقديم المادة العلمية للطلبة من خلال المنهاج ويرتبط بذلك كثرة المواد اليومية التي يزدحم بها جدول الحصص المكثف، أي رتابة الجو الدراسي عموما وأضيف إلى ذلك كثرة الأعباء المدرسية على المعلم والإدارة الأمر الذي يدفع كل فئة داخل المجتمع المدرسي إلى البحث عن السبيل الأنجح والأسرع لإنجاز أعبائها قبل البحث عن بث روح القابلية للتحصيل في نفوس الطلبة، وهناك سبب رئيسي ومهم جدا وهو أجهزة الإعلام وتأثيراتها على فئة الطلبة كشريحة مجتمعية تعايش العصر ولذلك فأنا أرجو توظيف أجهزة الإعلام أو تخصيص جانب منها ليكون تربويا، كما اقترح إجراء أبحاث ميدانية حقيقية للوقوف على أسباب انعدام أو قلة الدافعية عند الكثرة من الطلاب، وتحويل المناهج إلى مساقات دراسية.

وفي رأي لأحد المعلمين انه إذا كنا جميعنا نشكو قلة الدافعية فإن هذا يدفعنا إلى إعادة النظر في سياسة التعليم ككل للإجابة على سؤال مهم يقول: ماذا تريد وزارة التربية من الأجيال بصفة عامة؟ أو ماذا وكيف نصنع هذه الأجيال؟ الوزارة والمنطقة والمدرسة والمعلمون والآباء يشتكون قلة الدافعية وكل فئة تلقي اللوم على الأخرى وكلنا شركاء في المسئولية وكلنا وراء الأسباب الحقيقية لقلة الدافعية.

الجدران الحصينة

ويقول أحمد علي (مدرس رياضيات): إن معظم المدارس صممت لتعطي الفرصة للإدارة لمتابعة الضبط والربط والانتظام وهي داخل المكاتب وراء تلك الأسوار المحيطة بالمبنى بينما الشباب في هذا العصر نشأوا على الانفتاح والحرية وذلك سبب رئيسي في الموضوع وأضف إليه سلبية بعض أولياء الأمور تجاه المجتمع المدرسي وانشغالهم عن بناء الجيل بالبحث وراء لقمة العيش كما ان المواد كثيرة العدد كبيرة المحتوى هي للأسف قليلة الفائدة خير مثال على ذلك الصف الأول الثانوي: كم عدد المواد التي يدرسها الطالب؟ وكم عدد الذين ينجحون منه إلى الثاني الثانوي؟ وهنا تأتي فرص العمل المتاحة للطلبة بعد حصولهم على الإعدادية أو الأول الثانوي لتجعل الطالب متدني المستوى أو حتى متوسطه أقل إقبالا على التحصيل العلمي كما ان التدليل الأسري والرفاهية لدى البعض من عوامل انخفاض الدافعية.

وأضاف انني أدعو إلى تغيير أساليب التدريس والبعد عن التلقين واستخدام الأساليب والوسائل الحديثة وزيادة جرعات التدريب على ذلك سواء من قبل الوزارة أو المناطق التعليمية وأيضا تقليل عدد الحصص الدراسية اليومية لتخفيف الضغط على الطالب ومنحه الفرصة ليعيش عصره.

رتابة الأجواء

وقال أحد المدرسين العرب: أرى من وجهة نظري ان رتابة الجو العام في المدرسة هي السبب الرئيسي لأنها تعني عدم توافر أدوات النشاط اللاصفي وبالتالي إحساس الطالب بأنه في سجن داخل أسوار ورقابة وقضية الدافعية كبيرة وترتبط بأكثر من جهة إضافة إلى ارتباطها بالمجتمع والبيئة المحيطة والمجتمع المدرسي ولذلك فإنني بإيجاز أطالب بإحداث التشويق للطالب وجذبه إلى المدرسة عن طريق الأنشطة والمسابقات وهامش الحرية الموجهة وإذكاء روح التنافس بين الطلاب على المستويات كافة بدءا بالمدرسة وامتدادا إلى العالم الخارجي، وكما سبق ان أشرت يجب مراجعة التعليم لعلنا نتلمس بعض الخطى الصحيحة نحو زيادة الدافعية بعد معرفة الأسباب الحقيقية لقلة الدافعية.

ويواصل قائلا: هناك سببان يجب التوقف عندهما قليلا هما غياب رقابة الأسرة والشعور بالحرمان وعدم الجدوى من الدراسة يؤديان لانعدام دافعيته للتعلم.

تنمية الميول

وحدد عبدالله خليل عوامل تنشيط الدافعية للتعلم في ضرورة سعي المدرس إلى تركيز الانتباه عن الموضوعات المطلوب تعلمها بطريقة الشرح المشوقة وتقديمه للموضوع داخل الحصة الدراسية وتحديد الأهداف المحددة، توضيح مستويات العمل المطلوب من حيث هل هو جماعي فردي، بث روح التنافس والتحفيز بين الطلاب لأنها مصدر إشباع لرغبات هؤلاء الطلاب بالإضافة إلى اتباع أسلوب الثواب والعقاب ليشعر المقصر بخطئه ويفرح المجد والمجتهد بنتيجة هذا الاجتهاد.

كل العوامل... ولكن!

ويقول محمود إسماعيل: من الخطأ - بداية - أن نعمم على جميع الطلاب أن لديهم دافعية قليلة أو تنعدم تماما في تحصيل العلم ونسبة هؤلاء في المجتمع المدرسي، ولعلاج ذلك لابد من معرفة الأسباب الشخصية والعامة لتشخيص الداء وتحديد العلاج الذي لا يخرج عن عدة أمور منها: ربط المنهج بحياة الطالب اليومية والاجتماعية وان يعكس ذلك المنهج تطلعات الطلبة وآمالهم ويواكب التطورات العلمية وان توظف فيه التكنولوجيا ولابد أن نربط الطالب بجذوره وهويته الوطنية ربطا حقيقيا وإشعاره بأهميته كإنسان وقيمته كلبنة في بناء الأمة، من تشجيع المتفوقين والأخذ بأيديهم للإبداع من دون مجاملات أو إجحاف بحق البعض، بالإضافة إلى ذلك هناك ضرورة للحزم من غير عنف واللين من غير ضعف في التعامل مع الطالب والصدق والأمانة والمساواة مع الجميع من أدنى سلم الهرم التعليمي إلى قمته وإلا ضاع السبيل والهدف في آن واحد

العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً