العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ

أونغ سان سو كي: ناشطة حقوق الإنسان التي لاتتعب

«اونغ سان سو كي» هي واحدة من اكثر الديمقراطيين المحترمين في آسيا وقائدة كفاح بورما من أجل الديمقراطية، ولدت في العام 1945 في بورما، التي كانت تسمى مينامار منذ العام 1989. وهي ابنة بطل بورما القومي الجنرال اونغ سان الذي قاد حركة الاستقلال عن بريطانيا في الأربعينات، والذي اغتيل في العام 1947 حين كان في قمة نجاحه وينظر اليه اليوم على انه بطل وبأنه والد البلد.

تلقت سو كي تعليمها المدرسي في بورما والهند وفي انجلترا إذ التقت بزوجها الراحل مايكل اريس. لمدة عشرين عاما اهتمت سو كي بتنشئة أبنائها وفي الوقت ذاته واصلت دراساتها الاكاديمية وعملها في الأمم المتحدة في انجلترا وفي بعض الدول الأخرى.

في العام 1988 عادت سو كي الى بورما لتزور والدتها المريضة، وبينما كانت هناك اندلعت مظاهرات حاشدة ضد المجلس العسكري السياسي الحاكم (الجونتا) وضد قانون الدولة وضد المجلس الاصلاحي. اتخذت الجونتا اجراءات صارمة ضد المتظاهرين بحيث قتلت عشرة آلاف شخص في هذه العملية، واستجابة لذلك، قام عدة قادة بمفاتحة سو كي وطلبوا منها تشكيل حزب ديمقراطي لمعارضة الجونتا. وافقت سو كي وأصبحت عضوا في التحالف الوطني للديمقراطية (NLD) الذي شُكل حديثا، وبسبب تاريخ عائلتها ومهاراتها السياسية قفزت سو كي بسرعة الى واجهة المشهد السياسي. بوجود سو كي كأمين عام، كسب NLD فوزا غامرا في الانتخابات الوطنية التي اقيمت في العام 1990، ولكن الجونتا الغت النتائج.

وُضعت سو كي تحت الاقامة الجبرية منذ العام 1989 حتى العام 1995، وعلى رغم اطلاق سراحها فقد ظلت محرومة من حرية التنقل ومُنعت من توجيه خطابات عامة، ما حرّض المراقبين على الاشارة الى حالتها بأنها «اقامة جبرية واقعية»، وقد تحدت سو كي النظام بشكل مستمر بمحاولتها الخروج للالتقاء بأعضاء حزبها وللتحدث مع الناس، ففي صيف العام 1998، قام الجيش بفرض حصار على الطريق الذي يؤدي الى مكاتب حزبها، وبقيت سو كي محتجزة في سيارتها لمدة ثلاثة عشر يوما، وقد رفضت سو كي العودة الى منزلها على رغم انها رفضت الطعام والرعاية الصحية. ومرة أخرى في صيف العام 2000 حوصرت سو كي في سيارتها لمدة أيام من قبل الجيش.

ان شعبية سو كي بين البورميين العاديين لا حدود لها، وهم يحتفظون سريا بصورها في منازلهم ويوزعون كتاباتها بسرية من خلال شبكات سرية، كما انهم يشيرون إليها باسم «السيدة». وفي المقابل فان الحزب الذي يقبض على الأمور والذي يتكون من الجنرالات العسكرية التي تحكم البلد بصرامة ينتقدها في الاعلام الذي تتحكم فيه الدولة، بحيث يصفها بانها «الخائنة التي تمسك بالفأس» وانها «اداة للرأسمالية». عالميا، كسبت سو كي شعبية كبيرة وكانت غالبا ما يشار إليها بانها «غاندي بورما». ومن أنصارها ديسموند توتو، وفاكلاف هافيل، وجوسيه راموس هورتا. وقد كسبت احتراما عالميا بين الأكاديمين لكتاباتها، وفي اشهر بحث لها والذي يحمل عنوان «التحرر من الخوف» كتبت سو كي قائلة «في نظام ينكر وجود حقوق الانسان الاساسية، فان الخوف يميل لأن يكون نظام الحياة. الخوف من الاعتقال، الخوف من التعذيب، الخوف من الموت، ولكن حتى في ظل آلية الدولة الساحقة تبرز الشجاعة بين الحين والآخر، لأن الخوف ليس حالة طبيعية في الانسان».

حصلت سو كي على عشرات الجوائز، ودرجات الشرف، والعضويات الفخرية. في العام 1990 تم منحها جائزة ساخاروف لحرية الفكر من البرلمان الأوروبي، وفي العام 1991 تسلمت جائزة نوبل للسلام. وقد صرح هافيل في خطبته الترشيحية قائلا «لقد رفضت ان يتم رشوتها في السر لتصمت عن طريق نفيها بشكل دائم. وفي ظل الاقامة الجبرية عاشت سو كي الحقيقة، انها مثال بارز لقوة الضعفاء».

تظل سو كي اليوم كعملة نادرة لحقوق الانسان، فقد اسيئت معاملتها، وتمت مضايقتها باستمرار، لكنها لم تستسلم

العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً