خيمت تداعيات الحرب في العراق على الوسط الفني المصري وفاق تأثيرها الوصف، وقد خلت «البلاتوهات» وأصيبت حركة بيع وتوزيع الألبومات الغنائية بالركود، واقتصرت ذكرى العندليب الأسمر على بعض أغانيه، وألغيت حفلات، وأوقف وزير الثقافة فاروق حسني الأنشطة الفنية والثقافية، وتعذر وصول الفرق الأجنبية، وحدث شلل تام في السينما والمسرح، وبوار تام في سوق الفيديو.
وبالمقابل شهدت المقاهي إقبالا غير مسبوق إذ جاء المواطنون لتتبع حوادث الحرب على القنوات الفضائية. وتنفست الراقصة المعتزلة دينا الصعداء لانصراف الشارع الفني المصري عن حكايتها وزواجها من رجل الأعمال حسام أبوالفتوح.
التحدي الوحيد جاء من المغنية اللبنانية ماجدة الرومي التي حضرت الى القاهرة للغناء على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، ومسحت الدموع الحزينة من عيون الاطفال المرضى في حفل خاص خصص دخله لصالح بناء مستشفى سرطان الأطفال.
وقالت ماجدة ان الظروف التي تمر بها المنطقة جعلت من واجبها كفنانة الاصرار على عدم الغاء الحفل من أجل الخير والسلام وإدانة الغزو واستنكار الاعتداء على المدنيين.وبادئ ذي بدء قرر الوزير فاروق حسني مع بداية الحرب وقف الأنشطة الثقافية والفنية كافة التي تنظمها الوزارة في الداخل والخارج بسبب الظروف الدولية، وايقاف الانشطة الفنية والثقافية كافة للاكاديمية بروما.
كما قدر رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي شريف الشوباسي بأن المهرجان أصبح على كف عفريت ومهددا أيضا إذا ما استمرت الظروف نفسها، فضلا عن تجميد سفر الفرق الفنية كافة إلى الخارج ووقف المهرجانات كافة حرصا على الشعور العام.
وقرر رئيس هيئة الأوبرا سمير فرج ايقاف الجولات الفنية كافة التي تقوم بها الأوبرا في المحافظات، وتأجيل إحياء ذكرى «نابليون بونابرت» في موقع معركة واترلو.
أما المقاهي فظلت تشهد رواجا لم يسبق له مثيل، وظلت أبوابها مفتوحة في معظم الأحيان حتى الفجر بسبب إقدام المواطنين على متابعة أنباء الحرب عبر قنوات الجزيرة و الـ CNN والتي كانت تقدم بثا حيا ومباشرا لأنباء الحرب، بينما كان يقبل على مشاهدة الفضائيات عشاق مباريات كرة القدم مقابل مبلغ يتراوح ما بين 5 و10 جنيهات.
على صعيد آخر شهدت أسواق نوادي الفيديو كاسيت كسادا كبيرا بسبب انشغال الجمهور بمتابعة تطورات الحوادث، كما تراجع الاقبال بصورة لافتة للنظر على مختلف دور السينما إذ حققت الأفلام المعروضة انخفاضا كبيرا في الايرادات سواء بالنسبة إلى الأفلام الاميركية أو المصرية. وألغت بعض دور العرض عددا من الحفلات لعدم وجود مشاهدين. وشهدت مسارح القطاع الخاص والعام أسوأ ايرادات على رغم وجود نسبة كبيرة من الخليجيين الذين قدموا من الكويت إذ آثر هؤلاء متابعة أخبار بلدهم لكونه يقع على خطوط المواجهة في الحرب الدائرة وتمثل احدى نقاط التماس في مسرح الحوادث. وتوقع البعض أن تستمر حالة الشلل التي عانت منها دور السينما والمسرح على مدى الاسابيع المقبلة حتى تضع الحرب أوزارها.
ويخشى السينمائيون الذين يجهزون أعمالهم للموسم الذي يعول عليه المنتجون ليحصدوا أرباح ما استثمروه من أموال في الأفلام التي يجري تصويرها حاليا التي يتجاوز عددها خمسة أفلام بتكاليف تزيد على خمسة عشر مليون جنيه. وأرجأ عدد من المنتجين تصوير بعض الأفلام لحين عودة الاستقرار الذي بات يفتقد مناخ الاستثمار بشكل عام سواء في مجال السياحة أو السينما. وشهد المسرح الصغير بالأوبرا غياب الجمهور عن حضور ندوة الأوبرا الثقافية بمناسبة ذكرى ميلاد فنان الشعب «سيد درويش» الـ 11، واستغل المطرب خالد شمس الحال النفسية ومشاعر الناس في أداء بعض الأغاني الوطنية التي ألهبت حماس الجماهير أثناء ثورة 1991.
حالة الحرب ايضا جعلت دار الأوبرا تلغي الفقرات الفنية لجولتها بمدينة الزقازيق، واقتصرت الجولة على ندوة سياسية لرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب مصطفى فقي أكد فيها أن العالم يمر بمرحلة هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية.
وشهد المركز الثقافي الروسي حفلا غنائيا للمغني الأوبرالي «جابر البلتاجي» الذي أدى بعض الأغاني الوطنية منها أغنية «فلسطين» وأغنية «بحب السلام» من كلمات صلاح شاهين
العدد 303 - السبت 05 يوليو 2003م الموافق 05 جمادى الأولى 1424هـ