كشفت مصادر حزبية متعددة من الاحزاب الممثلة في عضوية مجلس الحكم أنه تجري مناقشة داخل مجلس الحكم لتشكيل لجنتين (سياسية وفنية) لصوغ الدستور الجديد للعراق، وتقوم الخطوط العريضة للدستور المقترح على: مبدأ فصل السلطات، ومبدأ تداول السلطة بشكل شفاف، وتعدد مؤسسات صنع القرار، وعزل الجيش عن السياسة، وتحديد صلاحيات الرئيس الأعلى للدولة الذي لا يسمح بانتخابه أكثر من ولايتين انتخابيتين، وإنشاء محكمة دستورية، وتمكين مبدأ سيادة القانون.
وأوضحت المصادر أن هناك اتجاها قويا داخل مجلس الحكم للأخذ بالنظام الفيدرالي، وتوزيع العراق ما بين ثلاثة وخمسة أقاليم مناطقية فيدرالية. وتوقعت المصادر أن يتم الانتهاء من إعداد الدستور وعقد مؤتمر عام لمناقشته في غضون ثلاثة اشهر. وتوقعت ان يُصار إلى طرحه للاستفتاء العام قبل نهاية العام الجاري. ولكن المصادر نفسها استدركت قائلة: «إن الأشياء تبقى مرهونة بموقف سلطة قوات التحالف التي صارت تستعجل إعلان مسودة الدستور بأسرع وقت ممكن».
إلى ذلك أعلن رئيس الإدارة المدنية في العراق بول بريمر أن مهمة إدارته تنتهي حالما تتسلم حكومة منبثقة عن انتخابات ديمقراطية الحكم في العراق. من جانب آخر دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان - قبيل انعقاد مجلس الأمن لمناقشة التطورات في العراق - الولايات المتحدة الأميركية إلى تقديم جدول زمني واضح للانسحاب الأميركي من العراق. وميدانيا، لقي أمس جنديان أميركيان مصرعهما وأصيب آخر في هجوم صاروخي على مقر القوات الأميركية في شمال العراق بالقرب من الموصل، والذي تزامن مع تظاهر آلاف العراقيين في مدينة النجف المنددين ببقاء القوات الأميركية في المدينة مع تطويق الاحتلال لمقر مقتدى الصدر.
عواصم - وكالات
أصبح حال الوضع في العراق متوترا خصوصا بالنسبة لقوات الاحتلال التي بدا عليها التذمر من البقاء فمن جهة مازالت أوجه المقاومة تتصاعد ضد الاحتلال فقد لقي أمس جنديان أميركيان مصرعهما وأصيب آخر في كمين تعرضوا له في غرب الموصل تزامن مع هجمات بقذائف الهاون تعرضت لها القوات فى الفلوجة، كذلك مع تذمر شعبي وتظاهرة لآلاف الشيعة في النجف احتجاجا على وجود القوات وتطويق مقر مقتدى الصدر، كما قال رئيس القوات الأميركية في الشرق الأوسط جون أبي زيد إن القوات الأميركية تسعى لوضع خطة تهدف لتدريب العراقيين وتسليحهم من أجل المساهمة مع قوات الاحتلال في القضاء على فلول النظام العراقي السابق، في وقت فشل مجلس الحكم الانتقالي في اختيار رئيس للمجلس مكتفيا بتشكيل قيادة ثلاثية تتناوب في الرئاسة، كما اعتبر رئيس الإدارة المدنية بول بريمر ان العراقيين يمكن أن يصبح لهم دستور خلال ستة إلى ثمانية أشهر، وان تكون لهم حكومة ذات سيادة خلال عام بعد إجراء انتخابات عامة.
وقال متحدث عسكري أميركي في بغداد إن جنديين أميركيين قتلا في وقت مبكر عندما فتح مقاومون النيران وأطلقوا قذائف صاروخية الدفع عليهما قرب مدينة الموصل بشمال العراق. وأضاف أن الجنديين وهما من الكتيبة الثالثة التابعة للفرقة 101 المحمولة جوا، وإن جنديا آخر أصيب. كما أفادت قناة «الجزيرة» الفضائية أن مقر القوات الأميركية في صدامية الفلوجة قد تعرض لهجوم بقذائف الهاون، وأعلنت القيادة العسكرية الأميركية الوسطى ان جنديا أميركيا قتل وجرح جنديان آخران أمس الأول في حادث سير جنوب غرب بغداد. وذكرت مصادر في الأمم المتحدة في بغداد ان ثلاثة موظفين في منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للهجرة أصيبوا بجروح برصاص من أسلحة رشاشة، وتعرض موكبهم لهجوم على طريق الحلة. من جهة أخرى صرح الجنرال قائد القيادة الاميركية الوسطى الجنرال جون أبي زيد في حديث لصحيفة «واشنطن بوست» ان الجيش الاميركي يعتزم تدريب وتجهيز عراقيين للقيام بعمليات عسكرية إلى جانب الجنود الأميركيين والبريطانيين. وتقضي الخطة بتشكيل عشرة أفواج يتألف كل منها من 350 عراقيا، وستقوم كتيبة أو فرقة أميركية بتدريب كل من هذه الأفواج قبل ان تبدأ بالعمل معها. ونقلت الصحيفة عن عضو في المجلس غازي ياور قوله إنه «من المهم جدا خفض عدد الجنود في مدننا سواء كانوا اميركيين أو بريطانيين»، وان «هذه القوة الأمنية ستكون وسيلة لتحقيق ذلك». في وقت أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة في العراق ان وفد مجلس الحكم الانتقالي العراقي إلى نيويورك سيتحدث في مجلس الأمن الدولي خلال جلسته الخاصة بالعراق غدا الثلثاء. على صعيد آخر قرر مجلس الحكم الانتقالي في العراق زيادة عدد أفراد الشرطة العراقية إلى 75 ألف شخص ووضع موازنة تصل 200 مليون دولار لتطوير عمل الشرطة للمرحلة المقبلة. في وقت فشل المجلس في سعيه لاختيار رئيس له من بين أعضائه البالع عددهم 25 عضوا، واختار بدلا من ذلك قيادة ثلاثية يتداول أفرادها الرئاسة.
وقال: «راديو لندن» إن عدم اختيار المجلس رئيسا واحدا سيفسر على انه دليل ضعف على رغم ان مسئولي إدارة التحالف كانوا قد تكهنوا باحتمال ظهور قيادة جماعية لهذا المجلس.
من جهة أخرى رشق متظاهرون بالحجارة جنودا من مشاة البحرية الأميركية «المارينز»، إذ تجمع أكثر من عشرة آلاف متظاهر احتجاجا على الوجود الأميركي في العراق. وان المتظاهرين كانوا يستعدون للتوجه إلى قاعدة أميركية احتجاجا على قيام القوات بتطويق منزل السيدمقتدى الصدر، وأطلق المتظاهرون هتافات معادية للأميركيين. في وقت أفاد بيان لمجلس الحكم الانتقالي في العراق ان نائبة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي أيما نيكولسون تقوم حاليا بزيارة إلى العراق، وتتركز اتصالاتها على موضوعات اجتماعية وثقافية. كما صرح قائد قوات التحالف البرية فى العراق الجنرال ريكاردو سانشيز أن عملية «الأفعى المتسلقة» أسفرت عن اعتقال أكثر من 876 شخصا من بينهم 64 شخصا من أنصار النظام السابق. من جانب هاجمت شخصيات قومية عراقية معروفة بشدة مجلس الحكم العراقي الذي أعلن عن تشكيله حديثا. وقالت في بيان صدر إن بريمر اعتمد الأسس الطائفية والعرقية في اختيار أعضائه وأهمل الأسس الوطنية، مؤكدة على أن معظم العراقيين يدينون المجلس المذكور ولا يعترفون به وخصوصا أن بعض أعضائه لا ماض وطني لهم. وشددت هذه الشخصيات على عروبة العراق، وقالت إن قوات الاحتلال الأميركية تحاول عزل العراق عن محيطه العربي وتفكيك هويته العربية وتحطيم الجامعة العربية لتشكيل منطقة شرق أوسطية تكون «إسرائيل» على رأسها. في وقت أيد الفرنسيون قرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك بعدم إرسال قوة فرنسية إلى العراق إلا إذا عملت تحت لواء منظمة الأمم المتحدة وبتفويض محدد من مجلس الأمن.
هذا في وقت أوضحت شبكة «سي ان ان» الإخبارية الأميركية أنه في إطار الصعوبات التي تواجهها القوات الأميركية في ظل الهجمات المنتظمة على القوات الأميركية فإن الولايات المتحدة ربما تنشد المساعدة من الأمم المتحدة، إذ إنها تنظر في امكان اللجوء إلى المنظمة الدولية لإصدار قانون جديد يتم بموجبه إقناع مزيد من الدول للمساعدة على استقرار الوضع فى العراق الذي أضحى أكثر صعوبة مما كان متوقعا. في وقت قالت إيران إنها تؤيد منح الأمم المتحدة دورا أكبر في إعادة اعمار العراق وجددت مطلبها لقوات التحالف بمغادرة العراق.
الرمادي -أ ف ب
أرجأت محكمة الرمادي أمس النظر في أول دعوى قضائية من نوعها ضد وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد وقائد قوات التحالف الأميركي البريطاني خلال الحرب على العراق تومي فرانكس رفعها مواطن عراقي فقد 17 شخصا من أفراد أسرته في أبريل /نيسان في قصف جوي طال خيمته.
وكان العراقي عبود سرحان هرب من القصف الاميركي من منزله في قرية الطاش لينصب خيمة في الصحراء، ظنا منه انه سيكون بمأمن من عمليات القصف، إلا ان طائرة من قوات التحالف قصفت خيمته، مما أدى إلى مقتل 17 من أفراد أسرته هم زوجته وأولاده العشرة وأحفاده ونفوق مئتي رأس غنم وتدمير سيارته البيك - أب.
وقال القاضي سامي كامل عيدان إن المحاكمة أرجئت إلى العاشر من أغسطس /آب «بهدف تمكين منسق التحالف من إبلاغ من يمثل المدعى عليهما من الناحية القانونية بالحضور وإبداء دفاعهما»، وعبر المحامي رباح مهدي صالح العلواني عن استغرابه «لعدم حضور من يمثل الجانب الاميركي لا سيما انه تم إبلاغهم قبل فترة معقولة». وأضاف انه هرب مع عائلته إلى الصحراء «بعد المنشورات التي ألقتها الطائرات الاميركية على قريته وتدعو السكان إلى الهرب لأنها تقع في منطقة عسكرية».
أنقرة - أ ف ب
صرح السفير الاميركي في تركيا روبرت بيرسون أمس أن المتمردين الأكراد الأتراك في شمال العراق يجب ان يغادروا هذه المنطقة أو مواجهة عمل عسكري. وصرح السفير الاميركي لصحيفة «حريات» التركية أن الولايات المتحدة مصممة على تطهير العراق من مليشيات حزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يستخدم شمال العراق نقطة انطلاق لشن هجمات على تركيا، وتعتبر واشنطن وأنقرة حزب العمال الكردستاني منظمة «إرهابية»، ونقلت عن بيرسون قوله «لا نريد أي تهديد لتركيا من فلول حزب العمال الكردستاني في العراق». وأضاف «عليهم الاستسلام أو مواجهة البديل المترتب على عدم القيام بذلك، وهو استخدام القوة العسكرية. إنهم مواطنون أتراك وليسوا عراقيين ويجب أن يعودوا إلى بلدهم تركيا». وينص مشروع القرار على العفو الفوري عن أعضاء حزب العمال الكردستاني غير المتهمين بارتكاب جرائم وتخفيف الأحكام بحق الذين ارتكبوا أعمال عنف بمن فيهم المسجونون في حال تقديمهم معلومات عن نشاطات سرية، ويستثنى من العفو كبار القادة والزعماء.
لندن - مهدي السعيد
أعلنت مصادر قريبة من مجلس الحكم الانتقالي في العراق ان المجلس بصدد اعلان تراجعه عن القرار الذي سبق ان اتخذه باعتبار 9 أبريل/ نيسان عيدا قوميا وعطلة رسمية، وذلك بعد تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية لهذا القرار.
وكان مجلس الحكم الانتقالي في العراق قد اتخذ أول قرار له في الجلسة الأولى التي عقدها بحضور جميع أعضائه، يقضي بإلغاء كل الأعياد والعطل الرسمية التي ارتبطت بالنظام المخلوع وبحزب البعث المنحل، واعتبار يوم التاسع من ابريل - وهو اليوم الذي شهد سقوط النظام - عيدا قوميا للعراق وعطلة رسمية. واكدت المصادر ان المجلس يقوم حاليا بمناقشة هذا الموضوع، وان هناك قناعات لدى بعض اعضاء المجلس بأن إعلان هذا القرار جاء متسرعا، وان ردود الفعل الشعبية تعارض ذلك، لأن معظم العراقيين لا يرحبون باحتلال بلادهم من قبل القوات الاميركية، وان اعتبار يوم 9 أبريل عيدا قوميا يعني الاعتراف باحتلال العراق.
وأشارت المصادر إلى أن المجلس قد يصدر خلال الايام القليلة المقبلة بيانا يتراجع فيه عن هذا القرار، وايضا تؤكد من جديد ان إلغاء الاعياد والعطل الرسمية المرتبطة بالنظام السابق لا تشمل الاعياد والعطل الرسمية التي سبقت انقلاب 17 يوليو/ تموز 1968، ومن بينها ذكرى ثورة العشرين وذكرى ثورة 14 تموز 1958، وكذلك الاعياد الدينية والمناسبات الوطنية الاخرى.
بغداد - الوسط
علمت «الوسط» من مصادر سياسية مقربة من قوات التحالف في العراق، أن الزيارة المفاجئة التي قام بها نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتز، إلى العراق والتقى رئيس الإدارة المدنية بول بريمر، قد تمخضت باعتراف وولفوفيتز بخطورة المقاومة على قواته.
كما ركزت المباحثات التي أجراها المسئولان الأميركيان على الملاحظات التي أوردها تقرير فريق الخبراء الخمسة الذين أرسلتهم البنتاغون لتقييم جهود إعمار العراق.
وانتقد التقرير «مواصفات الرجال» الذين اختارهم بريمر لكي يكونوا مستشارين أميركيين للوزارات العراقية، إضافة إلى التركيز على استعراض الموقف الميداني في العراق، وتوصل فيه المسئولان الأميركيان إلى قناعة مشتركة بأن المقاومة العراقية المتصاعدة تشكل تهديدا استراتيجيا واضحا في العراق أبعد من «الخسائر المؤلمة»
العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ
