على الجانب الأيمن لشارع الجنبية، في البديع وأنت تتجه للدخول إلى قرية بني جمرة، يطل مبنى أبيض ممشوق، وراءه سلسلة من المباني، وستحتار في تحديد نوع النشاط الذي يعمل به المبنى. وبعد أن تسأل عنه، وتحاول الاقتراب منه، سيجيبك المارة، أو بعد قراءتك اللافتة الكبيرة المعلقة عليه، إنه «معهد بيرلا للتكنولوجيا». عندها سينفتح ذهنك على أبواب الجامعات الأهلية التي افتتحت أخيرا في البحرين، فهو إحدى المؤسسات التعليمية الجامعية المرخص لها قبل ثلاث سنوات، ودخلت قطاع التعليم الجامعي في البحرين.
وقامت «الوسط»، استكمالا لسلسلة اللقاءات التعريفية الأسبوعية للجامعات الخاصة، بإجراء جولة في المعهد والتعرف عليه عن قرب، فهو مرتبط بجامعة بيرلا الأم في الهند ويُعنى بمجال التدريب المهني في علوم التكنولوجيا.
وعلى رغم ابتعاد معهد بيرلا للتكنولوجيا مئات الكيلومترات عن معهد البحرين للتدريب، التابع إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية؛ إلا أن كثيرا من الطلبة المتخرجين من الثانوية العامة والموظفين، عندما سألت «الوسط» بعضهم، لا يعرفون الشيء الكثير عن المعهد.
ويُلاحظ زيادة عدد الطلبة المسجلين في المعهد من الجالية الهندية، والمواطنين الخليجيين وقلة الطلبة البحرينيين المدعومين من قبل وزارة العمل والشئون الاجتماعية، في برنامج احتضانها للعاطلين وتأهيلهم.
و يسعى المعهد إلى تقديم تدريب نوعي في البحرين يستند إلى رؤية تساير التطور الحاصل في علوم التكنولوجيا. وتعد الجامعة عضو جامعات رابطة الكومنولوث.
وأسست الجامعة حديثا مركزها الدولي الأول في البحرين، وهيأت عددا من التسهيلات الفنية في مركزها من أجل تقديم تعليم تقني متطور، إذ تمنح درجة الهندسة لأربع سنوات (بكالوريوس الهندسة) في علوم الكمبيوتر والهندسة، والالكترونيات وهندسة الاتصالات وهندسة الانتاج.
بالإضافة إلى هذه البرامج تقترح الجامعة تقديم برامج درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وبرامج في درجة تقنية المعلومات (بكالوريوس تقنية معلومات) مدتها ثلاث سنوات، وإدارة الأعمال (بكالوريوس إدارة الأعمال)، ودبلوما ثلاث سنوات في برامج التكنولوجيا أثناء السنة الأكاديمية المقبلة.
ويمنح هذا المعهد في البحرين المؤهلات الأكاديمية للجامعة الأم، بوجود معامل وورشات مجهزة بمعدات ملائمة، ومكتبية مزودة بالمراجع، ومعامل كمبيوتر.
ولغة التدريس في المعهد هي الانجليزية، وتتكون أنظمة الدراسة لجميع البرامج من النموذجين الاثنين للنشاط الأكاديمي: نظري وعملي.
الجزء الأول يتطلب احاطة الطالب بنظريات وأفكار وتقنيات مفسرة في الكتب المقررة. ويحتوي المقرر النظري على 50 حصة دراسية في الفصل الدراسي، ويؤهل الطالب المشارك من الحصول على وحدة أكاديمية معتمدة، بشرط أن يستوفي الطالب الحضور ومتطلبات الدرجة الدنيا.
أما في الجزء العملي، فيتم تطبيق عدد من الأنشطة التطبيقية مثل: تجارب معملية، وتمارين تعميم، ومشروعات بهدف تعزيز الجانب النظري. وهناك أيضا مشروعات تنفذ في مواقع صناعية مختارة.
ويؤهل المقرر التطبيقي عادة من 3-4 حصص دراسية في الأسبوع، و45 إلى 60 حصة دراسية في الفصل الدراسي، الطالب المشارك من كسب نصف وحدة أكاديمية معتمدة، بشرط استيفاء الطالب الحضور المطلوب من الدرجة الدنيا.
وفي شعبة الالكترونيات والاتصالات يتم تعريف الطلبة على الأوجه المتعددة للالكترونيات الحديثة وتكنولوجيا الاتصالات، إذ تتعرض المقررات إلى تغطية للالكترونيات الرقمية والقياسية، واستخدامها في تقنيات الاتصال، واستعمال المايكرويف، ووسائل الألياف البصرية. وفي الجانب التطبيقي يتم اطلاع الطلبة على الدوائر المتكاملة، والأدوات شبه الموصلة. والشعبة مجهزة بتسهيلات معملية في مجال الالكترونيات الأساسية.
وتم تأسيس شعبة هندسة الانتاج بغرض توفير تعليم تقني للطلبة يؤهلهم بشكل جيد للدخول في سوق العمل. وتم تطوير محتويات المقرر التقني الذي يهتم بتوفير مدخل كاف للطلبة يؤهلهم على نحو ملائم مع متطلبات الصناعة.
ويتضمن برنامج درجة هندسة الانتاج للجامعة على مقررات في العلوم الأساسية، والسوائل، وهندسة الأدوات وتصميمها، والهندسة الصناعية، وتخطيط ومراقبة الانتاج، وسي أيه دي CAD، وسي أيه أم CAM، وهندسة الصيانة، وتصميم نظام عمل العمل وإدارة المشروعات الصناعية.
وأنشأت الجامعة تسهيلات وورشا مجهزة ببرامج متقدمة في هندسة الانتاج. وتضمنت هذه التسهيلات ورشا ميكانيكية، ومركز تصنيع، ومركز ألواح معدنية، ومجموعة تسهيلات أخرى.
وعن سكن الطلبة، لا يوجد حتى الآن مجمع سكني مُتاح. ومع ذلك، تستطيع الجامعة مساعدة الطلبة القادمين من خارج البحرين في الحصول على سكن مؤثث.
والتقت «الوسط» مع أحد خريجي المعهد عباس علي، ويعمل حاليا في إحدى مؤسسات القطاع الخاص، ويقول عن تجربته في المعهد: «بحثت بعد تخرجي من الثانوية، وانقطاعي فترة عن الدراسة، جامعة أو معهدا أدرس فيه. وأثناء دراستي في أحد المعاهد أرشدني أحد الأستاذة إلى المعهد الذي تخرجت منه الآن، وأجد أن الدراسة مشجعة».
ويثني علي على نظلم الدراسة إذ أنه «يجمع بين النظري والتطبقي، ولا توجد، بالنسبة لي، مشكلات تذكر».
ولايزال التسجيل مستمرا للطلبة الراغبين في الالتحاق في المعهد عبر الاتصال بمسئولي التسجيل.
تم تأسيس معهد بيرلا للتكنولوجيا، رانتشي، الهند بواسطة الانسان الخير، الصناعي بي.ام بيرلا في العام 1955 كمؤسسة رائدة للتعليم الفني، التدريب والبحوث. وقد أحرز مرتبة جامعة معتبرة كنتيجة لانجازاته في مجال البحث والمستويات الممتازة للبرامج الاكاديمية على حد سواء.
جذبت الجامعة الطلاب من جميع انحاء الهند بالاضافة إلى دول كثيرة أخرى. وخلال خمسة عقود تقريبا من تأسيسها، خرجت الجامعة أكثر من 14 ألف طالب في الهندسة والتكنولوجيا وأكثر من 2000 طالب دراسات عليا بتخصص في الهندسة، الصيدلية، العلوم التطبيقية، برمجة الكمبيوتر، وعلوم الادارة. وخرجت برامج البحوث النشطة للجامعة عددا من حملة الدكتوراه في فروع معرفة متنوعة للتكنولوجيا، العلوم التطبيقية والإدارة.
وقد ساهم خريجو الجامعة في مجالات متعددة في القطاعات الصناعية والتجارية والحكومية عالميا، ومعترف بهم لاسهاماتهم، وتهدف البرامج الاكاديمية للجامعة الى تطوير حقل واسع من المعرفة التقنية التي تعالج وتعامل التعليم، البحث، وتنمية الانتاج وتأسيس مشروعات صناعية كنتيجة منطقية للانجازات التخصصية. لذلك اكتسبت الجامعة مكانة فخرية وسط المؤسسات التي تمنح التعليم الفني في الهند. وقد أنشأ معهد بيرلا للتكنولوجيا عبر السنين مراكز ممتدة في اجزاء متفرقة من الدولة وبالخارج
العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ