«وقعوا في حفرة القبر. ومن تحت فوهته، هناك، بنوا عالمهم، وراحوا يصرخون ينادون أشلاءهم المبعثرة في عالم آخر، عالم الدنيا... ستجدهم يحكون قصصهم ويعيشون الغربة والتذمر».
هذه العبارة، ربما توصف حال مسرحية «مساحة ضيقة» لنادي المسرح في جامعة البحرين، التي يعتزم النادي المشاركة بها بعد يوم غد الأربعاء للمرة الثالثة على التوالي في مهرجان الجامعة اللبنانية الأميركية الدولي للمسرح، الذي تقام عروضه في العاصمة اللبنانية بيروت، خلال الفترة من 21 حتى 27 يوليو/تموز الجاري.
وصباح اليوم الاثنين تغادر فرقة المسرح الجامعي للمشاركة في المهرجان، وتحمل معها أحلاما ورؤى تجديدية في عالم المسرح يتبناها المشتغلون فيها.
نص المسرحية عبارة عن هجين من نصوص عالمية وعربية إلى شكسبير، وقاسم حداد، وصالح المناعي، وعبدالله سفر، ويُضمَّن العرض أيضا نصوصا قام الطلبة بكتابتها. ويقوم بالاخراج الفنان البحريني ومشرف نادي المسرح إبراهيم خلفان.
ويمثل في المسرحية تسعة طلاب هم: عبدالله عيسي، حسين أبوحسن، منذر غريب، نجيب باقر، أحمد الصفار، محمود الصفار، محمد عبدالله، صادق الشعباني، وباسل حسين.
عن هذه المشاركة يقول خلفان: «هي مشاركة نتواصل بها مع التجارب الأخرى لفرق المسرح الجامعي في الجامعات العربية، كما سبق وأن شاركنا في المهرجان نفسه العامين الماضيين»، منوها عدم وجود شعار للمهرجان هذا العام، «فقد كان شعار المهرجان في العام الماضي (سلام وعدالة)».
وسبق لنادي المسرح عرض مسرحية «مساحة ضيقة» في الجامعة خلال الفصل الدراسي الماضي، ولقيت صدى طيبا في صفوف الطلبة والأكاديميين والفنانين. وتوجد لمسات تجريبية واضحة في العرض.
ويرى خلفان أن احتكاك الطلبة بالتجارب الخارجية «يثري تجربة الطلبة، ويعرفهم على مناطق أخرى في المسرح لم يكتشفوها أو يقتربوا منها».
وجرب النادي خلال السنوات الماضية مدارس مختلفة في المسرح، فقدم الكوميديا والتراجيديا، ويخوض الآن الاتجاه الحداثي في المسرح الذي يُعنى بتقديم مساحات جديدة لم تُستوطن بعد، مثل التعرف على طاقة الممثل وتشكيل النص وبلورته في اتجاهات متباينة، ولا توجد قيود «قديمة» مثل خشبة المسرح أو التجهيزات الفنية المعقدة.
وتمنى خلفان مشاركة الجامعة بعرض مسرحي من انتاج أحد الطلبة. وقال: «نحترم تجارب الطلبة، ولا نمانع بالمشاركة بأحد أعمالهم إذا حظي على الموافقة. كما أقدم شكري إلى إدارة الجامعة لاتاحتها الفرصة لطلبتها للمشاركة في عروض خارج المملكة».
منذر غريب، الذي شاهدناه في العرض التجريبي للمسرحية، يتمتم بعبارات غير مفهومة، ويحاول استنطاق التراب حين يطل برأسه من القبر السفلي، ويحاول التنفس، يقول: «الدعوة جاءت متأخرة، ونجهز الآن على عجل للمشاركة، ونكثف العمل». ويذكر غريب أن مسرح الجامعة، شارك في السنوات الماضية بأعمال «غيرت من صورة المسرح الجامعي في البحرين لدى الآخرين الذين كانوا يرون أننا نغرق في التقليدية».
ويضيف: «توجد تعديلات وتطويرات، ولن نكرر أنفسنا...».
والممثل حسين أبوحسن الذي يقوم بدور البطولة في المسرحية يقول عن تجربته مع العرض: «استطاعت (مساحة ضيقة) أن تفتح أفقا واسعا - بالنسبة لي - لا تحده حدود... فدوري في المسرحية هو أحد الشخصيات التي تحاول الخروج من هذه المساحة الضيقة، التي تفوح منها رائحة الجثث، وضبابية المصير. وفي الحقيقة استطعت الخروج، من خلال إنخراطي في العمل تحت مظلة الفنان إبراهيم خلفان ومع مجموعة متعاونة من شباب نادي المسرح الجامعي».
ويصف أبوحسن التجربة بأنها «جديدة» مقارنة بالأعمال السابقة التي شارك فيها، «فهذه المرة الأولى التي أقوم بالمشاركة بعمل مسرحي خارج الحدود الجغرافية للوطن، ويصب اهتمامي في هذه المسرحية عكس صورة جيدة ومناسبة عن الممثل والمسرح البحريني قدر المستطاع، وخصوصا أن متابعي هذا المهرجان ينتظرون العرض البحريني بشكل خاص».
ويصف أحد ممثلي المسرحية محمود الصفار العرض أنه «مركب»، ويدعو المشاهد إلى «التفكير والانغماس في أفكار البقاء والموت، والخروج من المساحة الضيقة، وتبني فلسفة جديدة لمعنى الحياة».
يقول الصفار: «نحن عبارة عن جثث تحاول أن تبحث في فوضى الزمان عن مكان أفضل للعيش يكون أحسن حالا من ظلمة القبر».
ويقوم الصفار بأداء عدة أدوار منها الرجل الذي تفَّجرت تحت مقعده في الطائرة حزمة من المتفجرات وسقط في البحر، وشخصية الملك لير في نص شكسبير.
ويواصل الصفار الحديث بقوله: «نحاول اظهار الفرح، الحزن، الجنون... نتلبس حالات غريبة تصل بنا إلى عوالم أخرى...»
العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ