برزت الكثير من التباينات في النظرة إلى التحالفات السياسية في البحرين، بين رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، ورئيس جمعية التجمع الديمقراطي عبدالله هاشم في الندوة التي أقامها يوم أمس الأول المنتدى الشبابي بجمعية ميثاق العمل الوطني، وفيما أكد سلمان أن التحالف مرن، ويمكن له أن يستوعب أطرافا أخرى، كما يمكن لبعض الأطراف منه أن تحمل أجندة معينة في حال عدم الاتفاق على الأجندة، أشار هاشم إلى ان هذا الأسلوب من التحالف لا يمكن القبول به، داعيا إلى إنشاء التحالفات على أساس التوافق الدائم بين جميع الأطراف، كما حصل في لجنة العريضة الشعبية العام 1992.
بدأ سلمان بالحديث عن التحالفات السياسية بأنها نشاط إنساني قابل لأن يولد وجهات نظر مختلفة، وأن البعد السياسي مشمول بهذا الاختلاف، وعليه فأنا أسلم بالاختلاف وأتقبله ولا أسعى لإزاحته، موضحا أن النجاح الذي يسجل للتجارب الديمقراطية الغربية في أنها سلمت بحق الاختلاف، وأصبح الكل قابلا لأن يكون حاكما ومحكوما، فلا وجود لشخص معارض على طول الخط، ولا وجود لشخص حاكم على طول الخط.
وأكد سلمان أن طبيعة المعارضة والحكم مستمدة أصل النظرية الديمقراطية، فصلاحية الحكم تلقائيا تعطي الطرف صلاحية المعارضة والسعي إلى السلطة من جديد، وعليه فإن استقرار الحضارة الغربية ناتج من استقرار النظام، وثبات الحالة السياسية بصورة تراكمية.
وأوضح المتحدث أن احترام الاختلاف يأتي استنادا إلى الإقرار بحق الآخر في الوجود، على أن لا يتصادم الرأي والرأي الآخر مع المصالح الوطنية، وأن يكون الاجتهاد داخل الدائرة الوطنية لا خارجها، وبعده يحق لأي إنسان اتخاذ الموقف الذي يراه صحيحا، ولا يستطيع أي إنسان أن يمنع إنسانا من اتخاذ هذا الموقف أو ذاك.
واعتبر سلمان أن حضوره في جمعية قد يقال عنها بـ «جمعية السلطة» موقف يؤكد احترام الاختلاف مع هذه الجمعية، فما الضير - بحسب سلمان - أن تكون هناك جمعية للسلطة، إذا ما اقتنع أعضاؤها ببرنامج السلطة، فنحن قادرون على التعامل مع حزب تخلقه السلطة، ومن حقه أن يعيش.
وبخصوص التحالفات، أشار سلمان إلى أن التحالفات ليست جبهة واحدة، وليست ذات طبيعة واحدة، فهي مختلفة من مكان لآخر، فنحن في التحالف السداسي مثلا جمعيات مختلفة، ومساحات الأشخاص هي المسئولة عن التعدد والاختلاف، فإذا كان الذي بيني وبين الآخرين من الاختلاف 10 في المئة، فهذه مصالحة بحسب سلمان، أما إذا كانت نسبة الاختلاف60 أو 90 في المئة، فيمكن التحرك في مساحات الاتفاق، وبطبيعة الحال فلن أدخل في تحالف مع قوى لا أتفق معها.
واعتبر سلمان أن الصراع والاختلاف سنة الحياة شرط التزام المعايير القانونية والأخلاقية في ذلك، فإذا ما اتفقت معك كليا، فهذا يعني إلغاء هذا التحالف والتفكير في الاندماج، أما إذا اتفقت معك على هدف معين، فتعال نجلس لنعرف كيفية تنسيق هذا العمل، مبينا أن ما يحدث في البحرين هو تنسيق وليس تحالفا.
وذكر سلمان أن الجمعيات من خلال التحالف الرباعي سرعان ما استطاعت إيجاد مرحلة جديدة من العمل، مؤكدا في الوقت نفسه أن التحالف مفتوح، ولكننا قد نستطيع دعوة جميع الجمعيات، فنسبة الرابطة بين 13 جمعية ضعيفة ولا يمكن أن نشكل تحالفا أو تنسيقا في الدائرة الأوسع، فأغلبها غير قادرة على الدخول في جميع الملفات التي تتبناها الجمعيات.
وأكد سلمان أن المستقبل مفتوح بشأن التحالفات، وأن التحالف السداسي قائم بشكل مرن، فإذا لم تتفق جمعية ما في ملف من الملفات الأخرى، يمكن للجمعيات الخمس أن تعبر عن رأيها في هذا الملف من دون تضرر التحالف، مؤكدا أن طبيعة التحالف ليس موجها ضد أحد، فالتحالف الرباعي ليس موجها ضد التحالف السداسي، والاختلاف أساس لعملية التدافع والصراع.
أما المحامي عبدالله هاشم، فأكد أن رؤيته بخصوص التحالفات السياسية أصبحت محجوبة منذ لحظة المشاركة والمقاطعة، وتداعيات الساحة السياسية، مشيرا إلى أن التيار الديمقراطي في فترة التسعينات طرح شعار المرحلة، وطالب بعودة الديمقراطية إلى البلد، ولم يجد أفضل من دستور 1973 بصفته العقدية شعارا يمكن الاتفاق عليه، ولا يتم ضرب الحركة المطلبية من خلاله
وأضاف: وجدنا أن القوى الديمقراطية لا تستطيع إيصال هذه المطالب إلى السلطة، فرأينا في رجال الدين أنهم قادرون على إيصال هذه الرسالة من خلال حضورهم القوي في المساجد والاحتفالات الدينية، فكان التحالف الأول، والعريضتان النخبوية والشعبية، اللتان هما من نتاج هذا التحالف.
وبخصوص تحالفات اليوم، ذكر هاشم، أنها أخذت السياق نفسه، فلا الأطراف تجددت، ولا الواقع تحول، وما كان في 1992 هو نفسه المنزَّل المقدَّس، داعيا إلى أن ينتهي شعار التحالف الجديد من حيث ابتدأنا في الحقبة الأولى، مؤكدا أن التحالفات القائمة تفتقد الأساس الذي تقوم عليه.
وأشار هاشم إلى أن البعض يعتقد أن ما حصل من إصلاحات سببه الـ 5 سنوات الأخيرة، فيما يرى البعض أن الحركة الإصلاحية هي نتاج تاريخ مديد من الكفاح، ويرى آخرون أن ما حصل هو توافق إرادة جلالة الملك مع الإرادة الشعبية، وهناك اتجاه يرى أن المتغيرات الدولية فرضت واقع الإصلاح.
وبحسب هاشم، فالإصلاح هو نتاج عمر مديد من كفاح هذا الشعب وتوافق إرادة جلالة الملك والإرادة الشعبية، داعيا إلى التبصر في ماذا تريد المعارضة، لأن دستور 1973 حسب هاشم هو طرح قاصر، لأن السلطة التشريعية بحسب هاشم ثلاثة أرباعها منتخبون، والربع الأخير معين وهم الوزراء، كما أن طرح مكتسبات دستور 73 معناه الحديث فقط عن دستور تعاقدي من دون الحديث عن مضمون الدستور.
والمطلوب وفق رؤية هاشم دستور جديد عصري، فما دمنا نريد المطالبة، فلنطالب بقصة جديدة، لأن القصة التي حسبنا لها العام 1992 لم تعد موجودة، والمطلوب هو دستور وفق القانون الدستوري، تكون فيه السلطة التنفيذية بيد الشعب، وهذا هو البديل الذي يجب أن نطالبه به، منتقدا طرح سلمان بخصوص التحالفات، إذ رأى أن عدم توافق أحد أطراف التحالف مع الأطراف الأخرى، قد يؤدي إلى كسر ظهر التحالف بأكمله.
من جانبه علق سلمان على مداخلة مسجلة لرئيس جمعية المنبر الإسلامي صلاح علي، يرى فيها أن التحالفات يجب أن تنظر فيما يريده المواطن بالدرجة الأولى، فأكد تبني التحالفات لملفات البطالة والتجنيس والحريات العامة والفساد الإداري، مؤكدا في الوقت نفسه أن التحالف الدستوري ليس ترفا، وأن المواطنين من دون وجود منظومة سياسية تنظم عملهم لن يستفيدوا من طرح ملفاتهم، كما أكد عدم قدرة مجلسي الشورى والنواب ومعهم الحكومة من حل هذه الملفات، لأنها هياكل غير قادرة على حل المشكلات
العدد 319 - الإثنين 21 يوليو 2003م الموافق 21 جمادى الأولى 1424هـ