العدد 2598 - الجمعة 16 أكتوبر 2009م الموافق 27 شوال 1430هـ

سيناريوهات متعددة لباكستان في حربها على «طالبان»

يستعد الجيش الباكستاني لشن هجوم على معاقل «طالبان» في منطقة وزيرستان الجنوبية بعد أسبوع من أعمال العنف التي قتل فيها متشددون أكثر من 100 واقتحموا مقر الجيش.

وفي يوم الخميس الماضي وحده فجر انتحاري سيارة ملغومة خارج مركز للشرطة ببلدة كوهات بشمال غرب باكستان ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص، وفتح مسلحون النار خارج مكتب إحدى الوكالات التابعة للشرطة ببلدة لاهور في شرق البلاد وأطلقت طائرة دون طيار يشتبه أنها أميركية صاروخين على منزل بمنطقة وزيرستان الشمالية.

و تتلخص السيناريوهات المرجحة في صراع باكستان ضد المتشددين الإسلاميين في:


جمود مطول بالموقف وانعدام الأمن لفترة طويلة

يقول محللون إن الاحتمال الغالب هو أن تظل باكستان محاصرة في حالة من الجمود لأشهر أو سنوات حيث يستطيع المتشددون شن هجمات متكررة تسبب زعزعة الاستقرار، لكن دون مجازفة حقيقية بأن تنهار سيطرة الدولة ويسيطر الإسلاميون على الحكم. ومن المرجح أن يبدأ هجوم وزيرستان المزمع قريبا. وقالت المحللة بمجموعة «يورآسيا» ماريا كوسيستو، كان الجيش مترددا في فعل هذا بسبب اعتبارات جيوسياسية معقدة ومناخ العمليات المعقد بالمنطقة.

الجيش قام بثلاث عمليات غير ناجحة في وزيرستان الجنوبية فيما سبق. وأضافت الآن ليس أمام روالبندي من خيار آخر سوى المضي قدما في العملية. لكن المتشددين الذين يقاتلون الدولة الباكستانية في تحالف فضفاض من عدة جماعات بما في ذلك إسلاميون بإقليم البنجاب يلعبون دورا يزداد أهمية.

وحتى إذا حقق الجيش نجاحا في منطقة وزيرستان الجنوبية فإن هذا لن يسهم بشيء يذكر في إضعاف التهديد الشامل. غير أنه وبدرجة مساوية ليس أمام المتشددين احتمال بأن ينفذوا هجوما يسددوا من خلاله الضربة القاضية للدولة الباكستانية.

حتى إذا وسعوا نطاق المناطق الواقعة تحت سيطرتهم أو تمكنوا من اغتيال زعماء سياسيين رئيسيين فإنهم يعجزون عن تحقيق نصر عسكري، وبالتالي فإن النتيجة المرجحة هي جمود مطول.

وتدرك الأسواق هذا حيث لم يبدر منها رد فعل يذكر على الهجمات الفردية. وقد لحق الضرر بالاستثمارات طويلة المدى وملف باكستان للمخاطر بالفعل. ورعى الجيش الباكستاني مولد حركة «طالبان» في أفغانستان وأحجم عن بذل جهود حازمة لسحق المتشددين وسعوا إلى استمرار احتوائهم في المناطق القبلية، وركز على الأعداء الخارجيين. وربما يؤدي الهجوم الجريء على مقر الجيش في روالبندي إلى أن يتخذ الجيش موقفا أكثر صرامة. وتقول كلودين فراي المحللة المتخصصة بشئون باكستان بمؤسسة «كونترول ريسكس» في لندن رأينا درجة لم يسبق لها مثيل من الدعم بين الباكستانيين للعمل العسكري ضد المتشددين هذا العام. وأضافت قد تكون هذه فرصة للسلطات المدنية والعسكرية لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المتشددين. لكن نظرا لطبيعة الحرب غير المتناسقة فإن الجيش لديه احتمال ضئيل بأن يخفض خفضا كبيرا قدرة المتشددين على شن هجمات مضعضعة للاستقرار.

وسترحب الأسواق بشن حملة عسكرية مستمرة ضد «طالبان» لكن ملف المخاطر الخاص بباكستان لن يتغير كثيرا على المدى القصير.


الهجوم على المواقع النووية الباكستانية

أحد سيناريوهات المخاطر التي تثير قلق صناع السياسة والمحللين، وهو أن يستطيع المتشددون اختراق أحد مواقع الأسلحة النووية الباكستانية وربما سرقة بعض المواد الانشطارية التي يمكن استخدامها لتصنيع قنبلة قذرة وهي قنبلة تقليدية تنشر أيضا مواد مشعة في منطقة واسعة النطاق. وسيمثل هذا تصعيدا خطيرا يمكن أن ينشر الذعر بباكستان ويؤدي أيضا إلى مواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها بشأن كيفية إبعاد المواد النووية عن أيدي تنظيم «القاعدة» وحلفائه. ويقول محللون أمنيون إن المنشآت النووية الباكستانية تخضع لحراسة مشددة وإن الخطر الرئيسي لا يكمن في شن المتشددين هجوما بل في أن يستطيع عمال متعاطفون داخل منشأة نووية تهريب بعض المواد الانشطارية إلى خارجها. وأثار الهجوم على مقر الجيش مطلع هذا الأسبوع تساؤلات من جديد بشأن قدرة الجيش على منع الهجمات.

لكن محللين قالوا إن الجيش تعامل مع الحادث جيدا. وقالت مؤسسة سترافور للتحليل الجيوسياسي والأمني في تعليق على الهجوم، السؤال هو ما إذا كانت الحكومة تطبق ممارسات أمنية كافية. وأضافت في هذه الحالة يبدو أنها فعلت ذلك.

على الرغم من الخسائر امتصت الطبقات الأمنية الهجوم وصمدت.

وطوق المبنى الذي كان الرهائن محتجزين داخله واستدعيت بسرعة قوات رفيعة المستوى مدربة على عمليات إنقاذ الرهائن لتنفيذ عملية إنقاذ فعالة.


اندلاع مواجهة أخرى مع الهند

وهناك سيناريو ثان للمخاطر إذ تعود الحكومة والجيش الباكستانيان اللذان يواجهان انعدام استقرار مطولا والحريصان على تحييد التهديد الداخلي من المتشددين إلى الاستراتيجية القديمة وهي محاولة تصدير الاضطراب.

وفي دولة مقسمة وغير مستقرة يعتبر العداء تجاه الهند أحد العوامل القليلة التي تساعد على الوحدة. ولم تظهر باكستان حماسا لتحسين العلاقات مع الهند، كما أن الائتلاف الحاكم ضعيف والعديد من الجماعات المتشددة متحمسة لشن هجمات في الهند مجددا. وربما تقرر السلطات الباكستانية أن تجد أن المواجهة ثمن يستحق أن تدفعه للحفاظ على السيطرة على الاضطرابات. وإذا عانت الهند من مزيد من الهجمات مثل هجوم المتشددين على مومبي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وإذا نظر إلى باكستان على أنها فاشلة في منع هذه الهجمات فستزيد التوترات على جانبي الحدود وستعاني الأسواق في أنحاء المنطقة.

العدد 2598 - الجمعة 16 أكتوبر 2009م الموافق 27 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً